رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الدراسات الإسرائيلية


إإصداراتنا



مناهج تدريس القضية الفلسطينية



مستقبل السلطة الفلسطينيّة



الخارطة السياسية للوطن العربي ما بعد الثورات العربية/b>



الحوار الوطني الفلسطيني والمصالحة

التحـول التركـي تجاه

المنطقة العربية

مطالب الثورات العربية والتدخل الأجنبي

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م


تداعيات ما يحدث في المنطقة العربية من أحداث وصراعات سياسية

يحدد الأستاذ جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط، في هذا الحوار مع الوطن، تداعيات ما يحدث في المنطقة العربية من أحداث وصراعات سياسية.

وبروح الحريص على أمته ومصالحها، يقدم الحمد وصفة من أجل تجاوز المخاطر المحدقة التي تعصف بالشرق الأوسط، خاصة في ظل سعي الجمهورية الإيرانية إلى زعزعة استقرار المنطقة من أجل مطامع توسعية.

وفي ما يلي نص الحوار:

نبدأ حوارنا من حيث محور اهتمامك حيث القضية الفلسطينية، التي يقول الكثيرون إنها دخلت نفقاً مظلماً بفعل انسداد الأفق السياسي، سؤالنا هنا يتعلق برؤيتك لمستقبل القضية الفلسطينية بعد مرور 67 عاماً على النكبة، وفشل المصالحة الوطنية وتواصل التعنت الإسرائيلي ضد مطالب الفلسطينيين؟

- من حيث المبدأ فقد تمكن الشعب الفلسطيني بصموده ونضاله الطويل عبر هذه الفترة من النكبة والتشرد والاحتلال والاضطهاد الإسرائيلي من المحافظة على قضيته ساخنة ومتماسكة إزاء التحرير والعودة، وبرغم العدوان والانتهاكات الإسرائيلية المستمرة، ورغم التشرد في بقاع الأرض غير أنه ابتكر وسائل متغيرة ومتطورة من النضال والكفاح، سواء ما يتعلق منها بالكفاح المسلح وفق القانون الدولي، أو النضال السياسي عبر المنابر العربية والدولية أو عبر الانتفاضات الشعبية ضد الاحتلال، أو عبر التطوير المستمر بآلية العمل الوطني في كل أماكن وجوده. ولا تزال مسالة العودة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي المسألة الجامعة للشعب الفلسطيني والموحدة له في كل تجمعاته وهي تقوم كذلك على وحدة أرضه ما احتل منها عام 1948 أو عام 1967، ولذلك فإن مستقبل القضية لايزال يتسم بالتقدم بغض النظر عن التحديات والترددات وبعض الإعاقات والتراجعات النوعية النسبية هنا وهناك.

ولا شك أن استمرار العجز الوطني عن تحقيق مصالحة فلسطينية وطنية رغم توقيع اتفاقات لأكثر من عشر مرات يشكل للقضية والشعب قلقاً ونقطة إشكال ومعيقاً للتقدم في عدد من محاور النضال، أما التطرف الإسرائيلي فإن المؤشر الاستراتيجي للتحول في المجتمع الإسرائيلي والقيادة الإسرائيلية يؤكد التحول المستمر نحو اليمين واليمين المتطرف وخاصة بعد توقيع اتفاقات السلام بين مصر وإسرائيل عام 1978، وقد وصلت نسبة هذا التحول إلى 200 % في محطتي 1998، 2008، وهي اليوم ربما تزيد على ذلك بقليل، بمعنى أن إمكانية التعايش مع هذا الكيان حتى بعد الاعتراف به وتقديم تنازلات سياسية وتاريخية كبيرة له تصبح عسيرة وغير ممكنة يوماً بعد يوم؛ لكن في المقابل فإن الثقة الفلسطينية بخيار المقاومة وتراجع الثقة بخيار التسوية السياسية كذلك تزداد ما يعني أن البنية الفلسطينية النضالية تزداد وضوحاً في الرؤية والاستعداد لمواجهة الاحتلال وربما إنهائه كلما ازداد اتجاهه نحو التطرف، ولذلك فإن معوق المصالحة وتطرف إسرائيل نحو اليمين يشكل خطورة على القضية بالفعل ولكن معادلته بتنامي الالتفاف حول المقاومة بما فيها المسلحة بعد نجاحها في لبنان 2000 و2006، ونجاحها في غزة في 2005، 2009، 2012، 2014 على التوالي شكل منصة وطنية للتمسك بالثوابت الوطنية والحقوق وأجهض محاولات التصفية. وأظهر الكيان الإسرائيلي بصورة هشة وضعيفة، وأفشل عدداً من أساطيرها وخاصة ما يتعلق بسلاح الجو ودبابات ميركافا والجبهة الداخلية بصور متعددة.

جميل ما ذكرته، ولكن الأهم من ذلك كله هل الفلسطينيون قادرون على امتلاك برنامج وطني موحد والعمل بموجبه؟

- الجواب نعم بكل ثقة وواقعية، البرنامج بطبيعته محكوم بثلاثة ثوابت وطنية أساسية: إنهاء الاحتلال وتحرير فلسطين، عودة كل اللاجئين إلى أراضيهم، الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة وفق حق تقرير المصير وعاصمتها القدس، والاختلاف ينشأ عادة عند فشل بعض الوسائل أو قياداتها في تحقيق إنجازات ملموسة، ولعل نجاح إسرائيل وقوى أخرى إقليمية بإضعاف وتدمير القدرات العسكرية للثورة الفلسطينية في لبنان عام 1982 قد شكل نقطة مهمة في إعادة النظر بجدوى العمل المسلح ضد إسرائيل من الخارج، لكن كما قلت فإن القضية تتطور وتتقدم بأساليب وإبداعات متواصلة فكان النموذج اللبناني ونجاحه في تحرير جنوب لبنان بالسلاح ومن ثم هزيمة إسرائيل في معركة عسكرية دامية عام 2006، ليعيد الثقة لخيار المقاومة المسلحة وفاعليته وجدواه العملية والواقعية، حيث تشكل النموذج الفلسطيني لاحقاً وعلى أثر نتائج انتفاضات 1987 ومن ثم عام 2000 ونجاح المقاومة اللبنانية ليسطر أول انتصار واقعي عملي على الاحتلال ومن الداخل في الحرب الإسرائيلية على غزة عام 2009، والذي كان مجرد فصل جديد أو صفحة مشرقة تبعته فصول وصفحات لتعيد بناء الأداء الفلسطيني الطبيعي بالمقاومة بانتصارات عام 2012 وعام 2014 على الجيش الإسرائيلي رغم أن الظروف السياسية كانت في الغالب غير مواتية، ولذلك فإن الخلاف على النضال السياسي والمقاومة الشعبية أو المسلحة يفترض ألا يكون عائقاً للعمل بأي منهما لدى كل الفصائل والقوى دون تعارض بل بتناسق وتنسيق وتكامل أدوار، وهو ما يجعل من البرنامج الوطني شاملاً للوسائل وشاملاً للأفكار ولكل فئات وقوى وفصائل الشعب الفلسطيني، وهو ما يزيده قوة وتأثيراً ونجاحاً واستقطاباً للتضامن الدولي والعربي، لذلك أعتقد نعم يمكن التوصل إلى برنامج وطني جامع في حال تم اختيار قيادات جديدة للفصائل لا ترتبط بمصالح مع أي قوة ولا تحمل إرثاً تاريخياً تنافسياً وربما خصامياً مع بعضها ولا تعيش في كنف التفكير العربي أو الدولي الضاغط عليها دائماً على المستوى الرسمي، وإنما تنطلق من واقع الشعب الفلسطيني ومعطياته الخاصة. والمطلوب من الفصائل الفلسطينية دراسة هذه الأفكار والاستعجال في بلورة البرنامج المشترك والرؤية المشتركة وفقاً للتجربة ولبعض الاتفاقات الموقعة في ما بينها مثل وثيقة الوفاق الوطني عام 2006- 2007.

في ما يتعلق بحركة المقاومة الإسلامية حماس» تحديداً وعلاقاتها الإقليمية، هل تتوقع أن تعمل التغييرات الجديدة لصالح موقفها لاستعادة دورها السياسي؟

- تستفيد القضية الفلسطينية من كل عملية استقرار في المنطقة العربية، ولأن حماس اعتمدت في سياساتها على هذه القاعدة فإنها تكون المستفيد الأكبر من هذا الاستقرار؛ لكن حالة الفوضى والانقضاض على الديمقراطية والاحتراب الداخلي العربي واستنزاف السياسة والمال والإعلام العربي في صراعات داخلية واستقطابات محورية أضر بالقضية كثيراً، ولذلك فإن قيادة السعودية ودول الخليج تعمل نحو بناء الاستقرار ووقف الفوضى والعودة إلى سياسة التضامن العربي والإسلامي وهذا سوف يوفر لحماس بيئة سياسية مواتية لطرح أفكارها ومشاريعها والتقوي بالعرب والشعوب العربية على التطرف والصلف الإسرائيلي من جهة وعلى بعض الضغوط من السلطة عليها في الضفة الغربية من جهة أخرى، ولذلك فإن الجواب نعم لأن أكثر المتغيرات الجارية للخروج من حالة الفوضى إلى حالة الاستقرار إنما توفر لحماس فرصة سياسية جديدة تعيد لعلاقاتها الإقليمية وبالتالي الدولية حيويتها، ما يدعم برنامجها السياسي والمقاومة ويساعد على تحقيق المصالحة الفلسطينية ومواجهة إسرائيل بإسناد عربي وإسلامي قوي سياسياً وإعلامياً.

سؤالنا هنا يتعلق بما يحدث في مصر، كيف ترى الأفق السياسي في أرض الكنانة؟

- المأزق الصعب والمعقد الذي تعيشه مصر يشكل أزمة لكل مكوناتها، لكن غياب التوجهات المصرية القوية لاستعادة الوحدة الوطنية وبناء مصالحة تاريخية بين كل القوى والفئات في مصر يشكل خطورة على مستقبل مصر، وقد يتسبب بتفاقم الأزمة وتوسع إطارها الزمني، ومن بين ذلك استمرار إصدار أحكام الإعدامات بالجملة والحملات العالمية الموجهة والمدعومة من بعض الجهات ضد فئات مصرية محددة، وتزايد توجهات الشباب المصري الثوري لمواجهة السلطة والدولة، وتنامي بعض الدعوات لاستخدام العنف ضد عنف السلطة، وهي سياسات واتجاهات تعقد أي جهود تبذل للمصالحة وتحقيق الاستقرار، ولذلك فإن الاستمرار في الانقسام المجتمعي في مصر يعمق الأزمة ويضعف فرص حلولها، المتغيرات في السياسة السعودية والتركية توفر فرصة للحكم والمعارضة الثورية على حد سواء لإعادة النظر بالمقاربة المناسبة للتحول نحو المصالحة والعمل معاً لبناء مصر سند العرب التاريخي.

في ما يخص سوريا.. يعني نظام بشار الأسد يواصل مجازره ضد شعبه وكأنه يسابق الزمن في حصد المزيد من الأرواح.. ما هي توقعاتك لما يحدث في سوريا الآن؟

- الأزمة السورية أصبحت معقدة جداً، أكثر من 30 دولة ومنظمة لها وجود وتأثير مباشر في الأزمة السورية، التوجه العربي بحل الأزمات ووقف اختراقات إيران للمنطقة العربية يشجع على تطبيق النظرية في سوريا، لكني أعتقد أن المقاربة ستكون مختلفة إلى حد ما، حيث تنقسم النخبة العربية والقيادة العربية على المقاربة اللازمة لذلك، حيث لاتزال تصطف دول إلى جانب النظام وأخرى تدعم المجموعات المعارضة المسلحة السورية. وتقف كل من إيران وروسيا بثقل كبير إلى جانب النظام فيما معظم الدول العربية والغرب إلى جانب المعارضة السياسية والمسلحة المعتدلة، ورغم أن الجميع يؤكد على الحل السياسي للأزمة فإن الخلاف على مدى تغيير النظام يشكل عائقا أيضا، فقد شكل اتفاق جنيف 1 وجنيف 2 نقطة اختراق نسبية بقبول مرحلة انتقالية بحكومة مستقلة وإنهاء الحزب الحاكم الحالي، غير أن مصير بشار الأسد وكيفية التعامل مع المنظمات الإرهابية الناشئة عام 2014 كداعش تسبب بإرباك المواقف الدولية والعربية، وأعتقد أن المجتمع الدولي وبالذات كل من الولايات المتحدة وأوروبا لم يكونوا معنيين بحل الأزمة أو تغيير الأسد أو إسقاطه في أي مرحلة من مراحل الأزمة، حيث يعتبر أمن إسرائيل هو الهدف الأساسي لهذه الأطراف وليس وقف نزيف الدم السوري، خاصة أن التجربة التاريخية تخدم التزاماً بالتهدئة على جبهة الجولان وشارك في مفاوضات سياسية طويلة مع إسرائيل، وتجربة نزع السلاح الكيماوي السوري تمثل دليلاً مهماً على ذلك، حسبما أثبت تقرير مركز دراسات الشرق الأوسط وفريق الأزمات فيه إزاء هذا المتغير، لذلك أصبحت الأزمة السورية اليوم تسير في حلقة مفرغة.

ما المطلوب من أجل إنها المأساة الإنسانية المروعة التي تشهدها سوريا؟

- هي بحاجة إلى مقاربات شجاعة وتضحية بمواقف سياسية من أبناء سوريا تفرض على بقية اللاعبين، فسوريا اليوم مدمرة، وثمة 8 ملايين لاجئ سوري وأكثر من نصف مليون قتيل وأضعافهم من الجرحى يقال إن ما لا يقل عن 200 ألف منهم بإعاقات دائمة، سوريا اليوم بحاجة إلى خمسين عاماً لإعادة البناء في حال وفر العالم لها مشروع مارشال الذي طبق في أوروبا إبان الحرب العالمية الثانية في منتصف القرن العشرين، ولابد من خطوة ما إلى الوراء من قبل كل الفرقاء للحفاظ على ما تبقى من سوريا واسترجاعها للسوريين من أيدي خاطفيها الإيرانيين والروس وغيرهم، وذلك يستند إلى مفهوم تاريخي قيم بوقف النزيف والقتل والدمار لمصلحة أجيال المستقبل.

حسنا، نتحدث في هذا المحور عما يجري في اليمن وكيف يؤثر على المنطقة العربية وهل تتوفر فرص النجاح لعملية إعادة الأمل في ظل تنامي تمرد الحوثيين وأتباع علي صالح؟

- بالتأكيد فإن لجوء الحوثيين وعلي صالح إلى القوة والعنف المسلح للسيطرة على القرار في اليمن وفرض أجنداتهم السياسية بعد التوصل إلى وثيقة الحوار الوطني ومسودة الدستور بمشاركتهم جميعاً إنما مثل انقلاباً على العملية السياسية والمبادرة الخليجية المدعومة دولياً، وقد شكل ذلك مخاطر أمنية جمة على اليمن واليمينيين وعلى دول الجوار والملاحة البحرية الدولية في وقت واحد، ورغم التنازلات التي قدمتها الأطراف السياسية اليمنية الأخرى؛ إذ قبلت الحوار تحت السلاح في صنعاء وقدمت تنازلات سياسية جديدة لوقف نزيف الدم، غير أن الحوثيين وصالح تنكروا لكل هذه الاتفاقات في ما بدا أجندة خارجية تتحرك في تفكيرهم لا علاقة لها بمصلحة اليمن، حيث ظهرت إيران بالصورة واضحة ومتهورة ومتكبرة في تصريحاتها الدينية والسياسية والعسكرية وممارساتها العملية بإقامة الجسر الجوي والبحري لتزويد قوات الحوثيين وصالح بالعتاد، وبدأ في خلفية المشهد بعض الأطراف العربية التي أرادت من المتمردين والمنقلبين القضاء على نفوذ الإخوان المسلمين في اليمن وفق علي صالح، وشكل هذا التحول ارتداداً وطعناً جديداً في مسار الربيع العربي ليحول رفاق الثورة أو الحركات الإصلاحية ضد الاستبداد إلى أعداء يقتل بعضهم بعضاً، وشكل إحباطاً لآمال وطموحات الشباب اليمني الذي أنجز ثورة سامية بأقل الخسائر خلال ثمانية أشهر من التضحيات عام 2011، لكن اللافت للانتباه أن المجتمع الدولي وعلى الأخص الولايات المتحدة ومبعوث الأمم المتحدة ودول أخرى لم تبد قلقاً حقيقياً على هذا التحول الخطر كما ظهر مثلاً على احتلال تنظيم داعش للموصل، أو إزاء نجاحات جبهة النصرة في ريف دمشق عام 2013، ولا إزاء ادعاء داعش قتل عدد من الأجانب ذبحاً وفق الفيديوهات المنشورة، ما ألقى بظلال مهمة على حقيقة الموقف الدولي واهتمامه بتحقيق الاستقرار في المنطقة العربية وجديته في دعم التحول الديمقراطي في بلاد العرب، وفي ما يتعلق بعاصفة الحزم فقد كان قراراً صعباً، لكنه فاجأ إيران والمجتمع الدولي، وشكل مدخلاً لتحجيم انفلات الحوثيين وصالح، ولمنع إيران من تشكيل قاعدة عسكرية لها على حدود السعودية وفي باب المندب ممر الملاحة الدولية، ووقف احتمالات العدوان على السعودية ودول خليجية أخرى، ورغم النجاحات النسبية التي حققتها الحملة عسكرياً غير أن استمرارها زمنياً في ظل استمرار المتمردين بالقتل والتوسع مثل تحدياً مهماً استلزم إعادة النظر في ما خطط له، وعلى الأخص في ما يتعلق بالتدخل البري، كما أن تفاقم البعد الإنساني والمعاناة والإصابات بين المدنيين عمل محدداً صعباً للحملة ما ضغط عليها لتقبل هدنة إنسانية برعاية الأمم المتحدة، لكن استمرار الحوثيين بالأعمال المسلحة والعدوان على الشعب اليمني والسيطرة على العاصمة يبقى مبرراً قوياً لأي توجه عربي للضغط بالسلاح أو غيره على هذه القوى، واعتقد أن النزيف الذي أصاب قوات التمرد في اليمن لا يعطيها فرصة التعافي حتى في ظل أي هدنة إنسانية، ويوفر فرصة لممارسة مزيد من الضغط السياسي لاستعادة طاولة الحوار على أساس مخرجات الحوار الوطني بين اليمنيين، واستعادة العملية السياسية واستئناف الاستفتاء على مسودة الدستور وإجراء انتخابات عامة في البلاد.

كيف تقرأ وتحلل الدور الإيراني الحالي في المنطقة في ظل توقيع اتفاقها النووي مع الغرب، وما هي خياراتها الحالية؟

- إيران ظلت تعيش عزلة دولية منذ ثورتها على الشاه عام 1979، وهي اليوم قبلت صفقة الغرب لرفع العقوبات تدريجياً في إعلان موقفها الأساسي في الموافقة على تدمير القدرات السورية إزاء الأسلحة الكيماوية التي كانت تشكل تهديداً لإسرائيل، وكذلك بإخضاع كل نشاطاتها النووية للرقابة الدولية ووقف التخصيب لأكثر من 5 % أي بما لا يسمح بصناعة أي نوع من السلاح النووي، وهي تتحرك في هذا الاتجاه بتحالف مهم مع روسيا كدولة عظمى وبدعم من الصين، فشعرت إيران لأول مرة أنها قد تقبل لاعبا إقليمياً رئيسياً في إطار المنظومة الدولية وهي تتفاوض طويلاً مع الخمسة الكبار وألمانيا، وكان تحالفها في العراق مع الولايات المتحدة واحتلالها للعراق قد وفر لهذا التفكير أرضية أيديولوجية وسياسية وأمنية واقتصادية وطائفية في آن واحد، ما تفكر به إيران اليوم ألا تعود مصدر خطر يهدد مصالح الغرب، وتنتقل بذلك إلى مربع المتعاون أو الحليف أو الشريك في العديد من الملفات، وجاء الربيع العربي عام 2011 ليضع إيران أمام اختبارات صعبة في ظل تنامي نفوذ جماعة الإخوان المسلمين والجماعات المتحالفة معها، وهي التي تمثل المنافس الأول لها على زعامة العالم الإسلامي دينياً، خاصة أنها تمثل الطيف السني الشعبي الغالب، واعتبر اندلاع الثورة في سوريا وظهور جماعة الإخوان بالصورة خلال الأشهر الأولى لها مبرراً لدى إيران للانقلاب على الربيع والإرادة الشعبية العربية حيث رأته إيران تحدياً لنفوذها ومصالحها الاستراتيجية، خاصة أنها اكتشفت أن الغرب وإسرائيل لا يسعيان لإسقاط النظام في سوريا بل للتفاهم معه، فألقت بثقلها العسكري والأمني والسياسي مبكراً في سوريا وجارتها في ذلك روسيا، واعتبرت أن القضاء على الثورة في سوريا هو المدخل لتأمين إيران ومصالحها الحيوية، وشجعت الحل الأمني من قبل النظام السوري على حساب الحل السياسي الذي كان متاحاً حتى شهر أكتوبر عام 2011، لكن الاستراتيجية الإيرانية كانت تتناقض مع أي حل سياسي يعيد بناء النظام في سوريا على أسس ديمقراطية كأخواتها الأخريات حتى مع بقاء بشار الأسد وأنصاره في الحكم بمشاركة سياسية ديمقراطية، ولذلك تورطت إيران في تفكير أيديولوجي صعب يتعلق بنفوذها ومصالحها وتوجهاتها الامبراطورية في المنطقة، هذه كانت بداية التحولات الإيرانية الجديدة، حيث تضخمت الأطماع الإيرانية في ظل انقسام عربي وخاصة بعد الانقلاب على المسار الديمقراطي الانتقالي في مصر ومن ثم في تونس وليبيا.

ما هي الخيارات التي تعمل إيران في فضائها في الوقت الحالي؟

- أولاً: التفاهم مع الغرب على الملف النووي وسوريا والعراق واليمن بعيداً عن البعد العربي فيها جميعاً، وثانياً: تحقيق صفة الدولة النووية الوحيدة في وكالة الطاقة الدولية في المنطقة للأعمال السلمية أساساً وربما لأعمال سرية أخرى كما تفعل إسرائيل، وثالثاً: تحقيق صفة الدولة العظمى إقليمياً على صعيد التفكير الإمبراطوري تستخدم فيه البعد الطائفي وقضية فلسطين والانتصار للمظلومين والتحالفات المتغيرة حسب المصلحة بعيداً عن المبدئ الإسلامية أو السياسية، ورابعاً: استمرار التحالف مع روسيا وإلى حد ما مع الصين على الصعيد الدولي في ما يتعلق بشؤون المنطقة وربما شؤون عالمية أخرى حيث تمثل هذه التحالفات وزناً مهماً في مثقال هذه الدول وإيران في العلاقات الدولية، وخامساً: فرض الوصاية كأمر واقع على اتباع المذهب الشيعي الجعفري في كل العالم عبر الدعم المالي من جهة والتسليح والتدريب من جهة أخرى وعبر الآلية الدينية الخاصة بالمذهب الشيعي المتعلقة بالإمامة والمرجعية وولاية الفقيه من جهة ثالثة، وهو ما يبرر لها مواقفها وتدخلاتها في الدول الأخرى خاصة العربية منها وإلى حد ما الإسلامية مستقبلاً، وسادساً: الاستمرار ببناء الترسانة العسكرية وفرض الإرادة العسكرية على الخليج العربي ومضيق باب المندب والمشاركة على الأقل في حماية الملاحة الطولية في باب المندب وقناة السويس، وسابعاً: الانسلاخ عن البعد الديني في علاقاتها السابقة بالحركات الإسلامية السنية وخاصة جماعة الإخوان ومن يحمل فكرها لصالح علاقات أخرى مع منافسي هذه الجماعات وربما إعطاؤها أو خصومها سواء في فلسطين أو لبنان أو مصر أو سوريا، ولذلك فإنه في حال غياب استراتيجية عربية لتحجيم هذا الجموح فإننا سنكون أمام تحديات صعبة ليست كالتحدي الصهيوني الدائم والأخطر، لأن إيران في النهاية ليست دولة احتلال، وهي دولة إسلامية جارة لعديد من الدول العربية والإسلامية، وتملك إمكانات نفطية وعسكرية ونووية وميزة طائفية خاصة باتباع المذهب الشيعي بين المسلمين وهم مواطنون في بلادهم، ولها قدرة براغماتية على لعب الدور وعكسه حيث تثور شبهات كثيرة على دورها وبعض حلفائها مثلاً في بناء ودعم وتسليح تنظيم داعش لإيجاد مصدر تهديد آخر للغرب وللحكومات العربية غير إيران ومن اتباع المذهب السني، كما أعلن مسؤول دبلوماسي إيراني مؤخراً، وليكون هذا التنظيم المتطرف مكان استنزاف لهذه الأطراف العربية ونقطة تلاقٍ غربية وعربية أيضاً مع إيران، وهو يمثل منصة تشريع لشعارها محاربة الإرهاب والجماعات التكفيرية.

هل يمكن أن يلعب الوعي العربي بالخطر الإيراني دوراً في تحجيم إيران بالمنطقة؟

- أعتقد أن الوعي السياسي العربي المبكر يمكن أن يحجم هذا الطموح بإجراءات حقيقية، رغم أن التفاهم والحل السياسي في النهاية لابد منه، لكنه قد يتخذ مسارات أخرى في الطريق إلى التوصل لهذا التفاهم مع إيران، ولعل رافعة القضية الفلسطينية ودعم المقاومة والشعب الفلسطيني وتحقيق المصالحة الفلسطينية ربما يمثل ورقة مهمة بيد دول الخليج وعلى رأسها السعودية، إضافة إلى مصالحة واسعة داخل مصر ومصالحة عربية عامة مع تركيا، مع بعض الضربات الموضعية التي تعيد إيران إلى وعيها السياسي الأكثر اتزاناً واعتباراً للجانب العربي.

إلى أين تتجه المنطقة العربية في ظل هذه التطورات الدراماتيكية؟

- المنطقة ترزح اليوم تحت عملية استنزاف خطرة، وهي مخاض صعب أساسه الدماء والدمار والخلاف، لكن طبيعة المشهد السياسي اليوم تؤكد وفق التجربة التاريخية أنه مشهد متحرك ولا يملك القدرة على الاستقرار في ظل الفوضى والتطرف والإرهاب، ونظراً للخسائر التي يدفعها الجميع فإن طاولة الحوار والمصالحة ربما تكون تستعد لبناء تصورات وتحالفات أخرى تحتاج إلى قيادات عربية شجاعة واضحة الرؤية والهدف تضع إمكاناتها لحماية المنطقة والأمة بهدف إعادة الاستقرار ووقف نزيف الدم وإدماج كل الأطراف في عمليات سياسية حقيقية وجادة وبضمانة قوية، وأعتقد أن التيار الإسلامي المعتدل سيكون له اليد الأقوى في إنجاح هكذا توجه إضافة إلى قدرات واستعدادات تركيا المعلنة وغير المعلنة في هذا المضمار، ومن هنا أنظر إلى ما يجري بوصفه مرحلة خاصة في مسار الربيع العربي أو التحول العربي نحو الحرية والديمقراطية والذي حقق الكثير من أهدافه منذ اندلاعه عام 2011، لكن البعض حرف بوصلته بالعنف مؤقتاً، وهو يصل اليوم إلى بوابة جديدة بعد هذا الخلل ليستكمل أهدافه الأخرى المشروعة، لكنه سيكون بدعم وتحالفات مع دول مهمة كالسعودية وقطر وتركيا وغيرها.

 

جواد الحمد
الوطن 05- 06 - 2015

جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

إصداراتنا



تقدير موقف الثورات العربية



ادارة المرحلة الانتقالية ما بعد الثورات العربية




مشاريع التغيير في المنطقة العربية ومستقبلها


المصالحـة الفلسطينيـة 2011

ما بعد التوقيع

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنية


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.