رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث الإصدارات

التحـول التركـي تجاه

المنطقة العربية

مطالب الثورات العربية والتدخل الأجنبي

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

برنامج الندوة

اليوم الأول 19/11/2011

9:00 – 9:30

استقبال المشاركين

9:30 – 11:30

الافتتاح

أ. راشد الغنوشي – تونس   -   د. محمود حسين- مصر

د. أحمد الأبيض- تونس   -   د. خير الدين حسيب- العراق

أ. أنس الفيتوري- ليبيا   -   أ. حمزة منصور- الأردن 

أ. جواد الحمد- الأردن

11:30- 12:00

استراحة

 

12:00-2:00

الجلسة الأولى

الإسلاميون والحكم، مقاربة سياسية فكرية

رئيس الجلسة: المستشار صبحي صالح – مصر

د. أحمد الأبيض - تونس

2:00-3:00

استراحة

 

3:00- 5:00

 

 

الجلسة الثانية

الإسلاميون وتداول السلطة

رئيس الجلسة:

 د. عبد اللطيف عربيات- الأردن

أ. زكي بني أرشيد – الأردن /  د. غسان عبد الخالق – الأردن

5:00-5:15

استراحة

 

5:15-6:45

 

 

الجلسة الثالثة

الإسلاميون والقوى الأخرى والشراكة في الحكم

رئيس الجلسة:  د. علي محافظة – الأردن

د. محمد الأفندي – اليمن / د.عدنان هياجنة – الأردن

اليوم الثاني 20/11/2011

 

9:30 - 11:30

الجلسة الرابعة

الدولة المدنية في فكر حركات الإسلام السياسي وممارساتها

رئيس الجلسة : د. رؤوف أبو جابر  - الأردن

د. علي الصوا – الأردن/ د. أحمد سعيد نوفل - الأردن

11:30 - 12:00

استراحة

 

12:00 - 2:00

 

 

الجلسة الخامسة

التحديات التي تواجه الدولة العربية ما بعد الثورات، وموقف الإسلاميين منها

رئيس الجلسة: د. عبد الله النسور - الأردن

أ. منير شفيق – الأردن / أ. خالد السفياني - المغرب

2:00 - 3:00

استراحة

 

3:00 - 5:00

 

 

الجلسة السادسة

الإسلاميون والعلاقات الإقليمية والدولية في مرحلة الحكم

رئيس الجلسة: أ. عدنان أبو عودة - الأردن

د. قطبي المهدي – السودان / د. سليم الجبوري - العراق

5:00-5:15

الجلسة الختامية

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


التعريف بالمشاركين

المشاركون (الأسماء مرتبة حسب برنامج الندوة) 
المشارك التعريف

أ. راشد الغنوشي

سياسي ومفكر إسلامي تونسي، رئيس حركة النهضة التونسية ونائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، قضى في المهجر 21 سنة ثم عاد إلى تونس بعد سقوط نظام زين العابدين بن علي
د. محمود حسين أحمد عضو مكتب الإرشاد في جماعة الإخوان المسلمين وأمين عام الجماعة في مصر، الأستاذ المتفرغ بكلية الهندسة بجامعة أسيوط، الرئيس الأسبق لاتحاد المهندسين العرب
د. أحـمد الأبيض عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة في تونس. طبيب وباحث في القضايا الاجتماعية، له العديد من المؤلفات تجاوزت العشرين كتاباً
أ. أنس الفيتوري عضو المكتب التنفيذي لاتحاد ثوار ليبيا، كاتب صحفي وناشط سياسي ليبي
أ. حـمزة مـنصـور ­الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي وعضو مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، برلماني سابق، وتولى رئاسة كتلة العمل الإسلامي في البرلمان الأردني
أ. جـواد الحـمد مدير عام مركز دراسات الشرق الأوسط ورئيس تحرير مجلة دراسات شرق أوسطية التي يصدرها المركز
أ. صبحي صالح محامي النقض، عضو لجنة تعديل الدستور المصري بعد ثورة 25 يناير، وعضو مجلس الشعب المصري السابق
د. عـبد اللطيف عربيات سياسي وتربوي أردني، رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين، تولى رئاسة مجلس النواب لثلاث دورات، كما كان عضواً في مجلس الأعيان سابقاً
د. غسان عبد الخالق أستاذ النقد في قسم اللغـة العربيـة في جامعة فيلادلفيا، وعضو الهيئة الاستشارية لمجلة "مقابسات حضارية" الصادرة عن المعهد الملكي للدراسات الدينية، وعضو هيئة تحرير مجلة "أوراق" الصادرة عن رابطة الكتاب الأردنيين.
أ. زكي بني أرشيد

 

رئيس الدائرة السياسية لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن، والأمين العام السابق للحزب
د. علي محافظة مؤرخ أردني وأستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية، ترأس عدة جامعات أردنية، وحاز على ثمانية أوسمة وجوائز من الأردن وألمانيا وفرنسا
 د. محمد الأفندي رئيس الدائرة الاقتصادية في التجمع اليمني للإصلاح، وأستاذ الاقتصاد في جامعة صنعاء، وعضو اللجنة الاقتصادية في مجلس الشورى اليمني، رئيس المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، ورئيس تحرير مجلة شؤون العصر، وزير التموين والتجارة السابق
د. عدنان هياجنة أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الهاشمية، وعميد كلية الآداب السابق، العلاقات الدولية ومناهج البحث العلمي- الدراسات الإمبريقية
د. رؤوف أبو جابر مؤرخ أردني، ورئيس المجلس المركزي الأرثوذكسي في الأردن وفلسطين 
د. علي الصوا أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية في الجامعة الأردنية، مستشار شرعي لعدد من المؤسسات المالية الإسلامية
 د. أحـمد سعيد نوفل أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، عضو هيئة تحرير مجلة " قضايا شرق أوسطية " الصادرة عن مركز دراسات الشرق الأوسط
د. عبد الله النسور دكتوراه في التخطيط، عضو البرلمان الأردني، تولى منصب نائب رئيس الوزراء الأردني سابقاً وعدة وزارات أردنية 
أ. منير شفيق مفكر عربي، وأمين عام المؤتمر القومي الإسلامي، والمدير العام السابق لمركز التخطيط الفلسطيني في منظمة التحرير الفلسطينية
   أ. خالد السفياني محام وسياسي مغربي، وأمين عام سابق للمؤتمر القومي العربي، ورئيس سابق للجمعية المغربية لمساندة الكفاح الفلسطيني، واللجنة الوطنية لمقاومة التطبيع في المغرب
 أ. عدنان أبو عودة سياسي أردني، ورئيس سابق للديوان الملكي، ومندوب الأردن السابق في الأمم المتحدة، ووزير الإعلام والثقافة الأسبق
د. قطبي المهدي رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني السوداني، والمستشار السياسي السابق للرئيس السوداني
  د. سليم الجبوري دكتوراه في القانون الخاص، ورئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي

 

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


كلمات الافتتاح

الأستاذ راشد الغنوشي / رئيس حركة النهضة- تونس

الدكتور  محمود حسين أحمد / الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين- مصر

 الدكتور أحمد الأبيض / عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة- تونس

الأستاذ أنس الفيتوري / عضو المكتب التنفيذي لاتحاد ثوار ليبيا

 الأستاذ حمزة منصور / الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي- الأردن

الأستاذ جواد الحمد / مدير عام مركز دراسات الأوسط

---------------------------------------------------------------------------------------

الأستاذ راشد الغنوشي

رئيس حركة النهضة- تونس

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، أحييكم أيها الإخوة والأخوات من تونس الثورة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهنئكم باجتماعكم وأقدّر أهمية هذا اللقاء الذي أتى في لحظة تاريخية فارقة يقف فيها العالم العربي الذي أدى استثناء ديمقراطياً من طور إلى طور آخر قد ينقل العالم كله إلى مرحلة جديدة، وما ذلك إلا بسبب ما تحتله هذه المنطقة وسط العالم من أثر كبير في صناعة التاريخ.

عندما ظهر الإسلام أول مرة في هذه المنطقة تحوّل العالم الذي يكتشف طوراً جديداً من التحولات التي تهيئ الشعوب بأن تحدد مصيرها وأن تتولى أمرها، وتسترد قرارها وثرواتها. ولقد أتى هذا التحول ليعيد هذه المنطقة إلى قلب التاريخ، وليعيد صناعته وبناءه، أتى هذا التطور بعد بلوغ مشاريع الإصلاح، إصلاح الأنظمة القائمة من داخلها، هذا المشروع أفضى إلى نتيجة واضحة أن هذه الأنظمة غير قابلة للإصلاح لأنها لا تتوقف على آلياتٍ لإصلاحها، وذلك ما يجعلها تختلف مثلاً عن النظام التركي الذي رغم الأثر العسكري فيه ولكنه ظل باستمرار واقفاً على آليات إصلاحية داخلية وذلك بتوفر انتخابات دورية نزيهة ومستقلة لم تطعن بزيف، بينما الانتخابات في العالم العربي حيث تجري انتخابات، كلها تقريباً كانت مشوبة بل موصومة بالتزييف، مما جعل مشاريع الإصلاح من داخل الأنظمة تفضي إلى نهاية تعيسة.

وقد أتى الربيع إثر بلوغ مشاريع الإصلاح نهايتها واليأس من إصلاح هذه الأنظمة كان من نتيجته الرهان ليس على التدرج في الإصلاح وإنما القيام بعملية رحيل كبرى فكرية أكثرها، هل هناك أمل في الأنظمة التي لم تنفجر فيها الثورات هل هنالك أمل بأن النخب الحاكمة تدرك هذه الرسالة بأن التمويل والتمويه وما تقوم به من مناورات لم يعد له مكان وأنها بين أمرين إما أن تقيم إصلاحات كبرى في أنظمتها بما يعيد الثقة بالسلطة للناس أو أن هذه الموجة من التغييرات سوف تأتي عليها.

 أيضاً الربيع العربي أتى إثر بلوغ المشروع الرأسمالي حداً متقدماً من العجز ومن الارتباك مما يجعله على أبواب الافلاس مما يجعل هذا المشروع الرأسمالي عاجزاً عن إفساحاته الداخلية كما كان يفعل سابقاً.

أيضاً أتى الربيع العربي بعد تراكم تضحيات ونكبات كثيرة حلت بكل القوى السياسية وبخاصة الاسلاميين وهو ما أشعر الإسلاميين بأن يكونوا أكثر المستفيدين من هذا الربيع العربي من هذه التحولات بسبب تراكم التضحيات خلال خمسين سنة.

أحسب أن الربيع العربي لم يقف على حدود دولة معينة لأن الأنظمة العربية متشابهة في فسادها وفي بعد النخبة الحاكمة عن الناس وفي تحول الدولة إلى احتكارات بل تحول الدولة إلى نوع من المافيا، مما يجعل كل الأنظمة العربية مرشحة للتحول إما بأن تُقدم الأنظمة القائمة على جراحات كبرى وإصلاحات للشعب، أو أن هذه الموجة ستطال الجميع وهي ماضية في طريقها بأن تحدث التحولات الكبرى المطلوبة.

أحسب أن الإسلاميين وغيرهم من القوى السياسية المرشحة لقيادة هذا الربيع العربي مطلوب أن تتعلم فن التعايش أن تقبل مبدأ المواطنة أساساً للدولة، وتوزيع الحقوق والواجبات على أساس المساواة في المواطنة، أن تقبل النظام الديمقراطي بكل آلياته دون إقصاء لأي فكرة أو إلى أي طرف، والقبول بحكم صناديق الاقتراع والتعددية لن تقصي أحد وقبول حقوق الأقليات، أحسب أن هذه الشروط أساسية.

أن تفهم هذه النخب الجديدة رسالة الشعوب التي من طبيعتها الاجتماعية الحكم بالعدل والمساواة وهي تريد أن تكون الثروة مقسمة بعدالة أو تقدم بالوسائل الاجتماعية والسياسية والدينية والأخلاقية لهذه الثورات حتى  لا يكون الربيع العربي سلبياً يهدم ولا يجني، لأن البناء يحتاج إلى عقلٍ مركّز إلى عقل يستوعب كل الآخرين، نحتاج إلى إعادة الإجماع إلى أمتنا التي فقدت لمدة طويلة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

--------------------------------------------------------------------------------------

الدكتور  محمود حسين أحمد

الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين- مصر

 هل أصبح الإسلاميون قريبين من الحكم في العالم العربي أو على الأقل مشاركين فيه ؟ السؤال يطرح نفسه بقوة خاصة بعد الربيع العربي فالمراقب لما يحدث في المنطقة العربية يمكنه من ملاحظة المتغيرات الآتية:

·        في 25 نوفمبر الحالي يتوجه ملايين الناخبين في المغرب لاختيار أعضاء مجلس النواب وتشير كل استطلاعات الرأي والتحليلات الجدية إلى أن حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي هو الأوفر حظاً لحصد غالبية المقاعد وبالتالي تشكيل الحكومة المنتظرة وقيادتها.

·        وفي 28 نوفمبر الحالي يتوجه عشرات الملايين من المصريين في داخل مصر وخارجها إلى صناديق الانتخابات في أولى مراحلها لاختيار أعضاء مجلسي الشعب والشورى، وتشير أيضا استطلاعات الرأي إلى تقدم التحالف الوطني الديمقراطي والذي يتزعمه حزب " الحرية والعدالة" الذراع السياسية للإخوان المسلمين، للفوز بالنصيب الأكبر من مقاعد الغرفتين الشعب والشورى.

·        استطاعت تونس أن تجري انتخابات لاختيار " المجلس التأسيسي" بعد الثورة حيث حصد حزب النهضة الإسلامي وحده 41% من المقاعد ليشكل الحكومة بعد ذلك.

·        في ليبيا فقد صرح مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي أن ليبيا بعد ثورة 17 فبراير ستتخذ من الشريعة الإسلامية مصدراً أساسياً للتشريع.

·        وحركة حماس على الحدود المصرية تحكم قطاع غزة منذ مطلع 2009 بعد اضطرارها لذلك بسبب انسحاب فتح وباقي الفصائل من الحكومة الائتلافية.

·        أما النظام السوداني فهو نظام إسلامي وإن كان عسكرياً والأمل كبير في أن يتحول في ظل الربيع العربي إلى نظام ديمقراطي ذو مرجعية إسلامية.

·        وفي الأردن فإن "جبهة العمل الإسلامي" وهي الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين هي الفاعل الأكبر في المعارضة الأردنية.

·        وفي سوريا تبرز حركة الإخوان المسلمين ضمن أهم الفاعلين السياسيين بين قوى المعارضة الناشطة داخل البلاد وخارجها.

·        وفي اليمن توشك الثورة على تحقيق أهدافها بإسقاط نظام صالح المستبد وفي القلب من قوى الثورة الإخوان المسلمون في اليمن.

فهل حان الوقت لصعود الإسلاميين لاستلام السلطة أو المشاركة فيها بشكل فاعل في البلدان العربية وعلى رأسها مصر. أم أن هناك عدة محاذير يتعين أخذها في الاعتبار منها:

1.     القوى العالمية وعلى رأسها أمريكا لن تقبل برئيس جمهورية أو رئيس وزراء إسلامي وستتحرك بكل أدوات قوتها الناعمة والصلبة لإسقاطه وإجهاض تجربته بما سيدخل البلاد في دوامة لا تعرف نهايتها.

2.     الكيان الصهيوني يعتبر وصول الإسلاميين للسلطة وبالذات في مصر بمثابة إعلان حرب رسمي عليها ومن ثم فإنه يعد نفسه لمواجهة عسكرية محتملة مع دول الجوار.

3.     يفترض البعض في حالة وصول الإسلاميين للسلطة تعرضهم للإخفاق نتيجة قلة المعرفة والخبرة بشئون الحكم رغم صدق نواياهم وطهارة أيديهم، وإن لم ينطبق ذلك على الإخوان الذين شاركوا في الحكم في بعض البلدان العربية.

4.     يفترض البعض تعرض الإسلاميين إلى تهديدات من القوى العالمية في حالة تصدرهم السلطة وأن ذلك سيفقدهم الكثير من المكتسبات التي تمكنوا من تحقيقها طيلة العقود السابقة. ويستدلون على هذه الفرضية حدة الخسائر التي حدثت نتيجة تجارب سابقة في السودان وأفغانستان والجزائر، والحصار الذي ما زال مستمراً على قطاع غزة.

 

وللرد على هذه المحاذير ننشر تحليلاً سياسياً لصحيفة (يو-إس-إيه-توداي) الأمريكية تحت عنوان هل "ينبغي أن يكون للإسلاميين دوراً في الربيع العربي" جاء فيه:

·        إن القلق لدى البعض في الولايات المتحدة هو أن الأحزاب الإسلامية والتي تمثل أقوى جناح في مصر وقوة متنامية في تونس في وضع يؤهلها لكسب السلطة السياسية في الانتخابات المقبلة.

·        إن حدوث الأسلمة السياسية يكون أكثر احتمالاً حين تخفق حكومة جديدة في تنفيذ وعودها بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وليس حين تخوض أحزاب المعارضة الإسلامية الانتخابات.

وقالت الصحيفة: إن الولايات المتحدة ينبغي أن تساعد على إدراج الأحزاب الإسلامية في العملية السياسية لكي يتمكنوا من المشاركة في المسئولية عن نجاح أو إخفاق بلدانهم في الإدارة والدفاع والشئون الخارجية وعلى الرغم من أن بعض المفكرين في دوائر السياسة الخارجية الأمريكية يحثون على عزل الإسلاميين مثل –جماعة الإخوان المسلمين– في مصر فإن هذا النهج من شأنه أن يأتي بنتائج عكسية في النهاية، فعندما يتم تهميش الجماعات الإسلامية في صفوف المعارضة فإنهم يصبحون قناة ناجحة للتعبير عن المعارضة السياسية والمظالم الشعبية وخير مثال على ذلك حركة "حماس" ففي طوال الفترة التي كانت تمثل فيها حركة المعارضة استمرت جاذبيتها السياسية في الصعود وهو ما مكن لفوزها في انتخابات 2006. وبنفس القدر فإن على الولايات المتحدة ألا تخلط بين الأحزاب السياسية التابعة للتيار الإسلامي المعتدل وبين الأصوليين الإسلاميين، فالمساواة بين الاثنين ليس فقط أمر يعوزه الإدراك ولكنه ذو عواقب أيضاً، والتمييز بين المعتدلين والأصوليين من شأنه أن يمنع الأنظمة الجديدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من اللجوء إلى استراتيجيات البقاء القمعية باسم محاربة التهديد الإسلامي وهي الكيفية التي ظل بها الكثير من أسلافهم في السلطة.

وتحت عنوان "الإسلاميون قادمون في بلدان الربيع العربي وهم شرعيون رغم أنفنا " نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية هذا المقطع تحت عنوان " المسجد والدولة" جاء في نهايته أن كثيراً من الإسلاميين يريدون أن يكون الإسلام دين بلدانهم الرسمية، إنهم يريدون نوعاً من الشريعة الإسلامية لتكون أساساً للقانون المدني، إنهم لا يحبون إسرائيل ولا يحبون سياسة الولايات المتحدة الأمريكية، وأمريكا لديها معهم مشاكل رئيسية حيث لا يمكنها استبعادهم أو تهميشهم لأنهم سيشكلون قوة سياسية مشروعة ومن المرجح أن يفوزوا في انتخابات حرة.

وللرد على هذه التخوفات والمحاذير نقول:

بأن القول بأن الكيان الصهيوني يعد نفسه ليكون في مواجهة في حالة وصول الإسلاميين للحكم خاصة في مصر باعتبارها من دول الطوق فهذا مردود عليه بأن الكيان الصهيوني حريص على أن يظل في حالة استنفار مستمر تحت هذا الزعم لأن وجوده غير شرعي وغير مقبول من دول المنطقة ويعتمد على ما يملكه من قوة ودعم خارجي فضلا عن إنكاره لحق الشعب الفلسطيني وهو بالتالي لم ولن ينجح في التسويق لإمكانية تعايشه مع العالم العربي طالما أنه يصر على تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني ويصر على إقامة الدولة اليهودية على أرض فلسطين.

وافتراض أن وصول الإسلاميين للسلطة محكوم عليه بالإخفاق فهو مراهنة في غير محلها لأن نظم الاستبداد السابقة لم تقدم لشعوبها سوى إغراق البلاد في مشاكل لا حصر لها وأن صدق النوايا وخبرة الإسلاميين في إدارة بعض المرافق المجتمعية كفيل بتحقيق نوعا من الإنجازات فضلا عن قدرتهم على اكتساب الخبرات اللازمة ولعل بعض التجارب السابقة رغم ما شابها من بعض السلبيات خير شاهد على ذلك، بل إن المراهنة على إخفاق الإسلاميين المعتدلين أو إبعادهم سيدفع الكثير إلى تبني أفكاراً أقرب إلى التطرف والعنف في العالم العربي والذي ستكون نتائجه أشد فتكا.

وهكذا فإن الإسلاميين في شتى الأقطار العربية يقتربون بصورة أو بأخرى من تحقيق المشاركة في السلطة ويبدو أن اللحظة الراهنة هي أفضل الأوقات وأن الفرصة الحالية هي أفضل الفرص لذلك وإن كنا نرى أن المرحلة تستدعي التريث في التصدي لاستلام السلطة في الوقت الراهن حتى يتهيأ المناخ الداخلي والخارجي لإزالة كثير من التخوفات التي في غير محلها حول كيفيسة  التعامل مع الإسلام المعتدل.

ومن الجدير بالذكر أن هذا التخويف المتكرر من الإسلاميين غير مبرر حيث أن الشريعة الإسلامية تحمل من القيم والمباديء التي يجعلها صالحة ومصلحة لكل زمان ومكان وهي رسالة عالمية للناس كافة، وفيها يتحقق العدل والحرية والسلام والمساواة بين الناس جميعا، وفيها قارورة الدواء لكل الأمراض التي تعاني منها البشرية، والتطور والنهضة والرقي والتعاون بين جميع البشر على اختلاف ألوانهم وعقائدهم لإسعاد البشر جميعاً، فقد جاء في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع..." أيها الناس، إن ربكم واحد، وكلكم لآدم وآدم من تراب، إن أكرمكم عند الله أتقاكم. ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى. ألا هل بلغت؟ اللهم فاشهد. فليبلغ الشلهد منكم الغائب...

والله الموفق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

--------------------------------------------------------------------------------------

الدكتور أحمد الأبيض

عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة- تونس

ها إن حركة النهضة في تونس قد بلغت الأربعين من عمرها، أغلبها محن وعذابات ومنافي، لكنها لم تفُت من عضد مناضليها ومناضلاتها الذين أكدوا أنه «من رحم الفجيعة والمعاناة، ومن عذابات المستضعفين وآلام طلائع الحرية والمجاهدين يولد الفجر».

 وها إن الشعب التونسي يرفعها إلى سدة الحكم، ويتوجها بأغلبية ساحقة عبر انتخابات نزيهة وشفافة، ولعلها الأكثر نزاهة في العالم حسب تصريح مراقبين دوليين. كما يلتف حولها الشباب من كلا الجنسين بعشرات الآلاف.

فهل هو إعلان لنهاية سنين التيه في الأرض؟

أم هو تتويج للرشد الذي بلغته وأكد انغراسها في أرض الزيتونة الطيبة، وأعطى إشارة الإنطلاق لربيع لا ينقضي: «حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال ربي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت على وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي إني تبت إليك وأني من المسلمين» الأحقاف 15؟

 كيف كان ذلك؟ وماهي الموجهات والخيارات التي حكمت تجربتها السياسية؟

1-              في البدء كانت الجامعة:

كان أول إقتحام للمجال السياسي من طرف حركة الإتجاه الإسلامي-النهضة لاحقا- في الجامعة التونسية أواسط سبعينيات  القرن الماضي، التي كان يسيطر عليها اليسار الماركسي، والذي لم يكن يقبل ولا يتصور أن يكون هناك وجود  لغيره، أو أن ينافسه سواه، فهو المستأثر بالكلمة، والمحتكر للحركة والفكرة، فما بالك إذا كان  طلاب الانعتاق من الوصاية عليهم ينطلقون من المرجعية الإسلامية.

 فلقد رفع طلبة الاتجاه الإسلامي مطلب الحرية تحت شعار: «نريد الحرية للجميع داخل الجامعة وخارجها». ولقد كلفهم ذلك الكثير من التضحيات، وتحملوا الكثير من العنف المعنوي والجسدي الذي مارسه عليهم اليسار الإستئصالي.. ولم تمض إلا سنوات قليلة حتى كان طلبة الاتجاه الإسلامي هم الفائزون بأغلبية مقاعد ممثلي الطلبة في كامل الجامعة التونسية، وينجحون في تكوين التفاف طلابي على الإتحاد العام التونسي للطلبة.

2-              أول بيان سياسي للحركة:

 كان ذلك بمناسبة الإضراب العام الذي دعا إليه الإتحاد العام التونسي للشغل في 26 جانفي 1978 وجاء فيه التأكيد على أن الشعب لن يتصرف في الشأن العام تصرف الأحرار بدون ممارسة الحرية كاملة غير منقوصة، ردا على خطاب السلطة المتحكمة في الرقاب والبلاد، والمعتمد سياسة القطرة قطرة بدعوى تهيئة الشعب تدريجيا ليكون حرا.

3-               الإعلان عن تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي 6 جوان 1881 الذي تم التأكيد فيه مرة أخرى على مركزية الحرية للجميع، وعلى ضرورة العودة للجماهير للتقرير في كل أمر يتعلق بالشأن العام،، الأمر الذي دفع بعض الصحافيين للتساؤل عن موقف الحركة إذا ما فاز الشيوعيون في الانتخابات؟ وكان الرد في غاية الوضوح والإنسجام مع خيارات الحركة في الإيمان بالحرية، وبأن السلطة للشعب، وأنه هو الذي يخول من ارتضاه لإدارة البلاد وفق ما طرحه من برنامج، حيث نص بيان التأسيس على أن من مهام الحركة «أن تستعيد الجماهير حقها المشروع في تقرير مصيرها بعيدا عن كل وصاية داخلية أو هيمنة خارجية»، وكان الرد تبعا لذلك هو القبول بنتائج كل انتخابات حرة ونزيهة، وأننا نعود لشعبنا، نتحاور معه ونوضح له أطروحاتنا في حوارها وجدلها مع بقية الأطروحة الموجودة على الساحة، ثقة بوعي الشعب،، وبقوة المقاربات الإسلامية وحجتها البالغة،، وايمانا بأن الشعب الحر ليس قطيعا يقاد بقهر السلطة، وإنما تستنهض همته بقوة الحجة ووضوح الرؤية.

4-              وانتصرت الجماهير:

 كان رد السلطة على الإعلان الرسمي على تأسيس الحركة هو حملة اعتقالات واسعة شملت أغلب قياداتها، وأحكام تجاوزت العشر سنوات على كل واحد من رموزها. ولكن الإحتقان السياسي والاجتماعي ما انفك عن التراكم حتى كانت ثورة الخبز 3 جانفي  1984 التي هزت أركان السلطة، ولكن دهاء بورقيبة أخرجه من عنق الزجاجة من خلال تراجعه عن إجراء الترفيع في ثمن الخبزة بقولته «نرجعو وين كنا قبل الزيادات » (نرجع حيث كنا قبل الزيادات)  من جهة، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الإسلاميين  في الصائفة من نفس العام.

5-              «خلوا بيننا وبين الناس»:

 لكن إطلاق السراح هذا، توازى مع حملة إعلامية شنتها السلطة والمتحالفون معها من قوى اليسار النافذ في أجهزة الإعلام وفي السلطة نفسها. والمتهم للحركة بالظلامية والرجعية وما إلى ذلك من نعوت... وتعود الحركة مرة أخرى للاحتماء بالجماهير، وفاء لمقولاتها الإسلامية المكرسة لولاية الشعب، وأن لا وصاية عليه... وضرورة التسليم بالوعي الشعبي الذي يتنامى بالتواصل معه، ومن خلال تشريكه في الحراك السياسي أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر،، ورفض كل تقرير من وراء الشعب أو اتهامه بالوعي البقري.

ولذلك رفعت الحركة شعار الرساليين على امتداد تاريخ الظلم والاستبداد: «خلوا بيننا وبين الناس». فإذا ما كنتم واثقين بأنكم التنويريون والتقدميون والحداثيون فلماذا لا تثقون في قدرة نور فكرتكم وأطروحاتكم على تبديد الظلمة المدعاة للفكر والخيار الإسلاميين؟

 ولكن السلطة بمباركة غربية قررت شن حملة اعتقالات واسعة على الحركة،، التي نزلت قواعدها متظاهرة في الشوارع مطالبة بالحرية للشعب، الأمر الذي هز بعنف أركان سلطة متهالكة ومتداعية للسقوط.

وكان الانقلاب العسكري لبن على بتدبير غربي كما صرح بذلك جنرال ايطالي أمام البرلمان الإيطالي.

ولئن قدم الانقلاب نفسه باعتباره جاء لإنقاذ البلاد، فإنه في حقيقة الأمر لم يكن  إلا إنقاذا للسلطة وتمديدا في أنفاس الإستبداد.

6-              شهادة الزور:

دافع خطاب 7 نوفمبر 1987 عن مطالب المعارضة مما جعل الناس يستبشرون خيرا، إلا أن انتخابات 2 أفريل 1989 أسقطت القناع، وفضحت وجه الإستبداد الكريه لبن علي، وكانت حركة النهضة هي التي فعلت ذلك.

  إذ أنها قبلت أن تغير أسمها للتوافق مع قانون الأحزاب في كل بنوده، هذا القانون الذي جاء لإقصائها... ورغم وعد بن علي للشيخ راشد الغنوشي في لقائه معه يوم 6/11/1988 باإعتراف بالحركة إلا أنه لم يفعل.. ورغم ذلك قبلت الحركة الدخول في الانتخابات بقائمات مستقلة بقائمات ممثلة في عناصر من الصف الثاني من قيادات الحركة. نظرا لحرمان الصف الأول من ذلك تبعا لمحاكمات سنة 1987 التي طالت آلافا من أبناء وبنات الحركة.

وفازت قوائم الحركة بأغلبية في كل الدوائر التي ترشحت فيها بما يقارب 90% في الكثير من الدوائر.

 ولم يكن أمام بن علي إلا أحد خيارين اثنين:

إما القبول بنتائج الانتخابات وتولي النهضة للسلطة.

وإما تزييف الانتخابات والسقوط المروع في أول اختبار حقيقي له.

وفضل السقوط، وافتضاح وجهه الإستبدادي الكريه.

7-              فرض الحريات:

هذا هو شعار خطة حركة النهضة بعد ذلك.

 لاحظوا أن ذلك كان خطابها الداخلي والموجه لخيارتها السياسية بغية إجبار السلطة على القبول بالحرية لهذا الشعب.. وكان مقتضى هذه الخطة هو النزول للشوارع بالآلاف والاعتصام فيها وعدم التزحزح عنها، حتى ولو أسالت القوة الغاشمة للسلطة الدماء بسخاء فرعوني،، الأمر الذي ستتولى ثورة 14 جانفي 2011 القيام به مستعينة بقوة الإعلام الفضائي والفيسبوك اللذان كان ينقصان ثورة فرض الحريات في مطلع تسعينات القرن العشرين والتي بشرت بها حركة النهضة، وكلفتها عذابات شديدة دامت عقدين من الزمن، وطالت قرابة 30 ألف من أبنائها وبناتها بالسجن، وبالتشريد ما يفوق عن 3000 في أكثر من 50 دولة، والمضايقات التي طالت عشرات الآلاف من العائلات... ولكن مطلب الحرية ما انفك عن التردد في الأرجاء، وما ملت الحناجر والأقلام التبشير بها.

وأذكتها العقول بتعميق النظر والتنظير في كتابات العديد من مفكري الحركة داخل المعتقلات وخارجها أمثال الشيخ راشد الغنوشي. د. عبد المجيد النجار، العجمي الوريمي،الدكتور أحمد الأبيض...

8-              ثورة الياسمين:

أوغلت السلطة المستبدة في الغي الفرار، وطالت سَوْءاتها (إساءاتها ) كل الفئات والشرائح الشعبية، وكاد العويل أن يرتفع في كل بيت،، ومع مراكمة العذابات والتضحيات آن الأوان لفجر الحرية أن ينبثق، وتم إسقاط الديكتاتور،، وسقطت معه فزاعة التخويف من الإسلاميين الذين اثبتت الأيام أنغراسهم في صلب الشعب،، وسقطت مشاريع الهيمنة الغربية على شعوب المنطقة بالوكالة، وتم التسليم ولو ببعض المضض من قبل الدوائر المتنفذة الغربية بالإسلاميين شريكا أساسيا في السلطة.

وكشفت حركة النهضة عن نضج كبير، ففي الوقت نفسه الذي كانت تنفض عن نفسها ركام السنين العجاف، وتحاول أن تعيد نسغ الحياة لبنائها الداخلي،، كان الشيخ راشد من لندن يحاول طمأنة دول الجوار بأن الثورة ليس لها أي عداء مع أي كان، حتى يتم تفويت كل محاولات الإجهاض للثورة من داخل النظام الرسمي العربي (نشير بالمناسبة لإيصال الشيخ راشد مع سيف الإسلام القذافي بعد أن كشف القذافي عن عداء بغيض للثورة).

ويمكن أن نتوقف عند المواقف التالية:

أ‌-                  تأكيد خطاب النهضة  على الاعتراف بالآخر، بل والتبشير بتكوين حكومة ائتلاف وطني حتى في حالة الفوز بالأغلبية في المجلس التأسيسي، وعن استعداد للتعاون مع كل القوى الوطنية، وكل العناصر النظيفة، وكل الآمرين بالقسط من الناس للنهوض بالبلاد.

ب‌-              الدعوة للعودة إلى الشعب ليكون فيصلا بين الفرقاء رغم تغييب الحركة  عنه وكل التشويه الذي مارسه الإعلام المأجور في الداخل والخارج (تبين من سجلات وكالة الإتصال الخارجي التي تم  الكشف عنها مؤخرا أنها أنفقت مليارات الدنانير لتشويه صورة الحركة عامة، والشيخ راشد الغنوشي خاصة، وتمعش  الكثير من رجالات الإعلام من ذلك مع ملاحظة أن القصد من ضرب الرمز هو ضرب الفكرة والمشروع ).

ج- كان القبول بقانون انتخابي فرضته جهات تغريبية معادية للمشروع الإسلامي من باب الإصرار على العودة للشعب وتوفيت الفرص على كل المتآمرين على الثورة ومحاولات تأجيل الانتخابات.

د- إعداد برنامج انتخابي مثل نقلة نوعية في تاريخ الحركة والبلاد. فلأول مرة تخرج الحركة من موقف المعارضة والكشف عن سلبيات الواقع لانجاز مشروع تنمية شاملة في 365 نقطة يبشر ب590000 موطن شغل بين سنتي 2012-2016- ضمن منوال تنموي تحكمه معادلات رياضية مع معدل سنوي لنسبة النمو يصل 7%، ومع انفتاح على رجال الأعمال، وعلى كل دول العالم تقريباً.

9-              انتخابات 23/10/2011:

شارك الشعب بإعداد غفيرة في هذه االإنتخابات، وبشكل غاية في التحضر، حيث وقف الناس نساء ورجالا في طوابر لساعات طوال حتى يصل الواحد منهم لصندوق الاقتراع، ودون تشويش أو مجاوزة للغير..

 وفازت حركة النهضة ب 62% من الأصوات وب 41 % من مقاعد المجلس التأسيسي( 89 مقعدا من بين 217) ورغم أنه بوسع الحركة أن تكون لها أغلبية برلمانية مع بعض المستقلين الملتقين معها في الرؤية والمشروع، فإنها بقيت حريصة على تكوين ائتلاف حكومي مع أول حزبين يلياها في الظفر بمقاعد في المجلس الوطني التأسيسي لتؤكد القدرة على التعايش والتكامل والإلتقاء على برنامج تطرحه على شركاءها.

كما عبرت الحركة عن استعدادها للقبول ببعض الاستمرارية في بعض المواقع لمسؤولين سابقين ما لم يتلوثوا بفساد أو ظلم.

أما مهزلة تخويف النساء من الإسلاميين ومحاولة تشويه المقاربة الإسلامية للعلاقة بالنساء فقد باءت بالفشل، إذ فازت مرشحات النهضة ب41 مقعدا من مقاعد المجلس التأسيسي من بين 49 مقعدا فازت بها نساء. وكان الملاحظون في انتخابات 1989 قد لاحظوا أن النهضة هي وحدها التي أقحمت النساء بكل قوة في العمل السياسي والمشاركة في الشأن العام وهو ما أكدته مرة أخرى هذه الأنتخابات، أضف إلى ذلك أن هناك أكثر من 600 من القيادات النسائية في مختلف درجات القيادة في الحركة.

10-         الآتي في العمل السياسي والمشاركة في الشأن العام:

نشير إلى بعض ذلك بشكل برقي:

-  استقرار للبلاد،

- انفتاح على رجال الأعمال في الداخل والخارج و على صيغ كثيرة للإستثمار،،

- بدائل إسلامية للإستثمار،

-  مقاومة الفساد،

-  مشاريع خدماتية تلامس المواطنين في كل مجال من مجالات الحياة،

-  استقلالية القضاء،

عقيدة أمنية جديدة فيها تأكيد على دولة الشعب بديلا  عن  شعب الدولة.

11-         بعض الموجهات المرجعية:

·                    تكريم الإنسان ورفض أي أشكال الانتهاك  لأي من حرماته « ولقد كرمنا بني آدم وحملناه في البر والبحر» الإسراء 70-

·                    الحرية أول أمانة استأمن عليها الإنسان: « إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان  » الأحزاب 72-

·                    الاستخلاف : الاستخلاف العام في السلطة والثروة.

وبالتالي فكل صاحب سلطة إنما هو مخول من طرف الشعب، وليس من خاصة نفسه ولا لميزة له من دون الناس،، وليس أمامه من خيار إلا أن يكون أجير الشعب ووفيا لشروط التولية، وأن عليه أن يقوم بما  ائتمنه الشعب عليه، وأنه لا تحق له طاعة بدون ذلك «إن الله يأمركم أن تأدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل إن الله نعما يعظكم إن الله كان سميعا بصيرا يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.فإن تنازعتم  في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الأخر ذلك خير وأحسن تأويلا» النساء 58-59-

·                    أقوى الرغبات أصالة في النفس الآدمية ثلاث:

حب الخلود أو غريزة حب البقاء

 نزعة السمو والملائكية،

حب السلطة 

«وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكون من الخالدين» الأعراف 20-

«قال يا آدم هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى»طه 120-

 فحب السلطة أصيل في كل نفس بشرية وكل تخل عن ذلك من تلقاء الذات، أو إقصاء لها عنه، هو وضع استلابي وغربة عن إنسانية الإنسان، أو عن مكون أصيل فيه. ولا بد من الخروج من هذا الوضع بتحمل أمانة الاستخلاف والحرية، والإصرار على المشاركة في الشأن العام، شهادة على العصر وأمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر.

·                    واجب الشهادة على العصر:

وواجب الإدلاء بالشهادة في حق كل مترشح للسلطة حتى لا يُوََسدَ الأمر إلى غير أهله «ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه  ».البقرة 283-

·                    قال عليه الصلاة والسلام: « إذا ضُيّعَت الأمانة فانتظر الساعة... ولما سئل كيف تضيع الأمانة قال: إذا وُسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة » البخاري

·                    تزييف الانتخابات شهادة زور ومن أكبر الكبائر.

·                    التوحيد أثبات للذات، وإثبات للأخر المختلف عنها، وإقرار للحرية من خلال الكفر بكل الآلهة المزيفة.

·                    عقد العزم على قتل الفقر: فلقد علمنا الرسول –ص- أن الفقر كافر، وأن نستعيذ  بالله صباح مساء من الكفر والفقر.... ولئن لم تسمح الظروف التاريخية في فجر الإسلام بغير افترض طمس معالم الفقر من خلال مقولة على بن أبي طالب: «لو كان الفقر رجلا لقتلته»، فإنه صار بإمكان الحكم الرشيد بأن يطرح على نفسه وفي آماد معقولة نسبيا قتل الفقر وتجفيف منابعه.

نتعبد الله بجعل الحياة الرغيدة ممكنة للآدميين السائرين على خطى أبيهم آدم "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض".

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

--------------------------------------------------------------------------------------

الأستاذ أنس الفيتوري

عضو المكتب التنفيذي لاتحاد ثوار ليبيا

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أتقدم بالشكر لمركز دراسات الشرق الأوسط لإتاحته الفرصة لنا للقاء بكم في ندوة الإسلاميون والحكم، كما أتقدم أيضاً بالشكر لثوار ليبيا الذين سمحوا لنا بلقاء هذه النخبة من الإخوة في الأردن وغيرها من البلدان العربية.

 سوف أتحدث عن مستقبل الإسلاميين في ليبيا بعد الثورة الليبية، ولا بد لكي نعرف ما هو مستقبل الإسلاميين في ليبيا أن نمر على الثورة الليبية، كيف أنها تميزت عن الثورتين، ثورة تونس ومصر، وما لدخول العامل العسكري كعنصر حاسم للصراع مع نظام القذافي من تأثير على المشهد السياسي المنتظر في ليبيا بعد القذافي.

 الثورة الليبية طبعاً كما تعرفون عُسكرت بسبب قمع النظام في بداية الانتفاضة التي كانت بدايتها مدن الشرق الليبي المهمش. كما نعرف أن ثورة تونس ومصر هيأت لأجواء الثورة الليبية، وتوافق شباب الثورة الليبية على تاريخ 17 فبراير (شباط) لأن يكون موعداً للثورة الليبية، طبعاً لهذا التاريخ دلالة فكانت هناك انتفاضة في 2006 من الليبيين إبان ظهور رسوم مسيئة للرسول -صلى الله عليه وسلم- فخرج أهالي بنغازي في مظاهرات أمام القنصلية الإيطالية وسقط عشرون شهيداً في ذلك التاريخ، فاختار الشباب الليبيون هذا التاريخ لرمزية هذا الحدث المهم، فنجد هناك ربط ما بين التوجه الإسلامي للثورة وما بين الثورة الليبية.

 عندما نتحدث عن هذه العسكرة عسكرة الثورة نجد أن وقودها الشباب، ونجد أيضاً أن قادتها ممن تبنى كما نقول العامل العسكري من الجماعة الإسلامية المقاتلة التي كانت تحاول إسقاط النظام بالقوة في فترة التسعينات - في تسعينات القرن الماضي، هذه الجماعة ساهمت بقوة في ذلك التاريخ لإسقاط النظام لكنها لم يكن القاعدة الشعبية ولا الشعب الليبي على استعداد لإسقاط النظام فخُمدت ثورة أولئك الشباب وانتهت، لكنها تأججت وانضم لها قطاعات الشعب كما هو معروف وانطلقت جموع الثوار لتحرر الشرق الليبي في مدة أربعة أيام، عندما سقط هذا الشرق الليبي سقطت جميع مؤسسات الدولة، لأن الدولة كانت تعتمد المركزية كعامل أساسي في إدارة البلاد، فبهذا السقوط نشأت فكرة المجالس المحلية، فكان أول تمثيل للإسلاميين في هذه المجالس المحلية في مدينة طبرق والبيضاء ودرنة والمرج وبنغازي وهذا الشريط الساحلي هو يمثل مدن الشرق، فكان الإسلاميين لهم تمثيل في المعارضة وسجناء الرأي السياسيين وكانت الغالبية ليست من الشباب بل كانت من كبار المعارضين ومن كبار السياسيين الذين تعرضوا للاعتقال في الفترات السابقة لحكم القذافي، إذن نجد أن هذه "المأسسة" الأولى للثورة كانت بدخول الإسلاميين للمجالس المحلية.

 أيضاً كانت هناك مصالحة ما بين النظام الليبي وجماعة الإخوان المسلمين أتاحت للمعارضين من الإخوان المسلمين الرجوع للبلاد، هؤلاء كانت لديهم خبرة في العمل الخيري والعمل الإغاثي التي احتاجت إليها الثورة في بدايتها فتم إنشاء العديد من الجمعيات والمؤسسات لتغطية جهاز الدولة الذي انهار بالكامل، ثم جاءت فكرة تكوين جسم سياسي لهذه الثورة، هذه الفكرة كانت كما حدثنا الإخوة من الاتجاهين أو الفريقين كانت فكرة موجودة لدى الليبراليين و فكرة موجودة لدى الإسلاميين أن هناك لا بد من شخصية توافقية يتوافق عليها الليبيين تقود المشهد السياسي، لكن المبادرة هي أساس الفعل، بادر الليبراليين بالاتصال بالمستشار مصطفى عبد الجليل، فتم اقتراح عمل "المجلس الوطني الانتقالي" ليكون الجسم السياسي الممثل للثوار الليبيين، ولكي يأخذ الاعترافات من الدول ويسحب البساط من نظام القذافي ويحسم هذا الصراع لمصلحة الثورة الليبية.

 كما قلنا إن تكوين المجلس كان بالتوافق على شخصية المستشار مصطفى عبد الجليل وبداية التكوين لم يكن للإسلاميين دور وتمثيل في هذا المجلس باعتبار كما قلنا أن المبادرة كانت من مجموعة من الليبراليين، ولكن بعد دخول المناطق الغربية كانت المجالس المحلية في المدن الغربية كمدينة مصراتة وطرابلس تمثل الإخوان المسلمين،  وتمثل قطاعات أخرى من اتجاهات إسلامية دخلت للمجلس الوطني الانتقالي.

 نعبر إذن إلى: ما هو المجلس الوطني الانتقالي؟ وما هو الشكل على الأرض؟ نحن نعتبر الثورة اتجاهين؛ اتجاه عسكري غالبيته إسلامية وغالبية قيادته إسلامية باستثناء منطقة مصراتة، وجسم سياسي وهو يمثل جميع مراحل المجتمع الليبي وجميع اتجاهاته، وأيضاً يحمل الكثير من الوطنيين، وأيضاً به من نظام القذافي عناصر وأعضاء موجودة بالمجلس، المجلس الانتقالي الآن ينتقد لأنه لم تكن هناك معايير واضحة لطريقة اختيار العناصر أو أعضاء المجلس الوطني الانتقالي فكانت تتم بتزكية المجالس المحلية أو باختيار شخصي من المستشار مصطفى عبد الجليل.

 أيضاً هناك انتقادات للمجلس الوطني الانتقالي لأن اللائحة التنظيمية غير واضحة لهذا المجلس، وصلاحيات المجلس في إدارة الثوار أيضاً ليست بوضوح كامل، فالمجلس بعد فترة من العمل ونظراً لأنه اتخذ جهازاً تنفيذياً كان يدير الأمور من خارج ليبيا كان هناك فراغ حوّل أعضاء المجلس من الجانب التشريعي والرقابي إلى  الجانب التنفيذي فحول إلى مجموعة من اللجان التنفيذية فمما وضعهم في موضع الانتقاد فيما يتعلق بفكرة الخلط بين السلطات.

 نمر إلى الإعلان الدستوري وهو الذي يرسم الخارطة السياسية لليبيا وما هي الخطوات التي سينتهزها المجلس الوطني الانتقالي بعد سقوط القذافي، هذا الإعلان الدستوري كان مشروعاً وطنياً أطلقه الإسلاميون دعوا إلى أنه لا بد من مؤتمر تأسيسي يشابه ما حصل في تونس، هذا المؤتمر التأسيسي يأتي بالانتخاب ولا يأتي بالتكليف فهذا المشروع أُطلق من الدكتور علي الصلابي ومن مجموعة من المناصرين من الاتجاه الإسلامي قادوا الطرح في ليبيا عن طريق إمرار هذا المشروع في مؤسسات المجتمع المدني، وإمراره في المحاضرات والندوات كانت غالبيتها في مدن الشرق الليبي باعتبار أن مدن الغرب كانت معرضة للحصار، وبعد الضغط على المجلس تم تبني هذا المشروع وأيضاً بعد حوارات كانت مع سفارات أوروبية وغربية باعتبار أن علاقة الناتو ودخوله على الثورة الليبية تم بعد مؤتمر اسطنبول تم تبني مشروع المؤتمر الوطني الذي يؤسس لجمعية تأسيسية هذه الجمعية التأسيسية هي التي تقوم بصياغة الدستور وهي التي تحدد شكل ليبيا في المستقبل.

 الآن ما هي حظوظ الإسلاميين إذا كان المؤتمر الوطني العام يأتي بالانتخاب؟ الإعلان الدستوري نص في فقرته الأولى على أن ليبيا دولة مدنية ديمقراطية، ثم عرف هذه الديمقراطية بالتعددية الحزبية، ثم جاء في الفقرة رقم 15 من الإعلان الدستوري ليحدد بالتحديد أن حق تكوين الأحزاب مقبول في ليبيا، ونحن نعلم أن ليبيا حتى في فترة الحكم الملكي لم يكن هناك قانون للأحزاب ولم يكن هناك نظام حزبي بل كانت تقوم على المستقلين، الإعلان الدستوري حدد في المادة ثلاثين أن خارطة الطريق لليبيا بعد القذافي، أنه بعد ثمانية أشهر من إعلان التحرير -الذي تم إعلانه في طرابلس بعد سقوط مدينة سرت- تعقد انتخابات، هذه الانتخابات يكوّن منها مجلس تأسيسي وهو مسمى بالمؤتمر الوطني العام من 200 عضو، لكن هذا الإعلان أغفل وإن كان ذكر في المادة الأولى وفي المادة الرابعة والمادة الخامسة عشر "الأحزاب" لكنه لم يذكر قانون للأحزاب في المادة ثلاثين التي تمثل خارطة الطريق لليبيا، فالآن يقولون أننا نريد مؤتمر وطني عام من المستقلين وهذا الأمر مطروح الآن في ليبيا للحوار والنقاش وهناك ضغط من المجتمع المدني لموضوع أنه لا نكرر الخطأ للمجلس الانتقالي فيكون المؤتمر أيضاً على شاكلة المجلس الانتقالي، فيكون كله من المستقلين، بل قالوا نريد أحزاب، نريد قانون للأحزاب، نريد أن نشيع هذه الثقافة الحزبية في المجتمع الليبي، ونريد أن نقضي على أهم المشاكل والتحديات التي تعترض الثورة الليبية وهي الجهوية والقبلية، وليس لنا سبيل في القضاء على هذين الأمرين إلا بتبني البرنامج الحزبي الذي كل حزب يكون على قاعدة شاملة لجميع المناطق والمدن.

 من هم الإسلاميون المرشحون للحكم في ليبيا في الفترة القادمة؟ نعلم أنه أهم فصيل هو "الإخوان المسلمين"، أيضاً هناك مجموعة من المستقلين مثل الدكتور علي الصلاّبي الذي يؤسس حزب اسمه "التجمع الوطني"، وأيضاً هناك "جبهة التغيير" التي هي الجماعة الإسلامية المقاتلة والتي قامت بمجموعة من المراجعات وغيرت تسميتها والتي يمثلها عبد الحكيم بلحاج و"جبهة إنقاذ ليبيا" فيها مجموعة من الإسلاميين، اليوم في ليبيا لم تعلن هذه الأحزاب وفي هذا اليوم بالتحديد ينعقد مؤتمر عام للإخوان المسلمين في ليبيا هذا المؤتمر سينتج عنه إحدى ثلاث خيارات: إما أن الإخوان المسلمين يؤسسون حزباً خاصاً بالإخوان المسلمين يمنع غيرهم من الدخول فيه، أو الخيار الثاني أنهم يؤسسون حزباً ويجمعون من يريد الاتفاق على مبادئ هذا الحزب من غير الإخوان من الدخول فيه، وإما أن يوصوا الإخوان المسلمين في الدخول بالأحزاب الوطنية التي ستشكل في هذه الفترة.

 بالنسبة للدكتور الصلابي كما تحدثنا أنه سوف يشكل حزباً من الوطنيين ومستقل هذا الحزب عن الإخوان المسلمين، جبهة إنقاذ ليبيا هي معروفة من الجبهات القتالية التي قادت العمل المعارض لنظام القذافي من الخارج بها مجموعة من الإسلاميين، وقائد هذه الجبهة هو الأستاذ محمد المقريف وهو يطرح مشروعاً وطنياً لإنشاء حزب وطني يضم كافة الشرائح والأطياف، فالمراقبون الآن بعد ما أنجز الإسلاميون على الأرض يتوقعون لو أنه حدثت انتخابات على أساس الأحزاب سيكون للإسلاميون غالبية بما لهم من قدرة على التأسيس، لكن هناك جناح داخل المجلس الوطني يعارض بشدة بحجة أن الإسلاميون مستعدون ونحن لم نستعد بعد وأنه ليس من الإنصاف أن نقوم بانتخابات على أساس حزبي يفوز به الإسلاميون.

الآن الحوار والجدل في ليبيا كبير جداً، والتطلع من شباب الثورة إلى أن تؤسس ليبيا حتى وإن أخذت وقت أطول هذه الثمانية أشهر لم تكن كافية، يتمنى الشباب أن تمتد هذه الفترة لكي يعطى لباقي الأحزاب فرصة لأن تنشئ قاعدتها وأن تعمل ما تستطيع من أن تقدمه دعاية للمجتمع كي تحقق التوازن وكي تقوم في ليبيا هذه الجمعية التأسيسية وتقوم بمشاركة جميع الأطياف، شكراً لحسن الاستماع، وبارك الله فيكم.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

--------------------------------------------------------------------------------------

الأستاذ حمزة منصور

الأمين العام لجبهة العمل الإسلامي- الأردن

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد.. فإنا نشكر لأخينا المفضال الأستاذ جواد الحمد ولمركز دراسات الشرق الأوسط عقدهم هذه الندوة الهامة (الإسلاميون والحكم) التي جاءت في زمانها، حيث يشهد وطننا العربي تحولات كبرى، تستهدف التغيير الشامل لمناهج الحكم، أو الإصلاح الحقيقي في بنية النظام الذي يجعل الشعب مصدر السلطة.

وإذا كنا لا نستطيع القول بوجود نظرية إسلامية متكاملة في الحكم، متبناة من سائر الإسلاميين، فإننا نستطيع الجزم بوجود رؤى وأفكار ومبادئ تصلح قاعدة لبناء نظرية إسلامية عصرية، تتفق وأرقى ما توصل إليه الفكر الإنساني والتجربة الإنسانية من مبادئ الحرية، والكرامة الإنسانية، والعدالة الاجتماعية، وتداول السلطة، واحترام إرادة الشعب في اختيار ممثليه وحكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم على هذه المبادئ والرؤى لا تخطئها العين في كتاب الله عز وجل، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وفي التجربة الإسلامية في الحكم، ولاسيما في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخلفاء الراشدين، وفي الأبحاث والدراسات التي تصدت لنظام الحكم في الإسلام قديماً وحديثاً، وفي برامج الأحزاب والحركات الإسلامية التي تؤمن بالمشاركة السياسية.

ويبقى التحدي قائماً للأحزاب الإسلامية والمفكرين والمجددين لصياغة نظرية للحكم مستلهمة من المرجعية الإسلامية ومستفيدة من التجربة الإنسانية، ومستجيبة لمصالح الشعوب.

وبالرجوع إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم نجد أن مسألة الحكم تعد من الأصول الثابتة، التي لا يعدل عنها إلا جاهل أو جاحد، لقول الله سبحانه ((وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك)) ونجد أن القرآن الكريم يميز بين منهجين في الحكم : حكم الله حين يكون الكتاب والسنة المرجعية في الحكم وحكم الجاهلية حين تحكم الأهواء والمصالح الضيقة ((أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون)). ويقدم نماذج للحكم الصالح، ممثلة بالشورى والعدل والرحمة وأخرى للحكم الفاسد ممثلة بالفساد والاستبداد والظلم. والقرآن يجعل الشورى صفة ملازمة للمؤمنين ((وأمرهم شورى بينهم))، ولم يستثن من الالتزام بها نبياً مرسلاً مؤيداً بالوحي ((وشاورهم بالأمر))، وحدد مؤهلات القيادة ومقوماتها ((يا أبت استئجره إن خير من استأجرت القوي الأمين ))، فمؤهلات القيادة قوة وأمانة وعلم. كما حفلت السنة المطهرة بالحديث عن الإمام العادل، والقائد الرحيم، والتزام الشورى، ومعايير تولي المسؤولية، ونظراً لأهمية الحكم في التصور الإسلامي فقد قدم الصحابة عليهم رضوان الله اختيار الخليفة على تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفنه.

وتلقت الأمة هذه المبادئ بالقبول والتسليم، وألف فيها العلماء المصنفات، ولم يغفل علماء المسلمين في العصر الحديث هذه القضية، فألفوا فيها الكتب، التي تتحدث عن نظام الحكم في الإسلام، والشورى والديموقراطية، والحريات وحقوق الإنسان في الإسلام، والمجالس النيابية، وتولي منصب الوزارة. ولم يفرقوا بين الدعوة للإسلام وإقامة الحكم الصالح وصون الحريات، يقول الإمام حسن البنا رحمه الله (إذا قيل لكم إلام تدعون فقولوا ندعو إلى الإسلام الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، فإن قيل لكم هذه سياسة، فقولوا هذا هو الإسلام، ونحن لا نعرف هذه الأقسام).

ومع إطلالة الربيع العربي، الذي هبت نسائمه من تونس، وترددت أصداؤه في مصر وليبيا واليمن وسوريا، وسائر الأقطار المنادية بالتغيير أو الإصلاح، ومع بروز دور الإسلاميين في الثورات العربية، والاستفتاءات والانتخابات التي تلتها، ارتفعت كثير من الأصوات تحذر من وصول الإسلاميين إلى الحكم، وراح بعضها يدافع عن الأنظمة الفاسدة والمستبدة حين ظهرت مؤشرات على أن الإسلاميين هم البديل، وعبروا عن مخاوفهم تارة باسم الحرص على الحريات العامة، وأخرى باسم الدفاع عن حقوق المرأة، وثالثة باسم حقوق غير المسلمين، ورابعة باسم التمسك بالقيم الديموقراطية، مستحضرين نماذج مشوهة وغريبة على الإسلام كالثيوقراطية والانغلاق الفكري والتعصب ومعاداة المدنية والحضارة. فهل الحكم الذي يتطلع إليه الإسلاميون ومارسه أسلافهم في العهود الزاهرة، وعبروا عنه في برامجهم الانتخابية: هو حكم رجال الدين، الذي عرفته أوروبا في العصور الوسطى، والذي صادر الحريات، واضطهد العلماء، وحكم حكماً مطلقاً ؟ وهل عرف الحكم الإسلامي اضطهاد غير المسلمين، ومارس التطهير العرقي بحقهم كما فعلت ثقافات ومناهج حكم أخرى ؟ وهل ادعى خلفاء المسلمين الراشدون وقادة الأحزاب السياسية أن الله اصطفاهم لحكم العباد فهم لا يسألون عما يفعلون ؟، وهل أقر الإسلام فاسداً أو مستبداً على سياسته ؟ وهل امتهنت كرامة المرأة في ظل حكم إسلامي رشيد ؟. وللإجابة عن هذه الأسئلة نقول إن الحكم الإسلامي كما نفهمه وندعو إليه يضمن الحريات للجميع، ولا يحصّن أحداً من المساءلة، إذ لا سلطة بدون مساءلة، ويكفل العدالة والمساواة لكل المستظلين بظله. يقول الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله (الدولة الإسلامية كما جاء بها الإسلام، وكما عرفها تاريخ المسلمين، دولة مدنية، تقوم السلطة فيها على البيعة والاختيار والشورى، والحاكم فيها وكيل عن الأمة، وأجير لها، ومن حق الأمة ممثلة في أهل الحل والعقد أن تراقبه وتحاسبه، وتأمره وتنهاه، وتقومه إن اعوج، وإلا عزلته)، ويقول الدكتور السنهوري: (والإمام يعتبر نائباً عن الأمة في إدارة شؤون الدولة، ويستمد سلطانه منها، إذ أن الأمة مصدر السلطات، وصاحبة الإرادة العليا في كل ما يتعلق بأمور الدولة) ويضيف (أن علماء المسلمين وصلوا الى نظرية العقد الاجتماعي قبل أوروبا بقرون).

فالدولة الإسلامية في ضوء هذا الفهم وفي ما تتبناه الحركة الإسلامية دولة مدنية بمرجعية إسلامية وليست دولة دينية بالمفهوم الثيوقراطي، وهي دولة القانون والمؤسسات، وهي تقوم على المواطنة في الحقوق والواجبات، دون تمييز بين المواطنين بسبب الدين واللون والعرق، فالأمة مصدر السلطات، والشورى منهج الحكم حيث استقر الفهم لدى الحركة الإسلامية بأنها ملزمة لا معلمة، والعدل أساس الحكم، والناس سواء أمام القانون، والحقوق والحريات مكفولة للجميع، والفصل بين السلطات قائم، فأي فضيلة في الديموقراطية التي يتغنى بها دعاتها غير متضمنة في هذه الرؤية؟ ويبقى للحكومة الإسلامية ما يميزها أنها مقيدة بقيد الشرع الذي يمنع الحاكمين والمحكومين من الانطلاق وراء الأهواء والشهوات، ولا يترك مقاييس العدالة بيد البشر ((وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل))، فهو العدل بين الناس جميعا على اختلاف عقائدهم وأجناسهم وأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية

ولعل من القضايا التي يثيرها شانئو الحكم الإسلامي أو جاهلوه موقع غير المسلمين في ظل الحكم الإسلامي، والقضية هنا جاء الفصل فيها من رب العزة بلسان عربي مبين ((لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين)) فهي علاقة بر وإقساط، فهل هنالك مفردات أرق وأكرم من هذه المفردات ؟ وقد ترجمت هذه العلاقة إلى حقائق تدب على الأرض، فحسبهم أن يقول فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ( من آذى ذمياً فأنا خصمه)، فغير المسلمين حقوقهم مصونة بحكم المواطنة، فلهم حق التمتع بالحرية الشخصية والفكرية والاقتصادية والاجتماعية وحسب المسلمين أن أول دولة مدنية في التاريخ قامت على أساس المواطنة كانت دولة المدينة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم. يقول الدكتور عبد الكريم زيدان في كتابه (أحكام الذميين والمستأمنين) : (غير المسلمين من مواطني البلاد الإسلامية من أفراد شعب دار الإسلام، والدولة الإسلامية تأخذ بقاعدة المساواة في الحقوق والواجبات بين المسلم والذمي، إلا ما كان مبنياً على قاعدة دينية) وهذه حقائق شهد بها غير المسلمين، يقول السير توماس آرنولد صاحب كتاب (تاريخ الدعوة إلى الإسلام) (قوائم الموظفين الرسميين تضم مئات من المسيحيين).

ومن القضايا التي تثار في التخويف من وصول الإسلاميين إلى الحكم أنهم يقبلون بالديموقراطية للوصول إلى السلطة، فإذا ما وصلوا إليها استبدوا بها، وعملوا على إقصاء غيرهم. وهي دعوى لا تستند إلى دليل، ولا تتفق وواقع الإسلاميين، الذين أكدوا أنهم يسعون إلى الشراكة وعدم الإقصاء، وأنهم مؤمنون بتداول سلمي للسلطة، حيث جاء في أولويات الإصلاح في الوثيقة الصادرة عن الحركة الإسلامية عام 2005 بعنوان رؤية الحركة الإسلامية للإصلاح في الأردن تحت رقم3 (تفعيل النص الدستوري الذي يؤكد على أن الأمة مصدر السلطات، وهذا يقتضي إقرار مبدأ تداول السلطة، وضمان نزاهة العملية الانتخابية بكل مراحلها، وفقاً لقانون عادل، وإشراف قضائي كامل) كما جاء في الفقرة 10 من الوثيقة (تشكيل الحكومات وفقاً لمبدأ تداول السلطة، وعلى أساس البرامج التي تتقدم بها الكتل النيابية لنيل الثقة على أساسها)

كما جاء في الفقرة (5) منها (اعتماد مبادئ الديموقراطية والشورى وأدواتها، بما فيها الاحتكام الى صناديق الاقتراع، وفق قانون عادل، وإجراءات سليمة، والتداول السلمي للسلطة التنفيذية نهجاً ثابتاً للحياة السياسية).

كما جاء في برنامج مرشحي حزب جبهة العمل الإسلامي للانتخابات النيابية عام 2003 تحت بند (8) (اقرار مبدأ تداول السلطة عملياً، وإتباع سياسة سليمه في تشكيل الحكومات).

كما جاء في أهداف حزب جبهة العمل إسلامي المنصوص عليها في نظامه الأساس تحت بند 1/2/1 (تحقيق مبدأ الحرية المسؤولة للجميع، وترسيخ أركان الشورى والممارسة الديموقراطية، وضمان التعددية السياسية، وحماية حقوق الإنسان).

ولم يكتف الحزب بالتأكيد النظري على مبدأ الشراكة، وتداول السلطة، وضمان حق الجميع في الوصول إليها عبر صناديق الاقتراع، وإنما مارسها عملياً على الصعيدين الداخلي والخارجي، حيث نص على أنه (لا يجوز انتخاب الأمين العام لأكثر من دورتين متتاليتين) فتعاقب على هذا الموقع سبعة أمناء خلال أقل من عشرين عاماً، كما مارس هذا المبدأ مع أحزاب المعارضة الوطنية من خلال لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة. والإسلاميون إذ يؤكدون التزامهم بمبدأ تداول السلطة، إنما ينطلقون من ثقتهم بالشعب، وحقه في اختيار من يمثله، ويدير شؤونه، ومن رفضهم القاطع للملك العضوض والجبرية، اللذين كانا مدخلاً خطيراً للفساد والاستبداد، والانحراف عن هدي النبوة.

وثمة قضية على جانب من الأهمية يوظفها خصوم الإسلاميين تكمن في تصور الإسلاميين للمرأة، زاعمين أن الإسلاميين لا ينزلون المرأة المنزلة اللائقة بها، وهم في زعمهم هذا  ينطلقون من سوء فهم أو سوء نية. فالإسلاميون في هذه المسألة ينطلقون من أن المرأة على نفس الدرجة من  الكرامة الإنسانية مع الرجل ((يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى)) ((فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض)) (النساء شقائق الرجال) وانطلاقاً من هذا الفهم، فقد نص النظام الأساسي لحزب جبهة العمل الإسلامي في البند 1/2/9 من أهدافه على  (احترام كيان المرأة، وحقوقها المشروعة، ودورها في تطوير المجتمع، في إطار الفضائل الإسلامية، وإفساح المجال أمامها للمشاركة في الحياة العامة، وإتاحة الفرصة لبروز القيادات النسائية في العمل العام)، وأفرد لها باباً في برامجه الانتخابية، ومما جاء في هذا الباب (التأكيد على حقوق المرأة الشرعية من خلال تفعيل التشريعات المنصفة لها، واستكمال الإطار التشريعي المعزز لحقوقها) و(توظيف طاقات المرأة في العمل العام، وإبراز دورها في بناء المجتمع، وتحقيق المشروع النهضوي العربي الإسلامي للأمة، من خلال مشاركتها الفعالة في جميع مجالات العمل التنموي والعمل السياسي). كما أفرد لها مساحة واسعة في رؤية الحركة الإسلامية للإصلاح، ومما جاء فيها (المرأة تتمتع بكامل الحقوق السياسية، المتمثلة في حق الانتخاب والترشح، وتولي المناصب، والانضمام للأحزاب السياسية، وإبداء الرأي في كل جوانب الحياة بلا استثناء) وفي ضوء هذه النصوص دخلت المرأة مجالس الشورى، واللجان المركزية، والانتخابات النيابية، والحراك الشعبي للإصلاح، ولا يوجد عائق تشريعي يحول دون تسلمها موقعاً قيادياً في السلطة التنفيذية.

أيها الإخوة الكرام: إن الإسلاميين من نبت هذا الوطن، ومن نتاج الحضارة العربية الإسلامية، وهم يترسمون خطا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين المهديين، الذين ملأوا الأرض عدلاً بعد أن ملئت جوراً، وأقاموا مجتمع الخير والعدل والتراحم والتكافل، فسعدوا وأسعدوا، وهم منفتحون على كل الأفكار والتيارات والتجارب الإنسانية والعلوم والمعارف، وهم يقدرون منجزات الحضارة ويبنون عليها، وهم مؤمنون بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع، والتعاون مع الآخر، على قاعدة: (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه) وشعارهم رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب، ويرحبون بالنصيحة والنقد والمساءلة، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

--------------------------------------------------------------------------------------

الأستاذ جواد الحمد

مدير عام مركز دراسات الشرق الأوسط - الأردن

أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة والسيادة ، الزملاء الباحثون ، السادة والسيدات ،، لقد دخلنا اليوم عصرا جديدا ومرحلة جديدا من دور الأمة الرائد في السباق الحضاري والتنافس على زعامة العالم الذي جعل من ميدان التحرير في مصر مثلا يحتذى لكل مظلوم في هذا العالم، وصحيح أن المسار يواجه الكثير من العقبات والتحديات، بل وتشوبه بعض الخلافات والقراءات والرؤى، غير أن الطريق قد بدأت تختط معالمه على الصعيد السياسي بشكل غير مسبوق، وبرغم التخوفات المشروعة من تدخل الأجنبي ودوره المشبوه المحتمل في إعادة رسم المشهد والتدخل في مخرجات الثورات والحراكات الإصلاحية والسياسية، إلا أن المحصلة العامة للمسار لا تزال تصب في صالح النهضة والتقدم الديمقراطي على طريق التنمية والريادة والاستقلال والحرية.

لقد رسم الأمريكيون في أواخر القرن العشرين مسارهم الاستراتيجي ليكون القرن الجديد الحادي والعشرون القرن الأمريكي الخالص، وحاولت إسرائيل بنفوذها الدولي وإمكاناتها العسكرية أن تفرض هيمنتها الأمنية والعسكرية على العالم العربي، وساهمت أوروبا ودول أخرى في العالم في السعي لنهب ثروات الأمة وسلبها حريتها واستقلالها بالضغوط رغبة ورهبة، وشكلت الولايات المتحدة ببرامج ومساعدات مالية وغيرها جيوبا متقدمة في أوطاننا أعدتها لتكون بديلا للأنظمة الحاكمة عندما تسقط أو تنتهي صلاحيتها شعبيا أو دوليا على حد سواء، ولتحول دون  نجاح أي عملية تغيير جادة في بلادنا، ولعل القراءة المتفحصة لمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أطلقه المحافظون الجدد في الولايات المتحدة وبتعاون دولي قد شكل محاولة أكبر لتكريس واقع الهيمنة والتخلف في آن واحد، ولم يحمل في طياته إلا المحافظة على مصالح الولايات المتحدة، ولكنه تحطم على صخرة المقاومة الفكرية والسياسية والاجتماعية، بل وبسواعد المقاومة اللبنانية والفلسطينية في حربي عامي 2006 و2009 اللتين هزمت فيهما إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة شر هزيمة على المستوى المرحلي.

لقد فاجأت الشعوب العربية العالم بانتفاضتها على الظلم والاستبداد والفساد من قبل  النخب السياسية الحاكمة، تماما كما أسست واقعا جديدا على المستويين الإقليمي والدولي، بعيدا عن الهيمنة الدولية بكل مستوياتها، والذي يؤمل أن يوصل إلى الاستقلال والحرية الوطنية، كما التحلل من الهيمنة والتبعية الدولية، ودخلت مرحلة بناء العلاقة مع الآخرين على قدم المساواة، وتعمل اليوم بسواعد شبابها ورجالها ونسائها على إعادة الاعتبار للأمة التي مسخها قادتها وزعماؤها أمام  العالم لأكثر من مائة عام.

أيها الإخوة والأخوات

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن قبل عامين مؤتمرا لبحث مشاريع التغيير الخارجية والداخلية في المنطقة، المعادية منها والصالحة، وقد اتضح لدى المؤتمر حينها أن المعطيات القائمة توفر فرصا مواتية لإحداث عملية تغيير حقيقي في بنية دولنا وعالمنا العربي على الصعيد السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وأن القوى الأساسية الحاكمة أصبحت في أغلب الدول فاقدة للشرعية، وتعتاش على خدمة مصالح الغرب، وأن ظروفها السياسية تشكل حالة هشة، وأن الغرب قد بدأ يشعر بهذه الحقيقة، ما دفعه لتقديم مشاريع احتوائية قبل أن تتقدم المشاريع الوطنية والعروبية والإسلامية لتحل محلها، وقد اتفق المؤتمر على أن الديناميكية الممكنة للتغيير على الصعيد الوطني والقومي هي المشروع العروبي القومي والمشروع الإسلامي، وقد دعا المؤتمر بوضوح إلى أهمية بناء مشروع مشترك بين التيارين الإسلامي والقومي على قواسم تحقق مصالح الأمة العليا لتحقيق غايات التغيير المنشودة، وقد شهدنا يومها حماسا شديدا من مؤيدي التيارين لهذا التوجه، وقد شكل المؤتمر وبحوثه ونتائجه مرحلة تحول في التفكير الاستراتيجي في المنطقة لدى القوى العربية المناهضة للاستبداد والظلم، والتي ترفض المشروع الصهيوني والهيمنة الإمبريالية على منطقتنا،  ولذلك مثلت الحراكات الإصلاحية والانتفاضات على الاستبداد والثورات العربية حاملا طبيعيا لمشروع مشترك بين التيارين الإسلامي والقومي، وما بعض الخلافات التفصيلية وإن علت أصواتها أحيانا إلا مرحلة عابرة يرجى أن لا تؤثر على المخرجات النهائية لهذه العمليات التغييرية الصعبة وربما الجراحية لاورام الاستبداد والظلم الطويلة في بلادنا.

إن لعمية التحول الجارية في العالم العربي مراحل ثلاثا لا بد أن تمر بها، الأولى هي مرحلة الانتفاض والثورة على النخب الحاكمة التي تصر على الاستبداد والظلم والفساد والولاء للأجنبي حيث وجد، ولا ترضى بالقيام بالإصلاحات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والتعبير عن إرادة الأمة الحرة، والثانية مرحلة المعركة السياسية والاجتماعية مع فلول الأنظمة البائدة ومع جيوب الإمبريالية الأمريكية المتحالفة معها أو البديلة عنها، تلك التي تتحصن في الكثير من المواقع بين صفوف أمتنا، وبأكثر من شكل، وهي تعتاش على التمويل والدعم الغربي الذي يحدد أجنداتها وتوجهاتها وبرامجها بما يخدم مصالحه وتطلعاته، والثالثة مرحلة تأسيس الدولة وتحريرها من قبضة الاستبداد عبر بناء نظام ديمقراطي تعددي مستقل وحر يستند إلى شرعية شعبية حقيقية، ويمثل تطلعات الشعوب ومصالحها وقضاياها القطرية والقومية على حد سواء.

لقد اتضح منذ بدايات العام 2011 أن رياح التغيير الخيرة التي هبت في تونس إنما تحمل في طياتها عملية تغيير حقيقية وفق ديناميكيات التغيير الاجتماعي الخاصة بالأمة، والتي كانت تصاحب انعطافات فجائية لا يتوقعها الكثيرون عبر التاريخ، ومَثَّل نجاحها باجتياز أسوار مصر العالية، والتي تمثل قلب العروبة ومركز قيادتها، مثّل تحولا تاريخيا قويا تخطى كل الخطوط والسدود التي رسمت على مدى عقود في هذا الوطن العربي الأبي، تلك التي تمثل مصالح القوى الحاكمة وحلفائها الدوليين بعيدا عن مصالح الأمة وحقوقها، وبذلك اجتازت الثورة العربية الخط الأحمر، كما تجاوزت محاولات التشويه والتشكيك بإمكانية النجاح أو بطبيعة المشروع والتيار الحامل له.

السادة والسيدات

لقد ظهرت الكثير من المؤشرات على إمكانية تقدم التيار الإسلامي في بعض البلدان العربية التي انتهت فيها الثورة من المرحلة الأولى ليكون عاملا أساسيا في قيادة دفة البلاد، وسارعت القوى الغربية والجيوب التابعة لها وفلول الأنظمة البائدة إلى التخويف من هذه الظاهرة، حتى تأثر البعض منا ليعتقد بأن العالم العربي سوف ينهار ويُقضى عليه إذا حكم الإسلاميون أو حتى شاركوا في الحكم، وبرغم محاولات التطمين التي قدمها التيار الإسلامي في كل من مصر وتونس على وجه التحيديد غير أن التشكيك وإثارة الغبار استمر، سواء بحسن نية وحرصا على الصالح العام، أو بسوء نية بهدف إحداث الفتنة في الأمة.

ولم تتكمن التيارات الوطنية والقومية الأساسية، العروبية منها واليسارية والإسلامية، أن توحد جهودها لمواجهة هذه الظاهرة إلا من قلة من الحكماء من مختلف التيارات، وظل الحوار يتعامل مع الشبهات والشكوك كحقائق، بل ومضى البعض ليضع الفرضيات الخيالية والنظرية، وهو يحشد لها مقالة هنا وتصريحا هناك، ويسجل سقطة هنا أو خطأ هناك، ناهيك عن تحريف الكلم عن مواضعه، وهو ما أعطى فرصة لجماعات الثورة المضادة أن تتنفس وتتحرك، وهو كذلك ما شجع الولايات المتحدة والغرب على سرعة إعادة التموضع للحضور في المشهد القادم والتأثير فيه وبمخرجاته، ولمنع الشعب والأمة من قطف ثمار تضحياتها على مدى عقود.

ولذلك كان التعجيل بعقد هذه الندوة العلمية بعنوان: الإسلاميون والحكم، ليكون الحوار بين الجميع على أسس علمية ووفق مصالح الأمة العليا، ولو اختلفت المقاربات، وربما المعلومات أحيانا في النظر إليها، وليتم تبادل الرأي بين أطياف الأمة المختلفة الإسلامية واليسارية والقومية والليبرالية حول كيفية اجتياز المرحلة، في ظل تحقيق فهم مشترك أوسع، وتعاون وشراكة وطنية وقومية وإسلامية على حد سواء، ما دام التيار الإسلامي سيكون عاملا فاعلا وأساسيا في مرحلة الحكم الجديدة.

وبرغم الصعوبات التي واجهت عقد هذه الندوة على كل المستويات، غير أن ما تحقق اليوم باجتماعكم هذا يمثل أكثر من 60% مما خطط له، ولذلك فإن مسئولية هذه الثلة المختارة من أبناء هذه الأمة، والتي تمثل النخب السياسية والقيادية في أكثر من أحد عشر قطرا عربيا، أن تنجح في بحث موقف الإسلاميين من المرحلة القادمة ومن الحكم والشراكة في الحكم، وأن تعالج فكريا وسياسيا العديد من المسائل المهمة المتعلقة بطبيعة النظام السياسي المرجو تحقيقه فيما عرف بالدولة المدنية وموقع الشريعة الإسلامية منها، والتوصل إلى أفضل الرؤى حول أهمية تداول السلطة والتعددية واحترام الآخر والانفتاح بين الجميع، وأن تكون الدولة للجيمع، وتحقيق الشفافية العالية في العمل الحكومي والحزبي على حد سواء، والسعي لبلورة أنظمة سياسية تحقق للأمة أن تكون مصدر السلطات، وتمنع الاستبداد وتفشي الفساد والظلم، وأن تقيم العدل والمساواة بين الناس، وأن تجعل من المواطنة العربية نموذجا جديدا يتفوق على النموذج الغربي ببناء الإنسان الصالح بكل جوانبه، وكذا التوصل إلى رؤية عربية مشتركة للتعامل مع القوى الإقليمية والدولية ومواجهة التحديات بمختلف أنواعها، حتى تكون الثورات بالفعل نقلة تاريخية كما نقرأها من حيث المبدأ، وحتى تقيم هذه النخب للأجيال القادمة حالة متقدمة من المشروع الحضاري النهضوي لهذه الأمة الرائدة، ولتعيد لها دورها العالمي في مضمار التنافس الحضاري بين الأمم.

الإخوة والأخوات،،

إن مرحلة التحول الكبيرة التي تمر بها أمتنا إنما هي ثمرة الكفاح والتضحيات التي قدمتها الأجيال على مدى العقود الماضية بأشكال مختلفة، وهي معركة الوجود والاستقلال والحرية والكرامة والتحرر، وإن الاجيال الجديدة التي عبرت عن وعي كبير بدورها الرائد في هذه الثورات والانتفاضات والإصلاحات إنما تشير إلى أن التضحيات التي قدمت لم تكن عبثا، وإن التواصل الاجتماعي والتاريخي بين الأجيال إنما يشكل رافعة مهمة للمستقبل، وهو ما يدفعنا إلى وضع الاهتمام بقطاع الشباب في سلم الأولويات في المرحلة القادمة على صعيد البناء الوطني، لتكون الأمة بشبابها وشيبها قوة عالمية تُحترَم وتحمي مصالح الأمة وتمنع العبث بها من الآخرين.

والسلام علكيم ورحمة الله وبركاته  

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ورقة العمل الرئيسة

الفكرة

مع تسارع إشكالية دور الإسلاميين في الحكم في دول الإصلاح والثورات، أصبح الأمر بحاجة إلى تجسيد الفهم والعلاقات وتقديم رؤية واقعية وحقيقية عن نظرة الإسلاميين إلى الدولة العربية المعاصرة .

أهداف الندوة

1.    دراسة واستقراء نظرية الإسلاميين في الدولة العربية الحديثة في مرحلة ما بعد الثورات

2.    دراسة التحديات التي تواجه دول الإصلاح والثورات، وكيف يرى الإسلاميون التعامل معها.

المحاور الرئيسة

المحور الأول: الإسلاميون والحكم، مقاربة سياسية فكرية جدلية

o      نظرية الحركة الإسلامية المعاصرة في الحكم

o      الإسلاميون بين الإقصاء والمشاركة، ونظرية المشاركة والمغالبة

o      الإسلاميون والسعي للوصول إلى السلطة لتطبيق برنامجهم

o      محاولات بعض مشاريع الإصلاح السياسي الإسلامية ( مصر/ سوريا/ الأردن/ الجزائر ....) وتجربة الحكم والمشاركة في الحكم ( السودان/ غزة/ الجزائر ...)

 

المحور الثاني: الإسلاميون وتداول السلطة

-       الإسلاميون والآخر- الوطني أو القومي-.

-       موقف حركات الإسلام السياسي من الديموقراطية بوصفها آلية لتداول السلطة

-       آثار احتكار السلطة وتداعياتها في مراحل مختلفة من تاريخ منطقتنا العربية

-       العلاقة بين تداول السلطة والمشاركة الشعبية واتخاذ القرار

-       العلاقة بين الشورى والديمقراطية والاستبداد والتطرف، وتداعيات كل منها

-       التطبيقات والأشكال المتعددة للديمقراطية في العالم العربي والعالم، وموقف الإسلاميين منها

-       قاعدة "الأمة مصدر السلطات"، والعلاقة مع قاعدة "مصدر التشريع"

المحور الثالث: الدولة المدنية في فكر حركات الإسلام السياسي وممارساتها

-       رؤية الإسلاميين للدولة الحديثة والدستور والقانون وفق النظرية الإسلامية

-       موقع المرجعية الإسلامية من الحكم وإدارة الدولة، والتشريع الإسلامي

-       المواطنة والمرجعية

-       الديمقراطية والشورى

-       التنوع الإثني والديني

-       التكامل مع الدول، بين الدول العربية والدول الإسلامية

-       الدولة العالمية والخلافة (والدولة بين الاستقلال والتبعية للمركز)

المحور الرابع: الإسلاميون والقوى الأخرى والشراكة في الحكم

-       سعي الأحزاب السياسية، الإسلامية وغير الإسلامية، للعمل والمشاركة السياسية وطرح الأفكار والمشاريع، والحق في الوصول إلى السلطة

-       نقاط الالتقاء والتعارض والاحتكاك بين مختلف القوى السياسية الفاعلة

-       موقف الإسلاميين من وصول غيرهم للسلطة بالطرق الديمقراطية النزيهة، وموقفهم من الناخبين

-       موقف الآخر- الوطني والقومي- من تسلم الإسلاميين للحكم ديمقراطيا

 

المحور الخامس: التحديات التي تواجه الدولة العربية ما بعد الثورات، وموقف الإسلاميين منها

-       التعامل مع نظام الحكم السابق بكل مكوناته السياسية والاقتصادية والفكرية وكوادره

-       التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية

-       البحث العلمي

-       المواطنة والهوية والتعدد الثقافي واللغوي

-       الفن والإعلام والمرأة

-       المعارضة السياسية والحريات العامة

-       الأمن القطري والأمن القومي العربي

-       بين القطرية والوحدة العربية، وجامعة الدول العربية (بين الدولة والأمة)

-       الصراع العربي- الإسرائيلي، والقضية الفلسطينية، ومشروع التسوية السياسية، ومشروع المقاومة

-       المساعدات الدولية

-       الموقف من الثورات العربية الأخرى

المحور السادس: الإسلاميون والعلاقات الإقليمية والدولية في مرحلة الحكم

-       العلاقات الإقليمية (الصديقة والمعادية)

o      تركيا وإيران

o      إسرائيل

o      العمق الإفريقي

-       العلاقات الدولية

o      الأمم المتحدة

o      الولايات المتحدة

o      الاتحاد الأوروبي

o      المجتمع الدولي والقانون الدولي وذلك على الصعيد السياسي والاقتصادي والأمني


ملخصات أوراق العمل

الجلسة الأولى

الإسلاميون والحكم، مقاربة سياسية وفكرية

د. أحمد الأبيض

عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة- تونس

لفت الدكتور أحمد الأبيض عضو الهيئة التأسيسية لحزب النهضة في تونس الأنظار إلى سؤال في موضوع الإسلاميين والحكم يرى أنه جدير بالإجابة عليه، وهو كيف تكون المرجعية الإسلامية مرجعية للعمل السياسي؟. ويرى أنه للإجابة عن هذا السؤال لا بد من العلم بأن النص الديني ما زال عنده ما يقول وهو مفتوح على مقولات كثيرة مع العلم أن هناك ضرورة للتفريق بين النص الديني والتدين بناء على أن التدين خاضع للاجتهاد الذي قد تختلف أحكامه بتعدد المجتهد في النص الديني.

ورأى الأبيض أن العامل الرئيس لكون المرجعية الإسلامية مرجعية للعمل السياسي هو أن تنبثق من مبدأ التوحيد الذي يقوم على الشهادة التي تحتوي على معاني الاعتراف بالذات والاعتراف بالغير والإقرار بالمعايشة وتقوم على الإعلام لأنها أصل والسرية استثناء. وأكد الدكتور أحمد الأبيض على ضرورة كون العمل الإسلامي في مجتمع قائم على التحديث والتجديد في ظل تراث هذه الأمة وحضارتها. كما ذهب إلى ضرورة العودة إلى منطق الاستخلاف بمعنى أن الشعب هو مصدر السلطات وهذا يحتم على الشعب أن يقوم بواجب الشهادة بدلالاتها الأربع وهي الحضور والعلم والرقابة وامتلاك الشجاعة لأداء هذه الشهادة.

 ***************************

الجلسة الثانية:

الإسلاميون وتداول السلطة

د.غسان عبدالخالق

أستاذ النقد والفلسفة- الأردن

تلحظ الورقة أن هناك هلالاً سنياً يتشكل على امتداد الساحل الجنوبي والشرقي لحوض البحر الأبيض المتوسط، وأن هذا الهلال قد أسلم زمامه للإخوان المسلمين بوجه خاص. إلا أنها ترى العديد من العقبات والتحديات التي ما زالت تقف في طريق الإخوان ومنها:

- إعادة بناء ثقافة قواعدهم السياسية بما يتناسب مع الظروف المستجدة.

- استخدام لغة سياسية مهنية.

- تجاوز الصدام بين الإسلاميين والعلمانيين.

- التعامل مع التيارات الإسلامية الأخرى.

- المحافظة على الالتزامات الدولية وإفراز رؤية واضحة بخصوص العولمة.

- قضية الحدود التي يمكن أن تبلغها المرأة والسياسيون العرب غير المسلمين على صعيد الولاية السياسية العامة.

- حرية التفكير والتعبير والنشر، وحرية طرح قضايا الجنس والدين والسياسية بوجه خاص.

- إطلاق عنان التجديد والتطوير والتحديث في التعليم المدرسي والجامعي، ودعم خيار دولة المؤسسات ومهنية وحرفية المؤسسة العسكرية والأمنية.

- الاستعداد لمغادرة الحكم في حال الإخفاق في تحقيق الأمن والاستقرار والتقدم المطلوب.

وتقترح الورقة إعلان الإخوان المسلمين ميثاق شرف يؤكد استعدادهم التام ليكونوا واحداً من الخيارات العديدة التي يمكن أن تلجأ إليها الدولة العربية الحديثة كي تستقر وتنمو، وأنهم لن يكونوا الخيار الوحيد.

 ***************************

أ‌.       زكي بني إرشيد

رئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي- الأردن

تبرز على الساحة أسئلة كثيرة بخلفيات عدة وبأجواء من التشكيك والاتهامية بقدرة الإسلاميين على تمكين آليات الديمقراطية، وإنتاج الحكم الرشيد أو رغبتهم في إنجازها، هذه الإثارة المستمرة وضعت الحركات الإسلامية في مربع المحاكمة باعتبارها متهمة ومدانة أحياناً ووظفت تلك الاتهامات لمحاصرتها ومنعها من تقديم تجربتها ونموذجها في الحكم.

وإذا كان النموذج الاقتصادي الإسلامي أو المشروع الاقتصادي النظري قد وجد لدى العالم -بعد أزمته المالية- ما يستحقه من قبول فهل بوسع النظام السياسي الإسلامي أن يقدم نفسه للعالم من خلال نموذج عملي في الحكم يجسد رؤية الحركة الإسلامية وبرنامجها ويخضع للمراجعة والمحاكمة، فمن حق المجتمعات العربية ومكوناتها أن تسعى للحصول على فهم  صحيح ودقيق لنظرية الإسلاميين في الحكم وأن تحصل على الضمانات الكافية لعدم تكرار نماذج الاستبداد السياسي، ولكن ما الجهة التي تقدم لها أوراق الاعتماد وتلك الضمانات لإصدار شهادات حسن السلوك والتأهيل للمرور السياسي؟

إن للمجتمع أن يختار وأن يمنح الفرصة لتجربة الحركات الإسلامية في إدارة البلاد ويرقب الأداء ويختبر الممارسة، ويرى ويقيم وعندها سيكون الحكم.

إن مطالبة الاسلاميين أن يتحولوا إلى نسخة محسنة من المناهج الحاكمة هو ظلم للتجربة والمشروع، وإن التطور الديمقراطي يستوجب أن يتقدموا بنموذجهم الخاص وتجربتهم الذاتية لا أن يقوموا بإجراء تغييرات على النظام العلماني أو تحسينات على قصوره، ما يفقد الحركة الإسلامية القدرة على صياغة مشروعها المتكامل، لصالح المراوحة بين محطات التجارب الفاشلة.

وفي النهاية يبقى السؤال قائماً: هل ينجح الإسلاميون في الحكم وهم لا يملكون رصيداً عملياً في هذا الصدد؟ وفي المقابل هل يملك غيرهم هذا الرصيد؟

 ***************************

الجلسة الثالثة:

الإسلاميون والشراكة مع القوى الأخرى والشراكة في الحكم

د. محمد الأفندي

رئيس الدائرة الاقتصادية في التجمع اليمني للإصلاح ووزير التجارة السابق

يقصد بالإسلاميين في هذه الورقة التيار الإسلامي الإصلاحي، الذي يهدف إلى الإصلاح والتغيير وفقاً للنهج السلمي، والعمل السياسي وفقاً لبرامج ورؤى وخطط واقعية ذات مرجعية إسلامية، دون أن يكون محتكراً لهذه المرجعية.

وهو بهذا النهج السلمي يقبل بالديمقراطية ويؤمن بها كآلية معاصرة لتطبيق الشورى، ويقبل الشراكة مع التيارات الأخرى -القومية واليسارية، والليبرالية- في الحكم، ويؤمن بالتداول السلمي للسلطة.

تسعى هذه الورقة إلى تقديم عرض تحليلي وتقدير موقف التيار الإسلامي من الشراكة والتعايش مع التيارات الأخرى وفقاً للبرامج والمواقف المعلنة، وخاصة مع ظهور ثورات الربيع العربي. وتحقيقاً لهذا الهدف فإن الورقة تناقش دلالات الشراكة السياسية والمخاوف المتبادلة وتصف نموذج تعايش أحزاب اللقاء المشترك اليمني، وتتنبأ بسيناريوهات الشراكة في الحكم.

وتتكئ هذه الورقة على فرضيتين أساسيتين مؤداهما أن التيار الإسلامي الإصلاحي يؤكد على رؤية متقدمة للشراكة وقبول الآخر، والأخرى هي ولوج عصر الشعوب.

***************************

الدكتور عدنان هياجنة

أستاذ العلاقات العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الهاشمية- الأردن

ذهب الدكتور عدنان هياجنة؛ أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية في الجامعة الهاشمية، إلى أنه لا بد من إعطاء الفرصة الحقيقية للحركات الإسلامية في هذه المرحلة لتطرح نفسها كبديل للأنظمة الحالية، كما أتيحت الفرصة لغيرهم من قبل، لافتاً الانتباه إلى أن وجود تحديات على ثلاثة متسويات تواجه التغير في المنطقة العربية وهي:

1.                على مستوى المواطن العربي الذي يبدو مهتماً بالمشاكل والأوضاع الاقتصادية أكثر من الشؤون السياسية .

2.                على مستوى هيكل الدولة المستقبلي و العلاقة المستقبلية بين القوى السياسية .

3.                على مستوى هيكل النظام الدولي الذي يتغير بناءً على المصالح المشتركة بين القوى العالمية .

أكد الهياجنة على أن قوة الإسلاميين في هذه المرحلة تعود إلى عدة عوامل من أهمها عدم مشاركة الحركات الإسلامية في الأنظمة الحاكمة و إقصائها، وفشل الأنظمة القائمة في الحكم بالإضافة إلى فسادها، وكذلك ترجع قوة الإسلاميين إلى نجاحهم في العمل الإجتماعي والاقتصادي مع ما يضاف إليهم من مصداقية.

ولكن الدكتور الهياجنة في المقابل حذر من بعض التحديات التي تواجه الإسلاميين في هذه المرحلة ومن أهمها الثقة الزائدة في النفس من جانب هذه الحركات، وكذلك تخوف المواطن العربي من وصول الإسلاميين إلى السلطة فضلاً عن الحالة السيئة التي وصلت إليها الدول التي من المتوقع أن يحكمها الإسلاميون حيث إنها سترث إتفاقيات دولية وإقتصادية مجحفة ساهمت في القضاء على مقدرات هذه الدول في ظل معدلات مرتفعة للبطالة والفقر. 

***************************

الجلسة الرابعة:

الدولة المدنية في فكر حركات الإسلام السياسي وممارساتها

د. علي الصوا

أستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية في الجامعة الأردنية

ترى الورقة أن الدولة المدنية هي التي تعبر عن المجتمع، وتكون وكيلة له وتستتند إلى قيمة، يختار فيها الناس حكامهم وممثليهم ويحاسبونهم ويعزلونهم، ثم عقدت مقارنة بين الدولة المدنية والدولة الدينية (الثيوقراطية)، ورأت بأنه وفقا للنظرية الإسلامية فإن "الأمة مصدر السلطات"، وركزت على أن الإسلام دين ودولة وأن الإسلاميين لا يختلفون في أن الدولة الدينية وفق مصطلحها التاريخي الغربي لا وجود لها في الإسلام، وأنهم لا يريدون إقامة دولة دينية أو ثيوقراطية.

وتلفت الورقة إلى تحولين بارزين في فكر الحركات الإسلامية الوسطية وواقع علاقتها مع الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية:

أولهما: اتخاذ قراراتهم بالمشاركة السياسية مع أنظمة لا تتبنى الإسلام أساسا للحكم، باعتبار أن ذلك قد يحقق مصلحة وطنية في مجالات متعددة.

ثانيهما: التصريح بأن في الإسلام دولة مدنية حصريا لا دولة دينية.

ونقلت الورقة أن غير المسلمين يعدون من أهل دار الإسلام في أقوال الفقهاء جميعهم، فهم من شعب الدولة ومكوناتها، كما رأت أن الأمة المسلمة وإن خسرت وحدتها السياسية بعد الدولة العثمانية، لكنها لا زالت قائمة على أساس الوحدة الاجتماعية "إن هذه أمتكم أمة واحدة"، وهي أقدر على الاستجابة للاندماج، لأن ذلك يتبع من أصالتها التاريخية وشخصيتها الإسلامية ومقوماتها المشتركة، وأن أحسن مثال للاجتهادات العصرية بهذا الخصوص هو فكرة تطوير الوحدة الاسلامية بإنشاء منظمة دولية التي سماها عبدالرزاق السنهوري  "جامعة الشعوب الشرقية".

وختمت الورقة بأن دعوة التضامن الإسلامي والسعي لإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي جاءت ثمرة لكفاح الحركات الشعبية والحركات الاسلامية، وأن هذه المنظمة مصيرها الانهيار اذا تركت على حالها دون اعادة النظر في جوهرها وأسس تنظيمها.

***************************

د. أحمد نوفل

أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك- الأردن

ومن جانبه تساءل الدكتور أحمد نوفل، أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك، إن كان الوصول إلى  السلطة هو هدف الحركات الإسلامية؟ أم أن ذلك هو مقدمة للوصول إلى هدف أكبر وهو النهضة على أسس إسلامية. كما تحدث عن مخاوف الغرب من وصول الحركات الإسلامية إلى الحكم، نافياً وجود دولة دينية، بمعنى الدولة الثيوقراطية حسب المفهوم الغربي، في التاريخ الإسلامي، وموضحاً أن الهدف من طرح فكرة الدولة الدينية هو تخويف الشعوب العربية من الإسلاميين وإشغالهم في الدفاع  عن أنفسهم. وأكد د. نوفل على أن الإسلام يرفض إسناد سلطة الشرع إلى فئة محددة من الشعب، وتحدث عن مدينة الدولة ودينية التشريع في الدولة الإسلامية، معدداً بعض صفات الدولة المدنية من منظور إسلامي، ومنها أن لا قداسة للحاكم، وأن حرية إبداء الرأي تعد جزءاً من الشورى، فضلاً عن أن حركات الإسلام السياسي ارتضت أسلوب الانتخابات للوصول إلى السلطة.

***************************

الجلسة الخامسة:

التحديات التي تواجه الدولة العربية ما بعد الثورات العربية وموقف الإسلاميين منها

أ‌.       منير شفيق

أمين عام المؤتمر القومي الإسلامي- الأردن

تتناول هذه الورقة بالتحليل محورين أساسيين على صلة بالثورات العربية، حيث يناقش الأول واقع هذه الثورات من خلال التركيز على ثلاث نقاط رئيسية، يؤكد أولها على أن التغير في موازين القوى العربية والإسلامية والعالمية التي شكلت الشروط الخارجية لتفجّر الثورات الشبابية الشعبية، ما كان من الممكن أن تحدث لولا المقاومة والممانعة التي عرفتها الثماني سنوات الماضية في الانتصار على العدوان الصهيوني- الأمريكي سواءً في لبنان أو غزة أو العراق، بينما يؤكد ثانيها على أن الثورات في مواجهتها لأنظمة الاستبداد والفساد، تجنبت الهجوم على السياسات المتعلقة بالتبعية لأمريكا والتفريط في القضية الفلسطينية أو الخضوع للعولمة وتنفيذ أجندتها، ويذهب آخرها إلى أن مواقف الترحيب التي وقفتها أمريكا والدول الأوروبية إزاء نتائج الانتخابات في تونس أو مصر، لم تكن إلا مواقف مزيفة تعجز عن مواجهة القوى الصاعدة.

ويركز المحور الثاني من الورقة على مستقبل وتحديات أنظمة ما بعد الثورة، مؤكداً على أن مستقبل هذه الأنظمة سيواجه العديد من التحديات؛ إذ إن نجاح الدولة القطرية العربية مرهون بوجود مشروع وحدوي عربي يتسّع باستمرار ليشمل الأقطار العربية أو معظمها، كما أن فترة الترحيب الدولية بالأنظمة العربية الجديدة سواء أكانت إسلامية أم قومية أم وطنية أم ديمقراطية ليبرالية ستنقضي بمجرد الدخول في حوار جدّي يتناول السياسات الخارجية والداخلية.

***************************

أ‌.       خالد السفياني

المحامي والسياسي المغربي والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي

اهتمت هذه الورقة بمناقشة التحديات التي تواجه الجهة أو التنظيم الذي ستفرزه صناديق الاقتراع في أي قطر من أقطار الوطن العربي، إذ إن الثورات التي أفرزت هذا الواقع اختلفت بسماتها عن بقية الثورات التي حدثت على مدى التاريخ.

وقد تناولت الورقة التحديات التي تواجه الإسلاميين، حيث تعطي الآفاق البادية امتداداً واسعاً لهذه التنظيمات، على أنها تحديات داخلية وخارجية. وفيما يتعلق بالداخلي منها فتشير الورقة إلى أنه لا بد من أخذ الحيطة والحذر من فلول ومكونات الأنظمة الاستبدادية التي تم إسقاطها، والتي تسعى لاسترداد كرامتها التي أفقدتها الثورة، إضافة إلى تحدٍّ آخر يتعلق بتحقيق أهداف الثورة في الحرية والنماء، وكيفية تحويل شعارات الثورة إلى برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي وهوياتي.

أما بالنسبة للتحديات الخارجية، فقد نبهت الورقة إلى ضرورة التيقظ من المحاولات الخارجية للالتفاف على الثورة والإمساك بزمام الأمور، ومن السعي وراء قضية الطمأنة، والاحترام الكامل للاتفاقيات، إضافة إلى تحدي الانجرار وراء الاعتراف الغربي بالتيار الإسلامي المعتدل. ومن جهة أخرى فهنالك تحدٍّ يتعلق بالعروبة والإسلام، إذ إن هنالك من بهمه إبعاد ثوراتنا عن العمود الفقري لأمتنا والذي هو العروبة والإسلام، كما حذرت الورقة من شعور أية قوى فازت في محطة الاستحقاق الانتخابي بالنشوة، إذ إن الوطن للجميع وبناؤه مسؤولية الجميع.

***************************

الجلسة السادسة:

 الإسلاميون والعلاقات الإقليمية والدولية في مرحلة الحكم

د. قطبي المهدي

رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني السوداني

تناقش الورقة تحدي إدارة الإسلاميين للعلاقات الدولية والإقليمية الذي تعده أكبر تحديات الدولة الإسلامية في عالم اليوم، وذلك لتعارض وتناقض مصالح الكثير من الدول مع مشروع الدولة الإسلامية حضارياً واستراتيجياً.

وتركز الورقة على تجربتي إيران والسودان في إدارة علاقاتهما الدولية، وذكرت التحديات الرئيسية التي تواجه علاقات إيران الإقليمية.كما تطرقت الورقة إلى استراتيجيات إيران في التعامل مع دول الخليج والعراق وجوارها الشرقي والشمالي وفي التعامل مع القضية لفلسطينية.

وبخصوص السودان ناقشت الورقة أسلوب الإسلاميين في تبديد شكوك الغرب حول طبيعة حكومتهم، ثم طرق مواجهتهم للحصار الذي فرض عليهم.

وخلصت الورقة إلى أن حكومة الإسلاميين الوليدة ستواجه بجملة عداء سافر أو مبطن منذ اليوم الأول من الصهيونية في إسرائيل والغرب. وإن تغييراً شاملاً في المنطقة الإسلامية هو الضمان الوحيد لتوفير بيئة إقليمية أو دولية يمكن أن تساعد حكومة الإسلاميين على الصمود والتقدم. وإن تعاوناً شاملاً بين الحكومات والشعوب الإسلامية يشمل نظاماً اقتصادياً وتجارياً وأمنياً مشتركاً وتوافقاً سياسياً مؤسساً يُحقق الاعتماد على الذات وتكون الإرادة السياسية للحكومة الإسلامية فيه حرة وغير مرهونة للضغوطات الاقتصادية والسياسية والأمنية للدول المعادية. هو الضمان الوحيد لتأمين وجود هذه الحكومة بوصفها حكومة قوية وفاعلة ومؤثرة.

فإذا استطاعت هذه الحكومة ان تُقدم نفسها للعالم كإضافة حقيقة للمجتمع الدولي وعاملاً جديداً يدعم السلام العالمي ويسهم في الازدهار الاقتصادي فإن ذلك سيمكنها من مد جسور التواصل والتعاون مع المجموعة الدولية. أي وضع يجعل هذه الحكومة معتمدة (Dependant) على أعدائها في اقتصادها وأمنها, وغير معتمدة على مواردها وقدراتها الذاتية ومحيطها الإسلامي سيجعلها حكومة فاقدة للهوية والاستقلال وخاضعة للمؤثرات الخارجية.

***************************

د. سليم الجبوري

رئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي

تطرح هذه الورقة جملة من الجدليات والاستفهمات حول الإسلاميين والعلاقات الدولية في مرحلة الحكم، حيث تناقش الجدلية الأولى مفهوم العلاقة، ومن أين نواصل تلك العلاقة هل بمنظور سياسات بحت أم من منطلق عقائدي، وما هو الحاكم في العلاقة. بينما تناقش الجدلية الثانية التحديات في رسم صورة العلاقة، وهل تقوم العلاقات اليوم كما تشاء الحركات الإسلامية أم كما يشاء خصومها، أم كما تشاء المصلحة والحاجة؟ فالإسلاميون اليوم يواجهون تحديات خطيرة وحساسة فهناك من يسعى لإفشال تجربتهم من غير القوى الداخلية المنافسة.

 أما الجدلية الثالثة فتحدثت عن تحديات الأزمة الدولية، إذ إن هنالك أمور تتطلب موقفاً سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، وهذا ما لم تحسمه الحركات الإسلامية بعد، وربما يحتاج منها إلى زمن وتدبر ونظر وخبرة للحسم في هذه الملفات الشائكة. هذا وقد عرضت الجدلية الرابعة للإيمان بالنظام الدولي، الذي له تبعات تتمثل بضرورة الانحياز إلى معسكر ما زال فاعلا على الأرض، ومن هنا فلا بد للحركات الإسلامية أن تحدد خياراتها بشكل سريع ودقيق.

وتناقش الجدلية الخامسة والأخيرة إشكالية المقبولية الدولية للحركات الإسلامية حتى داخل بعض الأنظمة العربية التي تخشى من أن تزعزع بعد أن رأت قدرة الحركات الإسلامية على تحريك الثورات، إذ بات من الضروري أن تبنى العلاقة مع هذه الدول على أساس الإيمان بالتشارك المجتمعي، وأن نسعى لتقديم نياتنا وأنفسنا على حقيقتها وإن كانت مزعجة للبعض.


التقرير الصحفي

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط يومي 19-20/11/2011 ندوة متخصصة بعنوان "الإسلاميون والحكم"، وشارك فيها نحو 150 شخصية من الأردن ومصر وتونس والكويت وليبيا واليمن والمغرب والسودان والبحرين والعراق، وعقدت جلسة الافتتاح في فندق "ريجنسي بالاس"، ثم استكمل المشاركون وقائع الندوة في قاعة المؤتمرات الخاصة للمركز.

وناقشت الندوة على مدى يومين 11 ورقة عمل متخصصة، توزعت على ست جلسات، وهدفت إلى دراسة نظرية الإسلاميين بخصوص الدولة العربية الحديثة في مرحلة ما بعد الثورات، إضافة إلى دراسة التحديات التي تواجه دول الإصلاح والثورات، ورؤية الإسلاميين لكيفية التعامل معها.

الافتتـاح

افتتح اليوم الأول من الندوة بكلمة لرئيس حركة النهضة التونسية الأستاذ راشد الغنوشي، أكد فيها على أن المنطقة تمر بمرحلة تاريخية مهمة ستنقل العالم كله إلى مرحلة جديدة بسبب ما تحتله المنطقة من مكانة هامة استمدت من المكانة الحضارية والتاريخية للمنطقة، وأشار إلى أن هذا التغيير يأتي بعد حالة اليأس من إصلاح الأنظمة العربية من الداخل، وهو ما أنتج الثورات، موضحاً بأن الأنظمة المستبدة التي مازالت قائمة مرشحة لانتقال الثورات إليها إن لم تقم بعمليات جراحية كبرى للأوضاع فيها.

ورأى الأستاذ الغنوشي أن الإسلاميين هم أكبر المستفيدين في أعقاب الثورات العربية بسبب التضحيات التي قدموها خلال العقود الماضية، وختم كلمته بتوصية الإسلاميين وغيرهم ممن يتصدر المشهد الآن بتعلّم التعايش وترسيخ مبدأ المواطنة وقبول المشروع الديموقراطي التعددي واحترام الأقليات، كما دعاهم إلى تفهم المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقيمية حتى لا تهدم هذه الثورات التي تحتاج إلى عقل مركب يبني ويصل إلى الإجماع.

ورأى الأمين العام لجماعة الإخوان المسلمين في مصر الدكتور محمود حسين أحمد، أن الإسلاميين قريبون من الحكم بشكل أو بآخر في كل من المغرب ومصر وتونس وليبيا وغزة والسودان والأردن وسوريا واليمن، وأشار إلى بعض المحاذير مثل موقف القوى العالمية وإسرائيل من حكم الإسلاميين، وقلة خبرة الحركات الإسلامية في شؤون الحكم، كما دعا الولايات المتحدة إلى عدم الخلط بين المعتدلين والمتطرفين من الإسلاميين، وحذر من أن المراهنة على إخفاق الإسلاميين المعتدلين أو إبعادهم سيدفع كثيرين إلى التطرف والعنف، ووجه أحمد نصيحة للإسلاميين بعدم التسرع في التصدي لاستلام السلطة حتى يتهيأ المناخ الداخلي والخارجي لذلك.

فيما ركز عضو الهيئة التأسيسية لحركة النهضة في تونس الدكتور أحمد الأبيض، على أن خطاب النهضة يؤكد تاريخياً على الحرية والاعتراف بالآخر، وعلى الدعوة للعودة إلى الشعب ليكون فيصلاً بين الفرقاء، وأن ذلك كلفها سجن ثلاثين ألفاً من أنصارها وتشريد ثلاثة آلاف منهم على مدى عقدين من الزمن، كما ذكر أن خطاب النهضة انتقل من المعارضة إلى طرح مشروع تنمية شاملة للفترة 2012-2016، وأشار إلى أن توجه الحركة في الفترة المقبلة يركز على استقرار البلاد، والانفتاح على رجال الأعمال في الداخل والخارج، وعلى صيغ متعددة للاستثمار، وإيجاد بدائل إسلامية للاستثمار، ومقاومة الفساد، وإقامة مشاريع خدمية تلامس احتياجات المواطنين التونسيين في كل مجال من مجالات الحياة، وعلى استقلالية القضاء، وعلى تأسيس عقيدة أمنية جديدة فيها تأكيد على دولة الشعب بديلاً عن شعب الدولة.

وألقى عضو المكتب التنفيذي لاتحاد ثوار ليبيا أنس الفيتوري، كلمة رأى فيها أن الطابع الإسلامي للثورة الليبية يظهر جلياً من خلال أمور عدة، أهمها: الدور الرئيس الذي لعبه الإسلاميون في الجانب العسكري لإسقاط النظام، وكذلك في الجانب الاجتماعي، نظراً للخبرة التي يتمتعون بها في ذلك المجال، ولفت إلى أن الإسلاميين هم أقوى المرشحين لقيادة الفترة المقبلة من تاريخ ليبيا في ظل اعتراض من أطياف أخرى ومستقلين نظراً لعدم جاهزيتهم لخوض انتخابات قريبة مقارنة بالإسلاميين.

وأكد الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن الأستاذ حمزة منصور، على أن الحكم الإسلامي يضمن الحريات للجميع، ولا يحصن أحداً من المساءلة، ويكفل العدالة والمساواة لكل المستظلين بظله، وأن الدولة الإسلامية دولة مدنية بمرجعية إسلامية، وليست دولة دينية بالمفهوم الثيوقراطي، وهي دولة القانون والمؤسسات، وهي تقوم على المواطنة في الحقوق والواجبات، فالأمة مصدر السلطات ويبقى للحكومة الإسلامية ما يميزها وهو أنها مقيدة بالشرع الذي لا يترك مقاييس العدالة بيد البشر.

كما أكد منصور على أن حقوق غير المسلمين مصونة بحكم المواطنة، وفنّد الاتهامات الموجهة للإسلاميين بأنهم لن يتركوا السلطة إذا استلموها، مستشهداً بأدبيات حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن وبنظامه الداخلي الذي يحدد فترة رئاسة الأمين العام بدورتين، وبتجربة لجنة التنسيق العليا لأحزاب المعارضة في الأردن، مختتماً بالتأكيد على أن الإسلاميين منفتحون على كل الأفكار والتيارات والتجارب الإنسانية، وأنهم يقدّرون منجزات الحضارة ويبنون عليها.

وأخيراً، وفي كلمته الافتتاحية أشار مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الأستاذ جواد الحمد إلى أن عقد هذه الندوة العلمية تحت عنوان: الإسلاميون والحكم، يأتي ليكون الحوار بين الجميع على أسس علمية ووفق مصالح الأمة العليا، ولو اختلفت المقاربات، أو المعلومات أحيانا في النظر إليها، وليتم تبادل الرأي بين أطياف الأمة المختلفة، الإسلامية واليسارية والقومية والليبرالية، حول كيفية اجتياز المرحلة، في ظل تحقيق فهم مشترك أوسع، وتعاون وشراكة وطنية وقومية وإسلامية على حد سواء، ما دام التيار الإسلامي سيكون عاملاً فاعلاً وأساسياً في مرحلة الحكم الجديدة.

وأكد الحمد في كلمته على أن الشعوب العربية فاجأت العالم بانتفاضتها على الظلم والاستبداد والفساد، كما أسست واقعاً جديدا على المستويين الإقليمي والدولي بعيداً عن الهيمنة الدولية بكل مستوياتها، والذي يؤمل أن يوصل إلى الاستقلال والحرية الوطنية والتحلل من الهيمنة والتبعية الدولية، وختم بأن مرحلة التحول الكبيرة التي تمر فيها أمتنا إنما هي ثمرة الكفاح والتضحيات التي قدمتها الأجيال على مدى العقود الماضية بأشكال مختلفة، وهي معركة الوجود والاستقلال والحرية والكرامة والتحرر.

الجلسـة الأولـى

جاءت الجلسة الأولى تحت عنوان "الإسلاميون والحكم، مقاربة سياسية وفكرية"، وترأسها عضو لجنة تعديل الدستور المصرية المستشار صبحي صالح، وقدم فيها الدكتور أحمد الأبيض عضو الهيئة التأسيسية لحزب النهضة في تونس ورقته التي لفت من خلالها الأنظار إلى سؤال جدير بالإجابة عليه، وهو: كيف تكون المرجعية الإسلامية مرجعية للعمل السياسي؟

ويرى الأبيض أنه للإجابة عن هذا السؤال لا بد من العلم بأن ما زال لدى النص الديني ما يقوله، وهو مفتوح على مقولات كثيرة، مع العلم أن هناك ضرورة للتفريق بين النص الديني والتدين، بناء على أن التدين خاضع للاجتهاد الذي قد تختلف أحكامه بتعدد المجتهد في النص الديني.

ورأى الأبيض أن العامل الرئيس لكون المرجعية الإسلامية مرجعية للعمل السياسي هو أنها تنبثق من مبدأ التوحيد الذي يقوم على الشهادة التي تحتوي بدورها على معاني الاعتراف بالذات والاعتراف بالغير والإقرار بالمعايشة، وتقوم على العلنية، لأنه أصل والسرية استثناء.

وأكد الأبيض على ضرورة التحديث والتجديد في ظل تراث هذه الأمة وحضارتها، كما ذهب إلى ضرورة العودة إلى منطق الاستخلاف، بمعنى أن الشعب هو مصدر السلطات، وهذا يحتم عليه أن يقوم بواجب الشهادة بمقتضياتها الأربعة: الحضور والعلم والرقابة وامتلاك الشجاعة لأداء هذه الشهادة.

الجلسـة الثانيـة

تناولت الجلسة الثانية عنوان "الإسلاميون وتداول السلطة"، وترأسها رئيس مجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين ورئيس مجلس النواب الأردني الأسبق الدكتور عبد اللطيف عربيات، وقدم فيها كل من أستاذ النقد والفلسفة الدكتور غسان عبد الخالق- الأردن، ورئيس الدائرة السياسية في حزب جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد- الأردن ورقة عمل.

ولاحظ عبد الخالق في ورقته أن ثمّة هلالاً سُنّياً يتشكل على امتداد الساحل الجنوبي والشرقي لحوض البحر الأبيض المتوسط، وأن هذا الهلال قد أسلم زمامه للإخوان المسلمين بوجه خاص، إلا أن عبد الخالق رأى عددا من العقبات والتحديات ما زالت تقف في طريق الإخوان، كإعادة بناء ثقافة قواعدهم السياسية بما يتناسب مع الظروف المستجدة، وتجاوز الصدام بين الإسلاميين والعلمانيين، إضافة إلى المحافظة على الالتزامات الدولية، وتشكيل رؤية واضحة بخصوص العولمة، وإطلاق عنان التجديد والتطوير والتحديث في التعليم المدرسي والجامعي، ودعم خيار دولة المؤسسات ومهنية المؤسسة العسكرية والأمنية وحرفيتها، والاستعداد لمغادرة الحكم في حال الإخفاق في تحقيق الأمن والاستقرار والتقدم المطلوب.

وبدوره أشار بني ارشيد إلى أسئلة كثيرة تبرز على الساحة بخلفيات عدة، وبأجواء من التشكيك والاتهامية بقدرة الإسلاميين على تمكين آليات الديمقراطية وإنتاج الحكم الرشيد، أو رغبتهم في إنجازها، وأن هذه الإثارة المستمرة وضعت الحركات الإسلامية في مربع المحاكمة باعتبارها متهمة ومدانة أحياناً، ووظفت تلك الاتهامات لمحاصرتها ومنعها من تقديم تجربتها ونموذجها في الحكم أحيانا أخرى.

وتساءل بني ارشيد أنه إذا كان النموذج الاقتصادي الإسلامي أو المشروع الاقتصادي النظري قد وجد لدى العالم- بعد أزمته المالية- ما يستحقه من قبول، فهل بوسع النظام السياسي الإسلامي أن يقدم نفسه للعالم من خلال نموذج عملي في الحكم يجسد رؤية الحركة الإسلامية وبرنامجها، ويخضع للمراجعة والمحاكمة؟

وعقب بأن من حق المجتمعات العربية ومكوناتها أن تسعى للحصول على فهم صحيح ودقيق لنظرية الإسلاميين في الحكم، وأن تحصل على الضمانات الكافية لعدم تكرار نماذج الاستبداد السياسي.

وأضاف بني ارشيد أن طلب تحول الإسلاميين إلى نسخة محسَّنة من المناهج الحاكمة يعدُّ ظلما للتجربة والمشروع، وأن التطور الديمقراطي يستوجب أن يتقدموا بنموذجهم الخاص وتجربتهم الذاتية لا أن يقوموا بإجراء تغييرات على النظام العلماني أو تحسينات على قصوره، وهذ ما يجعل الحركة الإسلامية إن فعلت ذلك أن تفقد القدرة على صياغة مشروعها المتكامل، لصالح المراوحة بين محطات التجارب الفاشلة.

الجلسـة الثالثـة

وفي ختام اليوم الأول ناقشت الجلسة الثالثة، التي ترأسها أستاذ التاريخ في الجامعة الأردنية ورئيس مجلس أمناء مركز دراسات الشرق الأوسط وعضو المجلس العلمي فيه الدكتور علي محافظة، عنوان "الإسلاميون والقوى الأخرى والشراكة في الحكم"، وقدم خلالها كل من وزير التجارة اليمني السابق الدكتور محمد الأفندي، وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة الهاشمية في الأردن الدكتور عدنان الهياجنة ورقة عمل.

وأشار الأفندي إلى أنه يقصد بالإسلاميين التيار الإسلامي الإصلاحي الذي يهدف إلى الإصلاح والتغيير وفقاً للنهج السلمي، والعمل السياسي وفقاً لبرامج ورؤى وخطط واقعية ذات مرجعية إسلامية، دون أن يكون محتكراً لهذه المرجعية، وهو بهذا النهج السلمي يقبل بالديمقراطية ويؤمن بها آلية معاصرة لتطبيق الشورى، ويقبل الشراكة مع التيارات الأخرى- القومية واليسارية والليبرالية- في الحكم، ويؤمن بالتداول السلمي للسلطة.

وقد عمد الأفندي إلى تقديم عرض تحليلي وتقدير لموقف التيار الإسلامي من الشراكة والتعايش مع التيارات الأخرى وفقاً للبرامج والمواقف المعلنة، وخاصة مع ظهور ثورات الربيع العربي، وتحقيقاً لهذا الهدف ناقش الأفندي دلالات الشراكة السياسية والمخاوف المتبادلة، ووصف نموذج تعايش أحزاب اللقاء المشترك اليمني، كما حاول التنبؤ بسيناريوهات الشراكة في الحكم.

واتكأ الأفندي في ورقته على فرضيتين أساسيتين، محور الأولى أن التيار الإسلامي الإصلاحي يؤكد على رؤية متقدمة للشراكة وقبول الآخر، والأخرى هي ولوج عصر الشعوب.

ومن جهة أخرى ذهب الهياجنة في رأيه إلى أنه لا بد من إعطاء الفرصة الحقيقية للحركات الإسلامية في هذه المرحلة لتطرح نفسها بديلا للأنظمة القائمة، كما أتيحت الفرصة لغيرهم من قبل، وقد أكد الهياجنة على أن قوة الإسلاميين في هذه المرحلة تعود إلى عدة عوامل، من أهمها عدم مشاركة الحركات الإسلامية في الأنظمة الحاكمة، وفشل الأنظمة القائمة في الحكم، إضافة إلى فسادها، ونجاح الإسلاميين في العمل الاجتماعي والاقتصادي، لافتاً الانتباه إلى وجود تحديات على ثلاثة مستويات تواجه التغيير في المنطقة العربية وهي:

1-  المواطن العربي الذي يبدو مهتماً بالمشاكل والأوضاع الاقتصادية أكثر من الشؤون السياسية.

2-  هيكل الدولة المستقبلي والعلاقة المستقبلية بين القوى السياسية.

3-  هيكل النظام الدولي الذي يتغير بناءً على المصالح المشتركة بين القوى العالمية .

كما حذر الهياجنة من التحديات التي تواجه الإسلاميين في هذه المرحلة، ومن أهمها الثقة الزائدة بالنفس من جانب هذه الحركات، وتخوف المواطن العربي من وصول الإسلاميين إلى السلطة، فضلاً عن الحالة السيئة التي وصلت إليها الدول التي من المتوقع أن يحكمها الإسلاميون؛ حيث سترث اتفاقيات دولية واقتصادية مجحفة ساهمت في القضاء على مقدرات هذه الدول في ظل معدلات مرتفعة للبطالة والفقر.

الجلسـة الرابعـة

بحثت الجلسة الرابعة من الندوة في اليوم الثاني، والتي ترأسها المؤرخ الأردني الدكتور رؤوف أبو جابر، موضوع "الدولة المدنية في فكر حركات الإسلام السياسي وممارساتها"، وقُدِّمت خلالها ورقة عمل لأستاذ الفقه المقارن والسياسة الشرعية في الجامعة الأردنية الدكتور علي الصوّا، وعقَّب عليها أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك الدكتور أحمد سعيد نوفل.

وقد رأى الصوّا أن الدولة المدنية هي التي تعبر عن المجتمع، وتكون وكيلة له، وتستتند إلى قيمة، ويختار فيها الناس حكامهم وممثليهم ويحاسبونهم ويعزلونهم، وقد عقد الصوا مقارنة بين الدولة المدنية والدولة الدينية (الثيوقراطية)، ورأى بأنه وفقا للنظرية الإسلامية فإن "الأمة مصدر السلطات"، وأن الإسلام دين ودولة، وأن الإسلاميين لا يختلفون في أن الدولة الدينية وفق مصطلحها التاريخي الغربي لا وجود لها في الإسلام، وأنهم لا يريدون إقامة دولة دينية أو ثيوقراطية.

هذا، وقد أشار الصوّا إلى تحولين بارزين في فكر الحركات الإسلامية الوسطية وواقع علاقتها مع الأنظمة القائمة في البلاد الإسلامية:

أولهما: اتخاذ قراراتهم بالمشاركة السياسية مع أنظمة لا تتبنى الإسلام أساسا للحكم، باعتبار أن ذلك قد يحقق مصلحة وطنية في مجالات متعددة.

ثانيهما: التصريح بأن في الإسلام دولة مدنية حصريا لا دولة دينية.

كما أكد على أن غير المسلمين في البلاد الإسلامية يعدون من أهل دار الإسلام في أقوال الفقهاء جميعهم، فهم من شعب الدولة ومكوناتها، وأن الأمة المسلمة، وإن خسرت وحدتها السياسية بعد الدولة العثمانية، لكن وحدتها الاجتماعية لا زالت قائمة، وهي أقدر على الاستجابة للاندماج بفعل أصالتها التاريخية وشخصيتها الإسلامية ومقوماتها المشتركة.

وختم الصوا بالإشارة إلى أن دعوة التضامن الإسلامي والسعي لإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي جاءت ثمرة لكفاح الحركات الشعبية والحركات الاسلامية، وأن مصير هذه المنظمة هو الانهيار إذا بقيت على حالها دون إعادة نظر في جوهرها وأسس تنظيمها.

ومن جانبه، تساءل الدكتور نوفل في تعقيبه إن كان الوصول إلى السلطة هو هدف الحركات الإسلامية، أو إن ذلك يعد مقدمة للوصول إلى هدف أكبر وهو النهضة على أسس إسلامية؟

كما تعرض إلى مخاوف الغرب من وصول الحركات الإسلامية إلى الحكم، نافياً أن تكون في التاريخ الإسلامي دولة دينية، بمعنى الدولة الثيوقراطية حسب المفهوم الغربي، وموضحاً أن الهدف من طرح فكرة الدولة الدينية هو تخويف الشعوب العربية من الإسلاميين وإشغالهم بالدفاع عن أنفسهم.

وأكد نوفل على أن الإسلام يرفض إسناد سلطة الشرع إلى فئة محددة من الشعب، وتحدث عن مدنية الدولة ودينية التشريع في الدولة الإسلامية، معدداً بعض صفات الدولة المدنية من منظور إسلامي، ومنها أن لا قداسة للحاكم، وأن حرية إبداء الرأي تعد جزءاً من الشورى، فضلاً عن أن حركات الإسلام السياسي ارتضت أسلوب الانتخابات للوصول إلى السلطة.

الجلسـة الخامسـة

أما الجلسة الخامسة التي ترأسها نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق الدكتور عبد الله النسور، فتناولت "التحديات التي تواجه الدولة العربية ما بعد الثورات وموقف الإسلاميين منها"، وقدم فيها كل من أمين عام المؤتمر القومي الإسلامي الأستاذ منير شفيق، والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي الدكتور خالد السفياني ورقة عمل.

وقد تناول شفيق بالتحليل محورين أساسيين على صلة بالثورات العربية، ناقش الأول منهما واقع هذه الثورات من خلال التركيز على ثلاث نقاط رئيسة، تؤكد أولاها على أن التغير في موازين القوى العربية والإسلامية والعالمية شكل الشروط الخارجية لتفجّر الثورات الشبابية الشعبية، والتي ما كان يمكن حدوثها لولا المقاومة والممانعة التي عرفتها السنوات الثماني الماضية، والتي أسفرت عن الانتصار على العدوان الصهيوني- الأمريكي، سواءً في لبنان أو غزة أو العراق، بينما تؤكد ثانيتها على أن الثورات، في مواجهتها لأنظمة الاستبداد والفساد، تجنبت الهجوم على السياسات المتعلقة بالتبعية للولايات المتحدة والتفريط في القضية الفلسطينية أو الخضوع للعولمة وتنفيذ أجندتها، وتذهب ثالثتها إلى أن مواقف الترحيب التي وقفتها الولايات المتحدة والدول الأوروبية إزاء نتائج الانتخابات في تونس أو مصر، لم تكن إلا مواقف مزيفة تعجز عن مواجهة القوى الصاعدة.

وقد ركّز شفيق في المحور الثاني من ورقته على مستقبل أنظمة ما بعد الثورات، والتحديات الماثلة أمامها، مؤكداً على أن مستقبل هذه الأنظمة سيواجه العديد من التحديات؛ إذ إن نجاح الدولة القُطْرية العربية مرهون بوجود مشروع وحدوي عربي يتسّع باستمرار ليشمل الأقطار العربية أو معظمها، كما أن فترة الترحيب الدولية بالأنظمة العربية الجديدة، سواء أكانت إسلامية أم قومية أم وطنية أم ديمقراطية ليبرالية، ستنقضي مع الدخول في حوار جدّي يتناول السياسات الخارجية والداخلية.

من جانبه اهتم السفياني بمناقشة التحديات التي تواجه الجهة أو التنظيم الذي ستفرزه صناديق الاقتراع في أي قطر من أقطار الوطن العربي، حيث تحدث عن التحديات التي تواجه الإسلاميين، وأشار إلى أنه لا بد من أخذ الحيطة والحذر من فلول الأنظمة الاستبدادية التي تم إسقاطها ومكوناتها، والتي تسعى لاسترداد كرامتها التي فقدتها من الثورة، إضافة إلى تحدي تحقيق أهداف الثورة في الحرية والنماء، وكيفية تحويل شعارات الثورة إلى برنامج سياسي اقتصادي اجتماعي له هويته الخاصة به.

أما في التحديات الخارجية، فقد نبه السفياني إلى ضرورة التيقظ من المحاولات الخارجية للالتفاف على الثورة والإمساك بزمام الأمور، ومن السعي وراء قضية الطمأنة، والاحترام الكامل للاتفاقيات، إضافة إلى تحدي الانجرار وراء السعي للاعتراف الغربي بالتيار الإسلامي المعتدل، إضافة إلى التحدي المتعلق بالعروبة والإسلام؛ حيث ثمة من يهمه إبعاد ثوراتنا عن العمود الفقري لأمتنا وهو عمود العروبة والإسلام.

كما حذر السفياني من شعور أي قوة تفوز في محطة الاستحقاق الانتخابي بالنشوة؛ إذ إن الوطن للجميع وبناؤه مسؤولية الجميع.

الجلسـة السادسـة

ناقشت الجلسة الأخيرة من الندوة، والتي ترأسها رئيس الديوان الملكي الأردني الأسبق الأستاذ عدنان أبو عودة، عنوان "الإسلاميون والعلاقات الإقليمية والدولية في مرحلة الحكم"، وقدم فيها كل من رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني السوداني الدكتور قطبي المهدي، ورئيس لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي الدكتور سليم الجبوري ورقة عمل.

ناقش المهدي في حديثه إدارة الإسلاميين للعلاقات الدولية والإقليمية، والتي عدّها أكبر تحديات الدولة الإسلامية في عالم اليوم، وذلك لتعارض مصالح كثير من الدول، وربما تناقضها، مع مشروع الدولة الإسلامية حضارياً واستراتيجياً.

وقد ركز المهدي على تجربتي إيران والسودان في إدارة علاقاتهما الدولية، حيث ذكر التحديات الرئيسة التي تواجه علاقات إيران الإقليمية، وتطرق إلى استراتيجيات إيران في التعامل مع دول الخليج، والعراق، وجوارها الشرقي والشمالي، وفي التعامل مع القضية الفلسطينية، وفيما يخص السودان ناقش مهدي أسلوب الإسلاميين في تبديد شكوك الغرب حول طبيعة حكومتهم، ووسائل مواجهتهم للحصار الذي فرض عليهم.

وخلص المهدي إلى أن حكومة الإسلاميين الوليدة ستواجه بعداء سافر أو مبطن من قبل الصهيونية في إسرائيل والغرب، وأن تغييراً شاملاً في المنطقة الإسلامية هو الضمان الوحيد لتوفير بيئة إقليمية أو دولية يمكن أن تساعد حكومة الإسلاميين على الصمود والتقدم، وأن تعاوناً شاملاً بين الحكومات والشعوب الإسلامية يشمل نظاماً اقتصادياً وتجارياً وأمنياً مشتركاً، وتوافقاً سياسياً يُحقق الاعتماد على الذات، وتكون الإرادة السياسية للحكومة الإسلامية فيه حرة وغير مرهونة بالضغوطات الاقتصادية والسياسية والأمنية للدول المعادية، هو الضمان الوحيد لتأمين وجود هذه الحكومة بوصفها حكومة قوية وفاعلة ومؤثرة، ومن ثمَّ، إذا استطاعت هذه الحكومة تقديم نفسها للعالم على أنها إضافة حقيقية للمجتمع الدولي وعامل جديد يدعم السلم والأمن العالمي، ويسهم في الازدهار الاقتصادي، فإن ذلك سيمكنها من مد جسور التواصل والتعاون مع المجموعة الدولية.

وفي المقابل، طرح الجبوري جملة من الجدليات والاستفهامات حول الإسلاميين والعلاقات الدولية في مرحلة الحكم، حيث تناقش الجدلية الأولى مفهوم العلاقة، ومن أين يواصل الإسلاميون تلك العلاقة، هل من منظور سياسي بحت أو من منطلق عقدي؟ وما هو الحاكم في العلاقة؟

وتناقش الجدلية الثانية التحديات في رسم صورة العلاقة، وهل تقوم العلاقات اليوم كما تشاء الحركات الإسلامية أو كما يشاء خصومها، أو كما تشاء المصلحة والحاجة؟ فالإسلاميون اليوم يواجهون تحديات خطيرة وحساسة؛ وهناك من يسعى لإفشال تجربتهم من غير القوى الداخلية المنافسة.

أما الجدلية الثالثة فتحدثت عن تحديات الأزمة الدولية؛ إذ ثمه أمور تتطلب موقفاً حاسما، سواء على المستوى الدولي أو الإقليمي، وهذا ما لم تحسمه الحركات الإسلامية بعد، وربما يحتاج منها إلى زمن وتدبر ونظر وخبرة للحسم في هذه الملفات الشائكة.

هذا، وتعرضت الجدلية الرابعة للإيمان بالنظام الدولي الذي له تبعات تتمثل بضرورة الانحياز إلى معسكر ما زال فاعلا على الأرض، ومن هنا فلا بد للحركات الإسلامية أن تحدد خياراتها بشكل سريع ودقيق.

وتناقش الجدلية الخامسة والأخيرة إشكالية القبول الدولي للحركات الإسلامية، حتى داخل بعض الأنظمة العربية التي تخشى من أن تتزعزع بعد أن رأت قدرة الحركات الإسلامية على تحريك الثورات، وبات من الضروري أن يبني الإسلاميون علاقتهم مع هذه الدول على أساس الإيمان بالتشارك المجتمعي، وأن يسعوا إلى تقديم النيات والأنفس على حقيقتها، وإن كانت مزعجة للبعض.

الكلمـة الختاميـة والتوصيـات

أكدت الكلمة الختامية والتوصيات للندوة، والتي ألقاها الأستاذ جواد الحمد، على أهمية بلورة رؤية استراتيجية ومشروع عربي يوفر لدول الثورات العربية رافعة وطنية وقومية وحدودية، إلى جانب الرافعة الحضارية الإسلامية التي تساعدها على العبور شعبياً في الإطارين القطري والقومي، وتعزز قدرتها على الإنجاز بحكمة وانتماء رغم ما قد تواجهه من تحديات دولية.

كما أكدت على ضرورة أن يقدم الإسلاميون رسائل تطمين لاجتياز المرحلة بسلام ونجاح، من أجل تخفيف حدة النزاعات والخلافات الداخلية والعربية، ولمصلحة إنجاز أهداف الثورات وحركات الإصلاح، وذلك على مستويات عدة، أبرزها:

1.    التطمين على مستوى الشعب الذي اختار الإسلاميين من أجل تمثيله تمثيلا حقيقياً، ويقوم التطمين حتى لمن كان مؤيداً للنظام السابق ممن لم تثبت عليهم مسؤولية قانونية وفق أحكام القضاء.

2.    التطمين على مستوى القوى السياسية الأخرى في الدولة، وبأنها شريكٌ حقيقي في صياغة مستقبل البلاد وقيادة دفتها.

3.    التطمين على مستوى الدول العربية، بأن الحكم الجديد يعتبر الأمن القومي العربي جزءاً من أمنه القطري، ويسعى إلى التكامل وتصفير الخلافات مع كل الدول العربية.

4.    التطمين على مستوى دول الجوار غير العربية (باستثناء إسرائيل) بأن الحكم الجديد يتبنى سياسة التعاون والانفتاح والتكامل مع الجوار.

5.    التطمين على مستوى دول العالم بأن الحكم الجديد يحمل فكراً حضارياً منفتحاً، لكنه يؤمن بالشراكة وليس بالتبعية الدولية، وأن له وجهة نظر ورؤى سيقدمها للنظام الدولي لتطوير وتعديل السياسات، ولحل القضايا والمشاكل المستعصية التي فشل النظام الدولي في التعامل معها.

واختتمت الكلمة بالتأكيد على ضرورة الإسراع بإجراء حوار معمق بين النخب العربية من التيارات القومية والإسلامية وغيرها، بعيداً عن الإعلام، بهدف الوصول إلى أفضل تقارب في أربعة مستويات:

1.    الوصول إلى رؤية مشتركة للتحولات العربية وآفاقها وعلاقتها بالمشروع النهضوي للأمة وفق أطروحات واقعية ومفردات بناءة لنشرها في العالم العربي.

2.    الوصول إلى برنامج مشترك لمساعدة الدول في المرحلة الانتقالية حيث تم التغيير، وحماية الوضع الجديد من الهيمنة أو التدخل الأجنبي.

3.    المساهمة الفاعلة في بناء الدول الجديدة وتسخير كل الطاقات المتاحة في سبيل ذلك.

أهمية إسهام البرنامج الجديد للحكومات والدول الجديدة في تبريد الخلافات العربية، والعمل على منع النظام الدولي من استغلال بعض المعطيات في المنطقة لإثارة أي نزاعات مسلحة بين الدول العربية وأي من جارتيها المسلمتين إيران وتركيا، رغم أن سياسات إيران لا تلقى ترحيباً عربياً وتشوبها شكوك لم يتمكن الإيرانيون من تقديم تطمينات كافية إزاءها، وعلى الأخص فيما يتعلق بدور إيران في العراق، فيما تبدو تركيا جاهزة ومستعدة للتعاون مع العرب على قدم المساواة.

عودة للصفحة أعلى الصفحة


الكلمة الختامية والتوصيات

أ. جواد الحمد

 عقد مركز دراسات الشرق الأوسط يومي 19-20/11/2011 ندوة متخصصة بعنوان "الإسلاميون والحكم"، وشارك فيها نحو 150 شخصية من الأردن ومصر وتونس والكويت وليبيا واليمن والمغرب والسودان والبحرين والعراق، وعقدت جلسة الافتتاح في فندق ريجنسي بالاس، ثم استكمل المشاركون وقائع الندوة في قاعة مؤتمرات المركز.

وناقشت الندوة على مدى يومين نحو 11 ورقة عمل متخصصة، توزعت على ست جلسات، سعت من خلالها إلى دراسة واستقراء نظرية الإسلاميين في الدولة العربية الحديثة في مرحلة ما بعد الثورات، إضافة إلى دراسة التحديات التي تواجه دول الإصلاح والثورات، ورؤية الإسلاميين لكيفية التعامل معها، وهل سيقدمون نموذجاً ديمقراطياً أم سيكررون نماذج الأنظمة السابقة!.

وفيما يلي نص الكلمة الختامية التي ألقاها مدير مركز دراسات الشرق الأوسط الأستاذ جواد الحمد.

السادة الكرام

ها نحن نختم ندوتنا بعنوان: "الإسلاميون والحكم"، وإنني أشعر برضا مع كثير منكم عما تم طرحه من آراء وتوضيحات وتباينات في الرأي، وكان النقاش حواراً علمياً عربياً سياسياً مسؤولاً من قبل الجميع بلا استثناء، وتأكد لنا تحقق أهداف هذه الندوة بنسبة جيدة، ونعتقد بأن هذا الحوار ونتائج الندوة وخلاصاتها ربما تسهم جميعا في تحفيز البرامج السياسية والتوجهات للحكومات الجديدة لتتجه نحو بناء نظام سياسي عربي مستقل، يجد الشعب بكل فئاته وقواه وتكويناته، الاجتماعية والدينية والإثنية والمذهبية، مكاناً في العملية الديمقراطية التي تقوم على تحقيق الشرعية الشعبية للحكم، وتعتمد على أن الأمة مصدر السلطات، وتؤمن بتداول السلطة، وتعبر عن طموح الشعب وقضاياه القومية، وتمثله بقوة وكفاءة، وتتبنى مصالحه العليا في التعامل مع الجوار العربي والإسلامي ومع المجتمع الدولي ومع المشروع الصهيوني المعادي للأمة بلا ريب.

إن الرؤى والأفكار التي قدمت، والحوار حولها، أشار إلى أننا أمام تحول ديمقراطي حقيقي، وأمام حكم جديد يتبنى أهداف الثورات وحركات الإصلاح، وأمام فكر إسلامي مستنير وحداثي على استعداد ليكون جزءا من كل الأمة، ناهيك عن كل الشعب، وإن كان الحال كذلك، فإننا أمام برنامج نهضوي يستحق من المفكرين والخبراء والسياسيين التعامل معه بواقعية، وعلى قاعدة التعاون والشراكة في البناء مع حفظ الحق الكامل في النقد والتصويب والتقويم، بل والتغيير إن لزم الأمر.

لقد خلص المنتدون إلى أن المنطقة العربية تمر بمرحلة تاريخية مهمة ستنقل العالم كله إلى مرحلة جديدة بسبب ما تحتله المنطقة من مكانة هامة استُمدت من مكانتها الحضارية والتاريخية،  وأشاروا إلى أن هذا التغيير يأتي بعد حالة يأس من عملية إصلاح بعض الأنظمة العربية من الداخل، وهو ما أنتج الثورات فيها، موضحين بأن الأنظمة العربية مدعوةً للاستجابة مع أهداف الحراك العربي ضد الاستبداد والظلم والفساد، وأكد المشاركون إلى أهمية استعمال خطوات الإصلاح في الدور الأخرى.

وأكد المنتدون على أهمية تبني المشروع النهضوي العربي الإسلامي الذي يمثل إطاراً ناظماً لكل تطلعات ومكونات المجتمع العربي، ويمكن أن يعزز قدرة دول الثورات العربية على الجمع بين الوطني والقومي في إطار المشروع الحضاري والدائرة الحضارية ليشكل ذلك جزءاً من ملامح النجاح.

كما أكد المشاركون على أهمية بلورة رؤية استراتيجية ومشروع عربي لكيفية التعامل مع المشروع الصهيوني بأبعاده المختلفة ما يوفر لدول الثورات العربية رافعة وطنية وقومية وحدودية، إلى جانب الرافعة الحضارية الإسلامية التي تساعدها على العبور شعبياً في الإطارين القطري والقومي وتعزز قدرتها على الإنجاز بحكمة وانتماء رغم ما قد تواجهه من تحديات دولية.

ودعا المشاركون إلى ضرورة أن يحمل الإسلاميون رؤية مفادها أن الدولة واحدة، ولكل مواطنيها، وأن الوحدة الوطنية رافعة النجاح الأساسي للحكومة وبرنامجها، وأن التكامل والوحدة العربية هي المحيط الحيوي لنمائها ومناعتها، بما في ذلك حماية الأمن القومي العربي، وأنها تسعى لبناء تعاون وانفتاح مع دول الجوار ما عدا إسرائيل، وأنها حكومات تعتبر الساحة الدولية مجالاً مفتوحاً للجميع وعلى قدم المساوة، وأنها تعمل على تشكيل كتلة عربية ذات دور دولي يساهم بفعالية في خدمة الإنسانية، لكنه يسعى لإصلاح عدد من السياسات الدولية لتحقيق أعلى قدر ممكن من العدالة والمساواة والنزاهة، وبالتالي تعظيم فرص النجاح في معالجة قضايا العالم المختلفة.

ودعا المشاركون إلى ضرورة أن يرسل الإسلاميون رسائل تطمين لاجتياز المرحلة بسلام ونجاح، ومن أجل تخفيف حدة النزاعات والخلافات الداخلية والعربية، لمصلحة إنجاز أهداف الثورات وحركات الإصلاح، وذلك على مستويات عدة، أبرزها:

1.      التطمين على مستوى الشعب الذي اختار الإسلاميين من أجل تمثيله تمثيلا حقيقياً، ويقوم التطمين حتى لمن كان مؤيداً للنظام السابق ممن لم تثبت عليهم مسؤولية قانونية وفق أحكام القضاء.

2.      التطمين على مستوى القوى السياسية الأخرى في الدولة، وبأنها شريكٌ حقيقي في صياغة مستقبل البلاد وقيادة دفتها.

3.      التطمين على مستوى الدول العربية، بأن الحكم الجديد يعتبر الأمن القومي العربي جزءاً من أمنه القطري، ويسعى إلى التكامل وتصفير الخلافات مع كل الدول العربية.

4.      التطمين على مستوى دول الجوار غير العربية (باستثناء إسرائيل) بأن الحكم الجديد يتبنى سياسة التعاون والانفتاح والتكامل مع الجوار.

5.      التطمين على مستوى دول العالم بأن الحكم الجديد يحمل فكراً حضارياً منفتحاً، لكنه يؤمن بالشراكة وليس بالتبعية الدولية، وأن له وجهة نظر ورؤى سيقدمها للنظام الدولي لتطوير وتعديل السياسات، ولحل القضايا والمشاكل المستعصية التي فشل النظام الدولي في التعامل معها.

وأكد المشاركون، بعبارات مختلفة، على أن أنظمة الدول الجديدة يرجح أن تكون دولاً مدنية بمفهوم عربي تستند إلى المرجعية الإسلامية، وهي تختلف كلياً عما يعرف بالدولة الدينية (الثيوقراطية) بالمعنى العلمي، وأنها ستلتزم بأن الأمة مصدر السلطات، وبتداول السلطة من خلال صناديق الاقتراع.

كما دعا المنتدون إلى ضرورة الإسراع بإجراء حوار معمق بين النخب العربية من التيارات القومية والإسلامية وغيرها بعيداً عن الإعلام، بهدف الوصول إلى أفضل تقارب في أربعة مستويات:

1.      الوصول إلى رؤية مشتركة للتحولات العربية وآفاقها وعلاقتها بالمشروع النهضوي للأمة وفق أطروحات واقعية ومفردات بناءة لنشرها في العالم العربي.

2.      الوصول إلى برنامج مشترك لمساعدة الدول في المرحلة الانتقالية حيث تم التغيير، وحماية الوضع الجديد من الهيمنة أو التدخل الأجنبي.

3.      المساهمة الفاعلة في بناء الدول الجديدة وتسخير كل الطاقات المتاحة في سبيل ذلك.

4.      أهمية إسهام البرنامج الجديد للحكومات والدول الجديدة في تبريد الخلافات العربية، والعمل على منع النظام الدولي من استغلال بعض المعطيات في المنطقة لإثارة أي نزاعات مسلحة بين الدول العربية وأي من جارتيها المسلمتين إيران وتركيا، رغم أن سياسات إيران لا تلقى ترحيباً عربياً وتشوبها شكوك لم يتمكن الإيرانيون من تقديم تطمينات كافية إزاءها، وعلى الأخص فيما يتعلق بدور إيران في العراق، فيما تبدو تركيا جاهزة ومستعدة للتعاون مع العرب على قدم المساواة.

وختم المشاركون بتوصية الإسلاميين وغيرهم ممن يتصدر المشهد السياسي إلى تكريس التعايش وترسيخ مبدأ المواطنة وقبول المشروع الديمقراطي التعددي، واحترام حقوق كل مكونات المجتمع، كما دعوهم إلى تفهم المطالب الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والقيمية للجميع، حتى لا تُهدَم هذه الثورات التي تحتاج إلى عقل مركب يبني ويصل إلى الإجماع.

ختاماً، أشكركم وأشكر كل من أسهم في نجاح الندوة من الباحثين ورؤساء الجلسات والمشاركون في الإفتتاح والمناقشين، والإعلاميين، ولا يفوتني أن أشكر طاقم المركز والفريق العامل معه الذي بذل جهداً هائلاً يستحق كل الاحترام والتقدير لإنجاح الندوة.

عودة للصفحة أعلى الصفحة


الندوة في الإعلام

مقتطفات

- نادية سعد الدين، ندوة "الإسلاميون والحكم": حركات إسلامية سياسية تؤكد أخذها بمدنية الدولة ذات المرجعية الدينية، الغد (الأردن)، 19-11-2011  رابط الصفحة

-   ندوة «الإسلاميين والحكم»: عدم الخلط بين المعتدلين والمتطرفين، الرأي (الأردن)، 20-11-2011  رابط الصفحة

 -  محمد النجار، رسائل تطمين من الإسلاميين للعالم، الجزيرة نت، 21-11-2011 رابط الصفحة

- حمزة العكايلة، أحمد: ليست غايتنا الحكم ولن نستحوذ على الأغلبية في البرلمان، الدستور (الأردن)، 20-11-2011  رابط الصفحة

 - حمزة العكايلة، حيازة ثقة الجمهور العربي تشكل نقطة تحدٍ للإسلاميين، الدستور (الأردن)، 21-11-2011  رابط الصفحة

 - عبد الله الشوبكي، مفكرون وسياسيون يرجحون تحول أنظمة دول الثورات العربية إلى مدنية تستند إلى المرجعية الإسلامية، السبيل (الأردن)، 21-11-2011 رابط الصفحة

- أيمن عبدالحفيظ، متحدثون: لا وجود للدولة الدينية "الثيوقراطية" في الإسلام، الدستور (الأردن)، 21-12-2011 رابط الصفحة

- أسعد العزوني، أمين عام الاخوان في مصر للعرب اليوم: الاسلاميون أكبر المستفيدين من الربيع العربي، العرب اليوم (الأردن)، 21-11-2011 رابط الصفحة

- عبدالله الشوبكي، رسائل تطمين من ندوة «الإسلاميون والحكم» إلى الأطراف الشعبية والسياسية، السبيل (الأردن)، 22-11-2011 رابط الصفحة

  

Khaled Neimat, Islamists’ ability to rule debated, Jordan Times, 20-11-2011.

more>>

Khaled Neimat, Eyeing power, Islamists await completion of political reforms, Jordan Times, 20-11-2011.

more>>

Khaled Neimat, ‘Alliance between Arab nationalists, Islamists to create new formula of governance’, Jordan Times, 22-11-2011.

more>>

Taylor Luck, Egyptian Brotherhood ‘model of success’ for Jordanian Islamists, Jordan Times, 22-11-2011.

more>>

عودة للصفحة أعلى الصفحة


مواضيع ذات صلة

#

الموضوع

 

1

 الدين والسياسية والتحولات في الوطن العربي،

 شهرية مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان، 2007.

 

2

التوجهات الغربية نحو الإسلام السياسي في الشرق الأوسط،

 إياد البرغوثي وآخرون، مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان، 2000.

 

3

حماس والحركة الإسلامية والحوار مع النظام السياسي في الأردن،

أحمد الخلايلة وآخرون، مركز دراسات الشرق الأوسط، عمان، 2008.

 

4

المعارضة الإسلامية والاستقرار بين سياسات الحكومات وتوجهات الحركات الإسلامية،

منتصر الزيات، مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد 51، 2010.

 

5

الإسلام والغرب: تهافت الديمقراطية،

محمد السالك ولد ابراهيم، مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد 46-47، 2009.

 

6

ندوة: النظام السياسي الأردني والحركة الإسلامية،

 مركز دراسات الشرق الأوسط، مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد 45، 2008.

 

7

دراسات حول الإسلام السياسي: مراجعة نقدية،

مروان الأسمر، مجلة دراسات شرق أوسطية، العدد 36-37، 2006.

 

8

ندوة: التوجهات الغربية نحو الإسلام السياسي،

محمد الجيوسي، قضايا شرق أوسطية، العدد 7-8، 1999.

 

9

الإسلاميون بين الديمقراطية والغرب،

 روبن رايت / ترجمة: عبدالله درويش، قضايا شرق أوسطية، العدد 5-6، 1998.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة

صور من الندوة

صور الافتتاح
صور الجلسات
صور الختام
صور عامة

 

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

المصالحـة الفلسطينيـة 2011

ما بعد التوقيع

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنيةة


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   آذار 25, 2012 10:39:13