رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث إصدارات 2010

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

المؤشر الفلسطيني للبوصلة العربية في التعامل مع إسرائيل

جـواد الحـمد
27/2/2007

شكل التفاهم الفلسطيني الأخير في مكة المكرمة نقطة تحول مهمة في تاريخ الصراع مع إسرائيل، فلأول مرة يكون الموقف الفلسطيني موحدا في التعامل السياسي المرن مع المجتمع الدولي، ومتساوقا مع أي جهود سياسية تهدف إلى تحقيق الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، حيث وفر الاتفاق فرصة تاريخية للحكومات العربية للضغط على موقف الولايات المتحدة المنحاز لإسرائيل، وشكل نقطة قوة يمكن الاستناد إليها في أي تحرك سياسي على مستوى العالم، وأصبح يملك ديناميكية محاصرة الموقف الإسرائيلي العدمي من الحقوق الفلسطينية، كما وفر مبررا قويا لتبني الحكومات العربية الاتفاق والمواقف الفلسطينية في المحافل الدولية، وشكل مدخلا مهما يستند إلى مفهوم الواقعية السياسية لرفع الحصار عن الحكومة والشعب الفلسطيني، وهو بذلك أصبح مؤشر البوصلة العربية القوي والثابت والمتماسك في التعامل مع إسرائيل.

من جهة أخرى فقد تمكن الاتفاق من تحقيق اختراق دولي مهم سواء على صعيد تقبل حركة حماس لدى روسيا وأوروبا، أو على صعيد الترحيب به واعتباره محققا للمتطلبات الدولية لفك الحصار كما هو موقف كل من أوروبا وروسيا أيضا، وتمكن الاتفاق للوهلة الأولى من عزل الموقفين الأميركي والإسرائيلي عن المجتمع الدولي كما تبدى في اجتماعات الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط في برلين يوم 21/2/2007، وهو ما وفر فرصة ذهبية للتحرك السياسي العربي وعلى الأخص من دول المواجهة والسعودية للضغط على الولايات المتحدة لصالح فك الحصار وقبول الاتفاق كأمر واقع على الأقل. خاصة وان رئيس السلطة قام بتحرك واسع في أوروبا فيما قامت حركة حماس بتحرك دولي مواز لنفس الغرض وهو تسويق الاتفاق بوصفه الممكن الأخير على الصعيد السياسي، والذي على العالم التعامل معه بجدية تصل إلى حد القبول، وان أي اتجاهات تحاول القفز عليه أو ممارسة ضغوط إضافية إنما هي تعبث بالقضية وتضيع الوقت ولن تجني أكثر من هذا الاتفاق، وانه فرصة للمجتمع الدولي لتحقيق التقاط أنفاس على الأقل في منطقة الشرق الأوسط في ظل التفاقم المتصاعد للازمات في المنطقة  بسبب السياسات الأميركية.

        ولربط الحاضر بأساس الصراع فانه من الجدير بالقول انه كان ولا يزال من المسلمات السياسية في الصراع أن العامل الفلسطيني يمثل أساس المواجهة المندلعة بين العرب والمشروع الصهيوني منذ أوائل القرن العشرين، ولئن كانت الأبعاد العربية والإسلامية هي أبعاد حقيقية للقضية في مختلف مراحلها وعلى مختلف مستوياتها وستبقى كذلك حتى إنهاء الخطر الصهيوني على مصالح الأمة وأمنها القومي، غير أن ساحة الفعل المباشر والأكثر تأثرا بالاحتلال والعدوان ونتائجه تبقى الساحة الفلسطينية، لأنه ليس أسوأ من الاحتلال شيء. .

        ومع ذلك ففي مختلف محطات الضغوط الأميركية والدولية على الدول العربية لتقبل الاعتراف بإسرائيل وحل الصراع بالتسوية السياسية وفق التصورات الأميركية والإسرائيلية، مثل الموقف العربي ضغطا كبيرا على الفلسطينيين لتقديم التنازلات بدءا بقبول قرار التقسيم عام 1948،  ومرورا بمشروع روجرز عام 1970 ، ومعاهدة كامب ديفيد عام 1978، ومشروع قمة فاس العربي عام 1982، والمشاركة في مؤتمر مدريد للسلام عام 1991.

        وبرغم الخروج الفلسطيني على الخط العربي العام بالتوصل إلى اتفاقات أوسلو بقنوات سرية وتوقيعها عام 1993 ، غير أن الضغوط الأميركية على الدول العربية استمرت تمثل ثقلا كبيرا على كاهل الجانب الفلسطيني لتقديم المزيد من التنازلات خلال المفاوضات التفصيلية حتى لاتفاق أوسلو.و.

         ومن جهة أخرى فقد احتج عدد من الدول العربية باتفاق أوسلو لفتح العلاقات مع إسرائيل حتى التبادل الدبلوماسي قبل تحقيق الانسحاب أو الاعتراف الإسرائيلي بالدولة الفلسطينية المستقلة وقبل عودة النازحين أو اللاجئين، قافزة بذلك على طبيعة الصراع وعلى مراحله التاريخية الطبيعية ،حيث شكلت جسرا إسرائيليا للعبور إلى المنطقة يقفز على حقيقة الصراع وعلى الحقوق الفلسطينية، متنكرة بذلك للمصالح القومية للأمة لصالح أجندات محلية وربما شخصية لصالح الأنظمة، لتترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة إسرائيل والولايات المتحدة رغم أن قضيتهم كانت دوما حجة في محاولة التوصل إلى علاقات مع إسرائيل ! وبرغم الشعار العربي الذي رفع بعد مؤتمر مدريد بان الموقف العربي يقف مع الموقف الفلسطيني، وان العرب يدعمون ما يتفق عليه الفلسطينيون.

        وفي ظل التطورات التي شهدتها الساحة الفلسطينية حتى الاقتتال بعد تغير موازين القوى وخسارة حركة فتح( راعية خط التسوية فلسطينيا) لمواقعها القيادية في السلطة الفلسطينية بعد انتخابات عام 2006، واستلام حركة حماس لدفة قيادة السلطة (وهي المناهضة لخط التسوية السياسية مع إسرائيل ) فقد بذلت جهود عربية وجهود فلسطينية متميزة لراب الصدع بين اكبر فصيلين وهما فتح وحماس، لتصل محطتها الأخيرة إلى مكة المكرمة حيث أمكن التوصل إلى اتفاق شامل بين الفصيلين كمدخل للوحدة الوطنية الفلسطينية ووقف كل النزيف الداخلي لصالح العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بالمقاومة كما هو بالتحرك والعمل السياسي جنبا إلى جنب، كما نجح الاتفاق بوضع قواعد تقاسم القرار السياسي والشراكة السياسية، وأسس لمرحلة جديدة في التعامل السياسي الفلسطيني المدعوم عربيا على الصعيد الدولي، ناهيك عن الانطلاق نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية ، ومحاصرة كل فرص اندلاع اقتتال داخلي. وقد رحبت الدول العربية بهذا الاتفاق وأيدته، وأصبحت تتحمل مسئولية تسويقه للعالم وتوفير فرص النجاح له .

        لكن القراءة الإسرائيلية لهذا الاتفاق، والتحفظ الأمريكي الذي عبر عن الارتباك في اجتماعات الرباعية ، تسبب بممارسة الولايات المتحدة ضغوطا على بعض الأطراف العربية والإسلامية لمحاصرة إمكانية تنامي نفوذ حركة حماس عبر هذا الاتفاق، وطفقت تطالب بمزيد من التنازلات الفلسطينية التي واجهها الرئيس محمود عباس بالقول : "هذا أقصى ما يمكن تقديمه فلسطينيا، وعلى العالم أن يقبل به" ، غير أن الساحة السياسية فوجئت بضعف الجهد العربي لفك الحصار المباشر الذي تفرضه البنوك وخاصة المصرية والأردنية بانتظار الموافقة الأميركية، وهو ما لم يقدم له تفسير مقنع من قبل هذه الأطراف، وبرغم ما مثله الاتفاق من تحول كبير في الموقف الفلسطيني ، ربما إلى حد التنازل السياسي المثير للجدل، غير أن بعض التحركات السياسية تحاول أن تشكل ضغطا جديدا يعمل على إعاقة تنفيذ الاتفاق على الأرض من جهة ، ويضعف الموقف الفلسطيني والعربي الداعم له في مواجهة الضغوط الدولية من جهة ثانية ، ويبقي بيد إسرائيل وأميركا مبررات قوية لاستمرار فرض الحصار الدولي على الشعب الفلسطيني ، ويضعف الاتجاهات الدولية الأوروبية منها والروسية الساعية إلى فك الحصار والاستجابة لهذا المتغير الكبير.

        أن التوحد الفلسطيني والتفاهم الداخلي السياسي وتقاسم السلطة والقرار والشراكة السياسية هي التي على الحكومات العربية أن تعتبرها مؤشر البوصلة في رسم سياساتها الجديدة في التعامل مع إسرائيل ، بعيدا عن التماهي مع التوجهات الأميركية والإسرائيلية، وهي التي تستطيع أن تؤسس لموقف عربي موحد في القمة القادمة على أساس اتفاق مكة المكرمة الذي طور المبادرة السعودية والمبادرة العربية عمليا، وكذلك هو الذي افرغ شروط الرباعية الدولية من محتواها المنحاز لإسرائيل، ليجبرها على الالتفات إلى الجزء الممتلئ من الكأس العربي والفلسطيني على حد تعبير خافيير سولانا، وهو ما سيفتح الفرصة ليرى العالم الجزء الفارغ من الكأس الإسرائيلي ، وذلك في حال اعتبر الاتفاق مبادرة عربية موحدة كما هي مبادرة فلسطينية موحدة أمام التصورات واللاءات الإسرائيلية المدعومة أميركيا ، وهو ما سيحقق محاصرة الموقف الإسرائيلي وعزله وبالتالي إحراج الموقف الأميركي الذي يهدد بالعزل كذلك إذا لم يأخذ بعين الاعتبار هذا المتغير .

        تشير المعطيات الفلسطينية المختلفة إلى  أن ثمة خيارات جديدة طرحها اتفاق مكة أبرزها أن اللعب على الخلافات الفلسطينية أصبح محدود النتائج، وان خط المقاومة ما زال خيارا فلسطينيا مفتوحا من قبل أقوى المنظمات تسليحا وجماهيرية في الداخل والخارج، وان الشعب الفلسطيني الذي يئس من تضييع الوقت وهدره في عملية تسوية عدمية يقف اليوم إلى جانب اتفاق مكة والى جانب الخيارات المفتوحة البديلة كذلك موحدا.

        ونخلص  في هذا التحليل إلى أن الإشكاليات العربية التقليدية المتعلقة بالانطلاق من مصلحة استقرار النظام على حساب القضية القومية في التعامل مع المجتمع الدولي وإسرائيل أصبحت من تراث الماضي، وان المؤشر الفلسطيني المستند إلى وحدة وطنية داخلية تقدم رؤية وموقفا موحدا وواضحا كما في اتفاق مكة المكرمة هو الذي من حقه أن يوجه البوصلة العربية فيما يتعلق بالتعامل مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، ما يعني بالضرورة تبني اتفاق مكة وتسويقه دون اشتراطات من أي نوع على الجانب الفلسطيني، وتركيز كل الضغط والجهود على الجانب الإسرائيلي لإجباره على الاستجابة السياسية بتحقيق الانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو عام 1967، كما يرى الموقف الفلسطيني الموحد اليوم. لان اي تحفظات عربية أو خروج على هذا المؤشر سوف تعمل في النهاية على تحقيق انكشاف ظهر الفلسطينيين بمشروعهم الوحدوي الجديد، والذي سينعكس بكارثة جديدة على القضية الفلسطينية من جهة ، وعلى المصالح العربية القومية من جهة ثانية، وسيثير الأفكار والمطالب الدولية والإسرائيلية العدمية أمام الفلسطينيين من جديد! فالمؤشر الفلسطيني باتفاق مكة يوفر أدوات قوية وفرصة سانحة للساعين إلى حل القضية حتى بالتسوية السياسية، ولكن بشروط فلسطينية وعربية ، تتعامل مع أساس الصراع الذي هو الاحتلال والعدوان الإسرائيلي، ويعتبر المؤشر الأوضح والأكثر دقة للبوصلة العربية المتعاملة مع القضية الفلسطينية وإسرائيل خاصة وانه يتعامل بسياسة الخيار المفتوح وليسس بسياسة الخيار الواحد.

جـواد الحـمد
27/2/2007

أعلى الصفحة  عودة لرؤيتنا للمتغيرات

 

جائزة البحث العلمي

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنية


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   July 08, 2010 12:14:13