رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا

إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الشؤون الإسرائيلية

أحدث الإصدارات

المفاوضات الفلسطينية- الإسرائيلية

 

 

اتجاهات التنمية الاجتماعية والبشرية في الأردن

التحولات والثورات الشعبية في العالم العربي الدّلالات الواقعية والآفاق المستقبلية

تركيـــــا وإسرائيـــــل وحصار غزة

تـداعيـات هجـوم إسـرائيـل على أسطول الحرية

التسـويـة السيـاسيـة

 التحديات والآفاق

الوطــــن البديـــل آفاق التطبيق وسبل المواجهة

القرن الإفريقي وشرق إفريقيا

الواقع والمستقبل

رسالة أوباما التصالحية والمطلوب عربيا

الفاتيكان والعرب، تحديات وآفاق في ضوء زيارة البابا للمنطقة

التداعيات القانونية والسياسية لانتهاء ولاية الرئيس الفلسطيني

السياسات العربية في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي حتى عام 2015م

الأزمة المالية الدولية وانعكاساتها

 

ندوة
إسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015
عمان 27-28 آب 2007

ورقة العمل الرئيسية

تكون إسرائيل في 15 أيار /مايو 2007م قد قاربت على إكمال العقد السادس من عمرها دولة تعترف بها الأمم المتحدة، ونظراً للأهمية الكبيرة التي مثلها إنشاء الدولة وبناؤها، وتفاعلها العدواني المتواصل مع المحيط، فقد أصبح من المهم إدراك طبيعة الدولة القائمة على مختلف الصعد، وكذلك إدراك طبيعة التحولات المتوقعة لطبيعة الدولة وبنيتها وسياساتها وظروفها خلال السنوات الثمان القادمة حتى عام 2015م، واستباقاً للنظرية الإسرائيلية لإسرائيل عام 2020، وفي ظل الجهود التي يبذلها الفلسطينيون في بناء مستقبلهم ونيل حقوقهم بمختلف الوسائل داخل إسرائيل وفي الضفة الغربية وغزة والشتات، فإن التحولات التي تحيط بالدولة الصهيونية تنعكس عليهم انعكاساً مباشراً، وتؤثر تاليا على مصالح الأمة العربية وأمنها القومي ودورها الدولي، ونظراً لتسارع التحولات التي تؤثر على هذا المستقبل في المنطقة والعالم، وفي ظل التحولات الكبيرة التي شهدتها البنية الاجتماعية الإسرائيلية خلال هذه العقود الستة، وفي ظل تزايد التهديد والمخاطر الأمنية التي تحيط بالدولة على المستويات الفردية والجماعية من الداخل والمحيط، وفي ظل تفاقم الإشكال الديموغرافي لدور الفلسطينيين في الدولة، وتنامي اتجاهات التطرف والعنصرية اليمينية ضدهم، فقد قرر مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن عقد ندوة تتناول المشهد الإسرائيلي القائم اليوم وخصوصاً معالمه وملامحه في عام 2006م، وتعمل على تقديم رؤية استشرافية مفصلة لملامح إسرائيل: الدولة والمجتمع، وواقعها حتى العام 2015م.

يشارك في الندوة باحثون وخبراء متخصصون- في الشؤون الإسرائيلية- من الأراضي المحتلة عام 1948م والضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى زملائهم الخبراء في الوطن العربي، آخذين بعين الاعتبار أهمية القراءة الموضوعية بعيداً عن الموقف الأيديولوجي من الدولة الصهيونية، بهدف تحقيق القراءة الدقيقة والاستشراف المعقول لملامح هذا المستقبل، ويأتي هذا الاهتمام نظراً لانعكاسات مستقبل إسرائيل على مستقبل القضية الفلسطينية والمشروع العربي بشكل عام، خصوصاً في ظل التحولات الكبيرة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط بشكل عام والقضية الفلسطينية بشكل خاص.

أهداف الندوة

تهدف هذه الندوة إلى تحقيق ما يلي:

1- تناول طبيعة التحولات التي جرت على الدولة والمجتمع في إسرائيل طيلة العقود الستة الماضية ممثلة بنتائجها في العام 2006م.

2- تقديم قراءة مستقبلية لطبيعة ملامح الدولة ومكوناتها حتى العام 2015م، وعلى مختلف المستويات.

3- تناول السيناريوهات التي طرحها مؤتمر العرب وإسرائيل حتى عام 2015م فيما يخص الصراع العربي-الإسرائيلي في تشرين الثاني الماضي/ نوفمبر 2005م، من حيث انعكاساتها على مستقبل الدولة والصراع.

4- بيان طبيعة المعادلة التي دخلت فيها علاقات الدولة الإقليمية والدولية في ظل تنامي برنامج المقاومة الفلسطينية والعربية، وتقدم نفوذ الإسلام السياسي في القرار السياسي، والمشاركة في الحكم في فلسطين والمنطقة العربية، خصوصا في السنوات الست الماضية منذ العام 2000م.

محاور الندوة الرئيسية

ستتناول الندوة العديد من المحاور الأساسية، أهمها: الواقع القائم اليوم في إسرائيل من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية والإستراتيجية، أي الملامح السياسية في إسرائيل حتى العام 2015م، والملامح الاقتصادية في إسرائيل حتى العام 2015م، والملامح الاجتماعية في إسرائيل حتى العام 2015م، والملامح الإستراتيجية في إسرائيل حتى العام 2015م، وملامح العلاقات الإقليمية والدولية في إسرائيل حتى العام 2015م، وذلك وفق المحاور المفصلة التالية:

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


برنامج الندوة

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

الاثنين 27/8/2007

حـفــل الافـتتاح

السيد جواد الحمد / مدير مركز دراسات الشرق الأوسط

9.30 - 10.00

الجلسة الأولى:

الملامح السياسية في إسرائيل بين العام 2006 والعام 2015

10.00 – 12.00

رئيس الجلسة: د. عبد الله كنعان

1- الوضع السياسي القائم في إسرائيل وعلاقاتها الخارجية.
مسعود اغبارية - فلسطين

2- آفاق عملية التسوية للصراع العربي الإسرائيلي في إسرائيل وتوجهاتها إزاء الدولة الفلسطينية
أ.نواف الزرو - الأردن

3- دور المؤسسة العسكرية والدينية في صناعة السياسة الإسرائيلية.
أ.د.نظام بركات -الأردن

استراحة شاي

12.00 – 12.15

الجلسة الثانية:

الملامح الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل حتى العام 2015

12.15 – 14.15

رئيس الجلسة: د. أحمد الخلايلة

1- آفاق الوضع الاقتصادي في إٍسرائيل حتى عام 2015.
أ.د.محمد صقر - الأردن

2- اتجاهات تحول التركيبة الاجتماعية ودور المستوطنين في إسرائيل.
د. خالد أبو عصبة- فلسطين

3- التمييز العنصري ضد العرب في إسرائيل .
د.أسعـد غانم – فلسطين

غداء

الثلاثاء 28/8/2007

الجلسة الثالثة:

الملامح الإستراتيجية في إسرائيل بين العام 2006 والعام 2015

9.30-11.30

رئيس الجلسة: أ.د. حسن نافعة

1- تحولات الوضع الاستراتيجي لإسرائيل حتى عام 2015 .
د. جوني منصور- فلسطين

2- تحولات العقيدة العسكرية ونظرية الأمن القومي في إسرائيل حتى العام 2015 .
اللواء موسى الحديد- الأردن  

3- إسرائيل وفلسطين و الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات الإسرائيلية مع العرب
أ.إبراهيم عبدالكريم – سوريا

استراحة شاي

11.30 – 11.45

الجلسة الرابعة:

ملامح العلاقات الإقليمية والدولية لإسرائيل حتى العام 2015

11.45 – 13.45

رئيس الجلسة: أ د. علي محافظة

1- إسرائيل و الوطن العربي والدول الإقليمية الكبرى في العالم.
أ.خلود الأسمر- الاردن

2- إسرائيل و النظام الدولي والمنظمات الدولية.
د.عماد جاد – مصر  

3- آفاق دور إسرائيل الإقليمي والدولي حتى عام 2015.
 د.رائد نعيرات – فلسطين

الجلسة الختامية( مائدة مستديرة )

رئيس الجلسة: أ. جواد الحمد

كيف يتعامل العرب مع إسرائيل في ضوء هذا الواقع واستشراف المستقبل

13.45 – 14.45

كلمة الختام

غداء

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


السادة المشاركون

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

أولاً: السادة رؤساء الجلسات

(الأسماء مرتبة حسب الأحرف الهجائية)

الاسم الصفة
الدكتور احمد الخلايلة مدير مركز المستقبل للدراسات الإستراتجية
الأستاذ الدكتور حسن نافعة أمين عام منتدى الفكر العربي
الدكتور عبدالله كنعان أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس
الأستاذ الدكتور علي محافظة رئيس جامعة اليرموك الأسبق

ثانياً: السادة مقدمو أوراق العمل

(الأسماء مرتبة حسب الأحرف الهجائية)

الاسم الصفة
الأستاذ إبراهيم عبد الكريم باحث متخصص في الشؤون الإسرائيلية
الدكتور أسعد غانم مدير دائرة الأبحاث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية
الدكتور جوني منصور محرر التقرير الاستراتيجي لمدار للعام 2006
الدكتور خالد أبو عصبة الباحث والخبير في الشؤون الاجتماعية
الأستاذة خلود الأسمر باحثة متخصصة في شؤون الصراع العربي الإسرائيلي
الدكتور رائد نعيرات رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية
الدكتور عماد جاد رئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية في مؤسسة الأهرام
الأستاذ الدكتور محمد صقر أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك
الدكتور مسعود اغبارية الباحث والخبير في شؤون السياسة الإسرائيلية
اللواء موسى الحديد الخبير العسكري والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية في كلية الدفاع الوطني
الأستاذ الدكتور نظام بركات أستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك
الأستاذ نواف الزرو محرر الشؤون الإسرائيلية في صحيفة الدستور الأردنية

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


كلمة الافتتاح

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

جواد الحمد
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط

الضيوف الكرام، السادة والسيدات الحضور:

نرحب بكم- في هذا اليوم- أجمل ترحيب في ندوتنا الاستراتيجية التي تتناول واقع إسرائيل ومستقبلها حتى العام 2015م، وأحب بداية أن أشير إلى أننا نعمل على الإعداد لهذه الندوة منذ أكثر من ستة شهور، وقد تكللت الجهود بترتيبها على النحو الذي نراه اليوم، وقد سعينا من عقد هذه الندوة إلى محاولة قراءة الواقع الإسرائيلي عبر التقارير التي أعدت عنه وعبر دراسة مختلف مكوناته الأساسية خصوصا ما يتعلق بالجوانب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والاستراتيجية، ونحن بذلك نهدف إلى تقديم الحقائق للواقع القائم، بعيدا عن التحليلات الانطباعية والعامة، ونهدف إلى تناول تفاصيل الأبعاد المختلفة، وهي المنطلق الذي تم الاعتماد عليه في تقديم رؤية مستقبلية لواقع الدولة العبرية حتى العام 2015م، وهو العام الذي رسمنا فيه قبل عامين سيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي المحتملة، والتي أشارت بوضوح- بإبعادها المختلفة- إلى أنه العام الذي سوف تشهد فيه الدولة الصهيونية ودورها تراجعا كبيرا في التأثير إقليميا ودوليا، وهو العام الذي سيظهر تقدما ملحوظا للمشروع العربي على حساب المشروع الصهيوني، وقد أكد المؤتمر حينئذ أنه ربما يكون العرب في ذلك الوقت قد نجحوا في تحجيم الخطر الصهيوني أو احتوائه وربما تلاشيه من المنطقة حسب بعض الإشارات في الدراسات المستقبلية التي قدمت حينها، ولعل بعض التحولات التي لحقت المؤتمر عام 2006م ساهمت في تأكيد الاتجاه ذاته الذي ذهب إليه السيناريو الرابع المشار إليه آنفا .

الضيوف والنخب المشاركة:

إننا نتطلع اليوم- ونحن نتناول بالدراسة والمناقشة والاستقراء مستقبل الدولة العبرية في الجوانب الاستراتيجية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية وعلاقاتها الخارجية- إلى التمكن من رسم المشهد أو المشاهد المتوقعة في العام 2015م بأقصى درجة ممكنة من العلمية والموضوعية لتشكيل الرؤية الصحيحة عن المستقبل، ولتحديد سياسات التعامل معه خدمة لمصالح الأمة العربية وقضية فلسطين .

آمل جدا أن ينجح السادة المشاركون اليوم من الباحثين والمناقشين والخبراء والمفكرين والسياسيين في دفع الندوة إلى الأمام لتحقيق هذا الهدف، وللتوصل في نهايتها إلى مشاريع العمل والسياسات العربية الأمثل للتعامل مع واقع الكيان الإسرائيلي اليوم، وصولا إلى سياسات التعامل الأمثل حتى العام 2015م  لإزالة خطره.

السادة والسيدات:

نعلم الصعوبات التي تعانيها الدراسات المستقبلية عادة ، ونعلم أيضا الصعوبات التي يعانيها الباحثون العرب في دراسة الدولة العبرية منذ نشأتها، وذلك لاعتبارات الغربة الثقافية والفكرية واللغوية بيننا وبينهم من جهة، ولأن الدراسات العربية الخاصة بالشأن الإسرائيلي تختلط عادة بدراسات الصراع العربي-الإسرائيلي بوصفه العامل الأكثر حسما لتحديد مستقبل الدولة وطبيعة تركيبتها من جهة أخرى، ولكن ذلك ساهم في كثير من الأحيان في إخفاء بعض الحقائق والعوامل المؤثرة، وهذا يؤثر سلبا في تشكيل الرؤية المساعدة على اتخاذ القرار ورسم السياسات في التعامل معها، ومثال ذلك ما حصل إبان قيام الدولة عام 1948م بدعم دولي كامل ورفض عربي كامل، قامت هذه الدولة على حساب الحقوق العربية في فلسطين وعلى حساب الشعب الفلسطيني الذي لا زال يعاني من شر قيامها حتى اليوم، وذلك عندما ساد الاستخفاف بها وبخطرها وبإمكانية استمرارها، وسادت الشعارات الحماسية على التخطيط العقلي والواقعي، ورغم أن محاولات عديدة جرت للتعامل مع هذه الدولة بمستوى عالٍ من المسئولية- وربما لتدميرها وإزالتها- إلا أن الرؤية التي استندت إليها هذه الجهود ثبت ضعفها وعجزها، ونقلت الصورة والمؤثرات الحقيقية إلى صورة مشوهة مضللة أبعدت المخططين كثيرا عن بوصلة الاتجاه الصحيح، وكانت حرب عام 1967م الفاجعة والأداة الصارخة التي كشفت عورة هذا التخطيط والرؤية، بل والإرادة السياسية العربية، فنقل المنطقة والقضية إلى واقع جديد أسوأ مما كان عليه الحال قبلها عربيا، وعلى صعيد آخر وفر لإسرائيل عوامل بقاء جديدة أمدت في عمرها، خصوصا على صعيد تشكل قناعات جديدة أكثر عمقا عند الدول الأوروبية وأميركا بأن إسرائيل دولة يمكن الاعتماد عليها ضمن المشروع الغربي الإمبريالي الدولي والشرق أوسطي على حد سواء، بل وتمكنت من تغيير دول إسلامية- كإيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي- لتقيم مع إسرائيل علاقات واتصالات مهمة، اعتقادا بأنها دولة مفتاح في المنطقة للسياسات الغربية والأميركية على وجه الخصوص .

أيها الإخوة والأخوات:

إن المناقشة العملية الأكاديمية هي التي يمكن أن تشكل الرؤية السياسية والاستراتيجية الصحيحة، وإن اللجوء إلى تشويه صورة اسرائيل فقط دون التنبه إلى الحقائق التي تحيط ببنائها وعلاقاتها ربما يتسبب بتضليل كبير للسياسات العربية والفلسطينية .

إذا أردت أن أشارك معكم في رسم المشهد القائم اليوم واحتمالات حراكه المستقبلي فلعلي لا البالغ إن قلت إن إسرائيل اليوم تمر في أخطر مراحل عمرها، وهي اليوم تتعرض للتفتت الداخلي والخطر الخارجي الداهم المهدد للوجود بشكل جدي ولأول مرة، وهي اليوم تبدو عاجزة استراتيجيا وعسكريا وسياسيا عن التحرك في المنطقة خلافا لما كان عليه حالها مدة العقود الماضية، إذ تلقت ضربات استراتيجية لبنانية وفلسطينية تسببت بإضعاف قدراتها المختلفة، وهي تعجز عن التنبؤ بطبيعة التحولات التي يشهدها العامل الفلسطيني رغم النجاحات التي بدت لها في المجالات الأخرى، ولعل تقرير( إسرائيل عام 2000م) الذي نشر في عام 1980م قد عجز عن التنبؤ بالتحول الاستراتيجي الذي شهدته الساحة الفلسطينية باندلاع الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام 1987م التي أدخلت التيار الإسلامي في العمل الوطني المباشر، ووضع إسرائيل أمام استحقاقات لم تتوقعها سياسيا واستراتيجيا، وعجزت كذلك (تقارير إسرائيل عام 2020م) التي نشرت في عام 2000م عن التنبؤ بالانتفاضة الفلسطينية الكبرى الثانية عام 2000، وعن التنبؤ بتقدم حركة حماس لاستلام قيادة السلطة الفلسطينية عام 2006م، واندحار الجيش الإسرائيلي من جنوبي لبنان وقطاع غزة أعوام 2000 و2005م على يد المقاومة، وهو ما يشير إلى أن مثل هذه الندوة تلعب دورا مهما في خدمة صانع القرار العربي والفلسطيني لتحديد بوصلة الرؤية للمرحلة القادمة بعيدا عن نظريات الأسطورة ونظريات الاستخفاف التي سبقتها، ولعل التردد والتخوف الكبيرين اللذين يحيطان بالقرار الإسرائيلي إزاء الحرب ضد سوريا أو المقاومة اللبنانية أو اجتياح قطاع غزة إنما يفيد في دعم مؤشرات ضعف الدولة الصهيونية وقرارها الاستراتيجي، ويبدو أن صيف عام 2006م شكل معلما جديدا من معالم انتهاء دور الدولة الإقليمي المرسوم لها دوليا، وربما دورها الطبيعي دولة شرق أوسطية. وما محاولات إحياء الجهود السياسية وعملية السلام التي تبذلها الإدارة الأميركية وبعض الدول العربية المتحالفة معها مؤخرا إلا جهود إنقاذ للأعوام الأخيرة لحماية الكيان من الانهيار.

لنا أمل كبير- في هذه الندوة- بالباحثين والمناقشين أن يقدموا ما يخدم هذا الاتجاه في تشكيل التصور الممكن لإسرائيل عام 2015م في ضوء الدراسات والقراءات ومعادلات التحول السابقة لا سيما من العام 2000م وحتى 2007م، ويمكن ذلك بالدخول في التفاصيل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والأمنية والعسكرية والاستراتيجية المتعلقة بالواقع وحركة المستقبل، وذلك بهدف تشكيل رؤية أكثر دقة، وتبيين طبيعة العوامل التي تتدخل في رسم المستقبل، وتؤثر فيه تأثيرا بالغا لأخذها بعين الاعتبار في التعامل مع التحولات المتوقعة بواقعية.

الإخوة والأخوات

أرحب بكم ثانية وأشكر لكم حسن استجابتكم، وأدعوكم إلى فتح أبواب التفكير والمناقشة بلا قيود لرؤية دقيقة للواقع ولرؤية موضوعية لتحولاته المستقبلية حتى العام 2015م، وتذكروا أن ما تقدمونه اليوم هو مساهمة تاريخية في إرشاد بوصلة الأمة نحو مواجهة أكبر خطر يتهددها اليوم- والذي تشكل إسرائيل مصدره الرئيس- ليضم إلى الإنجاز التاريخي السابق لمركزنا في عام 2005م عندما  رسمنا سيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي المتوقعة حتى عام 2015م.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص أبحاث الندوة

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

نظم مركز دراسات الشرق الأوسط يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين ندوة عن حاضر إسرائيل ومستقبلها حتى عام 2015م، بمشاركة عدد من الباحثين والمختصين في الشأن الإسرائيلي.

هدفت الندوة إلى إدراك كنه التحولات التي طرأت على الدولة والمجتمع في إسرائيل طيلة العقود الستة الماضية، وتقديم قراءة مستقبلية لطبيعة ملامح الدولة ومكوناتها حتى العام 2015م، إلى جانب تناول علاقات الدولة الإقليمية والدولية في ظل تنامي برنامج المقاومة الفلسطينية والعربية وتقدم نفوذ الإسلام السياسي في القرار السياسي والمشاركة في الحكم في فلسطين المحتلة والمنطقة العربية خصوصا في السنوات الست الماضية منذ العام 2000م.

بحثت الندوة في أربع جلسات وزعت على مدى يومين العديد من المحاور التي تناولت واقع إسرائيل اليوم من الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والاستراتيجية، توطئة للبناء عليها في محاولة استشراف مستقبلها حتى العام 2015م وذلك كمحاولة استباقية لمخطط إسرائيل لعام 2020م.

وفي كلمة الافتتاح قال مدير المركز جواد الحمد:

وقال مدير المركز جواد الحمد في كلمة الافتتاح مخاطبا المشاركين أن ما تقدمونه اليوم هو إسهام تاريخي في إرشاد بوصلة الأمة في مواجهة اكبر خطر يتهددها اليوم والذي مصدره الرئيس هو إسرائيل ليضم إلى الانجاز التاريخي السابق لمركزنا في عام 2005 عندما  رسمنا سيناريوهات الصراع العربي-الإسرائيلي المتوقعة حتى عام 2015 .

وأضاف أن الدراسات العربية الخاصة بالشأن الإسرائيلي عادة ما تختلط بدراسات الصراع العربي-الإسرائيلي بوصفه العامل الأكثر حسما لتحديد مستقبل الدولة العبرية وطبيعة تركيبتها ، ولكن ذلك ساهم في كثير من الأحيان في إخفاء بعض الحقائق والعوامل المؤثرة مما يؤثر سلبا على تشكيل الرؤية المساعدة على اتخاذ القرار ورسم السياسات في التعامل معها وهو احد أسباب الهزيمة في حرب 1967.

وبين من خلال دراسات المركز وتحليلاته أن إسرائيل اليوم تمر في اخطر مراحل عمرها ، وهي اليوم تتعرض للتفتت الداخلي والخطر الخارجي الداهم المهدد للوجود بشكل جدي ولاول مرة ، وهي اليوم تبدو عاجزة استراتيجيا وعسكريا وسياسيا عن التحرك في المنطقة خلافا لما كان عليه حالها طوال العقود الماضية، حيث تلقت ضربات استراتيجية لبنانية وفلسطينية تسببت بإضعاف قدراتها المختلفة.

وقال حول اهمية هذه الندوة ودورها انها تسهم في خدمة صانع القرار العربي والفلسطيني لتحديد بوصلة الرؤية العربية للمرحلة القادمة بعيدا عن نظريات الاسطورة ولا عن نظريات الاستخفاف التي سبقتها ازاء قوة وقدرات اسرائيل، وقال لعل التردد والتخوف الكبير الذي يحيط بالقرار الاسرائيلي ازاء الحرب ضد سوريا او المقاومة اللبنانية او اجتياح قطاع غزة في هذه الفترة  انما يؤكد دعم مؤشرات ضعف الدولة الصهيونية وقرارها الاستراتيجي.

خُصص اليوم الأول للندوة لبحث الملامح السياسية والاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل اليوم وفي المستقبل، وذلك من خلال جلستي عمل ناقشت أولاهما- برئاسة أمين عام اللجنة الملكية لشؤون القدس عبد الله كنعان- الوضع السياسي في إسرائيل ومستقبل الخارطة الحزبية وتأثيرها على السياسة الإسرائيلية، وتوجهات إسرائيل إزاء مستقبل الدولة الفلسطينية، وآفاق عملية التسوية للصراع العربي – الإسرائيلي، إضافة إلى بحث دور المؤسسة العسكرية في صناعة السياسة الإسرائيلية.

فيما شخّصت الجلسة الثانية التي كانت برئاسة الدكتور أحمد الخلايلة تداعيات الصراع الإسرائيلي مع الفلسطينيين والعرب على مستقبل اقتصادها، واتجاهات تحول التركيبة الاجتماعية في إسرائيل والتمييز العنصري ضد العرب في إسرائيل.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الجلسة الأولى:

الملامح السياسية في إسرائيل بين العام 2006 والعام 2015

ملخص ورقة الوضع السياسي القائم في إسرائيل وعلاقاتها الخارجية.

د. مسعود اغبارية - فلسطين

قدم د. مسعود إغبارية ورقة بحثية عن العقيدة الأمنية الإسرائيلية، معتقداً أن "إسرائيل تعاني اليوم من أزمة متعددة الجوانب تعود إلى فشل متراكم في عقيدتها الأمنية ، إذ بدأت مباشرة على إثر حرب حزيران 1967م، وتراكمت عبر خمسة تطورات مهمة في المنطقة لتنتهي في حرب تموز (يوليو) – آب (أغسطس) 2007م. ويرى الباحث أن "النهوض والتحدي العربي والفلسطيني ساعد على إدخال المشروع الصهيوني في فلسطين في مأزق لم تعد تتحمله أعداد متزايدة من الإسرائيليين اليهود، فبدأت الهجرة اليهودية من فلسطين في ازدياد".

مع تحقيق زعماء الحركة الصهيونية احتلال الأرض الفلسطينية، واستعمارها، وتشريد قسم من أصحابها الأصليين، إلا أنه لم ينعم المستوطنون بالسلام، وسياساتهم تقودهم للمزيد من عدم الاستقرار وعدم الأمن والأمان.

أشار الباحث إلى أن العقيدة الأمنية الإسرائيلية لا تتحمل تغييرات وتحسينات؛ لأنها ترتكز على فرضيات ومفاهيم ثقافية راسخة في عقلية الزعماء السياسيين في إسرائيل، لافتاً إلى أن المخرج يكمن في بنائها- من جديد- على أسس ومفاهيم إنسانية بدل التركيز على استعمال سياسة القوة.

وأشار الباحث إلى أن سياسة القوة التي ارتكزت عليها المنظمات الصهيونية لإقامة إسرائيل- وما زالت قائمة بفضلها- تواجه صعوبات كبيرة، فيما تفقد أعداد متزايدة من الإسرائيليين الثقة بها؛ لأنها لم توفر لهم الأمن والأمان. لافتاً إلى أن التقرير الأولي للجنة فينوغراد حول الحرب الإسرائيلية السادسة في تموز (يوليو) عام 2006م وصف تصرفات القيادة الإسرائيلية في الحرب بالفشل (164) مرة. وكشف تقرير مراقب الدولة حول دور "الجبهة الداخلية" خلال الحرب نفسها تقصيرات كثيرة، وكشفت تحقيقات مختلفة قامت بها لجان قضائية مختلفة وجود فساد مستشر وانتهاكات قيمية وأخلاقية بين صفوف قادة الصف الأول ومن دونهم.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة آفاق عملية التسوية للصراع العربي - الإسرائيلي في إسرائيل وتوجهاتها إزاء الدولة الفلسطينية

أ.نواف الزرو- الأردن

قدم رئيس القسم العبري والدراسات والأبحاث الفلسطينية – الإسرائيلية في جريدة الدستور الأستاذ نواف الزرو ورقة بحثية حول آفاق عملية التسوية للصراع العربي – الإسرائيلي، وتوجهات إسرائيل إزاء مستقبل الدولة الفلسطينية وحدودها، وعودة اللاجئين.

وأشار الباحث إلى الحراك السياسي الراهن لتفعيل المبادرة العربية للسلام التي يعود عمرها الزمني إلى خمس سنوات فائتة حينما أقرها العرب في قمة بيروت 2002م وفعّلوها في قمة الرياض 2007م، إضافة إلى التصريحات والمقترحات الأمريكية والإسرائيلية المتلاحقة لفتح "أفق سياسي" للسلام، والتي تأتي- بحسبه- في الوقت الذي تعيش فيه واشنطن مأزقاً داخلياً وخارجياً.

وبحسب الباحث فإن التحركات الأمريكية الأخيرة تشابه تلك التي شهدتها الدبلوماسية الأمريكية في أوائل عهد الرئيس جورج بوش الابن لإيجاد حلول جزئية لملف القضية الفلسطينية، كخريطة الطريق واللجنة الرباعية الدولية، والتي "أثبتت جميعها صفتها الاستعراضية الفارغة من أي محتوى"، فيما جوبهت بتحفظ ورفض إسرائيلي استتبع أخيراً بموافقة مشروطة للمبادرة بالمطالبة بتعديلها، وباستباق التطبيع على السلام.

شدد الباحث في هذا السياق على أهمية دور المقاطعة العربية ومقاومة التطبيع لإحباط مخطط الهيمنة الصهيونية – الأمريكية على المنطقة العربية والشرق أوسطية برمتها، معتبراً أن "عملية المفاوضات والسلام وصلت منذ زمن بعيد إلى طريق مسدود"، وأن "كل الاتفاقيات التي عقدت برعاية أمريكية أو دولية بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال قد تفككت وتشظت بقوة مرعبة على صخرة ممارسات القتل والتدمير والاستيطان الإسرائيلي".

يعتقد الباحث أن "عملية السلام ماتت وانتهت إسرائيليا"، فأقطاب "إسرائيل" من بن غوريون إلى أشكول إلى مائير إلى بيغن إلى رابين إلى شامير إلى باراك إلى نتنياهو إلى شارون وصولا إلى أولمرت كانوا قد أعلنوا- صراحة أو مواربة أو ميدانيا على الأرض- أن لا سلام مع العرب، وان أوسلو قد ماتت، و"أن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين مستحيلة".

وحذر الباحث من خطورة الأهداف الصهيونية الرامية إلى إعادة إنتاج مشروع الاحتلال، واستكمال بناء الجدران العنصرية، وتكريس الخريطة الاستيطانية اليهودية في أنحاء جسم الضفة الغربية، وضم ما بين 55 - 60% من مساحة الضفة وتهويدها ، وهي أرقام مرشحة دوماً للارتفاع، إضافة إلى هدف تدمير البنى التحتية المدنية الفلسطينية، وإنتاج المزيد من معسكرات الاعتقال الجماعية للفلسطينيين، وذلك وصولاً إلى إجبار الفلسطينيين على الاستسلام والتنازل عن حقوقهم الوطنية المشروعة.

وأشار إلى أن قادة "إسرائيل" ربطوا بين رؤية بن غوريون لعام 1937م للدولة اليهودية ذات الأبعاد التوراتية وبين مشروع "الشرق الأوسط الكبير" وبين رؤيته وبين السياسة الأمريكية الخاصة "بالشرق أوسط الجديد"، موضحاً بأن "حديث بعض القادة كرئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود أولمرت ووزير الحرب الإسرائيلي الأسبق شاؤول موفاز عن ترسيم حدود إسرائيل خلال العامين القادمين يعني الإبقاء على المستوطنات المركزية والمحافظة على القدس الموحدة وغور الأردن، وهو أمر لن يتم بالتأكيد عبر مفاوضات حقيقية مع الفلسطينيين وإنما عبر إجراءات أحادية الجانب.

تطرق الباحث إلى التطورات الأخيرة في المشهد الفلسطيني التي تمخضت عما يسميه الإسرائيليون "دويلة حماستان" أو "بانتوستان - حماستان في غزة" المعزولة تماما عن خريطة الدويلات أو البانتوستانات الأخرى الموزعة على مساحة الضفة الغربية، ما يثير تساؤلات حول مشروع الاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية، ومصير ما أطلق عليه"خريطة الطريق" و خطة "إقامة دولتين: فلسطينية وإسرائيلية".

استبعد الباحث وجود "أي أفق سياسي" حقيقي لقيام دولة فلسطينية في المستقبل المنظور بعد تدهور الأوضاع الفلسطينية الداخلية، فيما باتت المهمات الملحة والعاجلة المطروحة على الأجندات الفلسطينية تتعلق بكيفية لململة الأوضاع والأوراق الفلسطينية، وتحقيق المصالحة والتعايش الفلسطيني بين الفصائل، والتصدي للمحاولات الإسرائيلية الرامية لفصل الضفة عن القطاع، وذلك بعد أن كانت في وقت سابق تتركز حول بناء مقومات الاستقلال والدولة.

لفت الباحث إلى الخطط الأمريكية الإسرائيلية الحالية للإعلان عن دولة فلسطينية منزوعة السلاح والسيادة وذات حدود مؤقتة حتى نهاية عام 2007م كبديل مرحلي عن التسوية الدائمة، وهو أمر يعني- وفقاً للباحث- تصفية القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، معتبراً أن "كافة خطط المؤسسة الأمنية والسياسية الاستراتيجية الإسرائيلية وخرائطها ليست جديدة، بل هي قديمة متجددة تنطوي على المضامين والأهداف الصهيونية الأساسية، والتي يمكن إحباطها ودحرها إذا توافرت الخطة الاستراتيجية والإرادة السياسية العربية خلف إرادة الصمود والتصدي الفلسطينية".

أوضح الباحث بأن الفكر الصهيوني يرفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين رفضاً مطلقاً، وينادي بالتوطين سبيلا لتصفية القضية نهائياً، وذلك في إطار موقف مجمع عليه من كافة التيارات السياسية الإسرائيلية ولم يطرأ عليه أي تغيير.

وأشار إلى مخاطر جدار الفصل العنصري الذي تواصل سلطات الاحتلال بناءه بهدف تكريس الأهداف الاستراتيجية الاستيطانية للمشروع الصهيوني على كامل مساحة فلسطين، والمنطقة الواقعة بين البحر والنهر، ومحاصرة من تبقى من الشعب العربي الفلسطيني في فلسطين وعزلهم وفصلهم خارجيا بانتزاعهم من جسمهم وعمقهم العربي، وفصلهم داخليا أيضا عن بعضهم بعضا، فيفصل الضفة والقطاع مثلا عن فلسطين 1948، والضفة عن القطاع، إضافة إلى تقطيع أوصال جسم الضفة بواسطة الكتل الاستيطانية والجدران الأساسية والالتفافية، وإنهاء المطالب والطموحات الوطنية الاستقلالية الفلسطينية، وفرض المحددات الجغرافية والسياسية لـ "اتفاق انتقالي طويل الأمد" باعتراف الشرعيات الفلسطينية والعربية والدولية.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة دور المؤسسة العسكرية والدينية في صناعة السياسة الإسرائيلية

أ.د.نظام بركات -الأردن

من جانبه، بحث أستاذ العلوم السياسية في جامعة العلوم التطبيقية د. نظام بركات في دور المؤسسة العسكرية في صناعة السياسة الإسرائيلية، وذلك من خلال تتبع مسار نشأتها الذي يعود إلى مرحلة ما قبل قيام إسرائيل عام 1948م، وبحث العوامل التي أسهمت في تنامي دورها، وتلك التي حدّت منه، وصولاً إلى دراسة تأثيرها في المجالات السياسية والأمنية والاجتماعية المختلفة.

يعتبر د. بركات أن دور المؤسسة العسكرية لا يقتصر فقط على الجيش والقوات المسلحة مثل الدول الأخرى، وإنما يتعداهما ليشمل عدة مؤسسات وجماعات داخل المجتمع الإسرائيلي، كوزارة الدفاع، والجيش، ومجموعة المؤسسات المرتبطة بها كالأجهزة الأمنية وحرس الحدود، وأجهزة المخابرات العسكرية والسياسية، ومعاهد الدراسات الإستراتيجية، والصناعات العسكرية، والمفاعلات النووية، والمستوطنات العسكرية، إضافة إلى منظمات الشباب، ومنها الجدناع والناحال.

وبحسب الباحث، فإن المؤسسة العسكرية "تتمتع بدرجة كبيرة من الاستمرارية والتكيف والاستقلالية والتماسك"، إلى جانب القدرة على التغلغل في كافة المناحي الحياتية الإسرائيلية، مسلطاً الضوء على دورها في بلورة النظرية الأمنية الإسرائيلية وترسيخ الاعتقاد بأهمية القوة العسكرية في تحقيق أهداف إسرائيل.

يجد الباحث أن ثمة عوامل عديدة أسهمت في تنامي دور المؤسسة العسكرية، تكمن في حالة إسرائيل الأمنية، والعقيدة الصهيونية والتراث الثقافي اليهودي اللذين يركزان على أهمية القوة والقتال في تحقيق الأهداف الصهيونية، مثلما يضفيان أهمية كبيرة للقوة والنخب العسكرية في إدارة الصراع، إضافة إلى تفكك المجتمع الإسرائيلي وعدم تجانسه، والصلاحيات الواسعة الممنوحة للمؤسسة العسكرية لمواجهة الأزمات، إلى جانب دور العسكريين (المسرحين) في دعم تلك المؤسسة.

في المقابل هناك عوامل أخرى تحدُّ من دور المؤسسة العسكرية تتمثل في استقرار النظام السياسي، وقدرة المؤسسات السياسية على استيعاب العسكريين بعد تركهم للخدمة مما حال دون تشكيلهم قوة ضاغطة منعزلة، إضافة إلى نفاذية الحدود بين المؤسسة العسكرية والسلطة السياسية، والتوجهات السلمية في المنطقة، وتراجع أهمية المؤسسة العسكرية في ظل زوال التهديد الناتج عن الصراع العربي الإسرائيلي، وظهور اتجاهات جديدة للسياسة الإسرائيلية في السيطرة الاقتصادية والسياسية على المنطقة ضمن مقولات "الشرق الأوسط الجديد" أو "الموسع"، وتعميق حدة الانقسام بين معسكري السلام والحرب في إسرائيل، إلى جانب الانتكاسات التي منيت بها المؤسسة العسكرية أخيراً.

ومع ذلك، فإن الباحث يعتقد بأهمية الدور المركزي والفاعل الذي تلعبه المؤسسة العسكرية في النظام السياسي الإسرائيلي رغم محاولة المسؤولين الإسرائيليين التقليل منه، وهو الأمر الذي يظهر- بحسبه- في سيطرتها على أجهزة الاستخبارات وجمع المعلومات، وفي سيطرتها على مراكز الدراسات الإستراتيجية المسؤولة عن وضع التقديرات وصياغة البدائل لصانعي القرار، ودورها في وضع المبادئ العامة لسلوك الدولة داخلياً وخارجياً، ومشاركتها في الإجراءات والترتيبات السلمية والأمنية مع الدول المجاورة. وتلعب المؤسسة العسكرية أيضا دوراً فاعلاً في المجال الأمني من خلال بلورة نظرية الأمن القومي، وبناء القوات العسكرية، وإعدادها للحرب، والمحافظة على درجة استعدادها للقيام بالمهام التي توكل إليها من قبل السلطة السياسية، إضافة إلى تأثيرها البارز في المجالين الاجتماعي والاقتصادي.

يخلص الباحث مما سبق إلى أنه بالرغم من تعرض مكانة المؤسسة العسكرية للتهديد بفعل الدعوات المتلاحقة لإصلاحها بعد موجات الفشل التي منيت بها أخيراً، إلا أن المؤسسة ستعمل على إبقاء باب الحل العسكري مفتوحا حتى ولو كان ذلك من خلال عمليات عسكرية مفتعلة ومحدودة لضمان وحدة المجتمع والقوى السياسية الإسرائيلية. ويشير إلى أن الأحداث الأخيرة أظهرت قدرة المؤسسة العسكرية على التحكم في إدارة الصراع، غير أن ثمة اتجاهات حديثة تتجه نحو زيادة تأثير السلطة السياسية وتحكمها في سلوك العسكر، مما دفع المؤسسة العسكرية إلى الاستخدام المكثف للأسلحة التقليدية للاستعاضة عن عدم قدرتها على استخدام الأسلحة المتطورة.

ويرى الباحث أن "المرحلة الأخيرة ضخمت التوجه لدى الشباب الإسرائيلي لرفض الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة، ومطالبتهم بالعيش برفاهية كحال معظم الدول المتقدمة، فيما يزال النقاش دائرا في الداخل الإسرائيلي حول دور المؤسسة العسكرية ومكانتها في صنع القرارات، خاصة في ظل غياب النصوص القانونية، وتنامي دعوات وضع القيود على تدخلاتها نتيجة اهتزاز الثقة بها بعد فشلها في تحقيق أهدافها الأمنية، وكذلك في ظل تراجع التهديدات بالحرب في المنطقة".

يعتقد الباحث بأن "قسماً من المجتمع الإسرائيلي توصل إلى نتيجة مؤداها أن استمرار الاحتفاظ بمؤسسة عسكرية ضخمة سيؤدي إلى زيادة أعباء الإنفاق العسكري وزيادة التضخم، وبالتالي لا خيار أمام إسرائيل سوى التخلي عن جزء من ميزانية الدفاع وتعويضه بزيادة الارتباط الإستراتيجي بالولايات المتحدة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة من خلال الاندماج بالعملية السياسية".

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الجلسة الثانية:

الملامح الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل حتى العام 2015

ملخص ورقة آفاق الوضع الاقتصادي في إٍسرائيل حتى عام 2015

أ.د.محمد صقر-الأردن

تناول د. محمد صقر في دراسته البحثية تداعيات صراع إسرائيل مع الفلسطينيين والعرب على مستقبل اقتصادها، من خلال البحث في نشوء إسرائيل ودورها الاستراتيجي وتطورها الاقتصادي، وأثر الحرب على الاقتصاد الإسرائيلي، والعلاقات الاقتصادية بين إسرائيل والعرب، إضافة إلى أثار الدعم الاقتصادي الخارجي والأمريكي ومستقبله.

تطرق الباحث في البداية إلى مفاصل تاريخية بارزة في عمر الصراع العربي – الإسرائيلي، مشيراً في ذلك السياق إلى العدوان الإسرائيلي عام 1948م الذي مكنها من السيطرة على حوالي 70% من فلسطين، فيما استكملت بعد حرب 1967م السيطرة على كامل التراب الفلسطيني، إلى جانب سيناء وهضبة الجولان والجنوب اللبناني، غير أن هذا الحال تغير مع حرب 1973م التي أضرت بالاقتصاد الإسرائيلي وأصابت المشروع الصهيوني بتراجع استراتيجي خطير.

ورأى الباحث أن إسرائيل استفادت اقتصادياً من التوسع العسكري، وحققت تقدماً اقتصادياً كبيراً خلال السنوات الستين الماضية، وأقامت أيضا علاقات اقتصادية مع مختلف قارات العالم، فيما لا تزال تتلقى الدعم من التبرعات السخية التي تقدمها الجاليات اليهودية وخصوصا في الولايات المتحدة، ومن بيع سندات التنمية والاستقلال التي تطرحها إسرائيل في الأسواق العالمية والتي يقبل اليهود على شرائها بشكل كبير، إلى جانب الدعم المالي الأمريكي الكبير الذي تقدمه على شكل هبات ومساعدات وقروض وتسميات عديدة أخرى.

يعتقد الباحث أنه إذا كان الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان قد أضعف من قدرات المقاومة هناك مقابل تمتع إسرائيل بقدر كبير من الطمأنينة والاستقرار اللذين مكَّناها من ترسيخ أقدامها في الأرض الفلسطينية المحتلة، إلاّ أن الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت في نهاية عام 1987م أثارت لديها- مجدداً- الهاجس الأمني، وألحقت باقتصادها الخسائر الفادحة، مقابل مردود إيجابي على الاقتصاد الفلسطيني.

ورغم أن الحال ما لبث أن تغير مع اتفاق أوسلو (1993م) الذي كان بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي بمثابة "طوق نجاة"، إلا أنه تعرض مجدداً لخسائر فادحة بسبب انتفاضة الأقصى التي اندلعت في 28 أيلول (سبتمبر) 2000م، وبسبب المقاومة التي تصدت للعدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية في تموز (يوليو) من العام الماضي، فقد انخفضت السياحة بنسبة 54% في الربع الثالث من عام 2006م مقارنة بالفترة المماثلة في عام 2005م، وتقلص النمو الاقتصادي في عام 2007م إلى 3,8 بدلاً من 5,5% مثلما كان متوقعا، وتوقف النشاط الاقتصادي عموماً، ونزح أكثر من (1.5) مليون إسرائيلي إلى الداخل، وأخليت بلدات عديدة، وقدرت تكاليف الحرب بالنسبة لإسرائيل بمبلغ (24) مليار شيكل، أي ما يزيد على (5) مليارات دولار.

ورغم إحراز إسرائيل نموا اقتصاديا كبيرا، إلا أنها ستظل دولة مغتصبة صغيرة الحجم قليلة السكان، وسوقها المحلي ضيق، وهي كيان يعيش منذ بداية تكوينه التعسفي بمستوى أعلى بكثير من القدرات والموارد الاقتصادية التي اغتصبتها. وإن بقاء الدخل الفردي في مستوى عال- يضاهي أغنى الدول الصناعية ويتفوق على معظم الدول العربية كإستراتيجية لاجتذاب المهاجرين اليهود- لا يمكن أن يستمر إلا باعتماد إسرائيل على العون الخارجي، وبالذات الأمريكي الذي يقدر سنوياً بين (6 – 8) مليارات دولار.

وقد أثار هذا الاعتماد المالي الكبير المخاوف لدى عدد من السياسيين والإستراتيجيين الإسرائيليين، ورأوا في استمراره نوعا من العجز المزمن للاقتصاد، مما يبعده عن تحقيق هدف ما سمي بالاستقلال الاقتصادي، ومن ذلك تسعى إسرائيل إلى توسيع سوقها ضمن محيطها. وقد لفت الباحث إلى هذا بأن سلطات الاحتلال تمارس سياسة التقييد الاقتصادي ومصادرة الأراضي الزراعية للفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948م، فيما عمدت منذ عام 1967م إلى إخضاع سوق الضفة الغربية وقطاع غزة لاقتصادها وإغراقهما بمنتجاتها والتحكم بالتصدير والاستيراد عبر المعابر، وتدمير الإنتاجية الفلسطينية.

أشار الباحث إلى أن قيمة التبادل التجاري مع الدول العربية بلغت حسب المصادر الإسرائيلية (190) مليون دولار صادرات إسرائيلية، ومبلغ (69) مليون دولار واردات إسرائيلية من الدول العربية عام 2006م، ويدخل ضمن دائرة المتعاملين مع إسرائيل بالإضافة إلى مصر والأردن منطقة الخليج وشمال أفريقيا.

ويرجح الباحث بقاء الدعم الأمريكي دون تغيير جوهري نظراً للتغيرات التي حدثت في حرب لبنان وفي غزة والفشل الذريع في العراق، وتنامي القدرة العسكرية بما يبقى إسرائيل احتياطا أمريكيا مهما.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة ورقة اتجاهات تحول التركيبة الاجتماعية ودور المستوطنين في إسرائيل

 د. خالد ابوعصبة- فلسطين

بحث د. خالد أبو عصبة في التركيبة السكانية وأثرها على الملامح الاجتماعية في إسرائيل حتى العام 2015م، مشيراً بداية إلى أن النمو الديموغرافي الإسرائيلي الذي يصل اليوم إلى ما يقرب من سبعة ملايين نسمة اعتمد- في الأساس- على الهجرة متعددة الطوائف والأصول العرقية غير المتجانسة، وليس على الزيادة الطبيعية، مما أثار إشكاليات وتناقضات حادة داخل إسرائيل لم تجد أجوبة وحلولا واضحة بعد، تتعلق بإشكاليات العلاقة بين الدين والدولة، وماهية الدولة، وهوية اليهودي.

طرح الباحث إشكالية عميقة بالنسبة لإسرائيل تتمثل في الهاجس الديموغرافي الذي يصاحبه عامل التركيبة السكانية والتوزيع السكاني في المناطق الجغرافية المختلفة، والتي ما زالت تحدث انشطارا وانقساما في المجتمع اليهودي بين مهاجري الغرب (الأشكناز) وبين ومهاجري الشرق (السفارديم) في جانب، وبين المجتمع المتدين (الحريديم) وبين العلمانيين في جانب ثان، وبين المهاجرين القدامى وبين المهاجرين الجدد (خاصة الهجرة الروسية من الاتحاد السوفييتي سابقاً) في جانب ثالث، وبين السكان الأصليين من العرب الفلسطينيين وبين السكان اليهود في جانب خاص أخير. ويرى الباحث أن إسرائيل تعاني- بفعل التناقضات في التركيبة السكانية- من أزمة اجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى الأزمة السياسية والأمنية التي ترافقها منذ قيامها عام 1948م.

تعود "المعضلة الديموغرافية" بالنسبة لإسرائيل إلى معطيات رقمية تشير إلى أن استمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية منذ عام 1967م- مثلما هو الواقع اليوم- سيتمخض عن تحول اليهود إلى أقلية في المساحة الممتدة بين البحر وحدود الأردن، بحيث لن تتجاوز النسبة خلال (15) عاما 42 % من السكان فقط، فيما يتعدى عدد المواطنين العرب اليوم (1,15) مليون نسمة، أي حوالي % 18 من السكان، وهذا العدد مرشح للتضاعف في العام2020 م.

وقد تسبب ذلك الأمر في خلق قسمين شبه متكافئين في الشارع الإسرائيلي: قسم يدعو إلى وحدة كامل الأرض (الطرح الجغرافي) على حساب المسألة الديموغرافية، أي الدعوّة إلى ضمّ الأراضي المحتلة، ومن ثم يجري العمل لاحقاً على طرد السكان، وقسم يدعو إلى وحدة الشعب (الطرح الديموغرافي) على حساب المسألة الجغرافية، أي عدم ضمّ الأراضي المحتلة، وتحديداً المكتظة منها بالسكان الفلسطينيين، خشية أن يؤثّر ذلك على طبيعة الدولة، باعتبارها ُتعرف نفسها على أنها "دولة يهودية". ويلتقي هذان الطرحان مع الرؤية السياسية لأحزاب اليمين (الطرح الجغرافي)، وأحزاب اليسار (الطرح الديموغرافي).

ترافق مع ذلك مقترحات وآراء متعددة لخبراء وباحثين إسرائيليين يدعون إلى حل المشكلة الديمغرافية من خلال طرد السكان العرب وترحيلهم، أو تبادل الأراضي والسكان. وقد قامت إسرائيل باتباع عدة أساليب للتعامل مع المواطنين العرب الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948م، تتلخص في قطع صلة الهوية بينهم مع باقي أجزاء الشعب العربي الفلسطيني والأمتين العربية والإسلامية ،ومحاولة بناء مجموعة جديدة "عربية إسرائيلية" أو "العربي الإسرائيلي" الجديد، ومعارضة تنظيمهم خارج ما تريده الأكثرية والدولة من حيث التمثيل البرلماني، والتدخل لمنع أية إمكانية جدّية لنسبة كبيرة منهم لعمل سياسي خارج البرلمان يرتكز على العمل الشعبي والنضال الجماهيري، وإجبارهم على القبول بتوزيع موارد الدولة حسب المفتاح الإثني وليس حسب المواطنة حتى يتسنى للدولة الحفاظ على تفوُّق اليهودي ودونية العربي الفلسطيني.

يعتقد الباحث أنه "من غير الممكن الحديث عن مساواة حقيقية للمواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل في ظل قوانين تمييزية ترسي علاقة هرمية بين الأغلبية اليهودية والأقلية العربية الفلسطينية، وتتسم بفوقية المجموعة القومية "، فإلى جانب التبعية الرسمية -وفق القوانين والتشريعات المختلفة،-يُستَدَلّ من واقع العرب الفلسطينيين وجود إجحاف تاريخي متواصل في ظروف المعيشة، ويظهر ذلك جليًا في المعطيات الاجتماعية-الاقتصادية في البلاد الرسمية منها والشعبية، وهي تتجلى في سياسة الأراضي والبناء، وفي آفة الفقر التي تصل نسبتها بين صفوفهم إلى 31 %، وفي البطالة المتفاقمة، وفي التحصيل الدراسي المتدني، وفي الاستيطان الذي يهدف إلى محو المعالم التاريخية والجغرافية الفلسطينية لمنع عودة اللاجئين الفلسطينيين وحصر وجودهم في أمكانهم اليوم، وفي نقل ملكية الأراضي العربية إلى ملكية يهودية قصرًا، وتبني نظام أراض جماعي مركزي شمولي وليس فرديًا، وفي عدم تخصيص "أراضي الدولة" للقرى والمدن العربية في إسرائيل، وفي هدم البيوت العربية والتلويح الدائم بالخطر الديموغرافي العربي لتشجيع الاستيطان اليهودي.

غير أن موقف الشارع الإسرائيلي بحسب الباحث يتسم "بالتباين حيال الاستيطان وتجاه النظرة إلى المستوطنين". وتظهر المعارضة في أن المستوطنات تستنفد الموارد الكبيرة من الميزانية العامة على حساب الخدمات الاجتماعية، والمتضرر منها هنا هي تلك الشرائح الاجتماعية الموجودة في أدنى السلم الاجتماعي- الاقتصادي الإسرائيلي، إلى جانب أنها تشكل عائقا أمام أي أمل في حل نهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. أما الفئة المؤيدة من الجمهور الإسرائيلي فترى في الاستيطان مشروعاُ صهيونياً يستحق المستوطنون علية كل ثناء.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة ملخص ورقة التمييز العنصري ضد العرب في إسرائيل.

د.اسعـد غانم – فلسطين

بحث د. أسعد غانم في السياسات الإسرائيلية التمييزية تجاه الفلسطينيين في إسرائيل، والتي تنبع في الأساس بحسبه من "نظرة السلطات الإسرائيلية تجاههم باعتبارهم جزءا من "العدو" الفلسطيني"..

يرى الباحث أن "إسرائيل وليدة عملية استعمار كولنيالي إحلالي يسعى إلى فصل أهل الوطن الأصليين عن أرضهم وبلادهم واستبدال يهود أو غير يهود بهم، وهي أيضاً دولة استيطان إثنوقراطيّة"، مشيراً إلى تهجير إسرائيل لأكثر من (700) ألف فلسطينيّ من وطنهم في حرب 1948م، وسيطرتها على أكثر من 78% من أرض فلسطين المنتدبة، فيما بقي (160) ألفا من الفلسطينيين داخل إسرائيل وحصلوا على المواطنة. ولكن وبمرور عقد من تلك الفترة، استقبلت إسرائيل نحو (800) ألف لاجئ ومهاجر يهوديّ، مقابل حرمان اللاجئين الفلسطينيّين من حقهم في العودة، إذ بقي غالبيتهم مشتتين في الدول العربية المجاورة وبقاع الأرض.

أشار الباحث إلى أن إسرائيل نفّذت عمليّة التهويد بأشكال متعددة، منها مصادرة واسعة للأراضي الفلسطينية في الأراضي المحتلة عام 1948م، وإقامة أكثر من (700) مستوطنة، معظمها في الضواحي، بغية استيعاب المهاجرين اليهود القادمين من الدول العربية ومن العالم الثالث، وذلك ضمن سياسة الهجرة التي تستند إلى قانون العودة. وقد ارتكزت هذه الأعمال على تهويد الحيّز الجغرافي، ومحو الماضي الفلسطينيّ، وإقامة اقتصاد مركزيّ ومنظومات سياسيّة تهمّش وتُضْعف الأقلّيّة الفلسطينية في إسرائيل، وتُقوّي المهاجرين اليهود من الشرقيين والمتديّنين.

يعتقد الباحث أن "إسرائيل أقامت رسميّا عام 1948م نظامًا ديمقراطيًّا؛ لكنها باشرت - في المقابل - بتنفيذ مشروع "إثنيّ" مكثّف، بدعم من الجاليات اليهوديّة في الخارج، والتي لم يقتصر نشاطها على تمويل العديد من المخططات الإسرائيليّة، بل قامت بالالتفاف على جهاز الدولة من خلال إقامة المنظمات اليهوديّة- التي بدأت تعمل في إسرائيل كأذرع إثنيّة للدولة- وصيانتها. وقد وفرت هذه المنظمات- مثل الكيرن كييمت والوكالة اليهوديّة- إمكانية تنفيذ السياسة الإثنوقراطيّة للمجموعة الإثنيّة اليهوديّة المهيمنة".

ويقول: "إن الطابع اليهودي-الصهيوني للدولة يعطل أي تغيير جاد في وضع الفلسطينيين في إسرائيل، ويسبب الإجحاف بحقهم على مستوى الحياة اليومية، ويهدرُ أيضا الإمكانية النظرية لتحقيق المساواة بينهم وبين اليهود، ويبقيهم من الناحية القانونية والرسمية دون إطار أو كيان رسمي مُعرّف على أن الدولة دولتهم".

حدد الباحث أبرز مواطن التمييز العنصري الذي يتعرض له الفلسطينيون في الأراضي المحتلة عام 1948م، والذي يطال الرموز والقيم المهيمنة في الدولة ومؤسساتها، والقوانين والتشريعات، إضافة إلى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والصحية، مع استبعادهم من المؤسسات الإسرائيلية، والسيطرة على أراضيهم، ومنعهم من التوسع الجغرافي وبناء مساكن على ما يسمى بأراضي الدولة، بذريعة الخطر الديموغرافي، مع هدم البيوت العربية بذريعة البناء غير المرخص، فضلاً عن التمييز في توزيع الميزانيات والأراضي.

يرى الباحث أن الأقلية العربية في دولة إسرائيل تتعرض إلى أنماط من العنصرية اليومية، مثل العنصرية "الشعبية" من قبل السكان اليهود، بالإضافة إلى التمييز والعنصرية من قبل المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة.

يخلص الباحث إلى القول بأن "سياسة الدولة انتقلت منذ صعود اليمين إلى الحكم عام 1977م- وبشكل تدريجي- من حالة السيطرة المحكمة إلى حالة مركبة من (اللبرلة) من جهة، والتأكيد (المُمَأسس) على يهودية الدولة من جهة أخرى، ويرجع هذا التغيير إلى عوامل مركبة مرتبطة بتغييرات عالمية: إشكاليات الهوية في العالم، وثورة الاتصالات والمعلومات،.. إلخ، وصعود اليمين الليبرالي إلى الحكم وتطلعه إلى ضعضعة مكانة حزب العمل واليسار الإسرائيلي عموماً في الشارع العربي، وازدياد قوة العرب (ديموغرافياً وسياسياً)، واتفاق أوسلو، والاعتراف بالحركة الوطنية الفلسطينية، وحالة التوازن بين اليمين واليسار في الشارع اليهودي (خصوصاً في فترة حكم رابين الثانية).

أعمال اليوم الثاني للندوة

 تناول اليوم الثاني للندوة البحث في أبرز الملامح الإستراتيجية في إسرائيل بين عامي 2006م و2015م، وذلك في الجلسة الأولى التي ترأسها أمين عام منتدى الفكر العربي د.حسن نافعة، بينما ناقشت الجلسة الثانية التي ترأسها د.علي محافظة ملامح العلاقات الإقليمية والدولية لإسرائيل حتى العام 2015م.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الجلسة الثالثة:

الملامح الإستراتيجية في إسرائيل بين العام 2006 والعام 2015

ملخص ورقة تحولات الوضع الاستراتيجي لإسرائيل حتى عام 2015

د. جوني منصور- فلسطين

بحث د. جوني منصور في الوضع الاستراتيجي لإسرائيل 2006/2007م من خلال تناول العقيدة العسكرية الإسرائيلية، والموقف الإسرائيلي من الملف النووي الإيراني، والسلاح النووي الإسرائيلي، إضافة إلى الموارد المالية والبشرية في إسرائيل.

يرى الباحث أن العقيدة العسكرية الإسرائيلية ترتكز على قاعدة الأمن القومي الذي يشكل جزءاً مهما من سياسة الحكومة لخلق ظروف سياسية محلية وإقليمية ودولية مناسبة للحفاظ على المناعات الوطنية ضد أي هجوم محتمل أو ضربة ممكنة. ويتضمن الأمن القومي عدة جوانب أساسية: عسكرية وسياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، وهو يقوم على مجموعة من العناصر المترابطة والمتمثلة في الاعتماد على المقدرات الذاتية سبيلا نحو الاستقلال عن القوى الخارجية، ووجود دائم لحالة الحرب من منطلق احتمال قيام الدول العربية مجتمعة أو منفصلة بشن هجوم على إسرائيل، والسعي الدائم إلى افتعال أزمات لمنع حصول توازن قوى في منطقة الشرق الأوسط بما يحفظ التفوق العسكري الإسرائيلي، إضافة إلى القيام بحرب استباقية، وتسديد ضربة قاسية وموجعة للعدو، ثم التحول إلى حالة دفاع، وحرب وقائية لحماية حدودها ومقدراتها ومواردها المختلفة.

أشار الباحث إلى العدوان الإسرائيلي على لبنان في تموز (يوليو) 2006م، "والذي جرى الإعداد له مسبقاً بحسب تعبيره"، غير أن "تقديم موعده جاء بالتنسيق مع الإدارة الأمريكية"، مشيراً إلى أن التطلعات الاستراتيجية لدى القيادات الإسرائيلية ترنو صوب زرع وتنمية لفكرة محور الشر- في الشرق الأوسط- المكون من إيران وسوريا وحزب الله وحماس".

يعتقد الباحث أن "الحرب الإسرائيلية على لبنان لن تكون الجولة الأخيرة، حيث تعززت لدى قيادة حزب الله قناعة بأن إسرائيل والولايات المتحدة عاجزتان عن القضاء عليه عسكريا في الظروف الراهنة، وبالتالي سيتجه المسعى صوب القضاء عليه تدريجيا بالتفتيت السياسي وتشويه صورة صموده وانتصاره في العالمين العربي والإسلامي".

ولكن الحرب على لبنان والموقف الإسرائيلي من سورية كشفا التصادم بين المؤسستين السياسية والعسكرية، حيث الارتباك الحاد في أوساط المؤسسة السياسية لتحديد الأهداف الاستراتيجية والأمنية لإسرائيل، وهما- أي الحرب والموقف- أوضحا التباعد في العلاقات بين المستويين، وقلة التنسيق بينهما.

يعتقد الباحث بعدم حدوث تحول أساسي في المستقبل لمنظومة الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي، إذ ستحاول إسرائيل إعادة إنتاج منظومة الردع العسكري من جديد، بالاعتماد على إعادة بناء التفوق العسكري المرهون بالردع النووي وتعزيزه. وهنا يكمن جوهر التوجه الإسرائيلي نحو الملف النووي الإيراني، ونقطة التلاقي القوي مع الرؤية المصلحية الأمريكية ومشروعها في الشرق الأوسط بتسديد ضربة لإيران بمساندة إسرائيلية لضمان تمتع الأخيرة بالتفوق النووي وحدها في منطقة الشرق الأوسط، بما يخدم المصالح الأمريكية.

ويتمثل الخطر النووي الإيراني بالنسبة لإسرائيل في قدرة الحكومة الإيرانية على الوقوف أمام إسرائيل في أي مفاوضات مصيرية تتعلق بقضية فلسطين أو الجولان أو مزارع شبعا في لبنان، وترى أيضا أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيؤثر على مكانتها الاستراتيجية ومخططاتها المستقبلية في توسيع دائرة نفوذها وتوسعها الاقتصادي في منطقة الشرق الأوسط، ولهذا فإنه إذا لم تقم الولايات المتحدة بتسديد ضربة نحو إيران فإن إسرائيل لن تقف مكتوفة اليدين.

يرى الباحث أن عملية تفتيت السلطة الفلسطينية قد تكرست في عزل غزة، وفي الاقتتال الفلسطيني الداخلي، مما يخدم إسرائيل بتخفيف حدة وطأة احتمالات اندلاع انتفاضة ثالثة، أو إعادة تنشيط فعاليات الانتفاضة مثل السابق، إلى جانب حصر السلطة الفلسطينية في منطقة الضفة الغربية، والشروع في عقد تفاهمات مع قيادة فتح السائدة في هذه المنطقة كونها قيادة علمانية ومعتدلة(حسب التعريف الإسرائيلي)، وهي على استعداد طوعي لقبول إملاءات إسرائيلية وأمريكية.

يعتقد الباحث أن "السعي الإسرائيلي الحالي سيتجه صوب تعميق حدة الاقتتال الفلسطيني، وضرب الوحدة الوطنية، وإدارة الأمور السياسية لصالحها، مع تطويع فصائل فلسطينية موالية للسلطة الفلسطينية الرسمية،... مستبعداً قيام إسرائيل- بحكومتها الحالية واللاحقة- التوصل إلى سلام أو تسوية دائمة مع الفلسطينيين، وإنما الإبقاء على الوضع الحالي مع بعض التحسينات، أو مع تخفيف الحصار بنسبة قليلة".

يخلص الباحث إلى القول بأن "مسألة إبقاء إسرائيل متفوقة عسكريا على كافة المستويات ستبقى متفاعلة، وأن السعي الإسرائيلي إلى تفتيت قضايا مركزية وملحة في الشرق الأوسط مسألة مهمة في الرؤى الاستراتيجية الإسرائيلية، كما هو الحال في تعاملها مع القضية الفلسطينية، وبالتالي تبقى الساحة واسعة ورحبة لإسرائيل لتتحكم بقوانين اللعبة".

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة تحولات العقيدة العسكرية ونظرية الأمن القومي في إسرائيل حتى العام 2015

اللواء موسى الحديد- الأردن

قدم اللواء موسى الحديد- من جانبه- ورقة بحثية عن نظرية الأمن القومي الإسرائيلي: تحولات العقيدة العسكرية. تناول فيها مفهوم تلك النظرية ومجالاتها ومراحل تطورها، والعوامل المؤثرة فيها، مع محاولة تقديم رؤية استشرافية لمستقبلها.

أشار الكاتب في ورقته البحثية إلى أن نظرية الأمن القومي الإسرائيلي تشمل القوة العسكرية، والسياسة الخارجية، والواقع الإستراتيجي للجغرافيا السياسية، والارتباطات العقائدية مع دول الجوار سلباً وإيجاباُ، وإمكانات الدول المعادية (عسكرياً، وبشرياً، واقتصاديا... إلخ )، وإبراز نقاط القوة والضعف لهذه الدول، وتحديد قدرة التهديد المباشر المحتمل واتجاهه، وتقدير إمكانات الدول الصديقة وتوثيق التعاون معها لضمان مساندتها في حال نشوء الحرب. وتهدف سياسة الأمن القومي إلى دعم قوة الدولة في مواجهة التهديد بما يمكنها من الحفاظ على كيانها القومي ووحدة أراضيها، وتشتمل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية.

رأى الباحث بأن إسرائيل اهتمت منذ قيامها على العلاقات الدولية على أنها إحدى الدعائم الرئيسية التي تبنى عليها سياسة الأمن القومي، وذلك بالتركيز على اعتراف هيئة الأمم المتحدة بسيادة الدولة واستقلالها، وتأييد الدول الكبرى لها، واعتماد الدولة على المنظمات العالمية والإقليمية لمساعدتها في صيانة أمنها واستقلالها، واحتفاظ الدولة بجيش قوي قادر على ردع التهديد- على الأقل- حتى يتحرك المجتمع الدولي لحمايتها، وارتباط الدولة بقوى عظمى من خلال معاهدة أو اتفاق إستراتيجي.

وأشار الباحث إلى أبرز العوامل المؤثرة في نظرية الأمن الإسرائيلي المتمثلة- بحسبه- في العقيدة الإسرائيلية الصهيونية، والبيئة الإقليمية المحيطة بها، إلى جانب الموقع الجغرافي والموارد الطبيعية والاقتصادية المتاحة، والوضع الديموغرافي، والهاجس الأمني، إضافة إلى النظام السياسي الإسرائيلي.

يورد الباحث عدة حقائق ترتبط بنظرية الأمن الإسرائيلي الذي يحتل الأولوية الأولى في الفكر الصهيوني على أنه أداة للحماية والدفاع، ووسيلة لسياسة التوسع الصهيونية، ولبقاء إسرائيل والشعب اليهودي. وقد خلقت نظرية الأمن الإسرائيلي وازعاً اجتماعياً يؤكد على عسكرة المجتمع الإسرائيلي فكرياً وعملياً، وإن على جميع المواطنين أن ينخرطوا في هذه الخدمة- بغض النظر عن مواقعهم ومستوياتهم- من منطلق الاعتقاد بسياسة القوة المبنية على التفوق العسكري المطلوب، والإستراتيجيات العسكرية المبنية على الردع والقدرة على التهديد، وحقها في توجيه الضربات الاستباقيه والوقائية كذلك، وإجبار العدو على مسايرة السياسية الإسرائيلية.

وقد استعرض الباحث ست مراحل رافقت عملية تطور نظرية الأمن الإسرائيلي، بدءاً من مرحلتها الأولى الممتدة خلال أعوام 1897 – 1948م، والتي سبقت نشوء الكيان الصهيوني بما رافقها من عملية ترسيخ الفكر الصهيوني وإقناع اليهود بالهجرة إلى فلسطين، والحصول على الدعم السياسي والمادي. وامتدت المرحلة الثانية من عام 1948م إلى عام 1967م، والتي هدفت إلى الحفاظ على الكيان في ظل عدم وجود مواضع طبيعية يرتكز الدفاع عليها، وفقدان العمق الإستراتيجي بسبب صغر المساحة، إضافة إلى التفوق الكمي العربي المعادي، وقد شكل هذان العاملان وضعا جيوسياسي غير ملائم لنظرية الأمن الإسرائيلي، ومأزقاً حقيقياً للوجود الإسرائيلي برمته. بينما شهدت المرحلة الثالثة التي امتدت بين عامي 1967م و 1973م تثبيتاً لنظرية الحدود الأمنية التي كانت لها مزايا هامة على المستويين السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي.

غير أن المرحلة الرابعة الممتدة من عام 1973م حتى عام 1981م شهدت إعادة نظر في نظرية الحدود الأمنية، ورغم عدم إلغاء هذه النظرية كلياً إلا أنه تم العودة إلى تبني نظرية ذرائع الحرب، وما تتطلب من إستراتيجيات عسكرية نابعة من العقيدة التعرضية مع الإصرار على الاحتفاظ بالحدود الأمنية، فيما شهدت المرحلة الخامسة (1981م – 2001م) المزج بين الحدود الأمنية ونظرية ذرائع الحرب المبنية على عقيدة القتال التعرضية واستراتيجياتها (الضربة الوقائية والضربة الاستباقية ... الخ ) وتطوير القوة الإسرائيلية بما يتلاءم مع مفهوم هذه النظرية ومتطلباتها.

في المرحلة السادسة التي أعقبت أحداث أيلول (سبتمبر) 2001م تبنت إسرائيل نظرية الأمن المطلق التي تعني الحق في الدفاع عن المصالح والأمن القومي الإسرائيلي في أي مكان وأي زمان وبأية إجراءات ووسائل ممكنة، وضد أية أهداف.

يرى الكاتب أن الواقع العملي لتطبيق نظريات الأمن القومي الإسرائيلي يحتاج إلى دراسة وتدقيق لما في هذا الواقع من تناقضات تفرضها ظروف البيئة الداخلية والإقليمية، وصعوبات عملية تقف في طريق التنفيذ، مشيراً إلى أن إسرائيل تعاني من أزمة أمنية تتمثل في قدرتها على احتلال بعض المناطق، ولكنها لا تستطيع الاحتفاظ بها أو التوسع، بسبب ضعف القوى الكامنة الإسرائيلية. ولكن إسرائيل تدرك هذه الحقيقة، لذلك فهي تلجأ إلى اتباع سياسة لمعالجة هذا العجز للحفاظ على أمنها القومي، وهي ياسة الانكفاء على الداخل، وتقليص حجمها بقدر إمكاناتها رغم تناقص ذلك مع حاجاتها للعمق الإستراتيجي، إضافة إلى سياسة الضغط على الدول العربية مستغلة بذلك البيئة الدولية والإقليمية من أجل عقد اتفاقات سلام تضمن الأمن الإسرائيلي.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة إسرائيل وفلسطين و الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات الإسرائيلية مع العرب

أ.إبراهيم عبدالكريم – سوريا

قدم الباحث إبراهيم عبد الكريم ورقة بحثية عن إسرائيل وفلسطين والعلاقة الاستراتيجية مع العرب، مشيراً إلى أبرز المضامين الاستراتيجية للقدرة القومية الإسرائيلية المستقبلية، والمتمثلة في الموارد والوسائل الذاتية والخارجية، والتي تعاني من إشكاليات عدة تتمثل في صغر مساحة البلاد، وقصر المسافة بين "المنطقة الحيوية" والحدود الشرقية والشمالية للبلاد، وطبيعة البنية الجغرافية – السياسية للبلاد، ومدى تأثيرها جميعاً في عملية تعبئة القوات الاحتياطية الإسرائيلية عند نشوب حرب، إضافة إلى التمركز الخاص بالسكان والمَرافق والمنشآت الصناعية في البلاد، والتي تسهم هي أيضا في زيادة حدة "مشكلة العمق الإستراتيجي الإسرائيلي".

يؤمن الباحث بوجود مسعى إسرائيلي أمريكي مشترك لتمكين إسرائيل من مواجهة التحديات الأمنية الخارجية التي تنتصب أمامها خلال السنوات القادمة، عبر إجراء تعديلات تحافظ على الخلل القائم في ميزان القوى لصالحها، مشيراً إلى أن هدف السياسة الإسرائيلية العليا يكمن في تحقيق الغايات القومية الإستراتيجية، وضمان استمرارية المشروع الصهيوني معبراً عنه بالدولة الإسرائيلية، والأهداف العسكرية بالاستمرار في بناء جيش قوي مدرب ومؤهل ومسلح، إلى جانب المصالح العامة التي تشمل استمرار العمل في اتجاهات تحقيق التماسك الداخلي الإسرائيلي، والحفاظ على الأمن العام واستقرار النظام السياسي، وتوفير الفرص لبناء الاقتصاد القوي عبر تسخير الموارد واستخدام الوسائل بطريقة ناجعة، مع الحرص على عدالة التوزيع وممارسة الأنشطة الحيوية المختلفة. ويعد الباحث أن هذه المهمات تشكل إطاراً عريضاً لبلورة موقف استراتيجي مستقبلي يضمن لإسرائيل توزاناً محدداً في الحفاظ على "الأمن القومي".

رأى الباحث أن إسرائيل سترفض- في أي تسوية مع الفلسطينيين- الضم التام للضفة الغربية، كونه يؤدي إلى دولة ثنائية القومية، وسترفض التسليم بقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على كامل أراضي الضفة والقطاع وضمناً القدس الشرقية؛ لأن هذه الدولة تشكل خطراً وجودياً وأمنياً على إسرائيل من وجهة النظر الإسرائيلية، بينما من المرجح بقاء الأوضاع الجغرافية ـ الأمنية لقطاع غزة على النحو القائم حالياً، مع إجراء بعض التعديلات اللوجستية الإسرائيلية. ويسود انطباع في أوساط الإسرائيليين بأن حكومتهم ستواصل سياستها المتشددة إزاء حماس، من خلال محاصرة الواقع الفلسطيني في الضفة والقطاع، وطلب تحقيق شروط مرفوضة من قبل حماس، واتخاذ سلسلة من الخطوات الأخرى أحادية الجانب، تتضمن انتهاج "سياسة عزل" بين قطاع غزة والضفة الغربية، وتكييف الرد الأمني على التحديات المختلفة في المنطقتين، إلى أن تنشأ في المناطق قيادة فلسطينية مغايرة.

وبشأن العلاقات الإسرائيلية الخارجية، يعتقد الباحث أن المؤشرات الحالية تدلل على توجه إسرائيل نحو توسيع علاقاتها مع الدول العربية، وعلى استمرار علاقة قوية مع الولايات المتحدة، فيما ستستمر إسرائيل- في كونها هدفاً لمنتجات أوروبية ولاستثمارات الشركات الأوروبية متعددة الجنسيات- في تعميق العلاقات الاقتصادية مع الصين ومع تركيا في مختلف المجالات، خاصة العسكرية منها.

يخلص الباحث إلى الاعتقاد باستمرار تمتع إسرائيل بأوضاع جغرافية وسياسية مناسبة لممارسة الصراع، فيما ستظل تعاني مأزقاً استراتيجياً، وستواصل إعطاء مبدأ "الردع" مكانة متقدمة بين مجمل أوجه السلوك المعتمدة في إدارة الصراع، مع توقع مواصلة المؤسسة العسكرية والسياسية الإسرائيلية الحاكمة اعتماد القواعد الرئيسة للأداء الحربي، ومواصلة استعمال الجيش أداة فعالة في عملية التحديث وبناء الدولة، فيما ستحافظ قضية "الأمن القومي"- لاعتبارات صراعية- على مكانتها قضية محورية تؤثر على القيم والمؤسسات والحياة اليومية في المجتمع الإسرائيلي.

يرى الباحث أن المجتمع الإسرائيلي سيمر بمرحلة انتقال من مجتمع معبّأ إلى مجتمع غربي، وسيشهد تبدلاً في المعايير وشروخاً وانقسامات، وستتسع الفجوة بين القيم في المجتمع لتصل إلى القيم العسكرية.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الجلسة الرابعة:

ملامح العلاقات الإقليمية والدولية لإسرائيل حتى العام 2015

ملخص ورقة إسرائيل و الوطن العربي والدول الإقليمية الكبرى في العالم.

أ.خلود الأسمر- الاردن

تناولت الباحثة خلود الأسمر العلاقات الإسرائيلية مع الدول العربية والإقليمية، من خلال التركيز على هدف إسرائيل في تحقيق أقصى المكاسب السياسية بالدفع تجاه التطبيع العلني قبل السلام، مع التركيز على دول الخليج هدفا اقتصاديا إسرائيليا قديما للاستفادة من أسواقها في تعظيم شأن الصناعة الإسرائيلية، وضمان عوائد مالية ضخمة من وراء التعامل مع هذه المنطقة المشهورة بالطابع الاستهلاكي.

نظرت الباحثة إلى الاتفاقات التجارية التي دعت إليها الولايات المتحدة على أنها "آلية لدفع الدول العربية للتطبيع عملياً مع إسرائيل"، كاتفاقية "الكويز" الثلاثية بين واشنطن ودول عربية وإسرائيل، وهي المدخل بالنسبة للدول التي تحيط بالدول العربية، إضافة إلى "اتفاقات التجارة الحرة" التي تعقد بين واشنطن ودول الخليج العربي، والتي تسمح بتبادل الصادرات والواردات مع دول أخرى ومنها (إسرائيل)، وهذه هي التي يجري عليها اللعب في العلاقة مع دول الخليج كمدخل يسبق مرحلة التطبيع الاقتصادي الكامل، دون أن يقف الأمر عند هذا الحد، بل يتعداه ليصل إلى تحقيق التعاون بين الدول العربية وإسرائيل في كافة المجالات، مما ينطوي على دلالات كبيرة، في مقدمتها أن الدول العربية ماضية قدما في التطبيع حتى لو لم يتم الإعلان عن ذلك رسميا ودبلوماسيا.

وإذا كان الهدف من التركيز على دول الخليج هو المال واتفاقات التجارة التي تتغلغل بموجبها الصناعة الإسرائيلية في الخليج فإن منطقة المغرب العربي في الاستراتيجية الإسرائيلية- بحسب الباحثة- لها أبعاد أخرى غير الاقتصاد، بعضها سياسية أو تاريخية تتعلق برغبة تل أبيب في التواصل مع يهود دول الغرب العربي، ورغبة كثير من قادة تل أبيب من ذوي الجذور المغاربية في الوجود في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تدخل ضمن خطط التوسع الإسرائيلية في كل القارة الإفريقية.

تدرك الأوساط الثقافية المغاربية- جيدا- أن إسرائيل تراهن كثيرا على المغرب العربي لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية تعتمد على دور الجاليات اليهودية هناك في تحقيق التقارب بين الدولتين، سيما أن العديد من اليهود ذوي الأصول المغاربية تولوا مناصب سياسية حساسة في إسرائيل، وأن بعض اليهود المغاربة أيضا شغلوا مناصب استشارية عند العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني، منهم: ديفيد بن عمار، وأندريه أولاي الذي ما زال مستشارا للملك الشاب محمد السادس.

اعتبرت الباحثة أن وضع سوريا- ضمن الأهداف الأمريكية لضربها- سوف يعطيها حافزا قويا لإثارة الاضطرابات والمشاكل في العراق، ولذلك كان لا بد من إنهاء المهمة المطلوبة في العراق- أولاً- قبل الالتفات إلى باقي القضايا في الشرق الأوسط. أما فيما يتعلق بإحياء مشروع مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل فإن هذا المسار- بحسب الباحثة- يدخل فيه عوامل مختلفة وطنية وإقليمية ودولية، ويتسم سلوك الفاعلين فيه بحذر شديد، بسبب تضارب المصالح، وتداخل التحالفات، وتعدد الرهانات المرتبطة بها.

وعلى صعيد العلاقات الإسرائيلية التركية استبعدت الباحثة "حدوث تحول جذري دراماتيكي في السياسات التركية تجاه إسرائيل"، لافتة إلى أن من يقف وراء تدعيم علاقات التعاون والشراكة الاستراتيجية مع إسرائيل هو المؤسسة العسكرية وأركان الجيش التركي، بالإضافة إلى النخبة العلمانية الملتصقة بالغرب؛ لأن ارتباطات تركيا الاستراتيجية بالغرب وأمريكا وحلف الأطلنطي تحول دون قطع العلاقة. وذلك مقابل استمرار علاقات التعاون الاقتصادي بين الجانبين.

ترى الباحثة أن إسرائيل تنظر إلى الخطر الإيراني بأنه يمثل العدو الأكبر بالنسبة إليها الآن؛ لقربها من تطوير أسلحة نووية. فيما تتعالى الأصوات المنادية بضرورة اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية، خاصة مع إدراك واشنطن فقدانها الخيارات في معالجة ما تواجهه من تحديات، سواء أكان ذلك في إيجاد مخرج من الورطة العراقية أم في تثبيت الوضع في لبنان أو فلسطين.

وعلى الصعيد الإقليمي تتضارب مصالح الحشد ضد إيران مع مصالح العمل على حل الأزمة العربية – الإسرائيلية، ولا يمكن أن تستقيم- بحسب الباحثة- إلا إذا عُدّت إيران جزءا من المعادلة الاستراتيجية الإقليمية، ومن غير الممكن أن تُقَدِّم الولايات المتحدة وإسرائيل لسورية حلا مشرّفا في الجولان- مكافأة لها على التحالف الطويل والدائم مع إيران- ما لم يتم التوصل مسبقا إلى تفاهم أمريكي – إيراني. وفي المقابل، ليس في إمكان دمشق- التي لديها كل الأسباب بألا تثق بوعود الإدارة الأمريكية- أن تتخلى عن علاقاتها القوية بإيران، وما تؤمِّن الأخيرة لها من تغطية استراتيجية وحماية سياسية ومعنوية، وتنضم إلى بقية الدول العربية الموسومة بالاعتدال، والتي شاركت مع واشنطن في محاصرة النظام السوري وفرضت العزلة عليه بعد اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية، رفيق الحريري، منذ عامين.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة إسرائيل و النظام الدولي والمنظمات الدولية

 د.عماد جاد – مصر

عمد د. عماد جاد في ورقته البحثية إلى محاولة استشراف ملامح العلاقات الإسرائيلية مع النظام الدولي، وتحديداً مع الولايات المتحدة الأمريكية، والقوى الكبرى والمنظمات الدولية حتى العام 2015م، وكيفية توظيفها لصالح كيانها المحتل.

وصف د. جاد العلاقات الأمريكية الإسرائيلية بأنها تمثل نمطا متطورا من " التحالف الإستراتيجي"، مشيراً إلى بعض الأصوات الأمريكية الداخلية المنادية بالتخلص من عبء تبني السياسة الخارجية الأمريكية للمصالح الإسرائيلية في المنطقة، والتي ما تزال في بدايتها، ولا يتوقع أن تؤتي ثمارا في مرحلة الدراسة حتى العام 2015م، إذ يمكن أن تؤتي ثمارها بعد ذلك، وضمن سياق دولي وإقليمي معين.

أرجع الباحث خصوصية العلاقة الإسرائيلية الأمريكية إلى المصالح الأمريكية النفطية في منطقة الشرق الأوسط، وضمان أمن إسرائيل وحمايتها من الأخطار التي تتهددها، إضافة إلى نجاح إسرائيل في تسويق هذه الرؤية وتضخيمها عند الأطراف الدولية والإقليمية، فيما ساهمت الدول العربية في تكريس هذه الرؤية عندما تعاملت معها بأنها مسلمة، ولم تسع إلى تحديها أو محاولة اختراقها وبناء علاقات متشعبة مع الولايات المتحدة تفرض شبكة من المصالح يمكنها فرض قيود على هذه الرؤية الإسرائيلية.

وبينما أدت ظروف الحرب الباردة وتطور علاقات دول عربية بالاتحاد السوفييتي السابق إلى تقوية مكانة إسرائيل في الإستراتيجية الأمريكية، فإن تلك المكانة قد أخذت بالتزعزع مع انتهاء الحرب الباردة وتفكك الإتحاد السوفييتي، وصولاً إلى العام الماضي الذي شهد- بحسب الباحث- طرح أسئلة غير عادية في الولايات المتحدة عن الأبعاد السلبية المختلفة للعلاقة مع إسرائيل، تكرّست بعواقب الحرب الإسرائيلية على حزب الله، وتعمقت بعد اكتشاف أبعاد الورطة الأمريكية في العراق، وانتخابات التجديد النصفي للكونجرس في نوفمبر/تشرين الثاني 2006م، والحاجة إلى إستراتيجية أمريكية جديدة ومغايرة في الشرق الأوسط، واتساع دائرة التباين في الرؤية والمصالح بين واشنطن وتل أبيب.

رأى الباحث أن تحولاً ملموساً أخذ يطرأ في علاقة واشنطن بتل أبيب، كحصيلة تغيرات إقليمية مثلت أزمات كبرى للإدارة الأمريكية سواء في " المستنقع العراقي" أو الأزمة مع إيران وسوريا، أوالمشكلة الفلسطينية الإسرائيلية. ولكن ذلك لا يعني- بحسب الباحث- أن تغيرا كبيرا سيطرأ على جوهر الرؤية الأمريكية لإسرائيل ومكانتها ودورها، على الأقل في المدى القصير – مدة الدراسة المقدرة بثمان سنوات-. وأغلب التقديرات تذهب إلى أن الدعم الأمريكي الاقتصادي والعسكري لن يمس، فيما سيطرأ تراجع في معادلة أن الطريق إلى واشنطن يمر عبر تل أبيب، إذ لم تعد إسرائيل اللاعب الوحيد على مسرح الشرق الأوسط عند صياغة السياسات الأمريكية، وهناك مؤشرات على أن واشنطن ستطالب تل أبيب بلعب أداور محددة – أمريكيا- لخدمة السياسة الأمريكية في المنطقة، ومساعدة واشنطن على التعامل مع مشاكل جوهرية في المنطقة ( العراق، والعلاقة مع سوريا وإيران، والقضية الفلسطينية).

وأشار د. جاد إلى أن علاقات الاتحاد الأوروبي بإسرائيل لن تشهد تغييراً جوهرياً خلال مدة الدراسة، إذ سيواصل الاتحاد الأوروبي دوره في تقديم المساعدات غير العسكرية للشعب الفلسطيني، وسيواصل العمل أيضا وفق الإطار العام المحدد من قبل الولايات المتحدة، فيما يتوقع تطور علاقات إسرائيل مع روسيا والصين والهند في الفترة القادمة محل الدراسة حتى العام 2015م.

في المقابل، فإن إسرائيل ستتعامل مع قرارات المنظمة الدولية على نحو انتقائي، من منطلق إدراكها بعجز المنظمة عن اتخاذ أي شيء ضدها، أو إصدار عقوبة بحقها في ظل وجود الفيتو الأمريكي، مستبعداً حدوث تغير كبير في علاقة إسرائيل بالأمم المتحدة طوال فترة الدراسة، على أن التغير هنا مرتبط بالعامل الأمريكي.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


ملخص ورقة آفاق دور إسرائيل الإقليمي والدولي حتى عام 2015

د.رائد نعيرات – فلسطين

تناول د. رائد نعيرات في دراسته البحثية آفاق دور إسرائيل الإقليمي والدولي، مفترضاً أن سعي إسرائيل للانطلاق نحو موقع قيادة على المستوى الإقليمي يؤهلها لأن تكون في مصاف الكبار من دول العالم، بتوفر عوامل تأمين وجود إسرائيل كيانا طبيعيا في المنطقة وحليفا للقوة الدولية العظمى، معتبراً أن "المبادرة العربية للسلام والشراكة الأورومتوسطية، ومشروع الشرق الأوسط الكبير والجديد، تشكل المداخل الرئيسية والمتزامنة للبدء في مشروع تطوير الدور الإسرائيلي".

أشار الباحث إلى أن إسرائيل بدأت تدرك جيداً أن أمنها مرتبط بمدى تواصلها أو انعزالها عن محيطها الإقليمي، فبدأت تعمل على تجسير علاقات متينة مع الدول المحيطة من خلال تأسيس مشاريع تعاون مشتركة مع الدول النامية في آسيا وإفريقيا، وتحقيق التفوق العلمي والتكنولوجي، والقوة العسكرية والنشاط الدبلوماسي الفاعل.

اعتبر الباحث أن المبادرة العربية للسلام (التي أقرت في قمة بيروت 2002م وجرى تفعيلها في قمة الرياض 2007م) تشكل خلفية جيدة لإسرائيل كي تمهد لدور ريادي في المنطقة يأتي من زاوية الاستغلال الإسرائيلي لها، وليس بافتراض الرغبة العربية في ذلك.

ورغم اعتراض إسرائيل على المبادرة ومطالبتها بتعديلها، إلا أن ثمة مبررات تستدعي من إسرائيل إيلاءها كثيرا من الاهتمام، تتمثل تلك المبررات في أن الدول العربية قد حيدت نفسها- بنفسها- عن الوقوف أمام إسرائيل في أية مفاوضات، باعتبار المبادرة نقاطا للبحث أكثر منها خطة متكاملة، وأن المبادرة تأتي من دول عربية لا تقيم علاقات مع إسرائيل، وهنا تجد إسرائيل أن بابا جديدا قد شيد لدخولها المنطقة العربية عامة، فضلاً عن أن الإعلان عنها جرى من تحت قبة الجامعة العربية، وهذا من الرؤية الإسرائيلية قفزة في تاريخ العلاقات العربية الإسرائيلية.

وإذا حصل هذا التطبيع فإنه سيعني- بشكل مباشر وتلقائي- أن تتربع إسرائيل على عرش قيادة المنطقة، إذ إن ما يحول بينها وبين هذا الأمر- في هذه الفترة- هو عدم وجود علاقات طبيعية كاملة مع الجسم العربي والإسلامي. وهذا الأمر لا ينسحب فقط على المبادرة العربية للسلام، وإنما أيضا على مختلف المبادرات التي تحمل في طياتها دورا عربيا أو إسلاميا، وآخرها الدعوة لمؤتمر الخريف الذي يُنتظر أن تشارك فيه دول لم تجلس يوما على طاولة واحدة مع إسرائيل.

لكن هناك محددات للتطور في الدور الإسرائيلي- تتمثل بحسب الباحث- في بنية المجتمع والدولة في إسرائيل، وبداية توتر إقليمي في بؤر صراع مختلفة، وتنامي نفوذ بعض الحركات الإسلامية، إلى جانب بداية الحديث عن عودة للتعددية القطبية أو الثنائية على أقل تقدير.

اعتبر الباحث أن مضي إسرائيل في تطوير دورها إقليميا ودوليا، وخلق أفق جديد يوسع من مجال عملها، لا يؤثر فقط على طبيعة عمل المنظومة الدولية لتتشكل العلاقات وفق ما ستصل إليه إسرائيل من قوة على مختلف المستويات، وإنما الأهمية تكمن في انعكاس تأثير إسرائيل على المنظومة الدولية فيما لو تحقق لها موقعها المنشود على صلب القضية الفلسطينية، والتي تُعدُّ العامل المحدد الثابت للوضع الإقليمي.

الاستنتاجات:

نستطيع أن نخلص- من خلال استعراض الأوراق البحثية السابقة- إلى استبعاد التوصل إلى سلام عربي – إسرائيلي يحقق الحقوق الفلسطينية والعربية المشروعة في المدى القريب، إذ إن الفكر الصهيوني يرفض السلام، ويرتكز إلى مفاهيم أيديولوجية عنصرية توسعية تعتمد على القوة العسكرية في تحقيق الأهداف، وبالتالي فإن التحركات الدبلوماسية الراهنة ما هي إلا مجرد علاقات عامة لن تفضي إلى تحقيق إنجاز يذكر.

وإذا كانت مجمل الأوراق قد أفادت بتقدم اقتصادي وسياسي للكيان الإسرائيلي، وباستبعاد تغيير العلاقة الخاصة الأمريكية الإسرائيلية رغم التساؤلات والشكوك التي تحيط بها حالياً، وذلك في فترة الدراسة على الأقل، إلا أنها أشارت إلى حقيقة هامة تؤكد أهمية دور المقاومة في التأثير على الكيان الصهيوني مثلما شهدنا مع الانتفاضة الفلسطينية والمقاومة اللبنانية ضد العدوان الإسرائيلي في تموز (يوليو) من العام الماضي، وبالتالي فإنه إذا كانت مقومات قيام الكيان الصهيوني قد ارتبطت- بداية- بالدعم السياسي والمالي الخارجي فإن عناصر انهيارها تحمل ذات العناصر الخارجية، إضافة إلى أهمية دور المقاومة، دون تجاوز العناصر الداخلية التي تُعَدُّ عوامل مساعدة غير مباشرة، سيما أن إسرائيل تعاني- داخلياً- من مأزق يمس إشكاليات تتعلق بهويتها وبالعلاقة الجدلية بين الدين والدولة.

ومن البحث في العلاقات الإسرائيلية الإقليمية الدولية، أشارت الأوراق إلى سمة القدرة على التكيف والتحرك وتوظيف الأدوات والوسائل في تحقيق الأهداف والغايات التي يتصف بها الكيان الإسرائيلي، وهي أمور تفتقر إليها الدول العربية المدعوة إلى فتح مجالات التعاون مع أوروبا، وتحديداً مع ألمانيا وفرنسا، إضافة إلى الصين المؤهلة لتبوؤ مركز هام في هيكل النظام الدولي.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


الكلمة الختامية

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

جواد الحمد
مدير مركز دراسات الشرق الأوسط

نشكر لكم صبركم ومواصلتكم لهذه الندوة منذ صباح أمس وحتى اليوم، ونأمل أن نكون قد حققنا بعضاً من الأهداف التي من أجلها عقدت هذه الندوة، والتي تركزت حول بيان الواقع الذي تعيشه إسرائيل اليوم وتوضيحه، والملامح والآفاق المستقبلية لها حتى العام 2015م.

وقد تناولنا أيضاً في الندوة جميعاً الملامح السياسية لإسرائيل: الواقع القائم والمستقبل، والملامح الاقتصادية والاجتماعية لإسرائيل: الواقع القائم والمستقبل، والملامح الإستراتيجية لإسرائيل: الواقع القائم والمستقبل، وختاماً ملامح العلاقات الدولية الإقليمية لإسرائيل: الواقع القائم والمستقبل حتى عام 2015م.

قُدِّم عدد من الأبحاث المتميزة في هذه الندوة، والتي حاولت بجهد ملحوظ الوصول إلى عدد من مفاصل هذه الملامح وتوضيحها، وبحواركم الذي أغنيتم به، واستكملتم به ما غاب عن الباحثين، أو لم يكن واضحاً في أوراقهم، شكلنا معاً انطباعات ورؤى وملامح وربما بعض القناعات إزاء الواقع والتحول القادم حتى عام 2015م فيما يتعلق بإسرائيل ومستقبلها في المنطقة بشكل عام.

في نهاية هذه الندوة لا بد من التركيز على جملة من الأمور، فالواقع العربي الآن تغير، إذ أصبحت القوى الشعبية تأخذ دورها بشكل واضح وكبير، وذلك أفضل مما كانت عليه منذ عقود مضت، إذ كانت في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي ترتبط بزعيمها وليس بقرارها المستقل، ولذلك انتهت هذه القوى وانتهى تأثيرها عندما ذهب زعيمها، وأما الآن فهي قوى سياسية مستقلة غير مرتبطة بأي نظام، أو أي حزب حاكم، أو أي حاكم، وأصبحت تستند إلى شرعية شعبية في الأساس، وتستند إلى مضمون حضاري عريق وقوي، قوامه العروبة والإسلام، ومن هذه الزاوية، أعتقد أننا أمام تحول حقيقي لا يُستهان به لاسيما بعد عام 1990م وحتى الآن.

وفي المقابل، حصل على الجانب الإسرائيلي تغيّر واضح وكبير، فقد كانت الانتفاضة الأولى مسماراً يدك في نعش إسرائيل، وفي هذا يقول أبا إيبان في تصريحات رسمية: "إن هذه الانتفاضة تهدد كيان الدولة الإسرائيلية وليس الاحتلال فقط".

سبق وتحاورنا واتفقنا في عام 2000م مع الباحث الكبير عبد الوهاب المسيري عندما قال:" أدخلتنا الانتفاضة الفلسطينية في عصر جديد، تختلف موازينه ومقاييسه عن العصر الذي كنا نعيشه في التعامل مع إسرائيل سابقاً".

لا شك أن أدوات الصراع وأطرافه السابقة قد استنفدت إلى حد كبير، بل إنه استبدلت بها أطراف جديدة، وقوى جديدة، ومعالم جديدة، وملامح جديدة، وهذه القوى صاعدة وليست متراجعة أو قليلة الخبرة في الآخر، مثلما كانت الأدوات القديمة، ولكننا نرى أن كثيراً من الأطراف العربية ما زال يعتمد على الأفكار السابقة التي كانت في المنطقة، وتعتقد بوجود الأسطورة الإسرائيلية المسيطرة، ولكنها الآن تراجعت على أرض الواقع، أو كانت تعتقد بأن الكيان الإسرائيلي ضعيف ويمكن السيطرة عليه وإلقاؤه في البحر إذ تمكنت إسرائيل يومها من هزيمة 6 دول عربية مجتمعة.

نحن اليوم نقف على وعي إستراتيجي عربي، وعلى قوى حقيقية شابة، وعلى قوى سياسية واعية سواء كانت إسلامية أو عروبية أو يسارية أو وطنية، وهي تتلاقى على مواقف لم يسبق لها أن تلاقت عليها.

وفي مقابل ذلك تتفكك بنية المجتمع الإسرائيلي، وتتفكك القوى السياسية الإسرائيلية، وينقسم حزب الليكود الإسرائيلي الرئيس إلى قسمين، ويكاد ينهار حزب كاديما في الانتخابات القادمة، ويأتي حزب الليكود مكانه ضعيفاً وليس كما كان في عهد شارون أو من قبله.

إسرائيل اليوم تتراجع على الصعيد السياسي، وكذلك على الصعيد العسكري، فهي لأول مرة تتردد في قصف مواقع داخل سوريا، فمنذ متى كان ذلك؟ لقد قرأت الدراسات والتقارير والتحليلات الصحفية المتعلقة بذلك بعمق، ومن يفعل ذلك يجد أن هذا جديد وطارىء على  التفكير الإسرائيلي، فرئيس الحكومة الإسرائيلية اليوم مضطر أن يطمئن حكومته- في كل اجتماع- بأن سوريا لا تنوي مهاجمة إسرائيل! فهل كانت الأمة العربية تحيا مثل هذه الحالة من قبل؟

المنطقة اليوم في عهد اختلفت مقاييسه عن السابق، المشروع العربي يراهن على القوى العربية، والقوى الشعبية، والقوى السياسية الممانعة في كل أرجاء الوطن العربي ولم تعد الشعوب كما يلحظ الجميع تراهن على الأدوات الرسمية كثيراً، المرحلة تبدو فيها الشعوب تسعى لتتحرر بالفعل. أو على من يخشى من هذه القوى الغاشمة الكبرى وإسرائيل.

لم يكن سياق الديموقراطية والتحرر الموجود الآن منحة من الحكومات العربية، بل أُخذ منها على إثر الحراك الشعبي، لا سيما بعد انهيار الاتحاد السوفييتي من جهة، وبعد انتفاضة عام 2000م من جهة ثانية، فهذه الانتفاضة حرّكت الشعب العربي كله، أي أن الجسم الشعبي العربي لم يكن ميتاً مثلما كان يُقال، ولكن هناك من فرض عليه هذا الموات، فكيف نفسّر خروج (5,1) مليون مغربي في مظاهرة لمناصرة الشعب الفلسطيني، و(350) ألفا في إندونيسيا، ومئات الآلاف في الدول الأخرى، مع أنه كان يقال قبل ذلك بشهور: إن الوضع العربي ضعيف ولا يوجد أمامنا إلا التسوية السياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ومن الناحية الإستراتيجية الأكاديمية فإن البحوث التي قُدّمت في هذه الندوة ثبّتت القناعة بأن إسرائيل– اليوم– تتراجع إلى الوراء على مختلف الصعد، وأن المشروع الصهيوني وقف– فعلاً- منذ عام 2000م إلى اليوم، وأن القوى الشعبية العربية- وخصوصاً المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وأفغانستان وغيرها- تساهم في رسم معالم المستقبل وملامحه للجانب العربي وإسرائيل على حد سواء.

ينبغي أن ندرك ذلك، إن المعادلة تتجه نحو إنهاء الخطر الصهيوني أو احتوائه، وإن الوضع العربي سيكون أقرب إلى الحسم لصالحه وليس لصالح إسرائيل في عام 2015م.015م.

الإشكالية الأخيرة التي أرى أنه ينبغي أن نتعامل معها أن إسرائيل تلعب على التناقضات العربية، فهي تدخل الملعب العربي لتتحكم ببعض قواعد اللعبة العربية، ومنها– للأسف– الداخلية، ويركن عدد من المفكرين والباحثين والخبراء وبعض النخب السياسية لمثل هذه الاستراتيجيات الإسرائيلية جهلاً منهم أو عدم إدراك دقيق أو لأسباب أخرى، ولكنها- أي الاستراتيجيات- في النهاية لم تؤد إلى استقرار عربي، أو تكاتف عربي، بل إنها في ذلك تثير القلاقل في كل بقعة في العالم العربي في الوقت الذي تلتقي فيه مع القيادات العربية وتتحدث عن السلام. وقد سمعتم من البحوث المقدمة أن إسرائيل حتى عام 2015م  لا تريد سلاماً مع العرب، فلو أرادت ذلك – وبحسن نية – فإنها لا تستطيع.

ويبدو أن المنطقة مقبلة على تغييرات كبيرة على جميع الأصعدة، ربما ستفاجئنا خلال السنوات الأربع أو الخمس القادمة، خصوصاً في الصراع مع إسرائيل، فقد يأتي العام 2015م والمنطقة قد تحولت إلى واقع جديد لصالح الأمة العربية والقضية الفلسطينية بشكل أو بآخر.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


التوصيات النهائية

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

خُصّصت هذه الجلسة للتوصل إلى ثلاث مسائل أساسية:

الأولى: ما هي أبرز الملامح التي علقت في أذهاننا للخطوط الأربعة: السياسية، والاقتصادية والاجتماعية، والإستراتيجية، والعلاقات الدولية والإقليمية لإسرائيل، على الصعيدين: الواقعي والمستقبلي، وخصوصاً ما يتعلق بحركة المستقبل، بمعنى: ما هي العوامل المؤثرة والمحدّدات لحركة المستقبل التي يمكن أن نقرأها معاً وتصبح ثقافة حقيقية يمكن أن يُبنى عليها المستقبل.

الثانية: التوصيات الممكنة والمتاحة للموقف العربي، وللمشروع العربي على صعيد القوى السياسية الشعبية- والقوى العربية الرسمية أيضاً- في التعامل مع إسرائيل، ونخص بالذكر هنا الوضع الفلسطيني بشقيه: السياسي (السلطة ومنظمة التحرير الفلسطينية)، أو فصائل المقاومة الفلسطينية القائمة اليوم.

الثالثة: التوصيات المتعلقة بالندوة، ما الذي يمكن أن نتناوله أو ندرسه في حلقة نقاشية، أو ندوة مكمّلة لهذه الندوة خلال الشهور القادمة، ويمكن اللجوء إلى هذه الفكرة إذا رأينا حاجة لذلك.

 

اللواء موسى الحديد: تريد إسرائيل في عمليات التسوية بينها وبين الدول العربية أن تصوغ تسويات تخدم الأهداف والغايات الإسرائيلية والصهيونية، لكنها تريد أن توجه عمليات التسوية السلمية إلى مشاريع اقتصادية تبنى في مناطق حدودية، لتمنع أي دولة عربية أن تغامر في المشاريع الاقتصادية التي تستثمر، ويُجنى لها رأس المال- المُقدّر بالمليارات- من دول خارجية.

تحدث الرئيس الإسرائيلي عن مشروع اقتصادي في أريحا والبحر الميت، وهذا المشروع الاقتصادي الاستثماري الكبير هو برعاية خارجية، وقد يكون رأس المال عربياً، وهو سيقام على منطقة حدودية حساسة، وهذا ما يمنع أي عمل عربي أمني مستقبلي ضد إسرائيل.

 أ.محمد شريف الجيوسي: سأتحدث عن موضوع العقيدة والقناعة الصهيونية، والمتعلقة بأنه طالما اعتقدت إسرائيل أنها ممثلة لجميع يهود العالم فإن السلام مستحيل؛ ذلك لأن إحضار اليهود واستجلابهم إلى إسرائيل يعني حاجتها إلى مزيد من الأرض والمياه والتسلح والحروب، ومن ثَمّ فإن هذا مناف لأي اتجاه نحو السلام. والهجرة تقتضي خلق ظروف موضوعية لإقناع يهود العالم ليكونوا مضطرين للهجرة إلى إسرائيل، وربما إثارة القلاقل في بلادهم الأصلية، ولذلك فالهجرة معناها: لا سلام في المنطقة ولا في العالم.

د. علي محافظة: أطرح وجهة نظر حول مستقبل إسرائيل من وجهة النظر العربية، أو سيناريوهات المستقبل حتى 2015م.

كانت معاهدة كامب ديفيد الأساس في تفكيك التضامن العربي، وهي الأساس الذي اعتمدت عليه أمريكا وإسرائيل لكسر المقاومة العربية لإسرائيل والاعتراف بها.

أنا أعلق آمالاً كثيرة على الشعب المصري ، وعلى التيار الإسلامي في مصر، فإذا استطاع الإسلاميون في مصر- وأعتقد أنهم في السنوات القادمة سيستطيعون– أن يطوروا دورهم السياسي على صعيد المشاركة في الحكم أو غيرها في مصر فسوف تتغير الخارطة في المنطقة، من الممكن أن يكون بعض الناس في هذا الوقت ضد هذا التيار، ويقاومونه مع الأمريكان عن حسن نية أو عن سوء نية. لكن أرى أن التيار الإسلامي تيار جارف في هذه المنطقة، وهو في مصر –خاصة- تيار قوي جداً، فإذا نجح هذا السيناريو فإن خارطة الشرق الأوسط ستتغير، وستتغير مواقف الأنظمة العربية وإسرائيل.

د. عبد الفتـاح الرشدان: حديثي منصبّ على دور إسرائيل في العلاقات الدولية وعلاقاتها مع دول الإقليم. ففي السنوات القليلة الماضية والآن وحتى 2015م، أرى أن دور إسرائيل يتصاعد دوليا، وعلاقاتها تتحسّن مع معظم الدول، فقد تحسنت مع الهند والصين وبعض دول شرق آسيا وبعض الدول الإفريقية والاتحاد الأوروبي.

معظم المشاريع التي تحدث في الشرق الأوسط- على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو التعليمي- تهتم بإسرائيل وتضعها على سلّم أولوياتها، وتحاول أن تجعل لها دوراً مهماً على الصعيد الرسمي.

أريد أن أوضح– أيضاً وأساساً- أنه إذا لم يحدث تغيير حقيقي وجذري في المنطقة لا سيما على صعيد النظام العربي فإن صعود النجم الإسرائيلي سيبقى مستمراً إلى الأمام، و سواء كان ذلك بإرادة سياسية عليا أو غيرها، وكذلك الأمر على صعيد القوى السياسية الشعبية العربية.

 قد يحدث تغيير، إلا أنه غير منظور، وإذا حدث فإن المعادلة ستتغير، ولكن ربما يأخذ وقتاً؛ لأننا في الوطن العربي ننتظر دوراً من الخارج ونهمل العامل الداخلي والشارع العربي الذي يجب أن يفعّل دوره أكثر، وليس أن تبقى تصرّفاتنا ردّات فعل.

 د. سـعد السعد: أود أن أشير إلى ثلاث نقاط واستشراف المستقبل بالنسبة لإسرائيل، وعلى ضوء المحاضرات التي طرحت في الندوة.

أولاً: أرى أن الحركة الصهيونية تراجعت، فقد كانت تهدف إلى احتلال المنطقة من النيل إلى الفرات لقيام دولة إسرائيل، ولكننا نلحظ الآن تراجعها وانحسارها ضمن جدار عازل، عرضه 9-11 كلم، ولكنها لا تملك القدرة على التوسع نتيجة تأثيرات الانتفاضة الأولى والثانية، والمقاومة الفلسطينية.

وإلى جانب ذلك سيثبت التاريخ فشل تنظير الحركة الصهيونية وفكرها القائم على الأساطير، وليس على المفاهيم الحضارية؛ لأن كل ما يقوم على الأساطير سيؤول إلى الفشل والتراجع، ومثال ذلك في معركة الكرامة، إذ حشدت إسرائيل (25) ألف جندي إلاّ أنها خسرت، مع أن هدفها كان الوصول إلى مشارف السلط. وكذلك الحال في حرب 1973م، وفي حربها 2006م مع المقاومة اللبنانية، فهي قد تراجعت في كل ذلك، ومن هنا أرى أن الفكر الصهيوني في تراجع، وإلى زوال.

ثانياً: يتوقع أن يحدث – في المستقبل- نوع من الانفصام بين الحركة الصهيونية والدولة الإسرائيلية من جهة، وبين الشعوب الأوروبية والأمريكية من جهة أخرى، فشعوب أوروبا- وخاصة تنظيماتها السياسية المختلفة- مستفزة ضد ممارسات إسرائيل، والشعب الأمريكي بدأ يشعر بثقل عبء تحمل دولة إسرائيل ومشاكلها، ولذلك برزت تيارات سياسية يسارية في أوروبا – على غرار حركة هتلر- تنادي بمعاداة اليهود بشكل كبير.

ثالثاً: أعتقد أن المقاومة الفلسطينية ستزداد شراسة وعنفاً في المرحلة المقبلة. وأتفق مع د. علي محافظة بأنه لو فاز الإسلاميون في مصر فسيحدث تغيير جذري في المنطقة. وها نحن اليوم نرى صعود رئيس تركي جديد ينتمي إلى تيار الإسلام السياسي المعتدل، وجنرالا تركيا يحذر من انهيار العلمانية، ويقول عن الإسلاميين هناك: هؤلاء الناس يعملون بصمت! مع التنويه إلى أن الدستور التركي- في أحد محاوره- يشير إلى عزل العسكريين عن السياسة.

ومن ثم تستطيع المؤسسة السياسية– على المدى البعيد– تقليم أظافر العسكر لمصلحة التيارات السياسية القائمة في تركيا، وأتصوّر أن هذا سيخدم القضية الفلسطينية في السنوات القادمة.

د. خالد عبيدات: ما يجري الآن على الساحة الإسرائيلية والساحة الفلسطينية، ومن قراءتي للتطورات أعتقد أن إسرائيل تحاول أن ترتب أوراقها مع السلطة الفلسطينية بشقيها: السلطة الجديدة والسلطة الأجدد، وإسرائيل ستتجه- في هذا الجو الذي بدأت فيه المبادرة العربية للسلام– إلى إحداث اختراقات داخل إسرائيل وداخل المجتمع الدولي، فالديناميكيات الإسرائيلية بدأت تتطور لمزيد من الدخول إلى مرحلة استقرار وقبول في المنطقة لدى جزء كبير من الأنظمة الرسمية العربية، وعند جزء كبير من التيارات الشعبية والعربية.

وإن نجح ذلك فقد تصبح إسرائيل- وحتى 2015م- دولة مقبولة في المنطقة، وربما تقترب من صداقة عدد من الدول العربية، ودول العالم الإسلامي.

ما يعيق هذا التصور الوضع في العراق، وربما الدور الإيراني والمحور المتحالف معه، وتُبذَل جهود لترتيب المواقف في هذه الأطر لتتلاءم مع التيار العام الذي ستكون إسرائيل فيه دولة مقبولة، ولكن الخطورة التي تهدد القبول قد تأتي من إسرائيل نفسها، وذلك خشية منها على دورها في المنطقة، حيث السلام ربما يعيد النظر في الحاجة إليها عندما تم إنشاؤها، فإسرائيل تاريخيا قادرة على أن تتكيف لتقدم الاحتياجات لهذا المستقبل حسب التجربة السابقة بشكل عام، لكني أرى أن المنطقة مقبلة على التوصل إلى سلام، وقد لا يكون سلاماً مستقراً تماماً، فالمنطقة بدأت تودع حالة الحقد والكراهية التي كانت سائدة فيها.

أ.جواد الحمد: يبدو أن د. خالد استقل برأي يختلف عن كل الآراء التي ظهرت في الندوة، وعن كل مسارات الأبحاث التفصيلية التي بينت أن الحالة الإسرائيلية اليوم متردّية، وأنها ضعيفة أمام كثير من مجريات الأمور الإستراتيجية، وأنها تستشعر خوفاً كبيراً وضعفاً كبيراً في مواجهة التحديات الداخلية والخارجية على حدّ سواء، وأنها تعيش حالة تفكك فكري على الصعيد الصهيوني ربما لم يسبق له مثيل، بل إنها اليوم تقودها أضعف حكومة في تاريخها.

د. محمد صقـر: تعلمت كثيراً في هذه الندوة، وهذا شعور عام أظنه عند الجميع، وأقول: إن المستقبل العربي أفضل بكثير من الماضي، وعلى أكثر من صعيد.

أولاً:على مستوى القضية الفلسطينية، فقد كانت مغيّبة حتى عن أهلها، وغيّبت مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، لا سيما المجلس الوطني الفلسطيني، ومن سنوات هناك إلحاح شديد من جميع الفرقاء- عدا فريق رئيس هو منظمة فتح- على إعادة هيكلة منظمة التحرير سواء في الضفة أو غزة أو الخارج.

والقضية الفلسطينية قضية العرب، فإذا قويت القضية قوي العرب، والعكس كذلك سياسياً واقتصادياً وفكرياً وغيره.

أعتقد أن ما جرى من تحول فلسطيني داخلي في غزة يُحدث تحولاً كبيراً، وفي النهاية وقريباً سيتوحد الفلسطينيون على برنامج مقاومة حقيقي، وهذا في حد ذاته إحياء للقضية فلسطينيناً بعد التغييب، وعربياً بعد التغييب، وإسلامياً بعد التغييب، وعالمياً عند أحرار العالم كله.

 

د. محمد الموسى: لا بد من الاهتمام والاعتبار للرأي الاستشاري للمحكمة الدولية بخصوص التبعات الناشئة عن بناء الجدار العزل العنصري في الضفة الغربية، والمهم هنا برأيي الاستشاري أنها تمثل سابقة من ناحية قانونية، ففي موضوع قانونية الجدار الفاصل هناك مراجعة قوية قانونية، كذلك الأمر بالنسبة للقضية الفلسطينية، إذ تقدمت قانونياً، مقابل تراجع إسرائيل والاحتلال قانونياً، فقد كان كل القضاة في محكمة العدل الدولية عدا القاضي الأمريكي يأخذون بالمقولات الداعمة للقضية الفلسطينية.

ما يهمني أن محكمة العدل الدولية وضعت الإقليم الفلسطيني تحت مسؤولية الأمم المتحدة، وهذا مهم جداً ولم يتم الانتباه إليه بشكل كافٍ، بمعنى أن الأمم المتحدة ما زالت مسؤولة قانونياً، فهناك مسؤوليات عليها تجاه القضية الفلسطينية ينبغي الانتباه إليها، ومن المهم الإشارة إلى أن رأي المحكمة يتجاوز قضية الجدار ليؤكد عدم قانونية الاحتلال كله.

إلا أن إسرائيل عملت على احتواء الرأي الاستشاري في المحكمة لا سيما فيما يخص الجدار الفاصل، والاعتداء على الأراضي والسيطرة عليها، ولم يتمكن العرب والفلسطينيون من استثماره.

د. نظـام بركات: بالنسبة للقانون الدولي أرى أن الانتباه إليه مهم ويمكن أن يترتب عليه أشياء، ولكننا أمام مشكلة أخرى وهي الأمر الواقع. فالتسوية السياسية من الموضوعات التي تحتاج إلى دراسة أكثر، إذ إنها محصلة ميزان القوى، ومن يريد أن يفاوض عليه أن يتمسك بنقاط القوة التي يملكها، نحن– عربياً– وابتداء من كامب ديفيد ارتضينا على تسليم أوراق القوة التي نملكها حتى قبل الذهاب إلى التسوية، وعلى رأس هذه الأوراق قضية الاعتراف بإسرائيل أو قبول إسرائيل، أو المشاريع الاقتصادية التي يتحدث عنها بعضهم.

يلاحظ أن إسرائيل تحاول خلق أمر واقع باستمرار لتغيير موقع المفاوضين، فهي- مثلاً– خلقت المستوطنات وأقامت الجدار العازل، وهذا يؤثر في خلق واقع تفاوضي ما، وعندما بدأ العرب في المفاوضات لم يكن هناك استيطان، ولكن الاستيطان الآن أصبح عنصراً مهماً في المفاوضات، سواء بين إسرائيل والعرب أو بينها وبين السلطة الفلسطينية، فهي تستخدم الاستيطان من ضمن أوراقها، وهي إذا أعلنت عن وقف الاستيطان فكأنها تُشعر الآخرين بالتنازل، مع أنه لا يوجد حديث أصلاً عن إدانة الاستيطان.

وهناك أمر آخر أرى أهميته في هذا المجال بحاجة إلى نقاش، وهو الاستيطان وتأثيره على مستقبل إسرائيل. هل سيخلّف أمراً واقعاً في الضفة الغربية؟ هل سيؤثر على مستقبل التسوية السياسية في المنطقة؟

إن هذا الموضوع لا بد أن يدخل ضمن أوراق التفاوض العربية الإسرائيلية، فإسرائيل مثلما خلقت في القدس أمراً واقعاً، تحاول أن تخلقه ثانية عبر الاستيطان في الضفة لفرض هذا الواقع في أي عملية تسوية مستقبلية ممكنة.

وبالنسبة لإسرائيل، فالسؤال هنا: هل تغيّر موقعها بالنسبة للإستراتيجية العالمية؟

من الملاحظ أن إسرائيل تعاني من مشكلة داخلية، وهي غياب الإجماع الوطني، مما يضعف موقفها التفاوضي، فعدم وجود قوى سياسية حاكمة تملك أغلبية داخل الكنيست أو داخل المجتمع الإسرائيلي أضعف من موقف القوى الداعية إلى التسوية حول مصير المنطقة، وهنا قد يأتي الدور الخارجي: الأمريكي أو الأوروبي ليصبح أكثر قوة، وأكثر ضغطاً على القوى الإسرائيلية لتقديم تنازلات في المنطقة إذا كان هناك فارق بين الموقف الغربي والموقف الإسرائيلي، أما الآن فإن المواقف متوافقة ومنسجمة لمصلحة إسرائيل لا سيما فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.

ولكن: متى تصبح المواقف بينهما غير منسجمة وغير متوافقة؟ أعتقد أن ذلك يحدث عندما يكون هناك حالة من التوافق أو الانسجام العربي أو الوحدة العربية أو خلق موقف عربي مشترك، خصوصاً في حال تزايد قوة التيارات الشعبية السياسية؛ لأنه في الوقت الذي تستطيع فيه إسرائيل والغرب خلق جبهات عربية تدعم الموقف الأمريكي أو تقبل بإسرائيل فإن ذلك يعني بقاء أمريكا وإسرائيل متحكمتين في المنطقة.

وعلى العكس تماماً، فإنه في الوقت الذي تستطيع الشعوب والدول العربية فيه أن تخلق موقفاً منسجماً وموحّداً، فإن هذا يعني امتلاك شيء من القوة يجعل إسرائيل في وضع غير مستقر، ونلاحظ أن بعض الدول العربية تمتلك بعض وسائل القوة، مثل البترول أو الأرصدة أو غيرها، ولكن القوة لا تقاس بامتلاك بعض وسائلها فقط، ولكن بالقدرة والمعرفة في كيفية استخدامها، وإسرائيل في المقابل لا تمتلك كل وسائل القوة، ولكنها تتحكم بما تملك وتدير مصادرها بشكل أكثر فعالية حتى الآن.

 

أ. جـواد الحمد: وفي النهاية لا بد أن نتحدث في بعض التوصيات التي يمكن أن نخرج بها ويؤمن بها بعضنا- ولو كانت قليلة ومركّزة- حول الموقف العربي، كيف يمكن أن يُقدّم بعض المحددات المهمة للمشروع العربي؟ كي يدفع إسرائيل في عام 2015م للتراجع فعلا، وربما إلى انتهائها وانتهاء دورها؟

د. سـعد السعد: حتى يستطيع الموقف العربي أن يُحدث تغييراً في السياسة الإسرائيلية وواقعها فإنه لا بد أن يتصالح مع الشعوب بالدرجة الأولى، وإذا فعل ذلك فإنه يكون قد خلق شيئاً من الانفتاح والحرية، مما يوجد مؤسسات تنظر في مصالح الأمة وليس في المصالح الضيّقة مثلما نراه في واقعنا الآن.

من جانب آخر أرى أن الأحزاب العربية مقسّمة، وأرى منذ زمن بعيد إلى الآن أن هدفها هو السلطة فقط، وهذا على عكس الأحزاب في العالم الغربي التي تتصارع وتتنافس لفائدة الصالح العام بداية، وإن كانت في النهاية تصل إلى السلطة، ولذلك ما يلزمها- أي الأحزاب العربية- هو إعادة تعديل لبرامجها وأطروحاتها لتأخذ زمام المبادرة في التأثير على القرار السياسي.

د. إسماعيل عبد الرحمن: مما قدّم في هذه الندوة وسمعته أعتقد أنه من الآن وحتى عام 2015م ستفشل كل المساعي في تحقيق سلام بين الدول العربية وإسرائيل، ومن ثم ستفشل مساعي حل القضية الفلسطينية، وأسباب ذلك كثيرة من جانب إسرائيل ومن جانب العرب، فمن جانب إسرائيل أنها غير مستعدة للسلام، وهي تمهّد مسبقاً لعدم نجاح ذلك. ومن جانب العرب وعلى الرغم من التخاذل إلا أن هناك جملة من الثوابت لا يمكنهم التنازل عنها في أي حال من الأحوال.

ونتيجة لهذه الحالة أعتقد أنه ستحدث تطوّرات في المنطقة العربية، مثل تغيير بعض الأنظمة، والعودة إلى حالة التضامن العربي، ومن ثم استخدام الأسلحة التي يمكن استخدامها في مواجهة إسرائيل. ومن التطوّرات المتوقعة أيضاً العودة إلى معاهدة الدفاع المشترك، وتفعيل المقاطعة لإسرائيل، واستخدام الأرصدة العربية في المواجهة معها.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


التقرير العلمي

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

تبدو الأحداث المتسارعة في منطقة الشرق الأوسط مؤشراً على التغيير القادم في هذه المنطقة، سواء كان على الجانب العربي، أو على الجانب الإسرائيلي، ولمعرفة الواقع الذي تعيشه إسرائيل، وتوقّع تغيّر هذا الواقع مستقبلاً في السنوات الثمان القادمة، فإنه لا بد من الدراسة والتحليل وتقديم الرؤى التي ترصد الحالة الإسرائيلية على جميع الأصعدة: السياسية والاجتماعية والعسكرية والاقتصادية والعلاقات الدولية لها، فتبين ما آلت إليه إسرائيل على تلك الأصعدة، وما هي الحالة المتوقعة التي تسير إسرائيل نحوها.

من أجل ذلك عقد مركز دراسات الشرق الأوسط في عمان ندوة بعنوان (إسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015م) داعياً إليها باحثين متخصصين في شؤون إسرائيل الداخلية والخارجية، ومشاركين أيضاً دارسين ومراقبين لإسرائيل والمنطقة.

هدفت الندوة إلى الوصول إلى تناول طبيعة التحوّلات التي جرت على إسرائيل دولة ومجتمعاً منذ إنشائها إلى الآن. وهدفت إلى تقديم قراءة مستقبلية لطبيعة ملامح هذه الدولة ومكوّناتها على مختلف المستويات، وإلى تبيان طبيعة المعادلة التي دخلت فيها علاقاتها الإقليمية والدولية في ظل تقدم برنامج المقاومة الفلسطينية والعربية والإسلامية.

تناولت الندوة بالدراسة والتحليل والمناقشة والتلخيص واقع إسرائيل ومستقبلها في الجوانب الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلاقات الخارجية، وحاولت رسم مشهد متوقع لتلك الجوانب لتشكيل رؤية صحيحة عن مستقبل إسرائيل وتحديد سياسات التعامل معها خدمة لمشروع الأمة العربية وقضية فلسطين.

كانت الندوة موزعة على يومين، وفي كل يوم جلستان نقاشيتان. وطرحت في كل جلسة ثلاثة أوراق عمل، مع المناقشات والمداخلات والتساؤلات في نهاية كل جلسة، ثم جلسة ختامية في نهايتها.

يتناول هذا التقرير الندوة بكافة جوانبها، ولذلك فسوف يتم العرض على خمسة محاور:

المحور الأول: ملامح الواقع الإسرائيلي القائم:  الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي والعلاقات الدولية.

المحور الثاني: التحولات المتوقعة لذلك الدافع بجميع جوانبه.

المحور الثالث: العوامل المؤثرة في الدافع والمستقبل.

المحور الرابع: الدور العربي الممكن لدفع التحولات إيجابياً لصالح العرب.

المحورالخامس: السيناريوهات المتوقعة وإمكانات تحققها.

المحور الأول: (ملامح الواقع الإسرائيلي القائم: الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي والعلاقات الدولية).

تعاني إسرائيل اليوم أزمة متعددة الجوانب تعود إلى فشل متراكم في سياستها واستراتيجياتها العسكرية، واعتماد اقتصادها نسبياً على غيرها، وتفكك مجتمعها، وضعف علاقاتها الدولية.

أهم ما يُشار إليه في مجال السياسة أن إسرائيل لا تريد السلام أبداً، وتتفاوض مع الفلسطينيين والعرب على الأساس الذي تريده من حيث الزمن والنتائج فهي تُفاوض وقتاً طويلاً دون أن تعطي نتائج أو تفعل شيئاً على الأرض.

وصلت الندوة في هذا الأمر إلى أن عملية السلام ماتت وانتهت إسرائيلياً،  وأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين مستحيلة، وهذا ما أشار إليه كل زعماء إسرائيل من بن غوريون إلى أولمرت،  وهم يربطون بين حلم اليهود في إقامة دولتهم الكبرى وبين مشروع أمريكا ( الشرق الأوسط الكبير) أو ( الشرق الأوسط الجديد )، فهم جميعاً يسعون إلى ترسيم الحدود وإبقاء الأوضاع على ما يريدونه من جانبهم فقط.

يساعد الفكر الصهيوني في بقاء سياسة إسرائيل على ما هي عليه،  إذ هو يرفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين رفضاً مطلقاً وينادي بالتوطين لتصفية القضية،  ويُلحظ مُضِيُّ السياسة وفقاً لهذا الفكر.

وللمؤسسة العسكرية دورها في سياسة إسرائيل، فهي- أي المؤسسة- تتمتع بدرجة كبيرة من الاستمرارية والاستقلالية والتماسك، إلى جانب القدرة على التغلغل في مناحي إسرائيل الحياتية، ويغذي ذلك الفكرُ اليهودي العقدي والثقافي في التركيز على القوة والقتال لتحقيق الأهداف، ولذلك فساسة إسرائيل يستعينون بهذه المؤسسة كلما دعت الحاجة، أو كلما عجزت السياسة عن الوصول إلى الأهداف،  فيبقى الباب العسكري مفتوحاً أمام أي حدث.

ومع أن هذا هو حال المؤسسة العسكرية إلاّ أن الأحداث في السنوات القليلة الماضية كشفت تطوّرات مهمة تجاهها، إذ إنها واجهت صعوبات كبيرة في البقاء على ما هي عليه،  فلم تعد قادرة على توفير الأمن للإسرائيليين من الداخل أوالخارج،  ولا تستطيع إجراء تغييرات أو تحسينات في بنيتها البشرية أو الفنية، إذ يعزف كثير من الإسرائيليين عن الخدمة، وأصبح الإنفاق عليها يُثقل كاهل الاقتصاد الإسرائيلي.

والاقتصاد الإسرائيلي مثقل بالأعباء لسببين: الأول استنفاد الأموال من المؤسسسة العسكرية وأجهزة الأمن وأنظمة الأمن وطبيعة الحياة الإسرائيلية ذات الدخل العالي، والثاني الاعتماد الكبير لهذا الاقتصاد على المساعدات الأمريكية والأوروبية الخارجية وتبرعات الجاليات اليهودية.

أما ما يخص الجانب الاجتماعي فإن إسرائيل اليوم تعيش أزمة اجتماعية عميقة تتمثل بالبعد اليهودي وبالبعد العربي.

تخشى إسرائيل الهاجس الديموغرافي والجغرافي،  إذ إن اليهود الموجودين فيها منقسمون ومتعارضون من حيث الجنس والثقافة، ثم إنها لا تعتمد في زيادة عدد مواطنيها اليهود على الزيادة الطبيعية ولادة داخل الدولة، بل تعتمد على الهجرة التي تتعرض كثيراً للإشكاليات والمصاعب،  فعدد اليهود المهاجرين إليها يتناقص والمهاجرين عنها يتزايد.

وفي حال زاد عدد اليهود فإن هذا يعني الحاجة إلى الأرض لإسكانهم مما يعني وجود لإشكالية أكبر من الأولى،  إذ تسعى إسرائيل في سبيل حلها إلى التضييق على العرب داخل إسرائيل والعنصرية ضدهم وربما طردهم وترحيلهم، أو تبادل الأراضي والسكان.  فإسرائيل كيان استعماري كولنيالي إحلالي يسعى إلي فصل أهل الوطن الأصليين عن أرضهم وبلادهم واستبدال يهود بهم، مما يثبت بأنها دولة استيطان إثنوقراطية.

من هذا، فإن علاقات إسرائيل الإقليمية والدولية تأخذ الطابع الأمني والمصلحة الاستراتيجية في المقام الأول، إذ تسعى إسرائيل إلى الإبقاء على تمكّنها وقوتها في مواجهة أي تحدّ خارجي يؤثر على وضعها الداخلي، ولذلك تصنع علاقات مع الدول العربية بهدف التطبيع والاقتصاد، وتعمل على استمرار العلاقة قوية مع أمريكا وأوروبا بهدف الحفاظ على مكانتها عالمياً، وتفتح خطوطاً مع الصين وتركيا في كافة المجالات، للفائدة العسكرية والأمنية والاقتصادية.

إن ذلك كله يتم عبر عقيدة إسرائيلية استراتيجية ترتكز على قاعدة الأمن القومي الذي يشكل جزءًا مهماً في سياسة إسرائيل للحفاظ على هذا الكيان، فهو منذ قام وإلى الآن يعتمد على الوصول إلى الأهداف عن طريق القوة العسكرية والحروب،  وعن طريق القتل والمجازر.

المحور الثاني: (التحولات والسيناريوهات المتوقعة لهذا الواقع في جميع جوانبه)

على الجانب السياسي وفي مجال التسوية هناك حراك عربي نحوه، إلاّ أن إسرائيل لن تتعامل معه بجدّية سواء من حيث الوقت والزمن- إذ هي تسير تجاه التسوية ببطء شديد-، أو من حيث النتائج، إذ لن تعطي إسرائيل للعرب أو الفلسطينيين شيئاً سوى النتائج الشكلية، بل سترفض إسرائيل أي تسوية مؤدية إلى إخلال في عمقها الاستراتيجي أو الأمني أو الجغرافي أو الديموغرافي.

ويدعّم هذا السيناريو أو التحول المتوقع ما حصل مؤخراً في غزة من سيطرة حركة حماس عليها، فالإسرائيليون لن يسمحوا بإقامة دولة فلسطينية جانب دولة إسرائيل،  وبالإضافة إلى ذلك ستواصل إسرائيل سياستها المتشددة تجاه حماس، ومحاصرة الواقع الفلسطيني في غزة أو الضفة مع إبقاء العزل بينهما، إلا أنه يمكن إعطاء الفلسطينيين دولة منزوعة السلاح والسيادة وبحدود مؤقتة، ما يعني تصفية القضية بعدم الحديث عن القدس مثلاً أو حق العودة للفلسطينيين.

وهنا وعلى الصعيد الاستراتيجي سياسياً وأمنياً فإن إسرائيل ستخلق ظروفاً إقليمية تسعى منها إلى أن تخرج قوية أمام إيران أو سوريا أو حزب الله أو المقاومة الفلسطينية، لتفرض شروط التسوية التي تريدها، وهذا يعني أنها ستدخل مباشرة في الصراع مع إيران أو سوريا إذا لم تقدّم لها أمريكا واقعاً يعطي كيانها أو مواطنيها الأمن والاستقرار،  لا سيّما بعد حدوث تحوّل قوي سلبي في قوة الردع الإسرائيلي بعد حرب تموز 2006م مع حزب الله.  ولذلك ستحاول إسرائيل إعادة إنتاج منظومة الردع العسكري من جديد بالاعتماد على إعادة بناء التفوق العسكري المرهون بالردع النووي وتعزيزه للوقوف بقوة أمام الخطر النووي الإيراني، أو أمام الخطر السوري المتعاظم.

ستعمل إسرائيل- في سبيل حل هذه الإشكاليات- على تفتيت قضايا مركزية وملحة في الشرق الأوسط ليتسنى لها العمل- لصالحها- على كل الجبهات، وإن كان النظام الدولي يفرض في كثير من الأحيان اللجوء إلى الطرق الدبلوماسية.

ومع كل هذا ستبقى إسرائيل تعاني مأزقاً استراتيجياً وهاجساً وجودياً يفرض عليها التفكير دائماً بالردع واعتماد المؤسسة العسكرية لحل أزماتها.

من جانب آخر من المتوقع أن يؤثر العامل الاقتصادي على واقع إسرائيل ومستقبلها،  إذ إن زيادة أعباء الإنفاق العسكري وزيادة التضخم سيجعل إسرائيل تتخلى عن جزء من ميزانية الدفاع، وستعوّض ذلك بزيادة الارتباط الاستراتيجي مع الولايات المتحدة لتخفيف حدة التوتر في المنطقة من خلال الاندماج في العملية السياسية، أو أن تتكفل أمريكا بكل المساعدات للكيان الإسرائيلي.

ورغم معارضة بعض الساسة الإسرائيليين نسبيا لهذا الدعم الذي يؤدي إلى ضعف اقتصادي أكبر داخل الدولة بسبب الاعتماد على العون الخارجي إلاّ أن إسرائيل ماضية فيه،  وستسعى للتخلص من هذا العبء عبر اتصال مع دول تفتح لها أسواقها وتتعاون معها اقتصادياً مثل الصين وتركيا وبعض الدول العربية الخليجية أو المغربية.

ستعاني إسرائيل حياة مستقبلية أكثر سلبية في تركيبتها الاجتماعية الداخلية، إذ ستسعى إلى تأمين مواطنيها اليهود بالجغرافيا، ولكن ذلك سيكون على حساب مصادرة الأراضي والتعامل بعنصرية ضد مواطنيها العرب، مما يشكل واقعا سياسيا وديموغرافياً صعباً عليها.

ثم إن هناك تفاوتاً بين معيشة اليهود في المدن وبينها في المستوطنات، ولذلك سيولّد هذا نقمة أكثر على الدولة والحكومات، مما يعني حراكاً اجتماعياً سيئاً تجاه الدولة، يُضاف إلى مشكلاتها الخارجية.

وإضافة إلى ذلك يتوقع أن يتحول المجتمع اليهودي ولو بشكل بطىء من مجتمع معبّأ ومجهّز لخدمة الدولة عسكرياً إلى مجتمع غربي، مما يحدث تبدّلاً في المعايير وشروخاً وانقسامات داخل المجتمع من جهة، وبينه وبين حكوماته من جهة ثانية.

وفي جانب علاقات إسرائيل الإقليمية والدولية فإن المرشح للحدوث هو أن تسعى إسرائيل لفتح علاقات جديدة مع بعض الدول مثل المغرب العربي والخليج والصين وتركيا وغيرها لكسب الفوائد الاقتصادية من جهة، وللاتصال والتطبيع من جهة ثانية، مما يُكسبها حضوراً وواقعاً، وتوفيراً لعوامل تأمين وجودها كياناً طبيعياً في المنطقة يمكن قبوله والتعامل معه، وإذا حصل ذلك فإنها ستتربع على عرش قيادة المنطقة وستقوم بدور ريادي يمكّنها من فرض أجندتها.

رغم ذلك كله إلاّ أنه في الجانب المقابل يتوقع أن تتغير المعادلة القائلة: إن الطريق إلى واشنطن يمر عبر تل أبيب، إذ لم تعد إسرائيل اللاعب الوحيد على مسرح الشرق الأوسط عند صياغة السياسات الأمريكية، بالإضافة إلى أنه من المحتمل أن تتصاعد الدعوات الشعبية والحزبية الأوروبية والأمريكية القائلة بإنهاء العلاقة مع إسرائيل وعدم دعمها، ما يعني الابتعاد عن إسرائيل وعدم الوقوف إلى جانبها في المحافل الحزبية ومؤسسات المجتمعات المدنية.

المحور الثالث:  ( العوامل المؤثرة في الواقع والمستقبل )

·        على الصعيد الاستراتيجي:

        بدأت إسرائيل تتراجع استراتيجياً بسبب ظروف داخلية وخارجية،  إذ إن مشاكل إسرائيل الداخلية المتمثلة بالعامل الديموغرافي وهجرة اليهود من إسرائيل وليس إليها، وعدم تحقق الأمن لمواطنيها بسبب عمليات المقاومة الفلسطينية والحرب الأخيرة مع حزب الله،  وعدم القدرة المعنوية أو المادية في تحقيق أهدافها التي تريدها، ومشاكلها الخارجية – المتمثلة بصعود قوي لبعض القوى الممانعة في المنطقة مثل إيران وسوريا وحزب الله والحركات الإسلامية حولها-، وعدم تحقيق الأهداف الأمريكية في العراق أو أفغانستان، كل ذلك أثر في الواقع الذي تعيشه إسرائيل، فقد تحددّت أهدافها وتراجعت من إسرائيل الكبرى إلى البقاء في حدود فلسطين، بل إلى إقامة جدار عازل تريده ضد الفلسطينيين، ولكنه عازل لها أيضاً. ثم إن العمق الإستراتيجي الجغرافي الضعيف عند إسرائيل يعني بقاءها في حالة من الخوف من جيرانها وأنها في مرمى الهدف.

·        على الصعيد العسكري:

        تعاني المؤسسة العسكرية الإسرائيلية اليوم من إخفاقات كثيرة في تحقيق أهدافها ضد محيطها، وتخفق أيضاً في تحقيق الأمن لمواطنيها، وسبب هذا يعود إلى عدة نقاط:

أولاً: ضعف الوازع القتالي عند الجندي الإسرائيلي موازنة مع ما كانت عليه الأحوال في العصابات اليهودية عند نشوء إسرائيل وحروبها القديمة.

ثانياً: نمو حركات المقاومة وقوّتها العقدية والعسكرية ضد إسرائيل، مما يعني وضع حدّ وإرباك للقوة العسكرية الإسرائيلية التي كان يُعتقد بقوّتها وردها وأنها الجيش الذي لا يهزم.

ثالثاً:  بدء الحديث إسرائيلياً بأن المؤسسة العسكرية تستنفد الاقتصاد الإسرائيلي دون الوصول إلى الأهداف المرجوّة.

رابعاً: بدء استقرار النظام السياسي الإسرائيلي، وقدرة المؤسسات السياسية على استيعاب العسكريين بعد إنهائهم للخدمة.

خامساً: فشل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية في حل المسائل عسكرياً، سواء ضد حركات المقاومة الفلسطينية، أو ضد حزب الله، مما يعني اللجوء إلى السياسة أكثر من الحلول العسكرية.

·        على الصعيد الاقتصادي:

        إن الاعتماد في إسرائيل على الدعم الأمريكي وغيره قد ساعد في إبقاء اقتصاد إسرائيل الأساسي ضعيفاً وغير متطور، بالإضافة إلى عدم تحقيق نجاحات اقتصادية متوقعة مع الدول المجاورة التي عملت معها إسرائيل عقودا اقتصادية، لا سيما بعد النجاح في مقاومة التطبيع من قبل مؤسسات المجتمع المدني في مصر مثلاً أو الأردن أو بعض دول الخليج أو تركيا.

إن أي حرب خاضتها إسرائيل، أو أي مقاومة أو انتفاضة فلسطينية داخلية قد سببت ضربة اقتصادية لإسرائيل، مما يعني أن أي عمل عسكري من إسرائيل أو ضدها يوصل إلى مشاكل اقتصادية كبيرة، وربما إلى انهيار في كثير من الجوانب الاقتصادية، مثل السياحة، أو الصناعة التي تعتمد في كثير من الأحيان على أيد عاملة فلسطينية.

·        على الصعيد الاجتماعي:

        ما زالت إسرائيل تعيش واقعاً اجتماعياً وديموغرافيا حرجاً، فالتناقضات الثقافية والفكرية بين أطراف المجتمع الإسرائيلي على أشدّها، ومسألة الهجرة من إسرائيل بدأت تشكل حجر زاوية في المعادلة الديموغرافية، وبقاء العرب في داخلها مع تزايد في النسبة يعني هاجساً ديموغرافياً آخر. هذه الأمور وغيرها عوامل مؤثرة في كيان إسرائيل سلباً، مما يعني الضعف والخوف على المستقبل.

·        على الصعيد الدولي:

        من العوامل المؤثرة سلباً في واقع إسرائيل ومستقبلها في علاقاتها الإقليمية والدولية:

·        عدم نجاح التطبيع مع كثير من دول المنطقة ودول العالم أيضاً.

·   بروز تيارات وطنية عربية وإسلامية رافضة للمشروع الصهيوني، وامتداد هذه التيارات في الشارع العربي والإسلامي بكثافة.

·        دعوة كثير من مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب في أوروبا وأمريكا إلى مقاطعة إسرائيل سياسياً واقتصادياً.

·   رفض إسرائيل لأي تسوية حقيقية مع الفلسطينيين، وأنها لا تريد السلام، مما يعني التشكيك بنواياها الحقيقية والخوف من أهدافها.

·        بروز قوى إقليمية تحدّ من قوة تل أبيب، وتقف أمامها.

·        عدم نجاح  أمريكا في الوصول إلى أهدافها في العراق وغيرها أدى إلى وضع إسرائيل في موقف ضعيف.

المحور الرابع: (الدور العربي والفلسطيني الممكن لدفع التحولات إيجابياً نحو القضية

                                    الفلسطينية، وضد إسرائيل)

إن حالة مثل هذه تعيشها إسرائيل مدعاة للاستغلال والاستفادة والبدء بفعل يُنهي هذا الصراع، ويوجد للقضية الفلسطينية حلاً نهائياً، سواء كان ذلك من جانب العرب والمسلمين عامة أو من جانب الفلسطينيين خاصة. ويكون هذا على كافة الصعد.

فإذا كانت إسرائيل اليوم تتراجع وتعاني من أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وعلاقات مع كثير من الدول، فإن هذا يعني أن يقف العرب في مقابل ذلك نحو التقدم سياسياً واقتصادياً وعلاقات مع دول العالم لفرض الرؤية العربية تجاه القضية الفلسطينية.

وإذا كانت إسرائيل اليوم مصممة على رفض مبادرات السلام– حتى العربية منها– فإن المُضي في طريق التسوية يعني عدم الوصول إلى الأهداف؛ لأنه ركض وراء سراب تضعه إسرائيل لكسب الوقت وتصفية القضية لصالحها.

إن عدم نجاح المشاريع الأمريكية الصهيونية في المنطقة يعزّز من فرص تغيير الواقع نحو مزيد من تقوية الموقف العربي تجاه قضاياه، وإضعاف إسرائيل على كافة الصعد،  ولذلك على العرب أن يستفيدوا من هذا الواقع.

عندما تعيش إسرائيل واقعاً اجتماعياً أو سياسياً سيئاً يضعفها فإن على الجانب المقابل– العرب والفلسطينيين– أن يعمل على عكس ذلك بتقوية العلاقة مع الشعوب، وبناء سياسة قوية تقوم على معتقداته وتاريخه ليشكل بذلك قوّة أمام عدوّه الإسرائيلي.

إن الوصول إلى حالة من التوافق بين حركات المجتمع الفلسطيني وقواه الممانعة للمشروع يعني المضي في الطريق الصحيح نحو دولة فلسطينية لها كيانها، ونحو وقف لإسرائيل وعدوانها.

إذا كانت مقوّمات الكيان الصهيوني قد ارتبطت– بداية– بالدعم السياسي المالي الخارجي فإن عناصر انهيارها تحمل العناصر الخارجية ذاتها، إضافة إلى أهمية دور المقاومة في ردع هذا الكيان وتحقيق إنجازات للقضية الفلسطينية.

استطاعت إسرائيل بالتكيف والتحرك وتوظيف كل الأدوات والوسائل أن تحقق كثيراً من الأهداف لا سيما في مجالات علاقاتها الدولية، ومن هنا فإن العرب مطالبون بفتح مجالات التعاون والاتفاق بينهم، بالإضافة إلى تقوية العلاقات مع دول وقوى عالمية مثل روسيا والصين وأوروبا– لا سيما ألمانيا وفرنسا- للوصول إلى تقوية الموقف العربي تجاه إسرائيل.

وفي هذا الأمر أيضاً تسعى إسرائيل دوماً إلى حل مشاكلها عبر الطرق العسكرية، وقد أوجدت نجاحات كثيرة جرّاء هذا الأسلوب، وفي المقابل يسعى معظم العرب والفلسطينيين إلى أسلوب مغاير للأسلوب العسكري، مما أوجد إخفاقات عربية كثيرة، ولكنهم عندما استخدموا القوة في حروبهم، أو في انتفاضتهم ضد إسرائيل حققوا نجاحات أكثر من نجاحات إسرائيل،  وهذا يعني أن يبقى الخيار العسكري مطروحاً عربياً أو فلسطينياً للحصول على الحقوق.

المحور الخامس: (السيناريوهات المتوقعة وإمكانات تحققها حتى عام 2015م)

السيناريو الأول: ضعف إسرائيل وتراجعها وتقدم العرب والمسلمين.

السيناريو الثاني: قوّة إسرائيل وفرضها على الإقليم مقابل تراجع العرب والمسلمين.

السيناريو الثالث: وجود حراك إقليمي على كافة الصعد دون تغيير جوهري في الصراع.

·        إمكانات التحقق:

السيناريو الأول: ضعف إسرائيل وتراجعها وتقدم العرب والمسلمين.

تمر إسرائيل اليوم في أصعب لحظات كيانها لما تعانيه من أزمات داخلية وخارجية،  ولما آلت إليه الحالة الأمريكية الداعمة لإسرائيل في المنطقة، والأحوال مرشّحة لمزيد من الأزمات والإخفاقات إسرائيلياً وأمريكياً، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، بل إنها تبتعد قليلاً قليلاً عن أهداف الحركة الصهيونية التي أوجدتها وسعت إلى فرضها في العالم.

وفي المقابل تقوى الحالة العربية والإسلامية في فلسطين وفي خارجها، فقد استطاعت المقاومة الفلسطينية واللبنانية إحراج إسرائيل سياسياً وعسكرياً، وما زالت، وأقنعت كل العالم وكل المفاوضين بأن الوصول إلى تحقيق الأهداف والضغط على إسرائيل لفرض أمر واقع عليها هو بالمقاومة وليس بالسلام، إذ إن إسرائيل لا تريد السلام، بل تسعى إلى تقويض أي فرصة له.

والحال في حركات المقاومة مثلها في محيط إسرائيل الخارجي سواء على مستوى بعض الأنظمة، أو على مستوى حركات الشعوب، فقد بدأ يصعد نجم إيران وسوريا دولتين ممانعتين للكيان الصهيوني في المنطقة، وقد بدأت الأحزاب في معظم أقطار العرب- وخصوصاً الأحزاب الإسلامية– تأخذ موقعاً سياسياً واجتماعياً مؤثراً بشكل كبير في المنطقة، مثل الإخوان المسلمين في مصر، والحركة الإسلامية في الأردن، وحزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان.

ولذلك يرى هذا السيناريو مزيدا من التراجع الإسرائيلي حتى 2015م، ومزيدا من التقدم السياسي أو العسكري في بعض الجانب العربي الإسلامي.

 

السيناريو الثاني: قوّة إسرائيل وفرضها على الإقليم مقابل تراجع العرب والمسلمين.

نظراً للدعم الذي تلقاه أسرائيل من أمريكا وكثير من دول العالم سواء على الصعيد السياسي أو العسكري أو الاقتصادي، ونظراً لضعف العرب والفلسطينيين في  التوحد حول موقف يدعم قضيتهم، وكذلك سيطرة أمريكا على المنابع السياسية الاقتصادية عند الأنظمة العربية وفرض رؤى أمريكية إسرائيلية عليها، كل هذا يساعد على تحقق هذا السيناريو بأن تقوى إسرائيل وتكون الرائدة في المنطقة، إن لم تتربع على عرش قيادة الشرق الأوسط الجديد الذي تسعى أمريكا لفرضه على المنطقة بكل ما أوتيت من قوة ذاتية أو مساعدة من أنظمة المنطقة نفسها.

إن هذا السيناريو محتمل لما تعيشه المنطقة الآن من فرض أجندة أمريكية، في تقسيمها وتشتيتها، وعدم السماح لأي نوع من أنواع الوحدة الميدانية أو السياسية في الأرض العربية أن تتحقق، أو عدم السماح بنشر ديموقراطية حقيقية تصل فيها القوى الممانعة لأمريكا وإسرائيل إلى السلطة في أي بلد عربي، حتى لو كانت مواجهة ذلك عبر القمع والقتل والفوضى الخلاّقة.

 

السيناريو الثالث: وجود حراك إقليمي على كافة الصعد دون تغيير جوهري في الصراع.

من المحتمل أن تبقى الأمور على ما هي عليه جوهرياً في الصراع العربي الإسرائيلي مع وجود حراك سياسي أو عسكري، فقد تعمل إسرائيل على خلق حرب مع سوريا مثلاً دون نتيجة على الأرض سياسياً أو عسكرياً.

وقد تبقى المفاوضات قائمة بين إسرائيل والمفاوضين العرب والفلسطينيين، ولكن مع مماطلة من الجانب الإسرائيلي لكسب مزيد من الوقت، وجود حراك إقليمي على كافة الصعد دون تغيير جوهري في الصراع.ودون إعطاء الفلسطينيين أي شيء جوهري.

ولكن هذا السيناريو يواجه تحديات كبيرة لما تشهده المنطقة كلها من تحرّكات وصراعات مرشحة للانفجار في أي لحظة ودون مرور وقت طويل حتى يحدث أي تغيير.

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


بانوراما

ندوة
اسرائيل اليوم ومستقبلها حتى العام 2015

عودة للصفحة   أعلى الصفحة


جائزة البحث العلمي

 

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

 

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

 

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

من إصداراتنا

 

مستقبل وسيناريوهات الصراع العربي- الإسرائيلي

معركـــة غزة ... تحول استراتيجي في المواجهة مع إسرائيل

احتمالات اندلاع الحرب في منطقة الشرق الأوسط 2010/2011

دراسة في الفكر السياسي لحركة المقاومة الإسلامية حماس

العلاقات التركية- الإسرائيلية وتأثيرها على المنطقة العربية

 


حق عودة اللاجئين الفلسطينيين بين النظرية والتطبيق

إسرائيل ومستقبلها حتى عام2015م
تداعيات حصار غزة وفتح معبر رفح

اتجاهات التحول في توازن القوى السياسية والاجتماعية في الديمقراطية الأردنيةة


نحو توافق فلسطيني لتحريم الاقتتال الداخلي

 

 

 

 

 

 

 

Designed by Computer & Internet Department in MESC.Latest update   August 27, 2011 10:40:36