رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث الإصدارات

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

 

المواقف العربية منتطورات الصراع العربي-الإسرائيلي والتسوية* 

تعقيب

جـواد الحـمد

مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن

 على الورقة المقدمة من الدكتور عبد الإله بلقزيز

مقدم إلى

ندوة "تطوير العلاقات العربية-الإيرانية"

9-12 نيسان/أبريل ‏2001‏

 

طهران-إيران

                 ابتداء يمكن القول بأن الورقة موضع البحث تمثل وجهة نظر وتحليل سياسي عام لطبيعة التحولات التي اعترت المواقف العربية من الصراع والتسوية مع الكيان الصهيوني ومخرجاتها الأساسية، كما تحاول أن تمثل ورقة رسم سياسة  POLICY PAPER  برغم أن هذا المنحى لم يأخذ نصيبه الكافي في الورقة، وذلك قياساً للحجم والمدى الذي أبرزته الورقة لهذا التحول.

لكن الورقة امتازت بجزالة الفاظها، وتتابع افكارها، ووضوح رؤيتها العامة، ولفّها الاطار الايديولوجي في معالجة التصنيفات وعرض المواقف –دون ان يعيبها ما دامت ليست بحثا علمياً-، كما امتازت بالقدرة على إجراء مقارنات لبيان مستوى ومجال التحولات والتطورات في المواقف العربية ازاء الصراع والتسوية مع المشروع الصهيوني. وادخلت في حسابها التحولات في الجانب الرسمي والشعبي، كما قدمت تشخيصاً عاما لطبيعة الاصطفافات التي سبقت متغير انتفاضة الاقصى، موضحة مدى الانحدار في مستوى التفكير والتخطيط العربي والفلسطيني الرسمي منذ مطلع عقد التسعينات، مؤكدة على الدور الذي لعبته نتائج حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفياتي في زيادة عمق هذا الانهيار في الموقف.

وقد سيطرت على الورقة منذ بداياتها اجواء التحول الذي احدثته انتفاضة الاقصى التي اندلعت في 29 ايلول/ سبتمبر 2000، وتصاعد اعمال المقاومة المسلحة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مسبوق، خاصة ما يتعلق بآثارها في تغيير موازين القوى السياسية والاعلامية والأمنية ، اضافة إلى تكبيد الاحتلال خسائر مادية فادحة، كما تعاملت بتفاؤل وايجابية ازاء الاستجابة القسرية او الارادية لمختلف الاطراف الفلسطينية والعربية لطبيعة هذا المتغير وتأثيراتها على الخريطة السياسية للمنطقة اضافة إلى تفاعلاتها الدولية.

        وأكدت الورقة ان هذا المتغير الجديد الذي صنعه الشعب الفلسطيني كان مفاجئا للجميع نوعا وحجما وتأثيرا، وأنه يُعد فاصلاً تاريخيا مهما بين مرحلتين من مراحل الموقف العربي والفلسطيني إزاء الصراع مع المشروع الصهيوني، وهو ما أثر -وكان لا بد له ان يؤثر- في طبيعة التحليل التالي الذي ساقته الورقة لتطورات المواقف العربية والفلسطينية ازاء الصراع والتسوية .

وأظهرت الورقة ضيق الافق الذي لف الفكر العربي الرسمي وأتباعه من المثقفين والسياسيين من القوميين واليساريين وغيرهم ازاء التعامل مع المتغيرات الدولية والاقليمية عندما حصر خيار حل الصراع بالتسوية الاميريكة الصهيونية عبر بوابة مدريد، والتي اعتبرتها الرسمية العربية خيارا استراتيجياً بديلا لخيار الحرب والمواجهة ورد العدوان، وبالتالي كان من السهل تحت حجة "معسكر السلام" ومحاربة "اعداء السلام" جمع كثير من الدول العربية في "قمة شرم الشيخ لصانعي السلام"، وبرعاية اميركية فقط لمواجهة تطور عمليات حركة (حماس) العسكرية ضد الاحتلال الصهيوني مطلع عام 1996بوصفها أعمالاً "ارهابية".

ونتفق مع ما ذهبت اليه الورقة من ان متغير الانتفاضة وجه ضربة قاصمة لطبيعة التفكير والطرح الذي تشكل ازاء هذا الانغلاق في الخيارات العربية والفلسطينية، وكان تصاعد الانتفاضة الفلسطينية وانطلاق اعمال المقاومة الاسلامية والوطنية بفعالية عالية غير مسبوقة وباستقلال كامل عن اطراف التسوية على مختلف المستويات العربية والفلسطينية، قد هز بنية المعادلة الامنية والسياسية للعدو.

وبذلك يمكن القول ان متغير الانتفاضة قد مثل منعطفاً استراتيجياً ، "وأرّخ للحظة تاريخية فاصلة بين مرحلتين من تاريخنا المعاصر"، وانها اعادت رسم خريطة المواقف العربية من جديد في الصراع والتسوية مع الكيان الصهيوني . وانها "اعادت الاعتبار لافكار وقيم الامة التي شيعها المتعبون من النضال، كما انصفت القابضين على الجمر" الذين استمروا في خط المقاومة ورفض الاستسلام، وذلك بتبني الامة كلها لبرنامجهم واعترافها بقيادتهم الميدانية. وتشير الورقة إلى ان ثمة محاولات تبذل لاعتبار هذا المتغير مجرد مأزق يواجه برنامج التسوية، وان تعديلات نسبية على شروط واشكال ومراحل التفاوض ربما تجهض الامكانات التغيير ية الكبيرة التي فرضتها انتفاضة الاقصى، ليبقى هؤلاء اسرى لمهانة "مدريد"، رافضين التحول عنها إلى عزة "الاقصى".

وعلى صعيد التحليل التفصيلي لطبيعة المواقف العربية بعد المتغير الجديد، اعتمدت الورقة بالكلية على التصنيفات التي حددتها لمواقف العربية في قمة القاهرة الطارئة المنعقدة في 21 تشرين أول/أكتوبر 2000 في تحليل نمط التفاعل العربي مع متغير الانتفاضة، وقسمت المواقف العربية إلى ثلاثة أقسام : الرفض العقائدي الذي يخوض المعركة مع العدو، والرفض السياسي الذي يخوض المعركة مع الخصم، والمعارضة المعتدلة التي تخوض المعركة مع الشريك!.

 وقد اسهبت الورقة في تحديد الدول التي تدخل في كل تصنيف، وهو ما اخل بشكل عام في اختيارات الورقة ودقتها، لكنها قدمت تحليلاً للخلفيات الفكرية والسياسية لمختلف هذه التصنيفات والمواقف، مشيرة إلى تفاوت التأثر لدى هذه الاطراف بمتغير الانتفاضة والمتغيرات السابقة في عقد التسعينات، كما ابرزت الورقة اهم مكونات كل موقف، ودوافعه والعوامل المؤثرة فيه.

وأبدت الورقة تحاملا واضحا على من اسمتهم " بالمعارضة المعتدلة" الذين يخوضون "المعركة مع الشريك"، أولئك الذين يقيمون علاقات التطبيع السياسي والاقتصادي مع العدو ويشجعون التطبيع الشعبي، وبرغم ان طرفين ممن صنفتهم الورقة في مجموعة الرفض السياسي وهم السلطة الفلسطينية ومصر يتماثلان مع هذه المجموعة بنسبة لا تقل عن 90%، غير أن الورقة آثرت استثناءهما  لاعتبارات يبدو انها ايديولوجية وفكرية وربما غيرها، كما حمل قياس التحول لنفس هذه التركيبة تحيزاً واضحاً عند الاشارة إلى "عدم تمزيق معاهدة وادي عربة"  في مقابل المديح لسحب السفير المصري من الكيان الصهيوني وليس تمزيق معاهدة كامب ديفيد، والثناء على عدم التوقيع على الاتفاق النهائي في كامب ديفيد-2 فلسطينيا وعدم تمزيق اتفاقية اوسلو كذلك، وهو ما جعل الورقة تجانب المنهجية الموضوعية في تقييم الموقف وتصنيفه والبناء عليه تالياً.

وبرغم اتفاقي مع الورقة في ان الظروف قد نضجت للتحول كلياً عن التسوية السياسية، والتراجع عن كل ما تم التوقيع عليه مع العدو، واتخاذ نهج المقاطعة والمحاصرة ضده ، وفي نفس الوقت دعم المقاومة الفلسطينية وانتفاضات الشعب الفلسطيني، غير ان الوصول إلى مرحلة الاقناع والتبصر ازاء مثل هذا التوجه لا بد ان يحيط به قدر كبير من المنهجية المنصفة، والموضوعية الملتزمة وطنيا وقومياً ضد المشروع الصهيوني وكيانه الغاصب على ارض فلسطين . راجيا الا يجرنا ذلك إلى خلافات داخلية عربية تتعلق بالتعصب القطري او الايديولوجي على حساب المصالح العربية القومية، وخاصة المتعلقة بتحرير فلسطين وهزيمة المشروع الصهيوني .

وعلى صعيد التعامل مع التطورات في الموقف الشعبي العربي والفلسطيني، اكدت الورقة ان برنامج التسوية اربك العمل الشعبي العربي الداعم لمصالح الشعب الفلسطيني، وبرغم ذلك فقد استمر الموقف واضحاً بيناً في الدعم المالي والاعلامي والسياسي بل والجماهيري، والذي مثل تفاعله مع متغير انتفاضة الاقصى الاخيرة نقطة تحول كبيرة بعد تسع سنوات عجاف من الوعود الكاذبة والاوهام المزعومة لتحقيق هذه الحقوق عبر صداقة الراعي الاميركي وباقناع المحتل الإسرائيلي.

كما اشارت الورقة إلى الصراع الشعبي مع الرسمية العربية والفلسطينية في رفض التطبيع مع العدو الصهيوني، والاستسلام للهيمنة الاميركية المتحالفة معه، وقد أخذ برنامج مقاومة التطبيع جهدا كبيراً من القوى الشعبية بدأ يتبلور مؤخرا على شكل مؤسسات وجمعيات ومؤتمرات واسعة، وكانت انتفاضة الاقصى وقوداً جديداً لهذا البرنامج حتى انهار التطبيع والمطبعون، وتراجعت القوى والشخصيات التي تبنته على مدى العقد الماضي ، واعلن بعضها توبته عما اقترف بوصفه "جرما بحق الامة والقضية" ، وهو ما زاد من معضلة الموقف العربي الرسمي الذي لم يتمكن حتى كتابة هذه السطور من التزام الحد الادنى من الثوابت القومية في القضية الفلسطينية، خلافاً لما اشارت اليه الورقة ايضاً في صفحة 23.

إيران والمطلوب في الصراع مع المشروع الصهيوني

 فيما يتعلق بتحليل الورقة للموقف الايراني وتحولاته ازاء الصراع والتسوية مع الكيان الصهيوني، اثبتت ما هو معروف من ان هذا الموضوع يخضع في الاساس إلى الثوابت السياسية والعقيدية لدى الثورة الاسلامية في ايران، وانه ليس مجالا للمساومة، لكنها اشارت بوضح الى ما اسمته "التحول الايراني إلى النهج البراغماتي وغير العقائدي" في التعامل مع التسوية والصراع، وساقت لذلك أمثلة وشواهد منها: المشاركة الإيرانية الايجابية في السياسة الاقليمية الاسلامية الرسمية ازاء الصراع، واسناد سوريا برغم التزام الأخيرة بخيار السلام استراتيجيا،والقبول الإيراني بدعم الانتفاضة برغم أن هدفها الضمني هو انهاء الاحتلال للاراضي المحتلة عام 1967 وتحقيق الاستقلال الفلسطيني فقط.

 ورغم محاولة الورقة تقديم التحليل الذي يظهر الموقف الايراني وتساوقه مع الواقع السياسي الاقليمي غير المنسجم مع موقفها العقائدي، غير انها لم تتمكن من تقديم الدليل التحليلي او المادي على صحة هذه التحولات، حيث ان لكل مثال قدمته اكثر من تفسير حسب الاتجاه التحليلي الذي يتبناه الباحث، وفي ظل الميل الايديولوجي لمنهج التحليل في الورقة فقد نحت إلى تجيير هذه المواقف بشكل غير دقيق لصالح اثبات فرضية التحول البراغماتي .

فالمشاركة الاقليمية هي جزء من قبول التعددية القائمة في انظمة الحكم وفي التوجهات السياسية لها والتي لا تستطيع ايران رفضها ومقاطعتها في ظل الظروف والمتغيرات الدولية الخطيرة التي تجتاح المنطقة العربية والاسلامية، وذلك ليس بالضرورة قبولاً من ايران لمواقف هذه الدول او تبنياً لها، واما دعمها للموقف السوري برغم قبوله بقواعد عملية السلام فهو لا يحمل في طياته موافقة ايران او قبولها لمدريد ومخرجاته، بينما كان هذا الاسناد المدخل الاهم إلى تصعيد وحماية المقاومة في لبنان كما يعلم الجميع، أي انه استغل لصالح برنامج المقاومة.

 اما ما يتعلق بتعاملها مع انتفاضة الاقصى باجزاء مختلفة احداها الاستقلال الوطني الفلسطيني وطرد الاحتلال من الاراضي المحتلة عام 1967، فقد تزامن مع الدعوة إلى ازالة اسرائيل من المنطقة على لسان قائد الثورة، كما ان استمرار دعمها السياسي لحركتي حماس والجهاد الاسلامي المناهضتان لاي برنامج تسوية مع الاحتلال ينتقص حقوق الشعب الفلسطيني، واللتان تقومان باعمال المقاومة الاسلامية الفلسطينية مستقلتان طوال ما يزيد عن سبع سنوات خلت، يشير بوضوح إلى طبيعة التوجه الايراني الملتزم مبدئياً بتحرير فلسطين ودعم التيار الاسلامي فيها.

اما انفتاح ايران على القوى الفلسطينية غير الاسلامية فليس بالضرورة ان يكون على حساب علاقاتها بحماس والجهاد، خاصة وانه من غير المتوقع أن تج ايران لها حليفاً او نصيراً في الساحة الفلسطينية من المنطلقات العقائدية والسياسية التي تتبناها عدا هاتان الحركتان، وعليه فلا يعكس بعض الغزل الايراني لبعض القوى وتشجيعها على خط المقاومة الا دعماً جديداً لحلفائها في خط المقاومة، في ظل استمرار الموقف السياسي لكل من حماس والجهاد الرافض للحل المرحلي والمصر على استمرار المقاومة حتى تحرير فلسطين خلافاً لما ذهبت اليه الورقة، وفي ظل قيمهما بتسعير حمى المواجهة العسكرية الدامية مع الاحتلال طوال الستة شهور الماضية ، وقيامها بتنفيذ عشرات العمليات المسلحة ضد الاحتلال امتازت بالتفوق النوعي والرقي الامني، مما تسبب بتدنمير اجزاء عديدة من نظرية الامن الصهيوني في الداخل .

اما فيما يتعلق بالتوصية التي خرجت بها الورقة ازاء الموقف الايراني الداعم للحق العربي الفلسطيني في فلسطين، فلا اتفق مع الورقة في حاجتنا إلى المنهج الايراني الواقعي لاسناد برنامج تحصيل الحقوق الجزئية، بل ان الموقف الملح والمطلوب من ايران هو استمرار دعم المقاومة، وان الحاجة الحقيقية لها في اسناد المقاومة والمواجهة وتشجيعها، وان موقفها المقترح لاسناد الواقعية العربية التي نعتها الورقة مرارا وتكراراً انما يمكّن لإسرائيل ويدفعها إلى التغول في المنطقة، وهو ما يرفع منسوب خطرها الاستراتيجي على المصالح الحيوية الايراينة ذاتها، حيث ان اشغال الداخل الإسرائيلي بالمقاومة، وتسخين جبهات المواجهة المحيطة به هو الذي يعطل اسرائيل عن القيام بدور استراتيجي في ضرب ايران، وبذلك يُعد تشجيع اشعال المواجهة مصلحة ايرانية حيوية واستراتيجية لحماية نفسها ومشروعها في المنطوق السياسي المصلحي، ولذلك فإن  ان واقعية النظرة وعلميتها تقود إلى تشجيع ايران على دعم برنامج وخط المقاومة الذي قطفت ثماره في لبنان، وما زال متاحاً ان ترى ثماره في فلسطين، مسنودا بجهودها لدعم الاطراف العربية المستعدة لاشعال المواجهة مع الاحتلال .

ملاحظات منهجية على الورقة

ثمة ملاحظات اساسية عامة على تحليل الورقة واتجاهاتها العامة وكذلك على توصياتها وافكارها الجديدة :

1-   لم تحاول الورقة رسم ملامح اساسية لطبيعة حركة المتغير في المرحلة القادمة ولا لطبيعة الاشكاليات التي تواجهه، ولا لطبيعة الاصطفافات التي ستتشكل على اساسه خلال المرحلة القادمة .

2-       ان الموقف العربي ازاء التسوية كان وما زال صنفين رئيسيين يتوزع كل منهما تفاصيل وتضاريس اخرى في داخله:

الصنف الاول : الموافق على مبدأ التسوية والمتعاطي مع الطروح الاميركية، والمتجاوب مع متطليات النظام الدولي الجديد

 الصنف الثاني:  الرافض للتسوية مع الكيان الصهيوني، والذي يؤمن بضرورة اجبارها على الانسحاب العسكري سواء بالسياسة او الحرب والمقاومة.

ولذلك لم تكن الورقة موفقة في تصنيفها، حيث اضطرت حشر البعض في غير موضعه سلباً وايجابا مما اخل بدقة التحليل .

3-   ان حجم ونوع التحول في معسكر التسوية الفلسطيني لا زال يقرأ بطريقة غير دقيقة، حيث ان هذا المعسكر لا زال منسجماً تماما مع اتفاقات اوسلو، وهو ليس منحازاً للموقف العربي والفلسطيني الرافض سياسياً للتسوية او المعارض سياسياً وفكرياً لها، وهو ما لم تتطرق اليه الورقة بوضوح في ظل متغير الانتفاضة.

4-   لم تتناول الورقة بدقة تطورات الصراع المهمة بعد دخول التيار الاسلامي بثقل كبير في الانتفاضة الفلسطيينة الكبرى عام 1987، وتحول منظمة التحرير الفلسطينية إلى التسوية السياسية بديلاً للمقاومة والحرب إلى جانب دول الطوق العربية على اصداء مؤتمر مدريد، وكذلك تصاعد وقوة انطلاقة المقاومة الاسلامية في لبنان وفلسطين ممثلة بحزب الله وحماس والجهاد، والتي لعبت دوراً اساسياً في تقريب مواقف العرب وايران تجاه مكونات المعادلة الجديدة . كما لم تعط الورقة التحولات التي شهدتها المقاومة الاسلامية الفلسطينية حقها، والتي راكمت انجازات مميزة حركت الشارع العربي والاسلامي، وشكلت رصيداً مهماً سواء قبل انتفاضة الاقصى او خلالها، والذي اظهر اهميته عند تصاعد النداءات العربية والاسلامية والفلسطيينة لها بسرعة الانتقام للعدوان الصهيوني الاخير على الشعب الفلسطيني، والتي استجابت بصورة مذهلة خلال اقل من اسبوعين منم اندلاع الانتفاضة.

5-  ابدت الورقة ميلا اكثر من اللازم على موقف الأردن بعد توقيعه معاهدة وادي عربة، وبرغم ان الموقف الاردني متساوق مع موقف السلطة الفلسطيينة والموقف المصري بشكل عام ازاء المصالحة التاريخية مع الاحتلال ، غير ان الورقة لم تكن دقيقة في تناول هذه المسألة، وقد لجأت الورقة للتغطية على اشكالية السلطة التي لا تقل عن اشكالية الاردن في التسوية بالتحول عنها إلى منظمة التحرير التي اصبحت في واقع الحال اداة ضعيفة من ادوات السلطة الفلسطينية، وانتهى دورها الفعلي منذ قيام السلطة.

6-   لم تشر الورقة عند الحديث عن الحروب ضد المقاومة الفلسطينية إلى الحرب التي شنت ضدها في لبنان من قبل عدة اطراف ، وخاصة في الفترة 1975-1982 ثم في حرب المخيمات عام 1985 ، بينما اشارت إلى كل ما عدا ذلك .

 

رؤية للمستقبل

ان اساس البحث في تطوير العلاقات العربية- الايرانية على صعيد الصراع العربي الإسرائيلي والتسوية يستند اساسا إلى المصالح المشتركة اليت يعترف بها الطرفان، وان ذلك يستلزم دقة النظر في طبيعة البدائل المتاحة لحركة المتغيرات الجديدة في المنطقة ، وانعكاساتها على الطرفين، والسعي للتفكير بالمستقبل المشترك القائم على الازدهار والتقدم والرفاه والاستقلال للمة العربية وايران، وهو يرتبط اربتاطاً وثيقاً في العلاقت العربية مكع منزظومة العالم الاسلامي والاقليات الاسلامية في العالم، كما بلا بد من تخليق عدد من المبادجرات والافكار الشجاعة والمتقدمة لتحقيق مصالح الامة على الوجه الاكمل وبالزمن الاقصر، ووقف الاستنزاف والهدر في طاقاتها وامكاناتها .

 كما ان الورقة لم تتحدث عن العجز العربي الرسمي والشعبي عن الاعتراف بحقيقة وجود برنامجين في الساحة الفلسطينية، خاصة وانها ساحة المواجهة الميدانية، واعتقد ان على العرب الاختيار بين هذين البرنامجين، او ان يعمل على جمعهما على قواسم مشتركة عليا، وفي ظل الاعتماد العربي والاسلامي على المواجهة بين الشعب الفلسطيني والاحتلال فان الامل بتحقيق انتصار مشابه لماحصل في جنوب لبنان غير ممكن في ظل هذا الاستنزاف السياسي والاجتماعي والامني الداخلي، والذي لا يقل خطورة عن الاستزاف في الواقع العربي الداخلي .

وبرغم استمرار الانتفاضة وتصاعد المقاومة غير ان برنامج التسوية وعملية السلام لا زال يفرض اشكالية الاختلاف الداخلي الفلسطيني والعربي حول اسلوب العمل والتعامل مع الخطر الصهيوني ومتغيراته، وهو ما يقتضي تبين المسارات الممكنة لضمان حقن الدماء من جهة، واتاحة الفرصة لبرنامج المقاومة لتحقيق انجازاته من جهة اخرى عربيا وايرانياً، خاصة وأن المتغير الفلسطيني في الداخل منقسم بصورة لا تقل خطورة عن الانقسام العربي، حتى في ظل الانتفاضة والمقاومة.

إطار للتعاون الاستراتيجي

وفي ظل التحليل الذي ساقته الورقة وما اشرنا اليه من اضافات ، وفي ضوء ورقة مخطط الندوة الاساسي نقترح اطارا لطبيعة التعاون الاستراتيجي العربي- الايراني على صعيد الصراع والتسوية مع الكيان الصهيوني في القرن الواحد والعشرين، وأهم مكوناته الاساسية:

أ‌-  العمل على ازالة اسرائيل من المنطقة، وما يلزم ذلك من دعم واسع لبرنامج المقاومة والمواجهة مع الاحتلال بمختلف اشكاله ومكوناته.

ب‌-      السعي لتحقيق الاستقلال السياسي والتنمية الاقتصادية المستدامة للعرب والايرانيين .

ت‌-   تمتين اواصر وعرى الوحدة الحضارية والتعايش الاثني والقومي بين العرب والايرانيين ، وتوقيع اتفاقات الصداقة وعدم الاعتداء مع الدول العربية المجاورة لايران .

ث‌-   بلورة البرنامج العام لمواجهة الاخطار الخارجية المشتركة ، والهيمنة الدولية، والعمل على حفظ الامن القومي للطرفين .

ج‌-   تشكيل محكمة العدل الاسلامية لحل الخلافات حال نشوبها بين العرب والايرانيين، والقبول مرحلياً بمحكمة العدل الدولية إلى حين تشكيل هذه المحكمة .

 



* جواد الحمد، ورقة مقدمة لندوة تطوير العلاقات العربية الإيرانية ، طهران 9-12 نيسان 2001 .

 أعلى الصفحة  عودة للصفحة

 

جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنيةة


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   August 27, 2011 10:40:28