رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث إصدارات 2010

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

مقابلة الأستاذ جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط
مع الصحفي محمد البشتاوي من جريدة الحقائق اللندنية
يوم السبت الموافق 17/2/2007 الساعة 4:00 مساءً بتوقيت عمان

جريدة الحقائق: المراقب للساحة الفلسطينية بشكل عام بعد إعلان مكة يرى تحجيماً لبعض الأطراف على الساحة الإقليمية كإيران… حيث أن هناك تنافساً في الساحة الإقليمية بين قوى مثل إيران وتركيا، التي لها نفوذ… فماذا سيشكل هذا الإعلان لإيران وماذا سيشكل لتركيا، وفق نظرة إستراتيجية للأمام؟

أ.جواد: لا شك أن المملكة العربية السعودية قد طورت دورها في المنطقة تطويراً مفاجئاً ‑إن جاز التعبير‑ باعتبارها دولة ذات ثقل إقليمي في المنطقة، مثل مصر وسورية وإيران وتركيا، وقد آتى هذا الدور أكلاً، ونجح في تحقيق إنجاز كبير في المنطقة، قام على مستويين، الأول: أنه أوقف الاقتتال الفلسطيني الداخلي، وأوقف تداعياته الممكنة على المنطقة، سواء على مصر أو على الأردن أو على دول أخرى… كما أنه في ذات الوقت أسس لنواة جديدة في القضية الفلسطينية تقوم على موضوعين رئيسين، الأول: أن الشعب الفلسطيني موحد توحيداً كاملاً بغض النظر عن بعض التحفظات الجزئية هنا وهناك، من بعض الفصائل ذات الوزن الأقل، التي لن تؤثر على المسار العام، ويمكن إرضاء هذه الأطراف أساساً من خلال توزيع الوزارات وما شابه، وفي النهاية ما تم الاتفاق عليه يشكل أسساً فلسطينية يريدها الجميع مسبقاً -حسب وثيقة الوفاق الوطني-، والتحفظ ناجم عن عدم المشاركة، وعدم الحضور، الأمر الذي لا قيمة له في المحصلة والنتيجة، وإن كان مرحلياً يحتاج إلى معالجة.

الأمر الثاني أن الاتفاق قد أدى إلى تهيئة الاستقرار السياسي العام في المنطقة، الذي كانت أميركا تقوم بضغوط هائلة على السعودية ومصر والأردن وسورية من أجل تحقيقه… وقد تحقّق… خصوصاً أنه استند إلى مرونة سياسية عالية _لم تكن متوقعة في هذه المرحلة_ من قبل حركة حماس، وبخاصة ما يتعلق بجانبين، الأول: أنها قبلت المشاركة في القرار السياسي مع حركة فتح _رغم أنها تمثل أغلبية في البرلمان وتمسك بالحكومة كاملة_ فأعطت مقاعد وزارية تصل إلى حوالي 12 وزيراً من الحكومة القادمة للآخرين، دون أن تكون لها علاقة بتسميتها من قبل البرلمانيّين والكتل النيابية وحركة فتح، وقبلت بـ 12 مقعداً وزارياً لها من حركة حماس _أو ممن تسميهم _، إضافة إلى رئيس الوزراء. والأساس الثاني: أنها قدمت تنازلاً سياسياً يتمتع بمرونة عالية جداً، أعتقد أنه برنامج وسيط بين برنامج حركة حماس الواضح في عدم قبول الاعتراف بإسرائيل، وعدم قبول الاتفاقات، وعدم إقرار الشرعية الدولية كما هي _حيث أبدت تحفظاً كبيراً على مضامينها_، وبين برنامج من يرى أن الاعتراف بإسرائيل أمر أساسي، وأن المفاوضات واتفاق أوسلو أمر مناسب للشعب الفلسطيني، فقدمت حماس في هذه المرحلة مشروعاً سياسياً وسيطاً، بعد مفاوضات مرت بمراحل متعددة، من غزة إلى دمشق ثم غزة ثم مكة.

وجاء اتفاق مكة حصيلة لهذه الحوارات، ولم يكن المبتدأ كما ظن البعض، وهذا البرنامج السياسي الجديد رسالةٌ قوية جداً، أربكت الساحة الفلسطينية، وأظهرت خلافات في الحكومة الإسرائيلية، كما أربكت الرباعية، وأوجدت خلافات حقيقية بين أعضاء الرباعية، فقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة باتفاق مكة، كما رحب به المجلس الأوروبي، إضافة إلى أن روسيا قد رحّبت باتفاق مكة والحكومة الفلسطينية الجديدة، مما يعني أن الموقف الأميركي أصبح موقفاً معزولاً… صحيح أن أميركا أهم، ودورها أكبر، لكن في النهاية أصبح موقفها السياسي معزولاً، وقد أعطت إشارات متناقضة بهذا الاتجاه، كما أن هذه المرونة السياسية قد قعّدت لتفاهمٍ فلسطينيٍ داخليٍ يقوم على أساس أن الحكومة الجديدة تحترم ما تم التوصل إليه من اتفاقات، وتحترم الشرعية الدولية… والاحترام لا يعني الاعتراف بما تم الاتفاق عليه تماماً، إذ يمكنها أن تتعامل مع أجزاء دون أجزاء أخرى، حسب مقتضيات الحال.

وبالمناسبة فهذا حال جميع دول العالم، فأي حكومة جديدة في أي دولة من دول العالم تقدم احتراماً لما تم الاتفاق عليه سابقاً، لكنها تقوم بإجراء بعض التعديلات، التي قد تكون أحياناً تعديلات جوهرية، كما فعل إيهود براك في تفاهمات (واي ريفر)، وكما فعل نتنياهو في اتفاقات أوسلو، عندما أعاد تعريف السلام، وأعاد تعريف اتفاقية أوسلو، وكما فعل بيل كلينتون، عندما تولّى الرئاسة الثانية حين أعاد تعريف عملية السلام التي شارك أساساً في رسمها، هذا المنهج معروف دولياً، ولذلك فنحن أمام إعادة رسم طبيعة العلاقة مع إسرائيل، وطبيعة الاتفاقات السابقة، لكنني أتوقع أن تكون هذه المراجعة على المدى البعيد، وستكون بتوافق فلسطيني داخلي عميق، وليس مجرد مواقف أيديولوجية هنا وهناك.

الآن يمكن القول: إن هذا الانطلاق السياسي قد حقق ما كان المجتمع الدولي يطالب به، _سواء كان صريحاً في أجزاء أو ضمنياً في أجزاء أخرى_ إلا أنه حقق المطلب الفلسطيني كاملاً، وحقق المطلب العربي كاملاً، وهذا هو الإحراج الذي تقع فيه اللجنة الرباعية، والموقف الأميركي، والموقف الإسرائيلي، أما تركيا وإيران، فليس لهما خيار في الوقوف وراء هذا الاتفاق، سواء كانوا يرحبون به حقيقة أم لا، وأعتقد أن تركيا معنية بالتوصل لمثل هذا الاتفاق بين الفلسطينيين، وقد شجّعت الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي _وهي ترأس قمة المؤتمر الإسلامي_ على عقد مصالحةً بين الجانبين، وقد نجحت وقتياً في إبرام المصالحة، وأعتقد أنها ترحّب بهذا الإنجاز.

وبالنسبة لإيران، وإن كانت قد رحبت بالاتفاق، إلا أنها كانت تتمنى أن يكون لها دور فيه، إضافة إلى أن الاتفاق الذي حصل أثبت أن إيران دولة صديقة لحماس، وليست دولة راعية لحماس، كما أشيع في الإعلام الغربي والعربي والإسرائيلي مراراً.

س: نلاحظ أن هناك إشكالية، بالنسبة لمكتب الرئيس، فيما يتعلق بياسر عبد ربه وصائب عريقات، إذ ذهبوا إلى أميركا والتقوا كونداليزا رايس، حيث فسر البعض أن هذا الموقف كان نوعاً من الالتفاف على القيادة الفلسطينية وخروجاً عليها، كيف ترون الموضوع؟

ج: أعتقد أن الرئيس الفلسطيني أدرك أنه لا مناص من التفاهم والاتفاق مع حماس ومع خالد مشعل شخصياً، باعتباره زعيم حركة حماس، وزيارة الرئيس محمود عباس إلى دمشق عبرت عن هذه القناعة الجديدة لديه، وفي داخل مكتب الرئيس _كأي قيادة في العالم_ هناك اختلاف في وجهات النظر، لكن الرئيس عباس أخذ القرار وذهب إلى دمشق، وأزال الجليد، وأقام مصالحة مع خالد مشعل، واتفق معه على خمس اتفاقات في غاية الأهمية، أسست لحوار غزة، وأسست لاتفاق مكة، مع تفاصيل لاحقة أخرى، ولذلك فأعتقد أن قرار الرئيس محمود عباس بالتفاهم والتصالح والتوافق مع حماس أصبح قراراً استراتيجياً في المرحلة الراهنة، لأن حماس قدمت من المرونة ما لم يكن يتوقعه محمود عباس، خصوصاً وأن ذلك تم عبر قيادتها المركزية المتمثلة بخالد مشعل وزملائه في المكتب السياسي.

ومن هنا فإنني أعتقد أن محمود عباس متمسّك في هذه المرحلة بهذا الإنجاز، ويمارس ضغطاً كبيراً اليوم _مستعيناً بمصر والسعودية ودول أخرى_ على الإدارة الأميركية لقبول هذا الاتفاق بشكل أو بآخر، وهذا ما هو معني به في لقائه القادم مع أولمرت، ولقائه مع الرباعية إن تم اللقاء في 19و20 خلال هذا الأسبوع.

ومن هنا أعتقد أن سفر الوفد الفلسطيني إلى واشنطن كان بهدف تسويق الاتفاق، وقد توافقت زيارة الوفد الفلسطيني مع زيارة الوفد المصري، الذي كان يمثله الوزير عمر سليمان ووزير الخارجية أحمد أبو الغيط، مما أعطى إشارة إلى وجود موضوع سياسي أكبر حجماً من المعلن في الإعلام، هذا وارد وصحيح، ولكن هذا السيناريو السياسي لن يستطيع تجاوز ما تم الاتفاق عليه في مكة، إذ أن حماس _كما أعتقد_ قد قدمت المرونة القصوى بوصفها حركة إسلامية أيديولوجية، وحركة مقاومة مسلحة مرتبطة بحركات الإسلام السياسي المعتدل في العالم، ولا تستطيع أن تقدم أكثر من ذلك.

أما موضوع الاعتراف: فقد ذكرت سابقاً منذ استلام حركة حماس للحكم، _وتأكد ذلك لي بالتطبيق العملي_ أنه من غير الممكن لحركة حماس أن تُقْدِم على الاعتراف المباشر بإسرائيل، لأن هذا الاعتراف يمثل انتحاراً سياسياً حقيقياً لحركة حماس، ولن تعود بعده حركة حماس التي يعرفها الجميع. كما أعتقد أن عمقها الإسلامي وعلاقاتها الإسلامية أساساً _ناهيك عن برنامجها وجمهورها الفلسطيني الذي انتخبها على أساس المقاومة وعلى أساس تحرير أرض فلسطين_ لا يمكن أن يسمح لها أن تصل إلى حد الاعتراف، وإلا فلن يعد عندها الأمر مرونة، بل انقلاباً على مبادئها وفكرها.

وقد قلت منذ البداية: إن الضغط في هذا الموضوع ضغطٌ عدميٌّ وغير مجدٍ، ولا مثمر، واللجوء إلى قضايا أخرى أقل إشكالية في المرونة السياسية والبراغماتية لدى حماس، ربما يحظى بنوعٍ من التحول، وهذا ما حصل بالضبط بعد عام من المحاولات الدولية الفاشلة.

س: ما رأيك بالشروط التي وضعتها الرباعية على الإعلان؟

ج: أعتقد أن اجتماع الرباعية القادم سيشهد سجالاً وجدالاً داخلياً، قد يفضي إلى موقف جديد يتعامل مع الأمر بواقعية، وربما يصل إلى حل وسط لإعطاء الحكومة فرصة عام أو ما شابه، بحيث تُرْفَع القيود السابقة، وأعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال تقع في إشكالية كونها أسيرة للموقف الإسرائيلي المتطرّف… وبالمناسبة فإن هناك موقفان إسرائيليان، موقفٌ إسرائيليٌّ متطرفٌ –طبعاً كل إسرائيل متطرفة في قضايانا- كالذي تتزعمه تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية والذي تقول فيه: إن على حركة حماس أن تعترف اعترافاً مباشراً وصريحاً وكاملاً بإسرائيل، لا أن يكون ضمنياً أو غامضاً، وموقف إسرائيلي آخر يتعامل مع هذا المتغير بمرونةٍ سياسيةٍ نسبيةٍ، مثل شمعون بيريز ووزير الدفاع بيريتس، وبعض الشخصيات الإسرائيلية الأخرى، وأنه ليس مطلوباً من حماس الاعتراف بإسرائيل مباشرة، _كما طرح شمعون بيريز أمام السفراء الأجانب في تل أبيب أول أمس_ وهذا متغيّر مهم.

وهذان التياران يتصارعان داخل الحكومة الإسرائيلية، وأعتقد أن إيهود أولمرت بحكم ضعفه السياسي، وبحكم ضعف حكومته، وإشكالياته الداخلية الكثيرة، فهو بحاجة إلى قشّة يتعلق بها، من هنا لا شك في احتمالية أن يتقدم خطوة للأمام، مع إشارة مهمة جداً، إل ما يقال  حول مفاوضات الجندي الأسير وأنها تشهد تقدماً نسبياً من الجانبين، وإذا كان هذا الأمر صحيحاً وحقيقياً فيتوقع أن يبرم قريباً، كما أنه سيقدم دعماً باتجاه التيار البراغماتي الإسرائيلي في الحكومة، لصالح إعطاء الحكومة الفلسطينية الجديدة فرصة.

وينطبق ذات الأمر على الموقف الأميركي، فإذا تغير الموقف الإسرائيلي تغير الموقف الأميركي، وإذا تغير الموقف الأميركي سيتغير الموقف الإسرائيلي، لكن الموقف الأوروبي والموقف الروسي وموقف الأمم المتحدة قد تغير بالفعل، وقَبِل ضمنياً الاعتراف بإسرائيل، عبر احترام الاتفاقات _كما قيل في نص كتاب التكليف_ وأن منظمة التحرير هي المفوضة بالمفاوضات، ولا حاجة للحكومة أن تعترف بإسرائيل.

س: ما المطلوب عربياً الآن حيال المعادلة التي تفضَّلت بها؟

ج: هذا هو التحدي الكبير اليوم. الذي يحاصر الفلسطينيين ليس أمريكا وإسرائيل، وإن كان الضغط الأمريكي أو الإسرائيلي هو السبب، لكن الذي يحاصر الفلسطينيين هي الدول العربية، اليوم لا تحول الأموال من البنك المركزي المصري إلى بنوك مصر في فلسطين، ولا تحول الأموال من البنك المركزي الأردني إلى الضفة الغربية للبنوك الأردنية بقرار أردني، صحيح أنه خاضع لضغوط دولية وتهديدات من البنك المركزي الأمريكي لهذه البنوك فيما يتعلق بالتعامل مع الإرهاب وغسيل الأموال وما شابه، غير أن القرار بيدها في النهاية، الجامعة العربية أخذت قراراً علنياً بإجماع الدول العربية على رفع الحصار عن السلطة الفلسطينية فوراً، والذي لم يرفع حتى الآن، هذا الاتفاق _اتفاق مكة_ أصبح مبرراً قوياً جداً في ظل الموقف الأوروبي والأمم المتحدة وروسيا ومواقف إسرائيلية أيضاً، أن تقوم الدول العربية برفع الحصار فوراً عن الأفراد وحركة الأفراد وعن الوزراء والنواب وعن الأموال وعن حركة التجارة عبر المعابر وما شابهها فوراً، حتى تحرج إسرائيل وتضعها في خانة المتهم، وأن تبقى إسرائيل موقفاً معزولاً. على الدول العربية أن تسوق هذا الاتفاق، وأنا أدعو إلى اجتماع وزراء خارجية الدول العربية ليأخذوا قراراً يتبنى فيه اتفاق مكة كما تبنت اتفاقات سابقة على الساحة الفلسطينية، وأن تقوم الدول العربية (وخاصة ذات الثقل الأساسي مثل مصر والسعودية وسورية وذات الدور المهم كالأردن) بتسويق هذا الاتفاق اليوم لدى الإدارة الأمريكية ولدى إسرائيل ولدى العالم ككل على صعيد الإعلام وغيره. وعليهم اليوم أن يعترفوا بأن حماس قدمت ما عليها وأن الدور الآن على إسرائيل وعلى الحكومة الأمريكية القائمة اليوم.

س: إذا تطرقنا للتركيبة الفلسطينية، هناك حكومة اقتربت من كونها حكومة وطنية، هناك منظمة التحرير ذات الدور الغائب، كيف يمكن أن نتحدث عن توزيع الأدوار في الساحة الفلسطينية في المرحلة القادمة بناءً على إعلان مكة؟

ج: على صعيد القوى الفلسطينية الأمر محسوم أساساً، وكانت المناوشات من مكتب الرئيس، كان الذي يتعدى على صلاحيات الحكومة مكتب الرئيس، والذي يسحب صلاحيات الحكومة مكتب الرئيس، والذي كان يملي المواقف على الحكومة هو مكتب الرئيس، في الاتفاق الأخير تم الاتفاق على ما يلي: تفعيل القانون الأساسي والصلاحيات، والقوانين النافذة المعمول بها في فلسطين، وتطبيق هذا البند يعني أن تأخذ الحكومة صلاحيات إدارية كاملة لتقوم بالشأن الفلسطيني دون انتقاص، وهناك صلاحيات دستورية للرئيس يمارسها وفق القانون الأساسي، وعليه فإن مكتب الرئيس سيتخلى عن كل ما يسمى بإدارة الأجهزة التنفيذية، يعني أن هناك 72 مؤسسة ألحقت بالرئاسة يجب أن تعود للحكومة، هذه واحدة. ثانياً، الأجهزة الأمنية التابعة للرئيس هي مخالفة للنظام الأساسي، لأن المسؤول عن حفظ الأمن والنظام نصاً ودستورياً في القانون الأساسي هي الحكومة الفلسطينية ووزارة الداخلية، وعليه يجب أن تتبع المخابرات العامة والحرس الرئاسي لوزارة الداخلية تبعية مباشرة حتى لو بقي جزء من الحرس بما يسمى حرس الرئاسة لكن الإدارة تكون لوزارة الداخلية، خصوصاً وأن وزير الداخلية تم التوافق عليه كمستقل تسميه حماس ويوافق عليه أبو مازن، بمعنى أن الداخلية ليست لحماس خالصة. هذا المتغير في غاية الأهمية أن تسلم به حركة فتح وأبو مازن، حتى تدار السلطة الفلسطينية إدارة صحيحة وسليمة. ينبغي أن يتم التنسيق بين وزارة الخارجية الفلسطينية وبين دائرة الشؤون السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية، وأن تعطى وزارة الخارجية الفلسطينية حظاً كافياً وواسعاً في تكريس الوجود الفلسطيني بالتنسيق مع الدائرة السياسية في منظمة التحرير، خاصة وأن من يرأسها هو الدكتور زياد أبو عمرو المحسوب كمستقل من التيار اليساري على أبو مازن شخصياً، ولذلك هناك فكفكة في نقاط التشابك في الصلاحيات وممارسة الصلاحيات وفق النصوص التي تم الاتفاق عليها، فإعمال النصوص واقعياً سيؤدي إلى فعالية حكومية من جهة، وسيؤدي إلى التزام الرئاسة بصلاحياتها دون تعدي من جهة ثانية، وسيعيد المؤسسات إلى وضعها الطبيعي في البنية الهيكلية للسلطة من جهة ثالثة. الآن في موضوع منظمة التحرير هناك إشكالية، لم ينص القانون الفلسطيني للسلطة الفلسطينية بأي مادة منه على أي مرجعية لمنظمة التحرير الفلسطينية، فقد غُيّبت بقرار أبو عمار وأبو مازن وقرار اللجنة المركزية لفتح وبقرار المجلس الثوري لفتح الذي هو من غيَّب منظمة التحرير من خلال حركة فتح وبقرار جماعي، هم أرادوا إنهاء منظمة التحرير لصالح إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة والقطاع، ولصالح حل عاجل لموضوع اللاجئين عبر استيعابهم في الدولة الفلسطينية، اليوم حماس لا تقبل بهذه الأطروحة، وتصر على أن الشتات الفلسطيني ينبغي أن يمثل، وينبغي أن تُحيى منظمة التحرير الفلسطينية لتمثّل الشتات الفلسطيني واللاجئين وتقوم بتطبيق حق العودة، هذا هو موقف حماس. ثمة ضغوط كبيرة منذ عام 2003 وحتى اليوم على هذه النقطة مع حركة فتح وقد نجحت مؤخراً في تفعيل ما سمي بإعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية آلياً، أما من الناحية الواقعية أنا لا أتوقع أن يعاد بناء منظمة التحرير الفلسطينية لا عاجلاً ولا آجلاً، هناك إرادة عربية ودولية بشطبها، وهناك إرادة فتحاوية بالتخلي عنها إذا أخذوا الحكومة، هم أرادوا إحياء منظمة التحرير لأنهم فقدوا موقع الحكومة ولو كانوا في الحكومة لما فكروا في منظمة التحرير أصلاً، والأخ أبو مازن شخصياً لم يكن متحمساً لهذا الاتجاه، لأنه يريد التعامل كدولة مستقلة ذات سيادة، وأن يعترف بإسرائيل وأن يتعايش معها جنباً إلى جنب، فقبول الدولتين المتعايشتين يعني إلغاء منظمة التحرير. وعليه هل ستكون هناك إجراءات؟ الجواب نعم، ولكنها غير عملية، ولن تصل إلى الواقع. وأنا شخصياً طرحت مبادرة آمل أن تلقى آذاناً صاغية وأوصلتها لبعض الشخصيات أصحاب القرار في الطرفين، لماذا لا نتوافق على ما يلي: اعتماد المجلس المركزي الفلسطيني القائم اليوم بعد إعادة تشكيله مباشرة بالتوافق وبالحصص مع حماس والجهاد والقيادة العامة وبعض الجهات التي كانت خارج منظمة التحرير، واللجنة التنفيذية للمنظمة، وهما بالمناسبة مؤسستان فاقدتان للشرعية، فالفترة التي انتخبتا لأجلها انتهت منذ زمن، ولم يعد انتخابهما، أو تأكيد انتخابهما من المجلس الوطني الفلسطيني، وعليه فهي فاقدة للشرعية، ناهيك عمن مات من الأعضاء ومن لم يعد مؤهلاً للحضور لكبر السن وما شابه، بالتالي فهما غير فاعلتين. إدخال حماس للجنة التنفيذية مباشرة بثقل مناسب، وإدخال حماس في المجلس المركزي الفلسطيني بشكل مناسب واعتبار اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والمجلس المركزي الفلسطيني مرحلة انتقالية مدتها عام واحد تعتبر فيه اللجنة التنفيذية هي اللجنة التحضيرية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس المركزي مرجعيتها في هذا، على أن تعطى الحكومة الفلسطينية ورئاسة السلطة الفلسطينية الصلاحيات الكاملة لإدارة الشأن الفلسطيني الداخلي والخارجي معاً من أجل الوصول إلى دولة فلسطينية في المرحلة القادمة، إلى أن يتم إعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وأقترح أن تعطى حماس نائب الرئيس كما سرب إعلامياً ثم نفيت، أنا أعجبتني هذه التسريبات، أن يكون رئيس حماس نائباً لرئيس منظمة التحرير الفلسطينية ومعه اثنان أو ثلاثة من الأعضاء بينهم أمين السر أو نائب أمين السر للجنة التنفيذية، ثم تعطى الجهاد نصيباً وتعطى القيادة العامة نصيباً والمجلس الوطني نصيباً وهكذا، فيكون للجميع أعضاء في اللجنة التنفيذية بالتوافق، وتؤخذ قراراتها في هذه اللحظة بالتوافق وليس بالأغلبية ولو كانت الأغلبية، لفتح وأنا لست متحفظاً على هذا، وإذا اعتبر القرار بالتوافق، يعني تجميد لائحة منظمة التحرير الخاصة باللجنة التنفيذية مؤقتاً، والقائلة بالتصويت النسبي لسنة واحدة فقط ليكون بالتوافق، أي يؤخذ القرار بالتوافق، فإن اتفقا على أن هذا الموضوع مرجعيته اللجنة التنفيذية القائمة بهذه التشكيلة لا بأس، وهذا يحل كثيراً من الإشكالية على الساحة الفلسطينية، وعندها ستكون منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني كما يقال، وتتوافق على ذلك حماس والجهاد والقيادة العامة والمنظمات الأخرى.

س: وفلسطينيو الشتات مغيبون عن القرار؟

ج: أقترح اقتراحاً تفصيلياً، وإن كان في نفس الموضوع، أن يصبح مقر اللجنة التنفيذية ومقر المجلس المركزي الفلسطيني خارج فلسطين، إما في الأردن أو في سورية أو لبنان، وأقترح شخصياً أن يكون الأردن إذا جاز الاقتراح، حتى يمكنها أن تجتمع بارتياح وأن تمثل الشتات الفلسطيني حقيقة حتى تفعّل العمل الشعبي وتفعّل المؤسسات الشعبية وتفعّل مكاتب منظمة التحرير وتفعّل السفارات بشكل جيد، إلى آخره من الأعمال التي تلزم لدمج الشتات الفلسطيني في الشأن الفلسطيني السياسي العام عملياً إلى حين إعادة بنائها وإجراء الانتخابات.

س: ما إمكانية التطبيق بالنسبة للأردن، ونحن نعرف أن هناك تضارباً في الموقف السياسي، حول مصلحة الأردن في فتح الخطوط مع حركة حماس؟

ج: أعتقد أن الموقف الأردني سوف يتغير قريباً جداً، وقد تغير في الحقيقة قبل هذه الجولة من المفاوضات بين حركتي فتح وحماس، وتغير قبل إعلان دمشق، حيث وجّه الملك عبد الله دعوة رسمية علنية للتفاوض الفلسطيني على أرض الأردن بين حركتي حماس وفتح للتوافق، وكان هذا الموقف تحولاً نسبياً في الموقف الأردني، ومعلوماتنا تقول: إن الملف الأمني الذي كان عالقاً بين حماس والحكومة الأردنية قد انتهى، وما بقي بعض الذيول التي تتعلق بالجانب القضائي والقانوني في المحاكمات أو ما شابه، كما سمعت من أطراف مختلفة، والنخبة السياسية الأردنية في معظمها ترحّب بإعادة بناء علاقة سليمة مع حماس كتنظيم وفصيل وحركة سياسية، وعلى محور آخر مع الحكومة الفلسطينية والبرلمان الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة، وهناك مجموعة صغيرة في النخبة السياسية الأردنية متزمتة ومتشنجة ولا تزال أسيرة للماضي المتطرف في النظرة للشأن الفلسطيني ككل، ناهيك عن الشأن الحماسي بشكل محدد، وتعيش في الماضي ولا تعيش في المستقبل، لذا أعتقد أن على الأردن إذا أراد دوراً مهماً في المنطقة، وأمناً واستقراراً داخلياً، ونماء اقتصادياً، وانتعاشاً وقبولاً فلسطينياً حقيقياً، أن يفتح بابه فوراً ودون تأخير لحماس كحركة، على مستوى السيد خالد مشعل وإخوانه، وللحكومة الفلسطينية كذلك، وللمجلس التشريعي الفلسطيني، وأن يعطي رسالةً قوية للشعب الفلسطيني بأن الأردن يتفق مع اتفاق مكة اتفاقاً كاملاً، ويدعمه ويباركه، وأنه معني بإنجاح هذا الاتفاق.

س: هل الحركة الإسلامية في الأردن تساعد على هذه الخطوة؟

ج: وجود الحركة الإسلامية في الأردن بوضعها القائم اليوم إحدى النقاط التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار للحكومة الأردنية لإعادة العلاقة مع حماس، فهي ستسبب نوعاً من الارتياح الكبير لدى القيادات والكوادر في الحركة الإسلامية، وستسبب نوعاً من الهدوء في الإشكالات، أو في التنافس أو التخاصم، أو في الخلافات الأردنية المحلية الداخلية، وهذا بُعدٌ محليٌّ مهمٌ في الساحة الأردنية، يضاف له الثقل السكاني، حيث أن الأردنيين من أصل فلسطيني يشكّلون حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون، صحيح أنهم مواطنون أردنيون، ولكنني أتكلم عن العودة، وعن موضوع الأرض المسلوبة، والأردن معنيٌّ جداً بأن يرسل رسالةً قويةً لهذا الكم الكبير من السكان في الساحة الأردنية، الذي يشكل أكثر من نصف السكان، بأن الأردن نظاماً وحكومة وملكاً مع الشعب الفلسطيني، ومع ما يتفق عليه أبناء الشعب الفلسطيني، واليوم لا مبرِّر لبقاء الموقف السابق للحكومة الأردنية، فالحكومة الأردنية معنيّة بتسويق الاتفاق، ومعنيّة بفتح أبوابها، وهي معنية بالمناسبة أكثر من أي دولة عربية بأن تكون علاقتها بحركة حماس وحركة فتح وبالحكومة الفلسطينية علاقة إستراتيجية، وليست علاقة مترددة وقابلة للتغير، يوماً بسبب خلافات مع أشخاص، ويوماً بسبب خلافات مع أشخاص آخرين.

أعلى الصفحة  عودة لرؤيتنا للمتغيرات   عودة للصفحة الرئيسية

 

جائزة البحث العلمي

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنية


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   July 08, 2010 12:14:13