رؤيتنا للمتغيرات

نشـاطـاتنا


إصـداراتنـا

وثـائـــق

دراســـات

خدمات مجانية

الدورات التدريبية

الدراسات الإسرائيلية
 

ندوة

العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات


                                   ورقة العمل

أولًا: فكرة الندوة

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط ندوتين على امتداد عامَي 2016 و2017 حول العلاقات العربية- الدولية والعلاقات العربية- الإقليمية هدفت كل منهما إلى تقييم الموقع والدور الذي يحتله العالم العربي على خريطة العلاقات الإقليمية والدولية واكتشاف اتجاهات التطوير اللازمة في العلاقات العربية- العربية لزيادة الدور العربي الإقليمي والدولي وتطويره. واستكمالًا لهاتين الندوتين ومن وحيهما تأتي فكرة هذه الندوة "العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات" على أساس أن الأوضاع العربية على المستوى الوطني والقومي تُعدّ المنطلق نحو دور عربي فاعل على المستوَيين الإقليمي والدولي.

وتشهد دول عديدة في العالم العربي حالة من الانقسام والفوضى على المستوى الوطني تركت آثارها الكبيرة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهي آثار تجاوزت هذه الدول إلى الدول العربية الأخرى. وبموازاة ذلك يشهد العالم العربي صراعات عربية بينية على مستوى الدول والتيارات والقوى السياسية، ما دفع أطرافًا دولية وإسرائيل إلى استغلالها لتحوّل الصراع في المنطقة من صراع عربي- إسرائيلي أساسًا وعلى المستوى الإستراتيجي إلى صراعات عربية-عربية وعربية-إسلامية، وخصوصًا الصراعات الطائفية والإثنية منها.

وانطلاقًا من ذلك، واستشعارًا لخطورة استمرار الأوضاع الراهنة في العالم العربي وتداعياتها على النسيج الوطني لكل دولة عربية، وعلى الأمن القومي العربي الشامل، وذلك على نحو يعمّق حالة الانقسام الراهنة، تأتي فكرة عقد هذه الندوة لتتجاوز الإطار الوصفي للواقع العربي إلى آفاق الخروج من هذه الحالة وذلك صولًا إلى إطلاق الحوارات الوطنية والمصالحات التي تحقق تنمية واستقرارًا شاملين يعززان الدور العربي إقليميًا ودوليًا وتكامله، ويخفضان مسببات الصراعات والاستنزاف الداخلي.

ثانيًا: محاور الندوة وعناوين الأوراق

المحور الأول: تداعيات الحالة الراهنة في العالم العربي، واستراتيجيات تحقيق المصالحات، والتحديات أمامها

الأولى: التداعيات السياسية والأمنية لحالة الانقسام الراهنة في العالم العربي

الثانية: إطلاق الحوارات الوطنية والقومية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

الثالثة: بناء الشراكة السياسية والجماعة الوطنية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

المحور الثاني: آفاق المصالحات في العالم العربي- دراسات حالات

الأولى: آفاق المصالحة الوطنية في سوريا

الثانية: آفاق المصالحة الوطنية في العراق

الثالثة: آفاق المصالحة الوطنية في فلسطين

الرابعة: آفاق المصالحة الوطنية في مصر

المحور الثالث: آفاق المصالحات القومية في العالم العربي- دراسات حالات

الأولى: آفاق المصالحة بين التيارات والقوى السياسية العربية (القومية-الإسلامية- اليسارية- الوطنية)

الثانية: أزمة المحاور العربية وآفاق المصالحة بينها

الثالثة: الأزمة الخليجية: آفاق المصالحة

المحور الرابع: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات

الأولى: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (1)

الثانية: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (2)


أعلى الصفحة

برنامج الندوة

اليوم الأول: السبت 24/11/2018

الاستقبال والتسجيل (9:30 -  10:00)

جلسة الافتتاح

10:00- 11:00

المتحدثون

 د. حسن نافعة (مفكر عربي، الأمين العام الأسبق لمنتدى الفكر العربي)

 د. مصطفى عثمان (مندوب السودان في الأمم المتحدة - جنيف، وزير الخارجية الأسبق)

 د. عبد اللطيف عربيات (رئيس مجلس النواب الأسبق)

 د. ابراهيم الطراونة (رئيس مجلس النقباء الاردنيين)

 د.بيان العمري (مدير مركز دراسات الشرق الأوسط)

11:00 - 11:30

استراحة

الجلسة الأولى:الحالة الراهنة في العالم العربي واستراتيجيات تحقيق المصالحات

رئيس الجلسة: د. عدنان بدران

رئيس الوزراء الأردني الأسبق

التوقيت

الورقة

الباحث

11:30 - 1:30

الأولى: التداعيات السياسية والأمنية لحالة الانقسام الراهنة في العالم العربي

أ. محمود ارديسات- الأردن

الثانية: إطلاق الحوارات الوطنية والقومية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

د. حامد قويسي- بريطانيا

الورقة الثالثة: بناء الشراكة السياسية والجماعة الوطنية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

د. نظام بركات- الأردن

1:30 - 3:00

استراحة الغداء

الجلسة الثانية:آفاق المصالحات الوطنية في العالم العربي- دراسة حالات (1)

رئيس الجلسة:  د. محمد أبو حمّور
أمين عام منتدى الفكر العربي- الأردن

التوقيت

الورقة

الباحث

المداخلات الرئيسية

3:00 - 5:00

الورقة الأولى: آفاق المصالحة الوطنية في مصر

د. حسن نافعة - مصر

أ. فهمي هويدي- مصر

الورقة الثانية: آفاق المصالحة الوطنية في فلسطين

د. رائد نعيرات - فلسطين
د. مخيمر أبو سعدة - فلسطين

أ. عاطف الجولاني- الأردن

اليوم الثاني: الأحد 25 / 11 / 2017

رئيس الجلسة: د. موسى بريزات

 المفوض العام لحقوق الإنسان- الأردن

التوقيت

الورقة

الباحث

المداخلات الرئيسية

10:00- 12:00

الورقة الأولى: آفاق المصالحة الوطنية في سوريا

د. عمار قحف- سوريا
أ. علي الأحمد- سوريا

د. فايز الدويري الأردن

الورقة الثانية: آفاق المصالحة الوطنية في العراق

د. عبد السلام بغدادي - العراق
د. سعد ناجي جواد - العراق

د. صباح ياسين - العراق

12:00 - 12:30

استراحة
الجلسة الرابعة: آفاق المصالحات القومية في العالم العربي- دراسة حالات

رئيس الجلسة: أ. حمزة منصور

 الرئيس السابق لكتلة نواب حزب جبهة العمل الإسلامي البرلمانية- الأردن

التوقيت

الورقة الباحث

12:30 - 2:30

الورقة الأولى: آفاق المصالحة بين التيارات والقوى السياسية العربية (القومية-الإسلامية-اليسارية-الوطنية)

أ. محمد البشير- الأردن

الورقة الثانية: أزمة المحاور العربية وآفاق المصالحة بينها

د. علي محافظة- الأردن

الورقة الثالثة: الأزمة الخليجية: آفاق المصالحة

د. قاصد محمود- الأردن

2:30 - 3:30

استراحة الغداء

الجلسة الخامسة: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات

رئيس الجلسة: د. أحمد سعيد نوفل
استاذ العلوم السياسية - الأردن

3:30 - 5:00

الورقة الأولى: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (1)

د. مصطفى عثمان- السودان

الورقة الثانية: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (2)

أ. فهمي هويدي- مصر

5:00 - 5:15

الكلمة الختامية رئيس الندوة

أعلى الصفحة


التعريف بالمشاركين


أعلى الصفحة


كلمات الافتتاح

الكلمة الافتتاحية الأولى

 د. حسن نافعة 

( المفكر العربي، والأمين العام الأسبق لمنتدى الفكر العربي)

السيدات والسادة، الحضور الكريم

اسمحوا لي في البداية أن أتوجه بخالص الشكر والتقدير إلى مركز دراسات الشرق الأوسط على دعوته لي للمشاركة في هذه الندوة الهامة، وأنتهز الفرصة لأوجه تحية خاصة إلى كلّ من الدكتور جواد الحمد، رئيس المركز، والدكتور بيان العمري، مديره التنفيذي، لنجاحهما في تنظيم ندوة تتناول موضوعاً بهذه الحساسية رغم حالة الارتباك التي يشهدها العالم العربي في هذه المرحلة، والتي ربّما تكون الأسوأ والأخطر في تاريخه الحديث. ولأنني أتمنى مخلصاً ألاّ تتحوّل ندوتنا هذه إلى مجرد صرخة ألم في عالم عربي يبدو مصاباً بالصمم، أرجو أن تتسم المداولات فيها بأكبر قدر من الصراحة والمكاشفة. فجدلية العلاقة بين واقع الانقسام وضرورات المصالحة تثير إشكاليات كثيرة تستحق أن نتحاور حولها ونتبين طبيعتها.

لإلقاء الضوء على بعض هذه الإشكاليات أودّ أولاً أن أميّز بين مفهوم الانقسام ومفهوم الاختلاف. فالانقسام يشير إلى حالة تتسم بعدم قدرة الأطراف المعنية على التواصل ومن ثم قد تفضي إلى قطيعة أو حتى إلى صدام محتمل بينهم، وهو أمر غير مرغوب وينطوي استمراره على مخاطر يحسن العمل على تجنبها بكل الوسائل المتاحة، أما الاختلاف فيشير إلى حالة من التباين في وجهات النظر وتتنوع فيها الرؤى والاجتهادات، وهو مسألة طبيعية ومطلوبة في كل أمر يحتمل التعدّد والتنوّع حتى بين شركاء المصير الواحد، غير أنّ الاختلاف بين الشركاء يحتاج في الوقت نفسه إلى آلية لإدارته بطريقة تساعد على مواجهة التحديات المشتركة وتضمن لكلّ الأطراف المعنية التمتع بما لهم من حقوق وأداء ما عليهم من واجبات. أما إذا غابت الآلية الإدارة المناسبة فقد تتحوّل الخلافات إلى انقسامات عميقة تستعصي على الحل، وهذا هو ما حدث بالفعل لمجتمعاتنا العربية. فالإشكالية الحقيقية التي تواجه مجتمعاتنا العربية لا تتعلق بعمق الخلافات القائمة فيما بينها أو في داخلها، وإنما في عجزها عن التوصل إلى آلية مناسبة لإدارة هذه الخلافات بطريقة تضمن عدم تحولها إلى انقسامات تستعصي على الحلّ. وتأسيساً على هذه الفكرة يمكن القول إن ما ينقص المجتمعات العربية هو غياب العقد الاجتماعي الذي يضمن تعامل الحكام مع المحكومين بوصفهم مواطنين لا رعايا ويحدد القواعد التي يتعين الاستناد إليها لضمان التداول السلمي للسلطة بين أطراف العملية السياسية.

 من هذا المنطلق فسوف يكون من المفيد في هذه الندوة تجنب طرح الشعارات أو إلقاء الخطب الرنانة أو تبادل الاتهامات وتركيز الجهد في مداولاتنا على بحث الأسباب التي حالت حتى الآن دون تمكّن المجتمعات العربية المختلفة من إقامة دول حديثة قادرة على تحقيق الأمن والتنمية وعدالة التوزيع، وما إذا كان هذا الإخفاق يعود إلى بنية الثقافة العربية ذاتها وعدم قدرتها على استيعاب قيم التعددية والتنوع أم إلى أخطاء في الممارسة السياسية، أم في الأمرين معاً أي في بنية الثقافة وفي الممارسة السياسية. وأيّاً كان الأمر فإن إمعان النظر في طبيعة الاختلافات القائمة بين التيارات السياسية والفكرية الرئيسية في عالمنا العربي، وهي التيار "الليبرالي" والتيار "القومي" والتيار "الإسلامي" بتنويعاتها المختلفة، يكشف عن أنها خلافات تدور في المقام الأول حول قضية الهوية وتمسها بشكل مباشر. فالتيار "الليبرالي" يبدو متهماً بالعمل على تكريس واقع "التجزئة" والقبول بالحدود السياسية "المصطنعة" بين الدول العربية، وهي الحدود التي يسعى كل من التيار القومي والتيار الإسلامي لإزالتها وإقامة "الدولة القومية" أو "دولة الخلافة" على أنقاضها، وبين التيار القومي والتيار الإسلامي صراعات تكاد تكون صفرية، فالأول متهم بالعنصرية والثاني متهم بعدم الوطنية أو بالتنكر للعروبة. فالإسلام بالنسبة للبعض ليس مجرّد دين موجه للعالمِين، وإنّما رابط يوحد بين كل من المنتمين إليه ويصنع منهم أمة واحدة يحق لها، بل عليها ينبغي عليها، أن تقيم دولتها الموحدة أن "دولة الخلافة". ولأن هذه التيارات الرئيسية الثلاث لم تتمكن حتى الآن من العثور على قواسم مشتركة تسمح لها بالتعايش المشترك وبالتداول السلمي للسلطة فيما بينها، فقد بدت وكأنها استبعادية بطبيعتها ويسعى كل منها لاستبعاد الآخر والانفراد وحده بالسلطة، الأمر الذي تجلي بوضوح في مراحل تاريخية مختلفة، خاصة في مرحلة ما بعد "ثورات الربيع العربي" والتي تبدو غنية بدروس يتعين استخلاصها والاستفادة منها.

فمن المعروف أن السنوات القليلة التي سبقت اندلاع هذه الثورات شهدت محاولات جادة لإجراء مصالحات تاريخية بين التيارات السياسية، خاصة بين التيارين القومي والإسلامي. وهي محاولات لم تقتصر على الجوانب الفكرية وحدها، كتلك التي قام بها مركز دراسات الوحدة العربية على سبيل المثال، وإنما امتدت لتشمل الممارسة السياسية أيضاً. ففي مصر، على سبيل المثال، تشكّلت حركات سياسية ضمت عناصر من مختلف التيارات للنضال في مواجهة الاستبداد، كحركة "كفاية" و"الحملة ضد التوريث" و"الجمعية الوطنية للتغيير" وغيرها، وهي حركات لعبت دوراً مهماً في إشعال الثورة ضدّ نظام مبارك. غير أنّ عجز الحركات التي توحدت في مواجهة الاستبداد عن الاتفاق على قواسم مشتركة تسمح بتأسيس نظم سياسية بديلة أكثر ديمقراطية وأقل استبدادا من النظم التي تمكنت من إسقاط رؤوسها، الأمر الذي مهد الطريق أمام اندلاع ثورات مضادة سرعان ما تحول بعضها إلى حروب أهلية دموية.

والواقع أن فشل العالم العربي في إقامة دول مدنية حديثة تعتمد مفاهيم المواطنة وتكفل حقوق الإنسان وتضمن التداول السلمي للسلطة، هو الذي تسبب ليس فقط في انهيار العديد من الدول التي نشأت إبّان الحقبة الاستعمارية، وإنّما أيضاً في إخفاق كلّ مشروعات الوحدة أو التكامل السياسي والاقتصادي فيما بينها، بما في ذلك تجربة مجلس التعاون الخليجي التي ظن البعض أنها عصية على الانهيار، وكان من الطبيعي أن يؤدي الفشل في إقامة الدولة القومية أو في استعادة دولة الخلافة إلى انهيار أسس الدولة الوطنية نفسها في العالم العربي، لتصبح القبيلة والطائفة والمذهب هي الأوعية المشكّلة لانتماء الإنسان العربي في مختلف الأقطار العربية. لذا أعتقد أنّ العالم العربي ليس في حاجة إلى مصالحة على طريقة بوس اللحى وإنما ردّ الاعتبار للدولة الوطنية التي يجب أن يُعاد بناؤها استناداً إلى مفهوم موحد للمواطنة وإلى آلية موحدة للتداول السلمي للسلطة تجمع عليها التيارات السياسية والفكرية الرئيسية.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


أعلى الصفحة

كلمة الافتتاحية الثانية

 د. مصطفى عثمان 

(مندوب السودان في الأمم المتحدة - جنيف، وزير الخارجية الأسبق)

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن)

صدق الله العظيم. 

السيدات والسادة:

الحضور الكريم:

اسمحوا لي في مفتتح كلمتي أن أتقدم بالشكر والتقدير لمركز دراسات الشرق الأوسط والقائمين على أمره. وللأردن الشقيق ملكاً وحكومة وشعباً على كرم الضيافة وحسن الاستقبال وعلى احتضان وتشجيع هذا الحراك الفكري، في زمان تنامى فيه العجز العربي، وتساقطت فيه الجوامع العربية المشتركة، وانتُهِكت فيه المحرّمات العربية، وانهارت فيه مؤسسات العمل العربي المشترك.

وفي الوقت الذي نرى فيه زيادة في التحالفات وتناسي الخلافات حتى بين دول كان بينها ما صنع الحدّاد حتى وصل الأمر بينهم في بعض الأحيان التهديد بالحرب النووية كما هو الحال بين كوريا الشمالية وأخُتها الجنوبية. نرى تصاعد الشقاق والخلاف بين أفراد الأسرة العربية حتى وصل الأمر مرحلة مخيفة يتكتّل فيه الأشقاء لا ضدّ أعدائهم المُشْتركين وإنّما ضد بعضهم البعض.

إن ضعف النظام الإقليمي العربي والتجاذبات والانقسامات بين وحداته ساهم في تعاظم الضغوط الدولية والتدخلات الأجنبية ووسع من ظاهرة التبعية العربية للقوى الدولية الفاعلة والمسيطرة على النظام الدولي.

ومن عجب أن تجد أغلبنا إن لم أقل كلنا لجمعٌ على مخاطر الانقسامات وأضرارها وعلى أهمية التماسك والتعاضد دون أن نكون قادرين على صناعة أي تغيير لائق على الوطن القائم القاتم. وذلك لانعدام الإرادة السياسية على التغيير على مستوى متخذى القرار في منطقتنا وهذه أسوأ ما في المشكلة.

 السيدات والسادة:

الدبلوماسية هي وسيلة الاتصال الناجحة بين الدول والشعوب، ولها الفضل في حلّ النزاعات وإيقاف الحروب وتعزيز التفاهم والتلاقي والحوار. والبلوماسية هي القدرة على إقناع الآخرين دون اللجوء إلى العنف والقوة. وإن أدياننا السماوية كلها وأنصار نظريات السلام من فلاسفة التاريخ يؤكدون أن السلام والحوار والتواصل والتصالح والتسامح هو القاعدة في حياة البشر وأن الحرب والعنف والنزاع استثناءً وشذوذ عن القاعدة. وأدياننا السماوية متفقةٌ كلّها على السلام وعلى أمهات الفضائل وكرائم الأخلاق. وأخيرًا، الدبلوماسية الناجحة هي التي تبدأ بنفسها "ففاقد الشيء لا يعطيه" فكلّما كانت المنظومة العربية منقسمة على نفسها، كلّما فقدت دورها واحترامها ووزنها عند الآخرين.

كما في جميع مجالات الحياة المختلفة، الفكرية والبرلمانية والنقابية فإن حالة الانقسام العربي أثرت على الدبلوماسية العربية تأثيرًا بليغًا لا يخفى لأيّ مراقب. بل بلغ الأمر حدّ القول "أنه لم يعد هنالك وجود لدبلوماسية عربية موحدة ذات أهداف مشتركة". بل أصبحت الدول العربية مختلفة التوجهات ومتناقضة الأولويات بشكل يحمل الكثير من التشكيك في أصل الدبلوماسية متعدّدة الأطراف وفي الجدوى في وجود مجموعة متكاملة تحمل اسم المجموعة العربية.

في المنتديات الدولية وعوضًا عن التكتّل في وجه التحديات القائمة والأخطار الوشيكة وما أكثرها، فإنّ ما يحدث هو أنْ تتكتّل بعض الدول العربية ضدّ بعضها البعض ضمن أجندات لا تخدم إلاّ الأعداء المشتركين الذين يعملون على إشعال حرائق الفتن والنفخ فيها بما يصب في مصالحهم ويؤثر على دولنا ومواطنينا الذين باتوا هم أيضًا منقسمين داخل الوطن الواحد.

لقد تحولت اجتماعاتنا على مستوى السفراء والوزراء مكانًا للصراع وبذيء الكلام وعلى مستوى القمة مبعثًا للسخرية والتندر من حيث الحضور والمناقشات والقرارات والتوصيات، بل غالبًا ما تُختصر القمم على الجلسة الافتتاحية والختامية خوفًا من مزيد من النزاع والشقاق.

لقد ضعف وتلاشى تأثير الدبلوماسية العربية على أقرب الأقربين جيراننا الأفارقة، الذين بالإجماع تقريبًا قطعوا علاقاتهم الدبلوماسية مع إسرائيل بعد حرب سنة 1967. اليوم يتسابقون للتطبيع مع إسرائيل دون أيّ التفافة للمواقف العربية. فهم يتابعون كيف يفعل العرب فيما بينهم من نزاع وانقسام وتفكّك بل انهيار.

لعلّ أكبر مظهر يعكس حالة التراجع الدبلوماسي العربي نتيجة للحالة الانقسامية الراهنة هو الوضع الذي تعيشه القضية الفلسطينية، فهي بحسب الأدبيات الدبلوماسية التي قمنا عليها قضية العرب الأولى. لكنها تشهد اليوم انقسامًا في الداخل الفلسطيني وانقسامًا في الداخل العربي انعكس على تراجع بل نكسة على المستوى الدولي. انتقلت السفارة الأمريكية إلى القدس. اعترفت الولايات المتحدة بالقدس عاصمة أبدية لإسرائيل وطرحت الولايات المتحدة مشروع صفقة القرن والدبلوماسية العربية منشغلة بانقساماتها وعداواتها ولا حياة لمن تنادى.

وتتجلّى مظاهر الحالة الانقسامية هذه فيما يتعلّق بالمسألة الدبلوماسية في خفوت الصوت العربي وتشتّته وهو ما يظهر في حالة التصويت لقرارات أممية مهمة أو في حالة تقدّم أحد المواطنين العرب لشغل وظيفة دولية مرموقة كما حدث في الترشيح لمنظمة اليونسكو وغيرها. تصويت العربي ضد العربي لمصلحة الآخر لا لشيء إلا لحالة الانقسام التي تواجهها الدول العربية.

ختامًا

اسمحوا لي حضرات السيدات والسادة أن أختم كلمتي بتأكيد الآتي:

أولًا: في ظل الانقسام العربي يصبح من المستحيل الحديث عن مشروع عربي أو استراتيجية عربية أو عمل عربي مشترك من خلال المؤسسات العربية القائمة، مجلس التعاون الخليجي، الجامعة العربية، الاتحاد المغاربي بسمى ما شئت.

ثانيًا: لقد تحدثنا ما فيه الكفاية عن الآخر الإقليمي والدولي وتدخلاته في شأننا وظلمه وانحيازه، فهلّ لنا اليوم أنْ نركّز على شأننا وكيف نصلحه وننقله من النزاع إلى المصالحة.

ثالثًا: علينا ألاّ نفرّق في البحث عن أصل المشكلة والسبب خلف هذه النزاعات (إلا بالقدر الذي يساعد في حلّها)، بل يجب أن تتحد الجهود وتصبح في سبيل واحد وهدف أكيد وهو إزالة مسبّبات الانقسام والعودة بالعلاقات العربية إلى سابق عهدها، ثم لأفضل ممّا كانت عليه.

الدبلوماسية العربية بمختلف فصائلها هي الأكثر تأثرًا وتأذيًا بالانقسام، لكنها تتحمل الجزء الأكبر من المسئولية في استمرار الانقسام.

الوضع الحالي صعب ودقيق. لكنْ لا مفرّ من محاولة إصلاحه قبل فوات الأوان. والسؤال كيف، ونقول هذا ما ستجيب عليه أوراق ومداولات ندوة "العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات".

والله ولي التوفيق،


أعلى الصفحة

كلمة الافتتاحية الثالثة

 د. عبد اللطيف عربيات

 (رئيس مجلس النواب الأسبق)

السيدات والسادة الحضور الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،

اسمحوا لي في بداية حديثي أن أتقدم بجزيل الشكر والتقدير لمركز دراسات الشرق الأوسط في عمان على عقد هذه الندوة الهامة في هذا التوقيت وهذا أمر ليس مستغرباً على المركز، فقد عودنا بين الحين والآخر على مثل هذه الأنشطة الهادفة.

الحضور الكرام

يأتي انعقاد هذه الندوة في ظل ظروف عصيبة تمر بها الأمة العربية من حالة الضعف والتشرذم والانقسام بين الدول العربية، وعلى الصعيد الداخلي في كل دولة وما يرافق هذه الحالة من استشراء لحالات الفوضى والاضطراب والعجز عن التحول الديمقراطي على امتداد الوطن العربي الكبير، إضافة إلى الانقسام إقليميا ودولياً إلى محاور، واصطفاف الدول العربية في مواجهة بعضها بعضاً، وما ترتب على ذلك من اتساع دائرة الاستهداف للأمة العربية، وكذلك تسارع تمدد المشاريع الإقليمية والدولية التي تستهدف ثرواتها وأمنها وهويتها وثقافتها على حد سواء، وتفاقم النزاعات المسلحة والحروب الأهلية بين أبناء البلد الواحد، وما نتج عنها من قتلٍ لمئات الآلاف من المواطنين وتدمير للبنية التحتية وتمزق الوحدة المجتمعية على أسس عرقية وطائفية لا تخدم إلا أعداء الأمة وتمنحهم ذريعة التدخل في بلادنا وإعادة احتلالها، وفي الوقت ذاته انقسمت التيارات السياسية العربية الإسلامية والقومية واليسارية وتبعثرت جهودها، ما أخّر طموحها في النهوض بالحالة المتردية للأمة، خاصة وأن الحالة التي نعيشها اليوم تحتاج إلى جهود كل التيارات والأطياف السياسية والثقافية والاجتماعية موحدة وموجهة نحو أهدافٍ موحدة يتفق عليها الجميع وتلتقي عليها الجهود والطاقات، خصوصاً فيما يتعلق بمواجهة المشروع الصهيوني واسترجاع فلسطين والقدس، وتحقيق عودة اللاجئين إليها.

وإزاء هذه الحالة الصعبة التي تعيشها الأمة فإنَّه يتحتم على المثقفين والأكاديميين والباحثين العرب، وخاصة المشاركين في هذه الندوة، القيام بواجبهم تجاه أمتهم والسعي بكل جديَّة لرسم خريطة طريق تتضمن الخطوات العملية التي تقود الأمة للخروج من هذه الحالة عبر طرح الأفكار الخلاقة الهادفة بمهنيَّة وأكاديمية ومسؤولية عالية، بعيدًا عن النظرات الأيديولوجية الضيقة والحزبية المجردة بحيث تشمل هذه الخريطة كل المكونات والقوى الحية الفاعلة في الساحة السياسية العربية.

السادة الكرام

إنَّ حالة التفكك والانقسام تحتاج إلى التحرك بمسارين متوازيين للخروج منها: المسار الأول يتعلق بالعلاقات العربية- العربية البينية بحيث يتم تصفية الخلافات العربية وفق قاعدة الاحترام المتبادل والحوار الأخوي الهادف والعودة إلى قواعد العمل العربي المشترك لمواجهة التحديات والأخطار المحدقة بالأمة بكل مكوناتها، والتي تستهدفها وجوديًا وحضاريًا وثقافيًا.

أما المسار الثاني فهو يتعلق بالحالة الداخلية العربية بين القوى السياسية الفاعلة الإسلامية والقومية واليسارية والوطنية بحيث يقود هذا المسار إلى إعادة اللحمة بين أبناء البلد الواحد والاتفاق عبر الحوار الهادف على المشترك الجامع الذي يجمع هذه التيارات في بوتقة الجماعة الوطنية الواحدة والتي تضمن وحدة البلاد كما تضمن الأمن والسلم المجتمعي عبر خلق جدار وطني صلب يتصدى للتحديات ويعود بالبلدان إلى مسار التحول الديمقراطي والتقدم الاقتصادي والحضاري.

إن المصالحات الوطنية في البلاد العربية تحتاج إلى إرادة سياسية قوية من كل الأطراف الفاعلة، كما تتطلب التفكير المنفتح الذي يقبل الآخر من أبناء الوطن رغم الاختلاف معه فكرياً أو سياسيًا أو في أي مجال آخر، لأن قاعدة ما يجمع أبناء البلد الواحد وقواه الحية أكبر بكثير مما يفرقهم، وإن انشغال القوى السياسية الحية ببعضها يتيح المجال أمام المشاريع الخارجية وأدواتها في بلادنا للهيمنة على مقدرات الأوطان والتغول على الشعوب والعبث بمقدراتها وتعطيل مسيرتها نحو التنمية والإصلاح والتطور على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن غياب دور القوى الشعبية العربية الحية ومؤسسات المجتمع المدني يجعل العلاقات العربية – العربية مرهونة بتباينات ومصالح السلطات الحاكمة وهذا الأمر يفاقم حالة الفرقة والتشتت التي تعيشها الأمة.

إن حالة الفوضى السياسية التي غرقت بها العديد من الدول العربية حرفت دولاً عربية بارزة ومؤثرة عن دورها الإقليمي الفاعل مما سمح بتقدم المشاريع المناوئة على حساب مشروع الأمة أيضاً.

وعليه، فنحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بطي صفحة الخلاف والفرقة والانطلاق نحو تحقيق المشروع النهضوي الحضاري لأمتنا، ووقف الهدر الذي تعانيه بالطاقات والمقدرات والأرواح، وآمل أن تخرج هذه الندوة بما يكون مقدمة لمسارات جديدة تساعد الأمة على النهوض مجددًا لتتبوأ المكانة التي تستحقها بين الأمم والشعوب.

أكرر شكري وتقديري للقائمين على هذه الندوة والمشاركين فيها.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أعلى الصفحة

كلمة الافتتاحية الرابعة

د. ابراهيم الطراونة

 (رئيس مجلس النقباء الاردنيين)

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الامين وعلى اله وصحبه أجمعين.

 الذوات الكرام،،،

أسعد الله صباحكم جميعاً والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته،،

 بداية، اسمحوا لي أن أعرب عن بالغ اعتزازي وتقديري للقائمين على هذه الندوة، التي تطرح قضية شائكة شديدة التعقيد والحساسية. قضية أمة حائرة ومكلومة لم تخلع عنها رداءها الأسود منذ عقود حداداً على كرامتها وعزتها وجلال شأنها.

وكم نسعد حين نرى أحرار الأمة والغيارى على عروبتهم وهم يبذلون كل ما في وسعهم ويُسَخِّرون كل إمكانياتهم وطاقاتهم وفكرهم لإشعال شمعة في الظلام العربي الدامس، الذي طال سواده حتى ظننا أنه قدرنا الأبدي.

الذوات الكرام،،،

شهدت الأمة العربية في العصر الحديث زلازل سياسية لم تشهد لها مثيلاً على مدار تاريخها الضارب في جذور الزمان. ودخلت الأزمات العربية مرحلة غير مسبوقة من التعقيد والتشعب، إلى درجة أن فهم مسبباتها بات عصياً علينا، فلم نعد نفهم كيف ومتى ولماذا وأين بدأت الأزمة، وكيف ومتى ولماذا وأين ستنتهي.

لقد فهمنا لماذا احتلت فلسطين، وجعلنا منها شماعة لمشاكلنا وأزماتنا لأكثر من ستين عاماً، حتى جاء زلزال حرب الخليج، الذي قسَم ظهر العرب وقسّم كلمتهم، وأوقع بوابتنا الشرقية وخط الدفاع الأول، العراق، في المصيدة المعدة أمريكياً بإحكام.

ليأتي زلزال الحادي عشر من سبتمبر، فحملنا إثم الإرهاب وتحمّلنا ثمنه، فحاصرتنا سهام الاتهامات وأجبرنا على دفع فاتورة حرب لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل، ولم نستفق من هذا الزلزال حتى باغَتَنا زلزال الربيع العربي فاستقبلناه بحماس وتفاؤل، إذ اعتقدنا أنه مخاض لولادتنا الجديدة، ولم نكن نعرف أنها سكرات الموت.

دولة تسقط بالفوضى فتلحق بها أخرى ولا تتعلم ثالثة فتغرق الرابعة في بحر الدم وتقفز خامسة ببئر الطائفية، وسادسة تتلمس خطواتها في متاهة التغيير.. هذا حال وطننا لعربي!!... هل قلت وطننا العربي؟ عذراً، فلا يزال لساني الكركي يحتفظ ببعض العبارات مثل الوطن العربي، الأمة العربية، الوحدة العربية، المصير المشترك.

على أيّ حال، لن أسترسل كثيراً في تشخيص الواقع العربي، ولن أتطرّق بالتفصيل للأزمات الراهنة التي نعيش تفاصيلها بكل مراراتها ومآسيها المؤلمة، لكني سأقفز مباشرة إلى الحلول، وأقول، لأننا ندرك جميعنا أن لدى العرب من مقومات الوحدة وعناصر القوة وأسباب المجد ما لا تملكه أي قومية أخرى في هذا الكون، ومن هنا تأتي حسرتنا على عدم استغلال هذه العناصر والمقومات للنهوض والتقدم والوحدة، لذا أظن أنّ الحلّ يبدأ بما بدأت به الأمم الأخرى، وأقصد هنا تحديداً التجربة الأوروبية، لقد كانت أوروبا تقبع في ذات النفق الذي نقبع فيه، ولم تخرج منه إلا بإرادة شعوبها ومبادرة من نخبها ومثقفيها وعلمائها، فعصر النهضة في أوروبا لم يكن صنيعه الأنظمة بل صنيعه الشعوب، وتحديداً الصفوة منهم التي لم تكتفِ بالبكاء على اللبن المسكوب، بل نهضت ولملمت عزيمتها واستجمعت قوتها واستنهضت هممها فسرت العدوى في باقي مكونات المجتمع حتى وصلت القمة.

الذوات الكرام،،،

إن علينا نحن النخب أنْ نستعيذ زمام المبادرة حين نتفق أولاً على تعظيم الجوامع المشتركة بين الشعوب العربية وتحييد ما يفرقها ويشتّت شملها. أن نبحث عن مظلّة مشتركة ننضوي تحتها بكل أعراقنا وأصولنا وانتماءاتنا ومعتقداتنا. حينها وحينها فقط ستتبعنا الأنظمة نحو المستقبل الزاهر، بدلاً من أن نتبعها نحو الهاوية.

ليست أضغاث أحلام، فذات زمان قبل 1400 عام، جمعت مظلة الدولة الإسلامية القبائل العربية بكل أعراقها وأصولها ومعتقداتها، وظلّ العرب في الصدارة قبل أن يتراجعوا إلى مؤخرة الأمم حين عادت عصبيتهم وعنجهيتهم القبلية لتعلو فوف كلّ اعتبار عندهم، فكادوا المكائد لبعضهم البعض طمعاً بالملك والحكم وتآمروا على بعضهم البعض، فوهنوا وضعفت شوكتهم حتى أوصلونا إلى هذا الحال.

ولماذا نذهب بعيداً، قبل عقدين من الزمن فقط، من منّا كان يسمع بالتصنيفات الطائفية سني وشيعي؟ ألم يكن السنة والشيعة يعيشون بسلام جنباً إلى جنب في العراق قبل الغزو الأمريكي؟ ألم يكن المسلم والمسيحي واليهودي يتقاسمون العيش المشترك في فلسطين قبل الاحتلال الصهيوني؟ ألم يكن اليمن سعيداً بكلّ مكوناته قبل أنْ يعمّه الحزن حين يحتضن حرباً بالوكالة! ألم تكن سوريا سالمة آمنة لا تعرف طائفية أو تطرفاً قبل أن تصبح ساحة لحرب كونية وحصناً للإرهاب؟

في الختام،،،

أبارك هذا الجمع الطيب، وأتمنى أنْ يكون هذا اللقاء الشرارة التي تعيد الروح لجسد الأمة الفاقد للوعي، فقد طال مكوثنا في القاع وحان الوقت للنهوض والصعود نحو القمة حيث نستحق.

صدقوني لا نحتاج إلاّ إلى إرادة صادقة ونية مخلصة وعمل جاد وتضحية من أجل استعادة مجد أمتنا واسترداد مكانتها التي تليق بها، فلا يمكن أنْ نرضى بأنْ نبقى (فرْقَ عُملة) بنظر الدول الكبرى التي تنهب مقدراتنا وتسلب إرادتنا وتنكر حقوقنا وتتكالب علينا وتستبيح أرضنا وعرضنا وتتاجر بقضايانا ودمائنا من أجل راحة وأمن الكيان الصهيوني الذي منذ زُرِعَ هذا الكيان ونحن في حالة انقسام نذهب منه إلى انقسام أكبر وأوسع على قاعدة فرق تسد.

عشتم وعاشت الأمة العربية حرّة موحدة.


أعلى الصفحة

كلمة الافتتاحية الخامسة

 د.بيان العمري

 (مدير مركز دراسات الشرق الأوسط)

أصحاب الدولة والمعالي والعطوفة والسعادة

ضيوفنا الكرام من فلسطين ومصر والعراق وسوريا والسودان

الحفل الكريم،

أهلاً وسهلاً بكم جميعاً في هذا اليوم البهيج بمبادراتنا العربية الساعية إلى نشر بذور الخير والوئام، وغرس قيم المحبة والالتحام بين أبناء الأمة الواحدة وتياراتها السياسية الفكرية على أسس وقواسم مشتركة يلتف حولها الجميع في سبيل الاستقرار والازدهار والنهوض بعيداً من وقائع الاضطراب والانقسام.

باسم مركز دراسات الشرق الأوسط في عمّان، أرحب بكم أجمل ترحيب في ندوتنا هذه "العالم العربي، من الانقسام إلى المصالحات"، وهي الندوة التي أعقبت ثلاث ندوات خلال الأعوام الثلاثة الماضية؛ حيث عقد المركز عام 2015 ندوة "الشراكة والمشاركة السياسية في العالم العربي"، وفي عام 2016 عقد ندوة "العلاقة العربية- الدولية"، ثم في عام 2017 عقد ندوة "العلاقات العربية- الإقليمية" وتأتي هذه الندوة لتستكمل إطاراً فكرياً وسياسياً موحداً حول تحقيق واقع عربي قومي ووطني قائم على التوافق والمصالحة، وملتئم بشراكات سياسية حقيقية، تؤسس لواقع عربي قادر على تجاوز العقبات والتغلب على التحديات ومنتصر لقضاياه المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتعاون العربي المشترك، ليكون للعالم العربي بأقطاره وشعوبه وقواه السياسية والاقتصادية والاجتماعية دورٌ فاعل على المستويين الإقليمي والدولي.

السادة الكرام،،

تأتي هذه الندوة كذلك إثر أوضاع عربية صعبة، تتطلب من كل النخب العربية الحاكمة والمحكومة، السياسية والفكرية على حد سواء، تتطلب بذل الجهد وتحمّل المسؤولية نحو التفكير في مآلاتها الخطيرة على بنية الأنظمة السياسية، وعلى البنى الفكرية، والأخطر من ذلك على البنى الاجتماعية كافة، لأن تغلغل حالة الانقسام في المجتمعات العربية سيؤسس لعقود طويلة من الدمار والتخلف، وعلى العكس تماماً فإن العمل على تحدّي هذا الواقع ومعالجة أسبابه وتأسيس وقائع سياسية وفكرية واجتماعية جامعة على المستويين القومي والقطري سيساهم، وخلال أعوام قليلة جداً، في الانتقال من حالة الضعف والفشل إلى بيئة جديدة تعزز القدرات العربية على معالجة الإشكالات بأسرع مما نتوقع؛ حيث أثبت التاريخ العربي والإسلامي عبر محطّات متعددة سرعة استجابة الشعوب العربية للتغيير نحو الأفضل زمنياً وجغرافياً وديمغرافياً.

الضيوف الأعزاء

تسعى هذه الندوة لخلق بيئة حوارية شاملة بين كل الأطراف العربية المعنية بهذا الواقع على المستويين القطري والقومي، سواء على مستوى صانعي القرار أو الأحزاب أو القوى المجتمعية أو مراكز البحث والتفكير، وتحفيز الجميع نحو التفكير الجاد والمسؤول بآليات الخروج من حالات الانقسام والاحتراب والفوضى التي نعيشها، ومن هنا فكلنا أمل في أن يُسهم الزملاء الباحثون والمشاركون جميعاً في التركيز على التحديات التي تقف أمام الخروج من حالة التمزق القائمة في الوطن العربي بهدف بلورة مقومات وأدوات الانتقال إلى بيئة سياسية واجتماعية عربية رائدة.

ولذا فإن الندوة، كما هو البرنامج في أيديكم، تناقش أربعة محاور رئيسة: أولها متعلق بالتداعيات السياسية والأمنية للحالة الراهنة في العالم العربي، وثانيها يتناول التحديات الماثلة أمام المصالحات واستراتيجات تحقيقها.

أما المحور الثالث فيدرس عدداً من الحالات القطرية أو القومية التي رأتها اللجنة التحضيرية أكثر إلحاحاً لطبيعة هذه الندوة فنياً ووقتياً، دون إهمال لبقية الحالات العربية في اليمن أو ليبيا مثلاً، والتي نأمل أن يكون لها بحث في مقام آخر، ويتناول المحور الرابع والأخير عنواناً مهماً واستراتيجياً، من حيث التفكير في العالم العربي فيما لو كان واقعه قائماً على المصالحات والشراكات وانعكاس هذا الحال على المستوى السياسي أو الأمني أو الفكري والثقافي أو الاقتصادي أو الاجتماعي على هذه الأمة.

إن استمرار واقعنا على ما نحن عليه سيُفقدنا كثيراً من الحضور الإقليمي والدولي، وسيعزز تدخل الأطراف الإقليمية والدولية في سياساتنا وفرض أجندتها، ولا أدلّ على ذلك من استغلال الاحتلال الصهيوني لهذا الانقسام العربي، وهذا الاحتراب القومي والوطني على حد سواء، لتعزيز استيطانه وتثبيت أركانه في قلب وطننا.

لذلك فإننا نتطلع إلى هذه الثلة من الخبراء والقادة والسياسيين أن تتوصل إلى رؤية متماسكة وحدوية تنقل الواقع العربي من حالة الانقسام  إلى حالة المصالحة، ومن حالة الضعف إلى حالة القوة، ومن حالة التبعية إلى حالة الاستقلال، ومن حالة العجز إلى حالة المبادرة، ليأخذ العرب دورهم الحقيقي في المشروع الحضاري لهذه الأمة على مستوى ترسيم مستقبل العالم واتجاهاته، واتجاهات رفع الظلم والمساواة والعدل، وإنهاء حالة الاحتلال والهيمنة في العالم من قبل بعض الأقوياء على كثير من الضعفاء في العالم.

ضيوفنا الكرام،

الزملاء الباحثون المشاركون،

أرحب بكم مرة ثانية، وأشكر لكم جهودكم، كما أشكر زملائي في المركز جميعاً على ما بذلوه من جهود متتابعة منذ 4 شهور لعقد هذه الندوة، ولا أنسى أن أقدم الشكر للزملاء في وسائل الإعلام الأردنية والعربية على تغطية فعاليات هذه الندوة، آملاً أن تصل هذه التغطيات لكل صاحب شأن ومسؤولية للإفادة من مخرجاتها وتوصياتها، وتحقيق الأهداف المرجوّة، علماً أن المركز يعمل دوماً على إيصال خلاصات ندواته وأعماله إلى المعنيين في الأردن والعالم العربي من مؤسسات رسمية وشعبية وقوى سياسية للإفادة منها بما يخدم القرار والسياسات العامة والمصالح العليا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته


أعلى الصفحة

ملخصات أوراق العمل

الجلسة الأولى: الحالة الراهنة في العالم العربي واستراتيجيات تحقيق المصالحات

الورقة الأولى

التداعيات السياسية والأمنية لحالة الانقسام الراهنة في العالم العربي

أ. محمود ارديسات- الأردن

تشير الورقة إلى أنّ العالم العربي يمُرّ بأزمات بنيوية مركّبة، تلقي بظلالها على الأنظمة والشعوب، وتطال آثارها الجوانب السياسية والاجتماعية والأمنية على المستوى القطري القومي.

يخلصُ الباحث إلى أن أبرز التداعيات والآثار السياسية الناجمة عن حالة الانقسام والخلاف على المستوى الوطني والقومي، تتلخّص في:

·        انكفاء العمل العربي المشترك لأيّ قضية عربية مشتركة، وعلى رأس هذه القضايا القضية المركزية قضية فلسطين.

·        ازدياد حالة الاستقطاب في العالم العربي لتشمل الدول الإقليمية كتركيا وإيران، وحتى إسرائيل بطريقة سرية. افتقاد الدول العربية أي تأثير في الإقليم، واجتياح الاستقطاب المذهبي والإثني العديد من المجتمعات العربية على ضوء الاستقطابات البينية العربية والإقليمية

·        إسهام التوجهات الجهوية العربية على غرار مجلس التعاون الخليجي والاتحاد المغاربي بتجسيد هويّات مناطقية بعيدًا عن أمل الوحدة، ولم يعد هناك دولة مرجعيّة للعالم العربي تحافظ على الحد الأدنى من العمل العربي المشترك.

·        تغوّل الدول العظمى، وحتى الإقليمية على العالم العربي؛ أي أنّ نتيجة الانقسام العربي كانت استباحة الفضاء العربي سياسيًا وعسكريًا.

·        تراجع الحريات العامة، وتفرّد الأنظمة باتخاذ القرار، وتراجع التنمية الاقتصادية والبشرية في معظم الدول العربية.

كما يخلصُ الباحث أيضًا إلى أن أبرز التداعيات والآثار الأمنية "العامّة والاجتماعية" الناجمة عن حالة الانقسام والخلاف على المستوى الوطني والقومي، تتلخّص في:

·        لم تعد هناك دولة عربية في منأى عن التدخل والتهديد الخارجي بحجة الحرب على الإرهاب وملاحقة الإرهابيين.

·        لم يعد التهديد الخارجي للدولة العربية مقتصرًا على الدول العظمى، بل تجاوز الأمر إلى دول الجوار الإقليمي التي أصبح تهديدها أمرًا واقعًا في حالة العراق وسوريا واليمن وغيرها.

·        أصبحت إسرائيل قادرة على التدخل وقصف أيّ أهداف تراها مهدِّدةً لأمنها حاضرًا ومستقبلًا في جوارها العربي، مع تهيئة البيئة الدولية لمثل هذا العمل سياسيًا وأخلاقيًا.

·        استطاعت القوى العظمى والكبرى في العالم أن تعزّز تواجدها في كلّ دولةٍ عربية من المغرب وحتى الكويت عسكريًا وأمنيًا.

·        لم تعد بعض الدول العربية آمنةً من تدخل جوارها العربي عسكريًا في شؤونها، وتدميرها بالتعاون مع القوى الخارجية، والأمثلة على ذلك لم تعد بحاجة إلى دليل، فهي حاضرة في العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرها.

ويشير الباحث أخيرًا إلى بعض الآثار السياسية والأمنية المتوقّعة لمستقبل العالم العربي، في حال استمرار الانقسام، مثل ازدياد الصراعات والخلافات البينية نحو مزيد من التجزئة والانتحار الذاتي، والتي لا مخرجَ لها إلا ببناء دولة المواطنة على أسس المشاركة والديمقراطية، وعندها ستكون الدولة بحكم مصالحها السياسية والأمنية والاقتصادية قادرةً على بناء العلاقات التكاملية مع جوارها العربي، وصولًا إلى منظومة عربية فاعلة قادرة على بلورة مشروع عربي في مواجهة المشروع الصهيوني أولًا، ومشاريع الدول الإقليميّة ثانيًا، ومواجهة التدخل الخارجيّ ثالثًا.


أعلى الصفحة

الورقة الثانية

إطلاق الحوارات الوطنية والقومية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

د. حامد قويسي- مصر

  " تؤكد الورقة على أن حالة الانقسامات والصراعات"  المشتعلة بين دول المنطقة العربية وداخلها تفرض ضرورة إبداع رؤية واستراتيجية فعّالة للتعامل السياسي معها، إذ إن استمرار هذه الحالة سيقود إلى المزيد من التفتت والتقاتل ومن ثم بروز الدول الفاشلة، وفي نهاية المطاف سيكون مصير المنطقة وكيانها العضوي فضلًا عن وجودها الحضاري والمعنوي مهددًا بالانهيار والاختفاء.

وتسعى هذه الورقة إلى دراسة موضوعها "حالة" الانقسامات والصراعات في إطار النظر إلى الحوار باعتباره "استراتيجية" للتعامل مع هذا "الموضوع". وتسعى لكي تصل عبر هذه الاستراتيجية إلى تحقيق "الهدف" وهو "المصالحات" في إطار "عملية مستمرة" تتم من "الهياكل المتكاملة" والمترابطة.

وفي هذا الصدد فإن هذه الورقة تثير تساؤلين أساسيين وتحاول تقديم إجابات مقنعة حولهما وهما: التساؤل الأول: إلى أيّ مدى يمكن اعتبار "الحوار" استراتيجية فعّالة للتعامل مع الصراعات والانقسامات في المنطقة العربية؟ ويرى الباحث أن الإجابة على هذا التساؤل تستلزم القيام بالتالي: تحديد ماهية الحوارات الوطنية والقومية: تعريفها، وبيان عناصرها وأهميتها وأدواتها، والإشكاليات المتعلقة بكلّ ذلك. وماهي الشروط الأساسية لنجاح وفعالية الحوارات الوطنية والقومية كاستراتيجية فعالة للتعامل مع الصراعات والانقسامات في المنطقة العربية. وماهية "الفاعلين" في إطلاق ونجاح الحوارات الوطنية والقومية كاستراتيجية فعّالة للتعامل مع الصراعات والانقسامات في المنطقة العربية.

أما التساؤل الثاني الذي تثيره الورقة: ماهي الاستراتيجيات والسبل الفعالة في ضمان إطلاق ونجاح الحوارات ودورها في تعزيز الدور الإقليمي والدولي العربي؟ ويرى الباحث هنا أيضًا أن الإجابة عن هذا التساؤل تستلزم القيام بالتالي: تحديد الشروط اللازم توافرها في (موضوع) الانقسامات والصراعات لكي يكون صالحًا وملائمًا ليُجرى بصدده نوع من الحوار وصولًا إلى المصالحات. وما هي العملية أو الإجراءات الحقيقية وصولًا إلى فعالية الحوار بما فيها الوقت المتاح لإدارة الحوار. وماهية الأبنية أو المستويات التي يمكن من خلالها إدارة عملية الحوار وصولًا إلى تحقيق أهدافه من المصالحات.


أعلى الصفحة

الورقة الثالثة

بناء الشراكة السياسية والجماعة الوطنية في العالم العربي والتحديات التي تواجهها

د. نظام بركات- الأردن

تركز الورقة على مفهوم الشراكة السياسية وصلتها بالمصالحات الوطنية. ومن هنا تعرف الورقة الشراكة السياسية على أنها إشراك جميع القوى السياسية في صنع القرار للوصول للمصلحة العامة والهدف المشترك دون امتلاك أي طرف حق الرفض الذي يُخرج مفهوم الشراكة السياسية عن معناها الحقيقي إلى مفهوم المحاصصة وتوزيع المغانم والمكاسب. وتوضح الورقة بأن الشراكة السياسية تتطلب نشاطًا إيجابيًا لتحديد حقيقة المصالح الوطنية لكلًّ من المجتمع والدولة وإدارة التفاوض بقصد بناء التوافقات حول القواسم المشتركة في بيئة قائمة على التسامح ونبذ التطرف واستخدام العنف، وهي تختلف عن استبداد الأغلبية القائم على فكرة الانتصار على الخصوم وإجبارهم على الخضوع لمآرب ومطالب الأغلبية على حساب المجموع الكلّي للشعب مع ضرورة العمل على احترام التنوع والتعدد داخل المجتمع واحترام حقوق الآخرين وإزالة بؤر التوتّر لخلق أجواء من الوفاق والاتفاق لتحقيق المصالح العامة، ومنع استخدام السلطة ومؤسسات الدولة في الصراع السياسي وإقصاء المعارضين.

وحول عناصر التوافق بين الشراكة السياسية والمصالحة تُعدد الورقة عددًا من هذه العوامل، ومن أبرزها: السعي إلى إشراك كافّة القوى السياسية والأطراف المختلفة في عملية صنع القرار والعمل السياسي. والعمل على الوصول للمصلحة العامة والأهداف المشتركة لجميع الأطراف وقبول التضحية من أجل الأهداف العليا للأمة. وتحقيق التماسك والتوحد لمجابهة الأخطار المشتركة والاستعداد للدفاع عن ثوابت الأمة والوطن. وأهمية وجود جسور وآليات لتجسير الفجوة بين المواقف المختلفة والمتناقضة، واللجوء للوسائل السلمية والديمقراطية لحل الخلافات. وسيادة الروح الجماعية ومحاولة التوفيق بين القيم والانتماءات الفرعية لخلق الثقة المتبادلة. وأهمية وجود مرجعية قانونية واتقاقات معتمدة من قبل جميع الأطراف من أجل ضمان استمرارية الحلول الإيجابية للتقريب بين مواقف الأطراف المعنية ومنع المخاوف والأحكام المسبقة بين مكونات المجتمع والدولة لتسهيل عملية التوافق والانسجام لتحقيق التكامل الوطني والتوحد في ظل النظرة الشاملة باعتبار الكل رابح بدلًا من صيغة الرابح والخاسر في العلاقة بين الأطراف.


أعلى الصفحة

الجلسة الثانية: آفاق المصالحات الوطنية في العالم العربي- دراسة حالات (1)

الورقة الأولى

آفاق المصالحة الوطنية في مصر

د. حسن نافعة- مصر

تتناول هذه الورقة ثلاثة أقسام، أولها جذور وسمات الأزمة السياسية الراهنة في مصر، وثانيها أهم الأفكار التي تضمنتها ما يسمى "مبادرات المصالحة"، وأما آخرها فيستخلص حقيقة الأسباب التي أدّت إلى فشل هذه المبادرات.

فحول جذور وسمات الأزمة السياسية الراهنة في مصر يرى الكاتب أن الأزمة بدأت منذ اللحظة الأولى لاندلاع  ثورة 25 يناير 2011، وتعمّقت مع مساراتها المتعرجة ومراحلها الانتقالية المضطربة، ومن ثم يصعب فهم طبيعة وعمق هذه الأزمة بمعزل عن السياق السياسي الذي أفرزها.

وحول مبادرات المصالحة يصنف الكاتب هذه المبادرات، من حيث التوقيت، في مجموعتين الأولى طُرِحت قبل فض اعتصامي رابعة والنهضة، والثانية طرحت عقب الفض مباشرة أو توالى طرحهه تباعًا على مدى الأعوام الخمس الماضية.

وفي أسباب فشل مبادرات المصالحة يرى الكاتب أن كل المبادرات التي طُرِحت لحلّ الأزمة السياسية في مصر لا تمتلك كل المقوّمات التي تكفل لها النجاح، إما لقصور من جانب من طرحوها في فهم طبيعة الأزمة، أو لعدم توافر الإرادة اللازمة لتجاوز الأزمة لدى أطرافها.

ويخلص الكاتب إلى أن الأزمة السياسية الراهنة في مصر هي نتاج أخطاء ارتكبها الجميع بدون استثناء، بما فيها القوى المدنية التي ترفع شعار الديمقراطية، غير أن المسؤولية الأكبر عن هذه الأخطاء، وإنْ بدرجات متفاوتة، تقع على عاتق كلّ من المؤسسة العسكرية المصرية وجماعة الإخوان المسلمين، بحكم مسؤوليتهما المباشرة عن إدارة شؤون الدولة والمجتمع خلال الفترة التي أعقبت اندلاع الثورة. كما يخلص أن الأزمة التي تواجه مصر حاليًا من الصعب تسويتها إلا إذا تسلّح كلّ طرف من أطرافها الثلاث (وهم التيار الإسلامي والمؤسسة العسكرية والتيار المدني) بما يكفي من الشجاعة لممارسة النقد الذاتي، ومراجعة وتصحيح الأخطاء التي ارتكبت، والالتزام بعدم تكرارها في المستقبل.


أعلى الصفحة

الورقة الثانية

آفاق المصالحة الوطنية في فلسطين (1)

د. رائد نعيرات- فلسطين

تهدف هذه الورقة إلى التعرف على إمكانيات تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية عبر قراءتها من خلال محددين أساسيين: الأول البيئة الإقليمية والدولية المؤثرة في مسار المصالحة الفلسطينية، والمحدد الثاني طبيعة المصالحة الفلسطينية المنشودة. حيث إن هذين المحددين يمتلكان أهمية عند محاولة فهم أسباب تعثر تحقيق المصالحة الفلسطينية حتى يومنا هذا وبعد مرور ما يزيد على عشر سنوات على الانقسام الفلسطيني، وتوقيع أكثر من خمس اتفاقيات مصالحة جميعها لم تستطع أن تحلّ موضوع الانقسام، بل أبرزت إلى السطح إشكاليات جديدة تبدو للبعض أنها جزئيات، ولكنها للطرف الآخر تعتبر أساس فهم الشراكة السياسية.

ويرى الكاتب أن الفهم العام للمصالحة الفلسطينية ينطلق من فهم محدّدات الشراكة السياسية لدى أطراف الصراع الفلسطيني، فحماس تنطلق من أن الشراكة السياسية الكاملة تتحقق من خلال الشراكة القائمة على البرنامج الوطني الموحد، وكذلك على الشراكة في كل مؤسسات النظام السياسي الفلسطيني بدءاً بمنظمة التحرير الفلسطينية وانتهاءً بالسلطة الفلسطينية، أمّا حركة فتح فترى أن حماس تريد الشراكة في النظام السياسي من أجل السيطرة على المنظمة.

ويشير الكاتب إلى أنه ومنذ توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية في القاهرة عام 2011 وحتى يومنا هذا اتخذت المصالحة الفلسطينية مسارًا أوحدًا على صعيد التطبيق وهو السلطة الفلسطينية، بل إن الموضوع أخذ يضيق شيئًا فشيئًا إلى أن وصل إلى معالجة القضايا الجزئية داخل الأراضي في الضفة الغربية وقطاع غزة وهموم إدارة السلطة في كلا المنطقتين، ويرى الكاتب أن هذا المسار زاد من حدّة القناعة لدى الأطراف بعدم إمكانية تحقيق المصالحة، حيث إن تجاوز الاتفاق على الكليات والذهاب إلى الجزئيات جعل أطراف الانقسام تتردد في التقدم نحو الوحدة وتقديم المتطلبات التي تقع على عاتقها، خوفًا من الطرف الآخر، كذلك زاد من حدّة التدخلات الخارجية، وهذا حول كل القضايا إلى قضايا خلافية؛ كالموظفين، والانتخابات، والمشاركة السياسية، وغيرها.

وتخلُص الورقة إلى مجموعة من الاستنتاجات أبرزها:

أولًا: إن دراسة طبيعة التغيرات التي طرأت على قوة ونفوذ مراكز القوة لدى طرفي الانقسام في السنوات الأخيرة تقود إلى أن هناك حجم من التغيرات غير المتكافأه تجاه إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية في القريب، فحماس تشعر أنّ  ما حققته في قطاع غزة ليس من السهل التنازل عنه، وفي الوقت نفسه فإن السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ونتيجة لما تتعرض له من ضغوط داخلية وتراجع في نفوذها، وكذلك ضعف خارجي ليس من السهل عليها أنْ تذهب في الوحدة مع حماس، لأن ذلك سيضاعف من حجم التحديات التي تواجهها السلطة، منطقيًا تزيد الوحدة من قوّة الطرفين، ولكن واقعيًا طالما أنّ السلطة الفلسطينية لم تغادر استراتيجية المفاوضات، فالوحدة الوطنية تعتبر عبأً عليها.

ثانيًا: إن حجم التغيير الذي شهده الإقليم غير كافٍ لحسم ميزان القوة  لصالح أيّ من الطرفين، فمع أنّ السلطة الفلسطينية خسرت في السنوات الأخيرة من شبكة علاقاتها وتحالفاتها الإقليمية، إلاّ أنّ مكاسب حماس لم تكن أكثر من تحسّن في مستوى العلاقات الإقليمية وبالذات مع مصر، علاوةً على ذلك فإنّ السياسة العامة في الإقليم ما زالت أضعف من أن تكون ضد السياسات الدولية تجاه القضية الفلسطينية.

ثالثًا: إن التغيّر الذي شهدته السياسة الدولية ممثلًا بالإدارة الأمريكية قد أضعف من مشروع السلطة الوطنية الفلسطينية السياسي، ولكنه في الوقت نفسه يستهدف حماس بأن يجعلها جزءًا من المشروع السياسي القائم على الحلول الإنسانية، وبالتالي نجد أن منطوق السياسة الأمريكية الحالية يهدف إلى تحقيق سياسة الاحتواء المزدوج لطرفي الانقسام، من خلال إدامة عمر الانقسام ، والتحكم في قدرة الطرفين على التغيير.

رابعًا: إن عدم تحقق المصالحة الفلسطينية على الجزئيات للانتقال إلى الكليات، أصبح يعيق تحقيق الوحدة الوطنية، فالوحدة الوطنية الشامله تعني إشراك الكلّ الفلسطيني في المصالحة، وتقوية المؤسسات في مواجهة التحديات والأخطار.


أعلى الصفحة

الورقة الثالثة

آفاق المصالحة الوطنية في فلسطين (2)

 د. مخيمر أبو سعدة- فلسطين

تتناول هذه الورقة المصالحة الفلسطينية، والتي يرى الباحث  انها بعيدة المنال، فعلى الرغم من مرور أكثر من عشرة أعوام على الانقسام السياسي الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، وتوقيع العديد من اتفاقيات المصالحة بدءًا من اتفاق مكة في شباط/ فبراير 2007 وانتهاء باتفاق القاهرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2017، إلا أن المصالحة الفلسطينية لم تتم. ويزو الباحث ذلك لعدة أسباب، منها: الخلاف الأيديلوجي بين حركتي فتح وحماس، فحركة فتح حركة وطنية علمانية، بينما حركة حماس حركة إسلامية، وحركة فتح تتبنى المفاوضات السياسية والمقاومة الشعبية السلمية والأدوات القانونية والدبلوماسية للوصول إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، بينما حركة حماس توظف المقاومة المسلحة وكل الأدوات الأخرى، ولا تؤمن بأن المفاوضات السلمية يمكن أن تحقق الأهداف الوطنية الفلسطينية، ولا تزال كل منهما تتمسك بخياراتها النضالية دون احترام لخيارات الطرف الآخر. إلى جانب توظيف كل من حركتي فتح وحماس للظروف الإقليمية والدولية لإحراز نقاط ضد لأخرى، فكل طرف يحاول توظيف التغيرات الإقليمية إلى  جانب الاستقواء ببعض الأطراف الإقليمية يعضمها، وتتقدم وتتراجع حوارات المصالحة وفقًا لهذه الظروف الإقليمية والدولية. وأخيرًا، ترى الورقة أنّ كلا الحركتين تنظران إلى المصالحة من منظور مصالحها.

وتخلُص الورقة إلى أنه لا بد من مراجعة وفهم أسباب الانقسام حتى يتسنى لنا إحراز تقدم واختراق في حوارات المصالحة الفلسطينية وبدون ذلك سوف تستمر حركتا فتح وحماس في إدارة الانقسام كبديل عن إيجاد الحلول العملية والواقعية لإنهاءه وتحقيق المصالحة الوطنية.


أعلى الصفحة

مداخلة رئيسية

آفاق المصالحة الوطنية في فلسطين

أ. عاطف الجولاني- الأردن

يناقش الباحث في مداخلته الشروخ الاجتماعية والنفسية العميقة التي تسبب بها الانقسام، إضافة إلى التأثير سلبًا بمكانة القضية الفلسطينية إقليميًا ودوليًا، وتوفير مبرر لتراجع دعم الشعب الفلسطيني، واستنزف الجهد الوطني بمواجهات داخلية أشغلته عن مواجهة مخططات الاحتلال وإجراءاته التي استهدفت القضية الفلسطينية، كمشروع صفقة القرن وقانون قومية الدولة ومحاولة شطب وكالة الأونروا لتشغيل اللاجئين.

وعلى صعيد المعوقات التي تعترض طريق المصالحة يؤكد الباحث على أن غياب الثقة وضعف الجدية لدى الأطراف الرئيسة لحالة الانقسام تشكّل العائق الأبرز، كما تلعب المعارضة الإسرائيلية والأمريكية لجهود المصالحة دورًا مؤثرًا في إفشال جهود إنهاء الانقسام الفلسطيني، وشكل غياب الدور الرسمي العربي الفاعل وضعف دور القوى والفصائل والنخب الفلسطينية عاملًا معوّقًا إضافيًا.

ويرى الكاتب أن جهود تحقيق المصالحة تراوح بين ثلاثة سيناريوهات على النحو التالي:

·        سيناريو استمرار الأزمة وإدامة حالة الانقسام السياسي بين السلطة وحماس والانقسام الجغرافي بين الضفة وقطاع غزة، ما يعني استمرار التداعيات الخطيرة القائمة حاليا على القضية الفلسطينية وعلى أوضاع الشعب الفلسطيني.

·        سيناريو فشل المصالحة وترسيم التقسيم المؤقت وتحويله إلى انفصال دائم طويل الأمد بحكم الأمر الواقع، قد يتم ترسيمه قانونيًا وسياسيًا.

·        سيناريو نجاح المصالحة وتجاوز الانقسام، والوصول إلى اتفاق سياسي بين الأطراف المتنازعة حول القضايا الخلافية، ما يؤدي إلى طيّ صفحة الانقسام وتحقيق التوافق الداخلي، وفتح المجال لبناء المشروع الوطني، وإعادة ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي، وتعزيز قدرة الفلسطينيين على مواجهة مخططات الاحتلال، والإسهام في تحقيق الاستقرار والخروج من حالة الفوضى في الإقليم.

وبقراءة المعطيات الراهنة فيما يتعلق بالعوامل المؤثرة في سيناريوهات مستقبل أزمة الانقسام، تخلص الورقة إلى أنها تقلل من فرص اندفاع الأمور في الساحة الفلسطينية نحو سيناريو الانفصال وتكريس التقسيم السياسي والجغرافي بين الضفة والقطاع، وتشير إلى أن هناك متغيرات مهمة تحسّن من فرص تحقيق المصالحة، أهمها: التغيّرات الإيجابية التي طرأت على الموقف المصري باتجاه التوازن والرغبة بتحقيق المصالحة وتجاوز الأزمة مع حماس، وتطوّر موقف العديد من الفصائل الفلسطينية باتجاه الرغبة بالخروج من حالة السلبية ولعب دور مؤثر في إنجاز المصالحة، والمتغير المهم الثالث يتمثل في مسيرات العودة التي دفعت الجانبين الإسرائيلي والأمريكي لإعادة النظر في موقفهما من الوضع في قطاع غزة.

غير أن سيناريو جمود الوضع الراهن يظل قائمًا، الأمر الذي يدعو لضرورة بذل جهود أكبر لتشجيع أطراف الانقسام على إنهائه وطي صفحته ووضع حدّ لتداعياته الخطيرة على القضية الفلسطينية وعلى الوضع العربي. ويقترح الكاتب في نهاية المداخلة عدد من المقترحات التي تخدم تحقيق المصالحة وهي:

·        بلورة موقف رسمي عربي موحّد يؤكد على ضرورة تحقيق الوحدة الفلسطينية، ويدعم الجهود المصرية لتحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، ودراسة إمكانية طرح مبادرة تطرح التصور العربي للخروج من الأزمة.

·        تفعيل دور الهيئات الشعبية والنخب السياسية الفلسطينية والعربية لبذل أقصى جهد متاح للدفع باتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية التي يمكن أن تشكّل مدخلًا مهمًا لإنجاز مصالحات عربية أخرى.

·        الدعوة لممارسة ضغط فلسطيني شعبي لتحقيق المصالحة، وتفعيل دور القوى والفصائل الفلسطينية في مواجهة الانقسام، والتأكيد على أهمية تمسكها بمبادرتها التي أعلنتها لتحقيق المصالحة.


أعلى الصفحة

الجلسة الثالثة: آفاق المصالحات الوطنية في العالم العربي- دراسة حالات (2)

الورقة الأولى

المصالحة الوطنية في سورية
ثلاثية "المأمول والتطويع والتوظيف"
د. عمّار قحف- سوريا

 تقدّمُ الورقة توصيفًا لواقع المصالحة الوطنية في سوريّة، وسياقها الإقليمي والدولي، وتتناول آفاقها المستقبلية، كما تطرح تصوّرًا لتقاسم الصلاحيات، وإعادة التوازن بين المركز والوحدات المحلية.

تعتبر هذه الورقة: "المصالحة الوطنية" الشاملة، هدفًا وطنيًا يدعم الاستقرار المحلي، والفاعليّة الخارجية، ودافعًا رئيسًا تجاه عمليات بناءٍ وإعمار شاملة. وتشير إلى أنّ سياقات المشهد السياسي والأمني والعسكري والاقتصادي، جعلت مفهوم المصالحة مرتبطًا ببيئة سياسية، تتّسم بالقلق النسبي، بحكم تضارب المحدّدات الناظمة لها، وعدم إنجاز المخرج السياسي للحل الشامل.

ويشير الباحث فيها إلى أنّه للوصول إلى مصالحة شاملة، لا بُدّ من استقراء المستندات العربية والدولية المؤثرة في العملية السياسية، وتصوّراتها تجاه المصالحة، وتحليل فرص تحقيقها للاستقرار في سورية. بالإضافة إلى الأخذ بعين الاعتبار أن للفاعل الروسي الذي دخل ميدانيًا في عام 2015، تصوّراته ورؤاه التي يفرضها على الأرض، وبات مُتسيّدًا للمشهد السوري لدرجة كبيرة.

كما يشير الباحث إلى أن التعثّر في إنشاء بيئات آمنة، لصالح حلول صفريّة تُعيد المشهد إلى ما قبل آذار/ مارس 2011، سيُساهم في إعادة تأجيج أسباب الرفض المجتمعيّ؛ ممّا يجعل ديناميّات الاستقرار في سورية مُعطّلة وإن بدت مؤشرات هدوء وتسكين. فتجاوز الاستحقاقات السياسية في سورية وفق رؤية النظام وحلفائه، هو قفز على مسبّبات الصراع؛ ولذلك ينبغي على كافة الأطراف المؤثرة في سورية، الدّفع باتّجاه أُطرٍ وسياسات داعمة لمناخات المصالحة الحقيقية، وما تُمليه من استحقاقات. ويقصدُ بها هنا: الأطراف الإقليمية بحُكم تداخل أمنها القوميّ مع الأمن المحليّ، والأطراف الدولية التي ترتجي حلًا شاملًا يؤسّس لنظام أمنٍ إقليميّ متماسك.

ويخلُص الباحث إلى أنّ الحلّ يبدأ في تمكين أدوات ومرتكزات الحكم المحلي دستوريًا وقانونيًا؛ لخلقِ الأرضيّة اللّازمة للمصالحة الشاملة. وضمان الدول المتواجدة على الأرض السورية، كفيلٌ إلى درجة كبيرة بالدّفع نحو مرحلة بناء السلام واستدامته. كما يتوقّع الباحث أنّ تركيز خطة التفاوض نحو تثبيت وتمكين المجالس المحلية، سيسمح بتثبيت مناطق خفض التصعيد كإطار حكمٍ مدنيّ برعاية دوليّة، لا باعتبارها مناطق عسكريّة وحسب، بل يمكن أن تكون نموذجًا لبداية الحل في إعادة بناء مؤسسات الدولة. ثمّ بناء تفاهمات عابرة لهذه المناطق تمهيدًا لإعادة الدمج ضمن تفاهمٍ لتقاسم السلطات، وليس فقط عبر تطعيم الحكومة المركزية كما يجري الحديث عنه في المسار الحالي.


مداخلة رئيسية (1)

آفاق المصالحة الوطنية في سوريا

أ. علي الأحمد- سوريا

تناقش هذه الورقة آفاق المصالحة في سوريا، وتنبع أهميتها من ربط الكاتب لفكرة المصالحة بالمنافع الاقتصادية وكيفية توظيفها في تحقيق السلم والتعاون المجتمعي.

        وينتقد الكاتب التقسيمات الإدارية الموجودة في سورية وهي موزعة على (14) محافظة، يرى الكاتب ان هذا التوزيع يتعارض مع كثير من المساحات (الفضاءات أو المدن)، البيئة المتكاملة،

ويرى الكاتب ان على الدولة إعادة النظر في التقسيمات الإدارية وفق صيغة تخلق نوع من التكامل في أنواع الإنتاج من زراعة وصناعة وتخزين وسياحة بيئية، إضافة إلى التعليم المناسب دون أن يؤثر على الواقع السيادي للبلد ولا يتضارب مع شكل التوزع الإداري.

ثم يتطرق الكاتب إلى تجربة المدن الصناعية بكل ما لها وما عليها، والتي تعد منطقة لا مركزية إدارياً اقتصادياً وناجحة، ذلك على الرغم من هذه المدن بعيدة عن النشاط الثقافي والاجتماعي إلا أنها وبسبب نقل الصلاحيات والابتعاد عن بيروقراطية الإدارة، قفزت بشكل واضح، هنا إذا طورنا الـ(107) وسحبنا صلاحياته على فضاءات أو مدن اقتصادية متكاملة، وتحويل هذه الصلاحيات إلى عقد شراكة حقوقي بين المجتمع الأهلي ورأس مال الدولة، ورأس المال المهتم، فإن لهذا الأمر نتائج مضاعفة لتجربة المدن الصناعية، ذلك كون الواقع الاجتماعي والثقافي المتأصل عبر مئات السنين، والذي يستثمر بشكل سلبي جداً كعناصر صراع، يمكن تحويلها إلى قيم مضافة شديدة الإيجابية في حال أحسنّا إخراج هذه الشراكات، وتمكنا من الترجمة الحقوقية الاجتماعية والفردية لهكذا طرح.

ويرى الكاتب في ختام الورقة أن إيجاد (57) منطقة صناعية تتمتع باللامركزية الإدارية من الممكن ليس فقط أن تخلق نفعية لتسريع المصالحات، بل أيضاً أن تزيد عدد المنصات والروافع التي ستسرع جداً في عمليات إعادة الإعمار، ليس فقط كسكن، وإنما بخلق بيئة متكاملة من حيث تكامل مكان السكن مع الاستقرار التعليمي والإنتاجي، وهذا يؤمن عملياً فرصة إعادة استقطاب رؤوس المال المهاجرة مع الأفراد والعائلات التي أيضاً هاجرت من هذا الفضاء، ويعجل في عملية إعادة الإعمار المتوازن في كافة المناطق المذكورة بسبب التعدد الكبير لهذه المنصات دون أن تكون هذه المسألة على حساب أحد دون الآخر، بل بشراكة حقوقية واضحة بين المجتمع المحلي، رأس المال، مؤسسات الدولة، وقد يكون الشركات الراغبة.


مداخلة رئيسية (2)

آفاق المصالحة الوطنية في سوريا

د. فايز الدويري- الأردن

تتناول هذه الورقة التجربة السورية في ما يطلق عليه "المصالحات" التي أفضت إلى إخلاء مناطق ومدن معينة في سوريا، وخروج مسلحين منها إلى مناطق أخرى داخل البلاد أو خارجها، وذلك انطلاقًا من مفهوم "المصالحة الوطنية"، وأنماط المصالحات الوطنية التي عُرفت في مختلف الدول وآلياتها، توضح الورقة الإشكاليات الأساسية في تجربة "المصالحات" السورية حتى اليوم، وهي: رؤية النظام المتعالية تحت شعار "الدولة لا تصالح"، وافتقاد المصالحات لإطار واضح، وانحيازها للسلطة الحاكمة.

ويعرِّف الباحث "المصالحات السورية" بأنّها عمليّات تفاوضية واتفاقات إخلاء محليّة تتم في مناطق معينة بين ممثّلين عن كلٍّ من النظام والمجتمعات المحلية، وبوصفها انعكاسًا لحجم الكارثة التي عاشتها عاشتها بلدات وقرى في محافظات حمص وحماة وحلب ودمشق وريفها ودرعا واللاذقية.

وتعرض الورقة للمخاطر المترتبة على هذا النوع من المصالحات؛ ومنها: تحوّلها إلى نموذج مقبول للحلّ في سورية، وإحداث تغير ديموغرافي مقصود، وإضعاف الموقف التفاوضي للمعارضة وتكريس حكم الأسد، وتجنيد الشباب في جيش النظام.

ويخلص الكاتب إلى أن ما يجري في سوريا حاليًا لا يمكن اعتباره مصالحة وفق ما هو متعارف عليه في التجارب العالمية المماثلة عبر التاريخ، وأنها تقوم على قاعدة رفع القصف والتنكيل عن المناطق التي تجري المصالحة مقابل إعادة خضوعها لسلطته، ويرى الكاتب أنه بالنظر لتجارب حوالي ثلاثين دولة على مستوى العالم اعتمدت أسلوب المصالحات كخطوة على طريق الخروج من أزماتها، يتبين أن العملية أعقد بكثير مما يتم التعاطي معها في سورية، وذلك لتضمنها طيفًا واسعًا من الإجراءات القانونية والسياسية تتحوّل معها إلى عملية استراتيجية وليست مجرد تكتيكات آنية، أو يُتعامل معها بوصفها عملية تجري بين غالب ومغلوب.

كما يخلص الباحث إلى أنّ أيّ مصالحة لا تنطوي على الاعتراف بحق الضحايا وردّ الاعتبار لهم وضمان عدم تكرار الفواجع بحقهم، وما لم تتضمن إحالة واضحة للمسؤليات، وما لم تكن ضمن سياق استراتيجي يهدف إلى الانتقال إلى مرحلة مختلفة، هي مجرد عمليات خداع للنفس لن يكون لها شرعية كما أنها لن تدوم طويلًا، ولن تشكل مدخلًا للاستقرار والسلم الأهلي.


أعلى الصفحة

الورقة الثانية

آفاق المصالحة الوطنية في العراق (1)

د. عبد السلام بغدادي- العراق

تتناول هذه الورقة الحالة العراقية القائمة وتوصيفها. ويشير الباحث إلى أن العراق قد عانى من أزمات عديدة على صعيد الاندماج أو الوحدة الوطنية، منذ تأسيسه عام 1921، وحتى الآن.

ويؤكد الكاتب على أن هذه الأزمات لم تصل إلى حد الصراع والاقتتال قبل عام 2003، إلا في حالات محدودة، تمثلت أما بالصراع على السلطة (حركة مايس 1941) وانقلاب 14 تموز/ يوليو 1958، والأحداث المتعلقه باستلام وتسليم السلطة عام 1979، وكذلك الأمر بالنسبة للصراع بين الحكومات المتعاقبة والحركات الكردية المسلحة. ثم تنتقل الورقة للحديث عن مرحلة احتلال القوات الأمريكية للعراق عام 2003 وتحوّل الوضع فيه إلى ما يشبه الحرب الأهلية، لا سيما خلال السنوات 2006-2008. ثم يتطرق الكاتب في الورقة إلى السنوات 2014-2017 التي شهدت احتلال تنظيم داعش لمحافظات ومدن كثيرة في شمال وغرب العراق. وأدت المواجهة مع هذا التنظيم إلى تدمير مدن كاملة لا سيما الموصل ثاني أكبر مدينة في العراق.

وخلصت الورقة إلى أن الأحداث التي مرَّ بها العراق أدت إلى تخريب النسيج الاجتماعي وتعظيم حالات الاحتقان الطائفي والعنصري بين شرائح المجتمع المختلفة، وعليه فإن تحقيق المصالحة في البلاد يتطلب حلولاً بنيوية، وليس معالجات آنية أو ترقيعية. وهنا تقع المسؤلية -حسب الباحث- على عاتق المؤسسة السياسية الرسمية لإيجاد مخرج لهذا الاحتقان وإنهاء معاناة المجتمع. ومع ذلك فإن المواطن مطالب هو الآخر بالعمل على رص الصف والاندماج مع زميله الآخر، المختلف عنه في الدين أو المذهب أو القومية، وأن المصالحة تتطلّب إصلاحات شاملة على صعيد إعادة بناء المؤسسات الحكومية بما يضمن إعادة كتابة الدستور بما يتلائم وبناء دولة مدنية ديمقراطية يتساوى فيها الجميع، إصافة إلى إيجاد حل ناجع لآفة الفساد المالي في مؤسسات الدولة، والشروع في بناء المدن المدمرة وإعادة اللاجئين والنازحين إلى ديارهم، وقبل كلّ ذلك الاتفاق على عقد اجتماعي سياسي جديد يؤسس لتسوية تاريخية تضمن تعايش العراقيين دون خوف من الماضي، أو قلق من المستقبل.


أعلى الصفحة

الورقة الثالثة

آفاق المصالحة الوطنية في العراق (2)

د. سعد ناجي جواد- العراق

تقدّمُ الورقة توصيفًا لواقع محاولات المصالحة الوطنية في العراق ومتطلّباتها، وسياقها الإقليميّ والدوليّ، وآفاقها المستقبلية، وثمّ أهمّ السبل والاستراتيجيّات الفاعلة لضمان نجاحها.

وفي هذا السياق تركّز الورقة على مرحلة الاحتلال الأمريكي للعراق وتبعاته، حيث تشير إلى أن الاحتلال مثّل كارثةً إقليمية ودولية بكل المقاييس والأعراف، وبدا واضحًا وجود هدفٍ أمريكيّ- إسرائيليّ يتمثّل بإنهاء وجود العراق كدولةٍ وكيان. ثمّ تنتقل الورقة إلى عرض محاولات المصالحة الوطنية في العراق، ومتطلبات تحقيقها، حيث يشير الباحث إلى أنّ أول من بدأ الحديث عن "مصالحةٍ وطنيّة" بعد فوضى الاحتلال وكوارثه، كانت أطرافًا خارجيّة. وعلى هذا الأساس تمّ عقد مؤتمراتٍ لهذه المصالحة في القاهرة برعاية الجامعة العربية، وفي تركيا وقطر الأردن والسعودية والكويت والإمارات. ويؤكد الباحث أن المقصود من كلّ هذه النشاطات والتحركات هو المصالحة بين الأحزاب السياسية المشاركة في العملية السياسية من جهة، والأطراف والأحزاب التي استُبعدت عن المشاركة في العملية من جهة أخرى، وليس المصالحة المجتمعية ورأب الصّدع. ومع ذلك؛ فلم تحقّق هذه الدّعوات المطلوب منها.

ويخلصُ الباحث إلى عددٍ من النّقاط التي تجعل المصالحة الوطنية صادقةً حقيقيّة، أهمّها: أن تبدي الحكومة رغبة جادةً للعمل على ترتيب مصالحة عامة وشاملة، ولا تستثني أحدًا منها. وأن تتبنّى هذه الفكرة جهات مجتمعية فاعلة ومؤثرة، ومؤمنة بضرورتها، وألّا يُسمح للأحزاب المشاركة في العملية السياسية بالمشاركة في هذه العملية، إلا بعد تطهير نفسها من كلّ ما لصق بها من توجّهات وشخصيّات تحرّض على الطائفيّة والعرقيّة. وأن يتم شرح وتعريف معنى المصالحة، وما المُراد منها. وأن تُشركَ منظّمات المجتمع المدنيّ والمنظّمات الدوليّة العاملة في العراق بهذهِ العمليّة.

كما يخلصُ الباحث إلى أنّ السُبل والاستراتيجيّات الفاعلة في ضمان نجاح تحقيق المصالحة الوطنية، تكمُن في عددٍ من الخطوات:

·        تعديل الدستور العراقي الحالي، وتنقيته من كلّ المواد والعبارات التي تتضمّن إشارات طائفية أو تحريضية، أو تحابي فئة على أخرى، وكلّ ما يمكنه أن يُسهّل عملية تفتيت العراق.

·        حصر السلاح بيدِ الدولة "الشرطة والجيش"، وإنهاء وجود الميليشيات المسلّحة التابعة للأحزاب السياسية الطائفيّة والعرقيّة، والتي تتحكّم بها جهات خارجيّة.

·        العمل على إغلاق كل المحطّات الفضائية ذات الصّبغة الطائفية والعنصريّة، وكذلك الصّحف والإذاعات المحليّة والخارجيّة التي تبثّ سموم التّفرقة والتباعد والشحن الطائفيّ والعرقيّ بين أبناء العراق.

·        تفعيل القوانين التي تحارب كلّ ظواهر التفرقة الطائفية والعنصرية والمذهبية، وأن تفرض الدولة أقصى العقوبات على كل من يثبتُ ضدّه أنه قام بعملٍ أو أدلى بتصريحٍ أو كتب مادّةً تثير النّعرات الطائفيّة والعنصرية والدينيّة والعرقيّة.

·        تكثيف المشاركة الشعبية في حملات مكافحة كلّ ما يؤدّي إلى شقّ الصفّ الوطنيّ، وتقع المسؤوليّة الأكبر والحقيقيّة في هذه الخطوة على الشّعب العراقي، وخاصّةً منظّماته المهنيّة "النّقابات"، وجمعيّاته الثقافية، وجامعاته ونواديه الاجتماعيّة.

·        وضع الخطط التنمويّة التي تضمن إقامة المشاريع التي توفر الخدمات للعراقيين، وتوفّر العمل للأعداد الهائلة من العاطلين عنه.

·        إبعاد النظام التعليميّ عن التأثيرات الطائفية أو القوميّة، وإعادة النظر فيهِ وفي المناهج.


مداخلة رئيسية

آفاق المصالحة الوطنية في العراق

د. صباح ياسين- العراق

تتناول المداخلة مقدمة حول مفهوم المصالحة ودلالاته ومتعلقاتة وأبعادها الاجتماعية والسياسية والقانونية، بالإضافة إلى محورين، أولهما حول خصوصية العراق، وثانيهما حول ثقافة المصالحة.

ففي المحور الأول من المداخلة بعنوان خصوصية العراق يتحدّث الكاتب عن حالة العراق اليوم والدعوات إلى إنجاز مشروع وطني للمصالحة بين القوى السياسية والمجتمعية، وللخروج من هذه الحالة، وفي المحور الثاني حول ثقافة المصالحة يرى الكاتب أنها تأخذ في العراق بُعدًا وطنيًا وأخلاقيًا في ذات الوقت، إذ هي في جوهرها تتشكّل من معطى المواطنة والمسؤولية في التعبير عن العيش المشترك.

ويلفت الباحث النطر إلى أن الحديث عن المصالحة المجتمعية في العراق يُفسّر من قبل القوى المهيمنة على السلطة باعتباره محاولة لانتزاع السلطة وتقويض هيمنة القوى الطائفية على الحكم، وأنّ هذه المطالبة سوف تقوّض العملية السياسية القائمة.

ثمّ يخلص الكاتب إلى أن الحديث عن إعادة بناء مبادىء وطنية عادلة لمصالحة مجتمعية شاملة تسهم في إعادة ترميم النسيج الاجتماعي ومساندة جهود البناء والإعمار، مؤكدًا على أن المصالحة تحتاج إلى الشجاعة والإرادة الواعية لكلّ القوى السياسية والاجتماعية في ظلّ الظروف البالغة التعقيد في العراق ومشاكل تدنّي الخدمات الصحية والبيئية والماء الصالح للشرب والكهرباء، وارتفاع نسبة البطالة وانتشار الفساد والرشوة وضعف أداء المؤسسات التربوية، وهيمنة القوى المسلحة التابعة للأحزاب الدينية المشاركة بالسلطة (المليشيات المسلحة) على الشارع.


أعلى الصفحة

الجلسة الرابعة: آفاق المصالحات القومية في العالم العربي

 الورقة الأولى

آفاق المصالحة بين التيارات والقوى السياسية العربية
(القومية- الإسلامية- اليسارية- الوطنية)

أ‌. محمد البشير- الأردن

توزعت الورقة على ثلاث محاور، أولها بعنوان الثوابت المشتركة، بينما تناول الثاني الربيع العربي وآفاق المصالحة، وركز الأخير على تجارب عربية في المصالحة.

تركّز الورقة على الثوابت المشتركة بين التيارات السياسية، والتي من شانها أنْ تشكّل قواسم مشتركة بين جميع التيارات السياسية العربية، القومية والإسلامية واليسارية والوطنية، وهي: وحدة الأمة، والانتماء للأمة العربية، والسيادة والاستقلال، والعدوّ الواحد، والمقاومة كنهج. كما تتناول مرحلة الربيع العربي ومجرياتها وتأثيرها على تأجيج الخلاف بين التيارات السياسية العربية، وكيف أثّر تحوّل بعض الحركات السلمية العربية إلى حرب أهلية دامية في تفاقم الخلافات في الساحة العربية على خلفيات فكرية ومذهبية وطائفية فضلًا عن السياسية.

ويؤكد الكاتب في نهاية الورقة إلى أنّ القوى السياسية العربية جميعًا تدعو إلى الاعتراف بالآخر، وعندما تسأل من هو الآخر فإنك تجد إجابات متعدّدة، لا تعكس حقيقة إيمان هذه القوى المشاركة في صياغة البرامج أو القرارات التنفيذية المتعلّقة بها بأنّها فعلًا تعترف بالآخر، وأنّ مصالحة حقيقية تشمل قواعد هذه القوى من خلال مراجعة جريئة للممارسة التاريخية الصائبة أو الخاطئة لها قد يساهم في تحقيق مصالحات تجعل من مواجهة أعداء الأمة حقيقة قائمة وقادرة على تغيير قواعد اللعبة التي تدفع امّتنا ثمنًا باهظًا لغيابها.

يخلص الكاتب إلى عدد من التوصيات التي قد تسهم من وجهة نظرة في إيجاد حالة تصالحية عربية ومنها: الاعتراف من قبل الأحزاب والنقابات والجمعيات كأدوات للقوى الإسلامية والقومية واليسارية والوطنية أن الحقيقة ملكًا للجميع ودعوتها لتحمل المسؤولية الوطنية، وانتهاج الوسائل الديمقراطية في أدبيات القوى السياسية العربية، ودعم المبادرات الفردية واستيعابها بما يخدم وحدة الأدوات السياسية المختلفة، وخلق شراكة سياسيّة قادرة على رفع معنويات أبناء أمّتنا واستقطابهم للانخراط في العمل المنظم من جهة، وفي دعم ترشيحهم وانتخابهم في الانتخابات البرلمانية أو المهنية أو غيرها كمدخل هام لأحداث إصلاحات سياسيّة على صعيد السّلطة التشريعيّة والسياسيّة من جهة أخرى.


أعلى الصفحة

الورقة الثانية

أزمة المحاور العربية وآفاق المصالحة بينها

د. علي محافظة- الأردن

تتناول هذه الورقة الظروف السياسية العربية منذ عام 1990 وكيف ساهمت هذه الظروف في انهيار حالة التضامن العربي، وما ترتب عليها من تبلور حالة الانقسام العربي إلى محورين ضعيفين وتابعين تحت مسمّيي "الاعتدال" و"المقاومة والممانعة".

ويعرَّج الكاتب على انتفاضات الربيع العربي وماترتب عليها من ثورات مضادّة وتحوّل بعضها إلى صراعات مسلحة حفّزت الدول الكبرى على التدخل المباشر في البلاد العربية والعودة بجيوشها تحت ذريعة محاربة الارهاب. ثم ينطلق الكاتب للحديث عن الصراع بين المحورين وعلاقات وارتباطات كل محور.

وفي نهاية الورقة يطرح الكاتب ثلاث سيناريوهات لمستقبل هذين المحورين، أولها استمرار المشهد الراهن خلال العقد الزمني القادم 2018- 2028، والثاني نقيض المشهد الأول. فقد ينجح محور الممانعة بمساعدة روسيا وإيران بتحقيق أهدافه، أمّا الثالث فيختلف عن المشهدين السابقين، إذ قد تتفق الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا على تسوية معقولة في سورية تُفضي إلى سحب القوات الأجنبية منها بما في ذلك القوات الروسية والأمريكية والتركية والإيرانية والقوى الإسلامية المسلحة، وتجري انتخابات نيابية ورئاسية حرة وتحت إشراف دولي في سورية.

ويخلص الكاتب إلى أن تحقيق السيناريو الثالث يقتضي عددًا من المتطلبات، وأهمّها:

·        تفاهم روسي- أمريكي واتفاق على حلّ الأزمة السورية.

·        قيام تحرك شعبي عام مماثل للانتفاضات الشعبية التي انطلقت سنة 2011 يسعى إلى تغيير الواقع الحالي، ويطالب بالمشاركة الشعبية في الحكم، وإصلاح الاقتصاد الوطني، والتصدي للبطالة والفقر، وتدني مستوى التعليم في الوطن العربي في مراحله المختلفة.

·        تغيير في مواقف الأطراف العربية الرئيسية من الأزمة العربية الراهنة، وخصوصًا الدول العربية المؤثّرة.

·        التوصل إلى مصالحة شيعية- سنية حقيقية تعيد للعراق وحدته الوطنية، وتحرره من التدخل الإيراني والأمريكي في شؤونه الداخلية.

·  عودة سورية ومصر إلى الساحة العربية ودورهما في إحياء التضامن العربي على الصعيدين الإقليمي والدولي، ودعم القضية الفلسطينية، ومساندة الشعب الفلسطيني في نضاله من أجل التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.


أعلى الصفحة

الورقة الثالثة

الأزمة الخليجية: آفاق المصالحة

د. قاصد محمود- الأردن

تناول الباحث في ورقته الأزمة الخليجية الحالية التي اعتبرها الأخطر في تاريخ مجلس التعاون الخليجي والتي قد تؤدي إلى نهاية هذه التجربة العربية وغياب أفق التعاون والتنسيق العربي الذي يفترض منه بلورة سياسات توحد الموقف وتؤسس لفكر العمل العربي المشترك.

وأكد الباحث بأن الأزمة تركت آثاراً اجتماعية واقتصادية وأمنية سلبية، كون الخلاف السياسي انعكس على مجمل السياسات، فكانت المقاطعة ثم الحصار ووقف الاستثمارات ومنع التواصل الاجتماعي وزيادة حدّة الشقاق والعداء وإشعال الحرب الإعلامية التي حوّلت المنطقة إلى ما يشبه ساحة مواجهة وعداء ومقدّمات لحرب يخشى الجميع حدوثها.

وبينت الورقة بأنّ دول الحصار وضعت شروطاً للمصالحة واعتبرت تنفيذها بالكامل بداية لانتهاء الأزمة، إلاّ أن دولة قطر لم تقبل بتلك الشروط التي اعتبرتها اعتداء على سيادتها، وطرحت خيار الحوار والإجراءات المقابلة وعدم المساس بالسيادة والأوضاع الداخلية كآلية للحلّ وبوابة للخروج من مربع التأزيم إلى آفاق الحل، ويمكن لأيّ جهد آخر أن يعزّز هذه المبادرة.

كما اعتبرت الورقة مجلس التعاون الخليجي الأكثر ملاءمة وقدرة على حلحلة الأزمة، وتبقى مبادرة أمير الكويت القائمة على مبادئ هذا المجلس المبادرة الوحيدة المطروحة حتى الآن لحل الأزمة.

وخلص الباحث إلى أن استمرار الأزمة وعدم حلّها سيبقي السيناريوهات المستقبلية مفتوحة على كافة الاحتمالات، وقد تشهد تطورات خطيرة تهدد الأمن العربي والإقليمي وتخدم مصالح دول الإقليم الرئيسية صاحبة المشاريع المعلنة والتي تأتي على حساب المصالح العربية مما بينها الخليجية.

وأوصت الورقة بأنه ينبغي على النظام العربي إدراك حركة الأحداث التي تعتبره مسرحاً لتقاسم النفوذ والمكاسب، وأن يتم أولاً استعادة الحضور العربي لحلّ جميع المشاكل والأزمات العربية البينية، تمهيداً لتطوير مشروع عربي متكامل يخدم مصالح وأهداف الشعوب العربية في التكافل والتعاون وربما الاتحاد.


أعلى الصفحة

الجلسة الخامسة: رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات

 الورقة الأولى

رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (1)

د. مصطفى عثمان- السودان

تسلط الورقة الضوء بداية على الانقسامات السياسية والاجتماعية التي تشهدها المنطقة العربية في صورتها العامة، مشيرةً إلى أن الأمر تجاوز مجرد الانقسام السياسي والاختلاف في وجهات النظر إلى شكل لا يقتصر فقط على العلاقات "بين الدولية"، بل تعدّاه إلى ألوان وأشكال من الانقسام داخل الدولة الواحدة والمجتمع الواحد.

ثمّ تشير الورقة إلى معوقات كثيرة تحول دون تحقيق المصالحات، أهمها انعدام الإرادة، والرغبة في التفرد بالرأي، والانتصار للنفس على المستويين السياسي والاجتماعي. وما نتج عن ذلك من ضعف في الإيمان وسط الشعوب وبعض الساسة بالمؤسسات والروابط الإقليمية، بما فيها مؤسسات تاريخية كمجلس التعاون الخليجي، وجامعة الدول العربية. بالإضافة لبروز ظاهرة العداء الحادّ بين التيارات الفكرية والسياسية، مثل العداء بين التيار الإسلامي والتيار العلماني، الذي يزداد تعقيدًا يومًا بعد يوم.

ثمّ تخلص الورقة إلى عددٍ من النقاط أهمها:

·        أن الوضع الحالي صعب ودقيق، ولكن لا مفر من محاولة إصلاحه قبل فوات الأوان، وفق هدف بعيد المدى، هو التسامي عن الحدود المصنوعة، وصولًا إلى وحدة سياسية شاملة، أو إلى تكامل اقتصادي وأمني على غرار تجربة الاتحاد الأوروبي. وأنه ليس ثمة حلول كثيرة أمام معضلة الانقسام الثقافي، غير العمل على رأب التصدّعات بضروب من المساومة الثقافية، بما من شأنه أن يعيد عوامل الاستقرار الأهلي، ويداوي الجروح والندوب بين مختلف نخب القوى الفكرية والسياسية العربية. ثم لا يجب أن يكون هناك خلاف حول ضرورة الإصلاح السياسي وصولًا إلى ديمقراطية مرضية، سواء على الطريقة الغربية، أو حسب أي شكل آخر مناسب من أشكال التوافق والمشاركة السياسية التي تقود إلى حكم رشيد ومنفتح.

·        أن الحلول لهذه المشكلات بين كل دولة وأخرى، وأن النموذج المتبع في إحدى الدول قد لا يصلح في دول أخرى، فليست الحركات الإسلامية واحدة في مسارها وفكرها وإيمانها بالعنف مثلًا كطريقة للتغيير، وفي ذات الوقت فليس كل أنصار الاتجاه الليبرالي من المعادين للدين، بل إن منهم من قدم خدمات جليلة للمشروع الإسلامي رغم كونه مختلفًا مع الإسلاميين التقلييدين اختلافًا جذريًا.

·        أنه بعد الانتهاء من مرحلة الانقسام العربي، ولتثبيت هذه المرحلة ومرحلة المصالحة، لا بد من إبرام تحالف إقليمي رسمي وشعبي، يقضي على الفتنة الطائفية السنية الشيعية، وينهي المواجهة الخليجية الإيرانية، ويضع أساسًا للحلّ السياسي، ينهي الحرب في سوريا واليمن، ويعمل على إبرام "معاهدة أمنية: عربية- إيرانية- تركية" للتعايش السلمي، واحترام السيادة الوطنية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، والاتفاق على ثلاثة أمور، هي: القضية الفلسطينية والشروط العادلة للسلام مع إسرائيل، وبرنامج للتكامل الإقليمي اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا، والاتفاق على نهج متوازن للعلاقات مع الدول والكتل الكبرى بلا عداء ولا تبعية.


أعلى الصفحة

الورقة الثانية

رؤية العالم العربي بين عهدين: الانقسام والمصالحات (2)

أ‌.       فهمي هويدي- مصر

توصف الورقة حالة التجزئة والانقسام التي يعيشها العالم العربي، والعوامل الداخلية والخارجية التي ساهمت في خلق هذه الحالة، وسبل الخروج منها مع ذكر شواهد تاريخية ومقاربتها بالحالة القائمة.

ومن بين التجارب التاريخية يركز الكاتب على المشروع القومي العربي الذي ظهر في مصر في خمسينيات القرن الماضي، ويرى أن هذا المشروع شكّل بارقة أمل جديدة للأمة في الوحدة ونبذ الانقسام عبر الوحدة التي نشأت بين مصر وسوريا مطلع الستينيات كنواة للوحدة الشاملة، الأمر الذي أعطى مصر دورًا طليعيًا قياديًا. وتشير الورقة إلى إخفاق المشورع القومي الذي تبنّاه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بإيجاد مؤسسات تحمل هذا المشروع وتسعى إلى تحقيق أهدافه، إلى جانب تغييب دور المجتمع المدني وإضعافه أو تعطيله لمختلف المؤسسات والمنابر المعبِّرة عنه. وكانت نتيجة ذلك أنّ مشروع عبد الناصر لم يجد قوى مجتمعية أو مؤسسات مدنية تحمله، الأمر الذي مهّد الطريق لسقوط ذلك المشروع في ظلّ استفحال دور السلطة وأجهزتها الأمنية، واستشراء الممارسات غير الديمقراطية.

ويرى الكاتب أن انطلاق شرارة الربيع الذي علا فيه صوت الشعوب، وبدا ذلك إيذانًا بعودة الروح إلى ربوع الأمة. لكنّ ذلك أثار حفيظة دوائر عدّة في المنطقة اختلفت حساباتها، لكنّها التقت على موقع رفض الربيع والعمل على إجهاض مسيرته.

كما عرَّج الكاتب على التحوّلات الدولية والإقليمية التي زادت من حالة الفرقة والانقسام في البلاد العربية، ومن أبرزها؛ التراجع العالمي للديمقراطية وصعود التيارات اليمينية المتطرفة لحكم في أوروبا. ومع كلّ ذلك يشدّد الكاتب على وجود عوامل داخلية أسهمت في الحالة العربية القائمة من بينها غياب الديمقراطية، وهو برأيه السبب الرئيس في الحالة العربية.

ويخلص الكاتب إلى أنّ الانقسامات الحاصلة في العالم العربي تعبير عن صراعات الأنظمة وليس الشعوب. وأن المصالحة المرجوّة تبدأ بتصالح الأنظمة مع شعوبها من خلال الاحتكام إلى مبادئ الحرية والديمقراطية في العلاقة معها. إذ لا سبيل لتحقيق المصالحة في العالم العربي إلاّ من خلال البدء بتصالح الأنظمة مع الشعوب.

كما يخلص الكاتب إلى أنّ تحسن الأوضاع في البلاد العربية سيكون ممكنًا وقريبًا إذا استعادت مصر عافيتها وباتت جديرة بأنْ تحتلّ موقعها التاريخي، ويُستدلّ على ذلك بما سمّاه قيادة مصر حركة التحرر من المحتل الأجنبي في منتصف القرن الماضي.


أعلى الصفحة

الكلمة الختامية

السادة الكرام،،

عمّان– 25/11/2018، عقد مركز دراسات الشرق الأوسط يومي 24-25/11/2018 ندوة متخصصة بعنوان "العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات"، شارك فيها نحو 90 من الخبراء والأكاديميين ورجال السياسة من 6 بلدان عربية، وتخلّلها تقديم 18 ورقة بحثية ومداخلة مختصة تناولت حالات في  الانقسام بين المحاور والقوى الاجتماعية داخل الدولة الواحدة وبين التيارات العربية الرئيسية. ونختتم هذه الندوة في ظلّ أجواء من النقاش البنّاء والتفكير امتدّت على مدى هذين اليومين، واسمحوا لي في هذه الكلمة أن أُجمِل عدداً من الخلاصات والتوصيات التي نوّه إليها المشاركون في هذه الندوة، ومن أبرزها:

·        الإجماع على خطورة الانقسامات الحالية في العالم العربي وخصوصًا في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق وفلسطين ومصر، وتأثيرها السلبي البالغ على النسيج الوطني لكل دولة عربية، وعلى الأمن القومي العربي الشامل، ثمّ على الدور العربي الإقليمي والدولي، بما يؤدي في المجمل إلى إضعاف المشروع العربي الواحد.

·        كشف الحوار أن الإشكالية الحقيقية التي تواجه المجتمعات العربية لا تتعلّق بعمق الخلافات القائمة فيما بينها أو في داخلها، وإنما في عجزها عن التوصل إلى آلية مناسبة لإدارة هذه الخلافات بطريقة تحول دون تحوّلها إلى انقسامات مستعصية.

·        تُعدّ الدبلوماسية الأداة المناسبة لحلّ الخلافات أو حتى النزاعات بين الفرقاء داخل الدولة الواحدة وبين الدول، وهي الأداة التي يتوجب تفعيلها عل المستوى العربي، والتي تستند إلى الحوار والمفاوضات وصولاً إلى التحوّل من الصراع المسلح إلى الصراع السياسي، بشروطه وإمكاناته وضماناته.

·        خطورة التحول إلى صراع المحاور الذي تستنزف الأمة، والدعوة إلى اعتبار المحاور إضافة نوعية للمهام القومية للأمة ولمواجهة العدو المركزي، وليس للمعارك الداخلية والبينية عربيًا.

·        أساس الانقسامات في العالم العربي بدأ ويبدأ من انقسامات الأنظمة، وتأتي الانقسامات الشعبية بمستوى أقل بكثير، ولذا فإن المصالحات الحقيقية تبدأ بين الأنظمة العربية وشعوبها، عبر تعزيز الحريات والديمقراطيات وتوسيع دائرة الشراكة السياسية وبناء الجماعة الوطنية.

·        على الرغم من عمق الانقسامات العربية، فإن المصالحات ضرورة ولا تزال إمكانيتها قائمة، وهي بحاجة إلى متطلبات لنجاحها، ومن أهمها الإرادة السياسية لدى كافة الأطراف، وإدراك هذه الأطراف أن غياب المصالحات سيفضي إلى نتائج كارثية، وإلى خسارة الكلّ العربي لحساب المشروع الصهيوني المعادي في الإقليم.

·        لا يمكن إنكار دور الخارج في الانقسامات العربية، لكنه يقع في المقام الثاني، ويعدّ البعد الداخلي الذاتي المدخل الرئيس لبناء الحصانات الداخلية ضدّ أي مخططات خارجية ومعادية.

·        ضرورة اعتبار أن التنازلات والتوافقات هي المدخل إلى المصالحة وبناء السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية في العالم العربي، واستبعاد المكاسب الكاملة أو المغالبة بوصفها مدخلاً إلى ذلك، وهو الأمر الذي يتطلب تغيير زوايا النظر لدى النخب الحاكة والقوى والأشخاص في ضوء التحولات التاريخية وتطور الأحداث والقوى وتموضعها.

·        ضرورة تحديد أطراف المصالحة في كلّ بلد، وتحديد المطلوب عربيًا، ثمّ إعادة بناء الأنظمة ومؤسساتها السياسية والأمنية والعسكرية، وتوزيع المهام والصلاحيات، وإعادة بناء البلاد وبناها التحتية على قاعدة المصالحة التي يتم التوصل إليها.

·        ضرورة أن تأخذ النخب العربية زمام المبادرة للالتقاء على القواسم المشتركة، وتوفير مظلّة مشتركة واحدة على مستوى الشعوب لتتبعها الأنظمة مضطرة. وكذلك ضرورة أن تأخذ النخب والقوى السياسية والاجتماعية وقتها في الحوار على قاعدة الانتقال من الفلسفة الأيديولوجية والمذهبية إلى الحقوق الإنسانية الأساسية وصولاً إلى قواسم مشتركة، وهو ما غاب في تجربة الربيع العربي عن عدد من هذه القوى.

·        البحث عن مجموع الكتل المقبولة لدى كل الأطراف والتيارات لحمل أسس المصالحة وبلورتها، والتصدّر للمشهد الجامع بعيداً عن الجمود أو إلغاء الآخر أو الاستفراد.

·        الدعوة إلى بلورة ملامح رؤية وخارطة طريق مفصلة للانتقال من الانقسام إلى المصالحة على المستوى الوطني والقومي، وذلك وفق مبادئ وأسس وآليات وتصور عملي لعملية الانتقال ومتطلباتها السياسية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.

·        الدعوة إلى تبني خطوط عامة لرؤية عربية واقعية، وعملية وشاملة للمخرج، والتي تضم مرحلة تهيئة ما قبل الحوار، ثم إجراء الحوار، ثم تحقيق الشراكة السياسية والاجتماعية والعيش المشترك، ثم التفاهم على إدراك الخطر والتهديد وتحديد أولويات الأخطار المهدِّدة، ثم صياغة أسس وقواعد العقد الاجتماعي والنظام السياسي الأفضل، والاعتراف بالحقوق الأساسية والإنسانية، والاجتماع على مشروع عربي أساسي للنهضة.

·        إن تحقُّق المصالحة الوطنية يعزز الاستقرار ويُفضي إلى التنمية والفاعلية محلياً وخارجياً، ويساهم في بناء برامج إدارية ضامنة للأدوار المحلية والاجتماعية، ويؤكد تعزيز الحكم المحلي كجزء من إجراءات توزيع السلطات وبناء الثقة والاستقرار الأمني والاجتماعي في البلاد.

·        دعوة وسائل الإعلام والمنصات الإعلامية لإعطاء مساحات واسعة في منصاتهم الإعلامية للدعوة إلى المصالحة وحلّ الأزمات، والمبادرة إلى نبذ الانقسام والفوضى بشكل منهجي، وعدم السماح بترويج خطاب الكراهية والخطاب الطائفي.

·        التركيز على دور المؤسسات المجتمعية والقوى السياسية في توعية أجيال الشباب في العالم العربي وزرع قيم التنوع وقبول الآخر والشراكة والتشارك السياسي فيهم وصولاً إلى تحقيق المصالح العليا الوطنية والقومية.

·        الدعوة إلى ورشة عمل حول نماذج المصالحات الوطنية حول العالم، للاستفادة من الدروس والعبر الممكنة منها، وللتوصل إلى نموذج يصلح للبلاد العربية التي تعاني من انقسامات أو حروب أهلية مع الفروقات.

·        دعوة مراكز التفكير والبحث الزميلة إلى الاهتمام ببحث موضوع المصالحات في العالم العربي، والبناء على مخرجات هذه الندوة.

ولذا فإن المركز، وبناء على نتاجات هذه الندوة، سيعمل على بلورة خريطة طريق، ومحاولة صياغة نموذج يساهم في تطبيق مصالحات عربية، وطنية وقومية، بما في ذلك في حالات عربية محددة.

وفي نهاية هذه الكلمة، أتقدم بالشكر الجزيل إلى السادة الباحثين ورؤساء الجلسات والمشاركين، وأخص بالشكر الباحثين القادمين من خمس دول عربية شقيقة إلى بلدهم الأردن، متمنياً لهم عودةً آمنة، وكذلك الشكر لكل من الدكتور حسن نافعة، والدكتور مصطفى عثمان، والدكتور عبد اللطيف عربيات، والدكتور إبراهيم الطراونة، مع حفظ الألقاب للجميع، لكلماتهم المهمة في حفل الافتتاح.

كما أتقدم بالشكر لوسائل الإعلام التي غطت أعمال هذه الندوة.. ولا يفوتني أن أشكر اللجنتين التحضيرية والعلمية للندوة، وكافة الزملاء العاملين في المركز لمجهودهم في إنجاحها.

 والسلام عليكم ورحمة الله،،


أعلى الصفحة

التقرير العلمي

عقد مركز دراسات الشرق الأوسط يومي 24-25/11/2018 ندوة متخصصة بعنوان "العالم العربي من الانقسام إلى المصالحات"، شارك فيها نحو مائة من الخبراء والأكاديميين ورجال السياسة من 5 بلدان عربية بالإضافة إلى الأردن.

وتأتي هذه الندوة في وقت تشهد فيه دول عديدة في العالم العربي حالة من الانقسام والفوضى على المستوى الوطني تركت آثارها الكبيرة على الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وهي آثار تجاوزت هذه الدول إلى الدول العربية الأخرى. وبموازاة ذلك يشهد العالم العربي صراعات عربية بينية على مستوى الدول والتيارات والقوى السياسية، ما دفع أطرافًا دولية وإسرائيل إلى استغلالها في تحويل الصراع في المنطقة من صراع عربي- إسرائيلي أساسًا وعلى المستوى الاستراتيجي إلى صراعات عربية-عربية وعربية-إسلامية، وخصوصًا الصراعات المذهبية والإثنية منها.

وانطلاقًا من ذلك، واستشعارًا لخطورة استمرار الأوضاع الراهنة في العالم العربي وتداعياتها على النسيج الوطني لكل دولة عربية، وعلى الأمن القومي العربي الشامل، على نحو يعمّق حالة الانقسام الراهنة، جاءت فكرة عقد هذه الندوة لتتجاوز الإطار الوصفي للواقع العربي إلى آفاق الخروج من هذه الحالة وذلك صولًا إلى إطلاق الحوارات الوطنية والمصالحات التي تحقق تنميةً واستقرارًا شاملَين يعززان الدور العربي وتكامله إقليميًا ودوليًا ، ويخفّضان مسببات الصراعات والاستنزاف الداخلي.

وقد سعت هذه الندوة إلى تحقيق عدد من الأهداف، ومن أبرزها: تشجيع حورات وطنية شاملة ومعمقة بين كافة الأطراف المعنية في العالم العربي قُطريًا وقوميًا. وخلق بيئة فكرية وحوارية تجمع مختلف الأطراف المعنية في العالم العربي من صانعي قرار، وأحزاب وقوى شعبية، ومراكز تفكير، وتدفعهم إلى المبادرة بالخروج من حالة الانقسام والصراع القائمة. واستكشاف التحديات التي تواجه مسار الخروج من حالة التمزق القائمة في الوطن العربي. وبلورة شروط الخروج من حالة التمزق القائمة في العالم العربي، والمسائل المتعلقة بها مثل: المصالحات الوطنية والحوارات الوطنية والشراكات السياسية، بالإضافة إلى المصالحات القومية وتخفيف حدّة صراع المحاور، وإعادة تنظيم العلاقات الخارجية على أسس مشتركة، وقدّم فيها 18 باحثًا أوراقًا علمية حول موضوعها.

للاطلاع على كامل التقرير اضغط هنا


أعلى الصفحة

صور من الندوة

 

 
 

أعلى الصفحة

عودة إلى الصفحة الرئيسية

جائزة البحث العلمي

المؤسسة الأردنيـة

للبحوث والمعلومات

مجلـة دراســات

شـرق أوسطيــة

الندوات والمؤتمرات

حلقــات نقاشيـة

المحاضرات

الحفل السنوي للمركز

الترويسة من أسفل - مركز دراسات الشرق الأوسط

Designed by Computer & Internet Department in MESC.