رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث الإصدارات

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

تحليل

منطلق ومكونات جديدة للصراع العربي – الإسرائيلي*

يمكن القول بشيء من المجازفة أن الصراع العربي-الصهيوني التقليدي قد تحول عن مفاهيمه السابقة من حيث الأدوات والمعطيات والعوامل المؤثرة، إلى منطق ومكونات جديدة فرضها هذه المرة الشعب الفلسطيني، ولعل نتاج انتفاضة الأقصى الأهم هو إعادة التوازن النفسي وتوازن الرعب، بل وتوازن القوى النسبي بين الانتفاضة والمقاومة الفلسطينية من جهة والاحتلال الإسرائيلي من جهة أخرى.

وأجدني متفقاً مع الذين ذهبوا في التحليل إلى أننا دخلنا عصرا جديدا اسمه "عصر الانتفاضة والمقاومة " بمكونات اكثر تطورا وأدوات أكثر فاعلية مما كان عليه الحال في الكثير من مراحل الصراع السابقة ، استقصاء وتبين هذه المكونات وكيفية تطوير الأدوات والمفاهيم الجديدة لصالح  تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني بالتحرر والعودة.

ولتحديد طبيعة المتغيرات والأدوات الجديدة للصراع يمكن الإشارة إلى:

·   تصاعد وكثافة المقاومة الفلسطينية، وقدرتها على إثارة الرعب والخوف في أوساط الجيش الإسرائيلي ومدنه ومستوطناته، سواء عبر استخدام تقنيات حديثة في عمليات التفجير الاستشهادية أو عبر التفجير عن بعد أو عبر إطلاق قذائف الهاون من داخل المناطق المحتلة.

·   تصاعد التأييد الشعبي لهذه العمليات لمواجهة العدوان الإسرائيلي على المدنيين الفلسطينيين العزل، ما جعل البرنامج برنامجا وطنيا عاما وخرج عن دائرة التبني الفصائلي لمصلحة التسابق والتنافس على دعمه بالمظاهرات والمواجهات التي يشارك فيها الجميع .

·   العجز الأمني الذي أبدته مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية الصهيوني في منع تصاعد هذه العمليات وتحميلها السلطة الفلسطينية تبعات الأحداث الجارية، وهو ما يعتبر عجزاً عن إدراك المتغير الجديد ونتائجه المتوقعة.

  لقد أجبرت هذه المعطيات الجديدة القيادة الصهيونية على مناقشة عملياتها العسكرية العدوانية وردود فعلها  على العمليات الفدائية الفلسطينية التي تقوم بها القوى الفلسطينية باجتماعات المجلس الأمني المصغر في حالة انقعاد شبه دائمة مما أضر بالحياة السياسية في الكيان الإسرائيلي، وشغل المجتمع بمكوناته المختلفة بمسألة تحقيق الأمن الشخصي، وهو ما جعل البعض الإسرائيلي يدرك أن أكثر خياراته قوة (أرئيل شارون) لم يعد له القدرة على وقف ومواجهة المقاومة والانتفاضة الفلسطينية ، بل إن شارون أصبح يخشى أن يسقط لذات السبب الذي أسقط إيهود باراك وشمعون بيريز من قبل وهو الفشل في تحقيق الأمن للإسرائيليين المحتلين، ما جعله يسارع بالاعتذار عن قتل الطفلة الرضيعة في قطاع غزة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الصراع.

وعلى صعيد آخر فقد تمثل المشهد الفلسطيني الجديد في هذه المرحلة  بمظاهر أساسية ثلاثة:

·        الأول : الانتفاضة الشعبية العارمة ضد الاحتلال وبمشاركة كل القوى الفلسطينية على قاعدة دحر الاحتلال.

·   الثاني: المقاومة المسلحة المتطورة والفاعلة ضد قوات الاحتلال ومستوطنيه بمشاركة أربعة فصائل أساسية تتقدمها -من حيث النوع والكثافة والإثخان- كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس .

·   الثالث: المحاولات السياسية لاستثمار الانتفاضة لتحسين الشروط التفاوضية ولمنع انهيار مؤسسات السلطة الفلسطينية أو انهيار ما تبقى من هيكل لمصداقية عملية السلام.

 وبقراءة متأنية لطبيعة التوجهات التي تشكل  هذا المشهد يتبين أن ثمة تبايناً ملحوظ بين الاتجاهين الأول والثاني خيار الاتفاقية وخيار المقاومة من جهة، وبين الاتجاه الثالث (خيار العمل السياسي والدبلوماسي) من جهة أخرى، حيث أن أطراف الاتجاهين الأولين غير معنيين بالضغوط الدولية، بينما يتحسب أطراف المشهد الثالث كثيرا لهذه الضغوط ويتعرضون لها بشكل مباشر، وهو ما يجعل التجاوب مع هذه الضغوط متفاوتا لدى مختلف أطراف المعادلة الجديدة للصراع، ما دفع إلى السطح بنظرية جديدة لا تزال في طور التشكل ، تقوم على استخدام المصادر المختلفة للضغط على الاحتلال بما في ذلك العمل المسلح والسياسي، ويعد تشكل هذه النظرية مدخلاً جديدا في التعامل مع مخرجات المتغير الجديد بالانتفاضة والمقاومة ومن ثماره، حيث أن اتخاذ السلام خياراً وحيداً واستراتيجياً قد ساد خلال السنوات العشر الماضية، فيما اتهم الداعون إلى خيارات أخرى بديلة أو مكملة بأنهم من تراث الماضي ولا يفهمون طبيعة التحولات الدولية، بل ومتطرفون، وبذلك يمكن القول أن القبول بمبدأ المقاومة المسلحة كخيار مكمل أو موازٍ أو مساعد أو بديل لخيار العمل السياسي (على أي اتجاه تم تبنيه) يعد من ابرز ملامح التغير في الاستراتيجية العربية والفلسطينية في معالجة واقع الاحتلال خلال المرحلة المقبلة، وهو سيدفع القيادة الصهيونية إلى مزيد من الإدراك لحجم المتغيرات ونوعها، ويشجع على إعادة النظر باستمرار الإصرار على مخلفات التراث الفكري الصهيوني التي سقطت وتراجعت أمام عوارض الزمن والكفاح العربي والفلسطيني، خاصة ما يتعلق منها بتحقيق الأمن الذاتي للدولة والأفراد عبر إلغاء الآخر، والإصرار على التحكم بمصيره ومستقبله، واستمرار احتلال أرضه ومصادرة حقوقه. كما سيدفع هذا التغير الإدارة الأميركية إلى سرعة تحسس طبيعته ونتائجه المتوقعة بهدف البحث عن منهج جديد بما يحفظ مصالح الولايات المتحدة الحيوية في المنطقة.

ويشار إلى أن معالجة الصراعات الدولية أو الإقليمية يتتطلب إدراك مكونات الصراع ومنطقه، وفي حالة الصراع العربي الإسرائيلي فإن طبيعة التغير والتطور التي اعترته بتأثير الانتفاضة والمقاومة المندلعة في فلسطين لا بد أن تتم بأدوات ومنطق جديدين لا يصلح أدوات وبرامج الماضي، ولا بد من التنبه إلى أن  ثمة حقيقة فلسطينية جديدة قد فرضت نفسها بالانتفاضة والمقاومة على الواقع الصهيوني تقوم على إقلاق أمنه ودفعه ثمن أعماله الإرهابية والاحتلالية من اقتصاده وسلامة جنوده ومستوطنيه، بل ومن سمعته الدولية، وبعض إنجازاته السياسية على صعيد العلاقات مع الدول العربية، ولذلك تظهر مسألة الاعتراف بالآخر وحقوقه الإنسانية والسياسية بوصفها المدخل الأساس لتفهم المتغير والتعامل معه بواقعية بعيدا عن الانغلاق على الفكر العنصري الصهيوني، وذلك في حال أراد الجانب الإسرائيلي الدخول في تجربة ومحاولة التعايش مع هذا الآخر، أما إذا اختار المواجهة والتنكر والتقوقع على فكر زعيمه شارون ووزيره بيريز فإن الثمن قد يكون اكبر مما يتصور المنظرون المفكرون والسياسيون "الإسرائيليون" ، لقد أسهمت هذه التغيرات في دعم الموقف العربي والفلسطيني الضاغط دوليا لصالح حقوق الشعب الفلسطيني ووفرت أدوات ومعطيات وظروف جديدة لفرض الموقف العربي والحق الفلسطيني على الدبلوماسية الدولية، ما جعل الانغلاق على الخيارات القديمة بقبول الضغوط والاستجابة لها بحجة الضعف والعجز والتفوق الصهيوني خيارا انتحاريا غير واقعي، وفي حال الاستجابة لهذه المتغيرات الفلسطينية في الداخل فإن الموقف الدولي ذاته سوف يتغير لصالح قبول الموقف العربي الأساسي مبدئياً، ويدفع الأطراف الدولية إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل للاستجابة لبعض الحقوق العربية وفق قرارات الشرعية الدولية على الأقل، وهنا نستحضر الأهمية القصوى للإدراك الأوروبي لطبيعة هذا المتغير حتى تتمكن أوروبا من أخذ دور جديد في المنطقة لا يستسلم لتوجهات الإدارة الأميركية المأسورة للمصالح الصهيونية، والتي لا تأخذ بعين الاعتبار مصلحة أوروبا في حل الصراع، حيث يرى العرب أن أوروبا اكثر تفهما لطبيعة المكونات السابقة والمستجدة، وتجربتها في جنوب لبنان (اتفاق نيسان 1996 بين إسرائيل وحزب الله) تمثل رصيدا مقبولا حتى لدى الفصائل الفلسطينية المقاتلة في الداخل.

وهذه هذا السياق فإن ثمة رهاناً يطرحه البعض الإسرائيلي وربما يدعمه البعض الأميركي وهو أن دفع الثمن الباهظ من دماء المدنيين العزل من أبناء الشعب الفلسطيني إزاء أي عملية مسلحة ضد قوات الاحتلال سوف يتسبب بمحاصرة المقاومة شعبيا، ويتوهم بعض العرب والفلسطينيين ذلك أيضا، لكن تجربة السبعة شهور الماضية أكدت أن أعمال المقاومة المسلحة ضد الاحتلال كانت ولا تزال مطلباً وطنيا عاما لمواجهة العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني الأعزل، وان التفافه حولها يتزايد حتى من قبل الفصائل والشخصيات التي تؤمن بعملية السلام نوعا ما، كما تجدر الإشارة إلى أن سقوط خمسمائة شهيد فلسطيني لا تمثل تضحية كبيرة في عملية تحرير الوطن، في المقابل فان مصرع 172 جنديا ومستوطنا إسرائيليا وجرح أكثر من 500 آخرين يعد بالمقاييس النسبية خسائر فادحة لم تذق إسرائيل الكثير منها في تاريخها، وهو ما يجعل التوازن في الخسائر متقارباً في ظل استمرار أعمال المقاومة وتصاعدها، هذا ناهيك عن الخسائر الاقتصادية التي لا تقل عن ملياري دولار في مختلف القطاعات الإنتاجية، وتراجع الحياة الاقتصادية اليومية، بل وسيادة الرعب في أوساط اليهود حتى عند دخولهم الأسواق وركوبهم الباصات والطائرات، بل والجهد الأمني الكبير المبذول على حركة الجنود والمستوطنين، ما أثار في نفوس الجنود كما المستوطنين أن الرحيل هو السبيل الوحيد للنجاة، وهو مقدمة لمرحلة التحرير الوطنية التي لن تقل بحال عن إنجاز المقاومة اللبنانية في دحر الاحتلال عن جنوب لبنان العام الماضي، وذلك برغم التعقيدات الأكثر والظروف الأصعب.

إن النجاح الفلسطيني والعربي في استثمار المتغير الجديد يتطلب تفهم الجميع لدور المقاومة والانتفاضة ، كما يتطلب رسم برنامج سياسي وإعلامي واضح للدفاع عن هذا البرنامج واستثماره إعلاميا على المستويات العربية والإسرائيلية كما هي على الصعيد الدولي في ظل وحدة فلسطينية ميدانية غير مسبوقة، وفي ظل إجماع وطني على خيار التحرير بديلا لخيار الاستجداء الذي ادخل الشعب الفلسطيني في نفق لا نهاية له طوال سبع سنوات .

في ظل هذه التغيرات الأساسية التي اعترت الصراع وأطرافه وأدواته تصاعدت محاولات الاحتواء السياسي للصراع المباشر بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال الصهيوني، عبر مبادرات سياسية متعجلة، ونداءات إنسانية غير مدركة لطبيعة المرحلة الجديدة، وتفتقت لجنة ميتشل التي تشكلت إثر قمة شرم الشيخ في 17/10 من العام الماضي عن تقرير لا يرقى إلى المستوى الإنساني المتوقع ، ناهيك عن المستوى السياسي، حيث لم يتمكن التقرير من إدانة الإجرام والوحشية الإسرائيلية التي تصب جام حقدها وغضبها على الأطفال الفلسطينيين الرضّع، كما لم يحمل شارون أي مسئولية عن انفجار الأحداث عند تدنيسه للحرم القدسي الشريف يوم 29/9/2000، ولا أدان التقرير القيادة الصهيونية التي أصدرت الأوامر لتنفيذ مجزرة الأقصى بحق المصلين الآمنين فيه يوم 29/9/2000،والمجازر الوحشية اللاحقة، وذلك على يدي قوات الاحتلال في عهد أيهود باراك وارئيل شارون.

إن استمرار الضغوط على الجانب الفلسطيني ومساواة دعوته لوقف العنف بدعوة الجانب الإسرائيلي بل تقديمه عليه أحيانا إنما تشير إلى صعوبات تواجهها هذه الأطراف في إدراك أو تصديق المتغيرات الجديدة، وهو ما يصم الآذان عن سماع أو تفهم أو تقبل خطابها لدى مختلف الأطراف، فإسرائيل تشن حرباً شاملة على الفلسطينيين ويواجهها الفلسطينيون بالتضحيات والمقاومة والانتفاضة بكل شجاعة و وبسالة في حرب استنزاف مجهدة ومذلة لقوات الاحتلال، وهم يحققون الإنجازات ، ويهزمون العدو يوميا بالاختراقات الأمنية ودفعه للرحيل قبل فوات الأوان، وتعد هذه التوجهات السياسية والخطابات غير العادلة منحازة إلى الاحتلال من وجهة نظر أطفال الانتفاضة ورجال المقاومة بغض النظر عن نية أصحابها، ولذلك وبرغم محاولات البعض البحث عن عبارة هنا وأخرى هناك لبيان الوجه الإيجابي لهذه التحركات والطروحات والمبادرات والمشاريع لاعتبارات سياسية مؤقتة فلم يلتفت الشعب الفلسطيني إليها كثيرا، وفضل أن يجعل الاحتلال الإسرائيلي يستمر في حمل النعوش على أكتاف ضباطه عشية ذكرى إعلان اغتصاب فلسطين رسميا في 15 مايو حتى يرحل، ومضى بانتفاضته ومقاومته ضد الاحتلال برغم أنه يدفع الثمن من دمه وأمنه.


* جواد الحمد، مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد (15)، ربيع 2001.

 أعلى الصفحة  عودة للصفحة

 

جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنيةة


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   August 27, 2011 10:40:28